الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عرض الخلاف حول الاستمناء
* القائلون بالتحريم مطلقًا:
روي عن ابن عمر
(1)
رضي الله عنه، وقال به عَطَاء
(2)
رضي الله عنه من التابعين ومن المذاهب الأربعة المالكية
(3)
والشافعية
(4)
ونسبه القُرْطُبِيّ إلى عامة العلماء
(5)
.
* ودليلهم قوله تعالى:
(6)
.
(1)
«المُحَلَّى» لابن حَزْم (12/ 407).
(2)
«المُحَلَّى» لابن حَزْم (12/ 408).
(3)
«شَرح مُخْتَصَر خَلِيل» للخَرَشِيِّ (2/ 385).
(4)
«الأُمّ» للشافعي (5/ 101 - 102).
(5)
«أحْكَام القُرآن» للقُرْطُبِيّ (12/ 106).
(6)
«الأُمّ» للشافعي (5/ 101 - 102).
وقال القُرْطُبِيّ رحمه الله في «أحْكَام القُرآن» :
«قال محمد بن عبد الحكم: سمعت حرملة بن عبد العزيز قال: سألت مالكًا عن الرجل يجلد عُمَيرة، فتلا هذه الآية {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} قرأ إلى {الْعَادُونَ} وهذا لأنهم يكنون عن الذكر بعُمَيْرَة وفيه يقول الشاعر:
إذا حَلَلْت بوادٍ لا أنيس به
…
فاجْلِد عُمَيْرَة لا داء ولا حرج
ويسميه أهل العراق الاستمناء وهو استفعال من المني. وأحمد بن حنبل على ورعه يجوزه
(1)
ويحتج بأنه إخراج فضلة من البدن فجاز عند الحاجة، كالفصد والحجامة. وعامة العلماء اتفقت على تحريمه، وقال بعض العلماء إنه كالفاعل بنفسه، وهي معصية أحدثها الشيطان وأجراها بين الناس حتى صارت قيلة، ويا ليتها لم تقل، ولو قام الدليل على جوازها لكان ذو المروءة يعرض عنها لدناءتها، فإن قيل إنها خير من نكاح الأمة قلنا: نكاح الأمة ولو كانت كافرة على مذهب بعض العلماء خير من هذا، وإن كان قد قال به قائل أيضًا. ولكن الاستمناء ضعيف في الدليل عار بالرجل الدنيء فكيف بالرجل الكبير.
السادسة: قوله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} قال الفراء: أي من أزواجهم اللاتي أحل الله لهم لا يجاوزون {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} في موضع خفض معطوفة على أزواجهم وما مصدرية وهذا يقضي تحريم الزنا وما قلناه من الاستمناء ونكاح المتعة؛ لأن المتمتع به لا يجري مجرى الزوجات»
(2)
.
(1)
نسبة التجويز إلى الإمام أحمد رحمه الله خطأ عليه، فإنه قد وردت عنه روايتان واحدة بالتحريم والأخرى بالكراهة فيمن استمنى لغير حاجة، وإنما جوزه لمن غلبته الشهوة، وخاف على نفسه الزنا. «الإنْصَاف» للمِرداوِيِّ (10/ 251 - 252)، «الفُرُوع» لابن مُفْلِح (6/ 122)، وذكر فيه رواية عن أحمد بالتحريم حتى لو خاف، ولكنها ليست المشهورة في المذهب.
(2)
«أحْكَام القُرآن» للقُرْطُبِيّ (12/ 106).
* القائلون بالتحريم إلا لو خاف على نفسه الزنا جاز:
قال بذلك الحنابلة وهو المشهور في مذهبهم
(1)
.
* القائلون بالتحريم إلا إذا غلبته الشهوة وأراد تسكينها جاز، فإن خاف على نفسه الزنا وجب.
قال به الحنفية
(2)
.
* ودليل الحنابلة والحنفية هو ما تقرر في الأصول من ارتكاب أخف الضررين، وكونه في هذه الحالة ضرورة، وبه يندفع شر الزنا. قال المِرْداوِيّ
(3)
في الإنْصَاف: «لو قيل بوجوبه (أي الاستمناء) في هذه الحالة (إن فعله خوفًا من الزنا، ولم يجد طولًا لحرة، ولا ثمن أمة) لكان له وجه كالمضطر»
(4)
.
* القائلون بالكراهة:
قال به أحمد في رواية
(5)
وابن حَزْم
(6)
وذكره عن عَطَاء
(7)
.
(1)
انظر «الإنْصَاف» للمِرداوِيِّ (10/ 251 - 252)، «الفُرُوع» لابن مُفْلِح (6/ 122).
(2)
«رَدّ المُحتار على الدُّر المُخْتار» لابن عابِدِين (4/ 27).
(3)
هو: علي بن سليمان بن أحمد المِرْدَاوِيّ الدِّمَشْقِيّ الفقيه الحنبلي، ولد في مردا قرب نابلس سنة 817 هـ، وانتقل في كبره إلى دمشق فتوفي فيها رحمه الله سنة 885 هـ، من كتبه:«الإنْصَاف في معرفة الراجح من الخلاف» ، و «التنقيح المشبع في تحرير أحكام المُقْنِع» ، و «تحرير المنقول في أصول الفقه» ، و «شرح التحبير في شرح التحرير» ، و «الدر المُنْتَقَى المَجْمُوع في تصحيح الخلاف». راجع ترجمته في:«الضوء اللامع» (5/ 225)، «البدر الطالع» (1/ 446).
(4)
«الإنْصَاف» للمِرداوِيِّ (10/ 252).
(5)
«الفُرُوع» لابن مُفْلِح (6/ 121).
(6)
«المُحَلَّى» لابن حَزْم (12/ 407).
(7)
المصدر السابق.
* القائلون بالإباحة:
روي عن ابن عباس رضي الله عنه
(1)
. وقال به الحسن وعمرو بن دينار
(2)
وزياد أبو العلاء
(3)
وأبو الشعثاء ومجاهد
(4)
(5)
. وأخطأ القُرْطُبِيّ رحمه الله ونسبه إلى أحمد كما بينا.
* والقائلون بالكراهة والإباحة أدلتهم واحدة غير أن من ذهب إلى الكراهة إنما كرهه لأنه ليس من مكارم الأخلاق وأنا هنا أنقل كلامًا لابن حَزْم ينتصر فيه لعدم التحريم حيث قال رحمه الله:
(1)
ذكره ابن حَزْم في «المُحَلَّى» (12/ 407)، أشار إلى ضعف الرواية فقال: الأسانيد عن ابن عباس وابن عمر في كلا القولين مغموزة.
(2)
هو: أبو محمد عمرو بن دينار الجُمَحِيّ الأثرم فقيه كان مفتي أهل مكة، فارسي الأصل، من الأبناء، مولده بصنعاء سنة 46 هـ، سمع من: جابر بن عبد الله، وابن عمر، وأنس بن مالك، وعبد الله بن جعفر، وأبي الطفيل وغيرهم من الصحابة، وحدث عنه: قَتَادَة بن دِعَامَة، والزُّهْرِيّ، وأيوب السختياني، وعبد الله بن أبي نجيح، وجعفر الصادق، وعبد الملك بن ميسرة، وابن جريج، وشعبة، وسفيان الثوري؛ قال شعبة: ما رأيت أثبت في الحديث منه، ووفاته رحمه الله بمكة سنة 126 هـ. راجع ترجمته في:«طبقات ابن سعد» (5/ 479)، «طَبَقَات الفُقَهَاء» (1/ 58)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (5/ 300).
(3)
هو: زياد أبو العلاء مولى بني كلاب روى عن: الحسن روى عنه: هُشَيْمُ بن بَشِير قاله ابن أبي حاتم. راجع ترجمته في: «التاريخ الكبير» للبخاري (3/ 365)، «الثِّقَات» لابن حِبَّان (6/ 328)، «الجَرْح والتَّعْدِيل» لابن أبي حاتم (3/ 553).
(4)
هو: أبو الحجَّاج مُجَاهِد بن جَبْر المَكِيّ مولى بني مَخْزُوم تابعي، المفسر بل كبيرهم بعد الصحابة، من أهل مكة، أخذ التفسير عن ابن عباس قرأه عليه ثلاث مرات، يقف عند كل آية يسأله: فيم نزلت وكيف كانت؟ وتنقل في الأسفار، واستقر في الكوفة. راجع ترجمته في:«طبقات ابن سعد» (5/ 446)، «طَبَقَات الفُقَهَاء» (1/ 58)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (4/ 449).
(5)
«المُحَلَّى» (12/ 407).
«فلو عرضت فرجها شيئًا دون أن تدخله حتى ينزل فيكره هذا، ولا إثم فيه وكذلك الاستمناء للرجال سواء بسواء؛ لأن مس الرجل ذكره بشماله مباح، ومس المرأة فرجها كذلك مباح، بإجماع الأمة كلها، فإذا هو مباح فليس هنالك زيادة على المباح، إلا التعمد لنزول المني، فليس ذلك حرامًا أصلًا، لقول الله تعالى:{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 119] وليس هذا مما فصل لنا تحريمه فهو حلال، لقوله تعالى:{خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] إلا أننا نكرهه؛ لأنه ليس من مكارم الأخلاق، ولا من الفضائل. وقد تكلم الناس في هذا فكرهته طائفة وأباحته أخرى: كما نا حمام
…
عن مجاهد قال: سئل ابن عمر عن الاستمناء، فقال: ذلك نائك نفسه. وبه إلى سفيان الثَّورِيّ
…
عن ابن عباس أن رجلًا قال له: إني أعبث بذكري حتى أنزل؟ قال: أف، نكاح الأمة خير منه، وهو خير من الزنى. وأباحه قوم كما روينا بالسند المذكور إلى عبد الرزاق
…
أخبرني إبراهيم بن أبي بكر عن رجل عن ابن عباس أنه قال: وما هو إلا أن يَعْرِك أحدكم زبه حتى ينزل الماء. حدثنا محمد بن سعيد بن نبات
…
عن قَتَادَة عن رجل عن ابن عمر أنه قال: إنما هو عصب تدلكه. وبه إلى قَتَادَة عن العلاء بن زياد عن أبيه أنهم كانوا يفعلونه في المغازي (يعني الاستمناء) قال قَتَادَة وقال الحسن - في الرجل يستمني يعبث بذكره حتى ينزل -: «كانوا يفعلونه في المغازي» . وعن جابر بن زيد أبي الشعثاء قال: هو ماؤك فأهْرِقْه (يعني الاستمناء). وعن مجاهد قال: «كان من مضى يأمرون شبابهم بالاستمناء يستعفون بذلك» .
قال عبد الرزاق: وذكره مَعْمَر عن أيوب السختياني وغيره عن مجاهد عن الحسن أنه كان لا يرى بأسًا بالاستمناء. وعن عمرو بن دينار: «ما أرى بالاستمناء بأسًا» قال أبو محمد رحمه الله الأسانيد عن ابن عباس، وابن عمر في كلا القولين مغموزة، لكن الكراهة صحيحة عن عَطَاء، والإباحة المطلقة صحيحة عن الحسن وعن عمرو بن دينار وعن زياد أبي العلاء وعن مجاهد. ورواه من رواه من هؤلاء عمن أدركوا. وهؤلاء كبار التابعين الذين لا يكادون يروون إلا عن الصحابة رضي الله عنهم»
(1)
.
(1)
«المُحَلَّى» لابن حَزْم (12/ 407 - 408).