الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثامن: متى يكون القطع
؟
لعل هذا الأمر مما ليس فيه سنة مستقرة ويحمل عليه ما نقله ابن حَجَر
(1)
عن ابن المُنذِر حيث قال: «وقال ابن المُنذِر: ليس في الختان خبر يرجع إليه، ولا سند يتبع»
(2)
. فإنه لا يتخيل أن يكون ابن المُنذِر يريد بذلك أصل الختان - كما هو واضح من كلام له آخر
(3)
- مع ما جاء فيه من الأحاديث الصريحة في «الصحيحين» وغيرهما، وإنما أراد طريقته ووقته.
وما جاء من ختن ابن عباس وهو مدرك
(4)
يفيد جواز تأخير ختان الصبي حتى
(1)
هو: شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد الكناني المعروف بابن حَجَر العَسْقَلانِيّ، الحافظ، شيخ الإسلام وعلم «الأعلام» ، إمام في الفقه وإمام في الحديث والتاريخ واللغة وعلوم شتى. ولد في عسقلان بفِلَسْطِين (حرَّرَها الله) سنة 773 هـ وتوفي رحمه الله بالقاهرة سنة 852 هـ. تصانيفه كثيرة جليلة منها:«فَتْح البَارِي في شرح صَحِيح البُخَارِيّ» و «الدُّرَر الكَامِنَة في أعيان المِائة الثَّامِنَة» ، و «لِسَان المِيزان» ، و «الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف» ، و «الإصابة في تمييز أسماء الصحابة» ، و «تهذيب التهذيب» ، و «تبصير المنتبه في تحرير المشتبه» ، و «تغليق التعليق». راجع ترجمته في:«شَذَرَات الذَّهَب» (4/ 270)، «البدر الطالع» (1/ 87).
(2)
«تَلْخِيص الحَبِير» لابن حَجَر (4/ 156).
(3)
انظر «تُحْفَة المَوْدُود» لابن القَيِّم (ص 184).
(4)
«صَحِيح البُخَارِيّ» في الاستئذان، باب الختان بعد الكبر ونتف الإبط (5/ 2320). وذهب الإسماعيلي إلى أن زيادة «وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك» قد تكون مدرجة من كلام بعض الرواة، وأن الروايات عن سن ابن عباس وقت قبضه صلى الله عليه وسلم فيها اضطراب. وانتصر الحافظ في الفتح لعدم الإدراج وعدم الاضطراب، وأن عمره كان ثلاث عشرة سنة. (انظر فتح الباري: 11/ 90).
مناهزة الاحتلام، وإن كان الواجب، على الصحيح، أن يفعل قبل البلوغ ليبلغ مختونًا، فإن هذا مما لا يتم الواجب إلا به
(1)
.
وما جاء من كراهة بعض أهل العلم كمالك والحسن الختان يوم السابع
(2)
لكونه موافقًا لفعل اليهود، فاجتهاد منهم وليست مخالفتهم في كل شيء مستحبة من غير بيان من الشرع.
وما روى البَيْهَقِيّ عن جابر قال: «عَقَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين، وختنهما لسبعة أيام»
(3)
ففيه مقال
(4)
.
ولذلك سئل الإمام أحمد عن وقت الختان فقال: «لم أسمع في ذلك شيئًا»
(5)
.
والذي يترجح أن يُفعل قبل البلوغ
(6)
، وكلما كان مبكرًا كان أفضل؛ قال النَّوَوِيّ رحمه الله:«يستحب للولي أن يختن الصغير في صغره؛ لأنه أرفق به»
(7)
. وكذلك فإن الختان
(1)
انظر ترجيح ابن القيم لذلك في «تُحْفَة المَوْدُود» (ص 180 - 182).
(2)
انظر «تُحْفَة المَوْدُود» لابن القَيِّم (ص 184 - 185).
(3)
«سُنَن البَيْهَقِيّ» كتاب الأشربة والحد فيها، باب السلطان يكره على الاختتان (8/ 324).
(4)
انظر «إرْوَاء الغَلِيل» للألبَانِيّ (4/ 383). ولكن صححه بعض أهل العلم كابن المُلَقِّن في «البَدْر المُنِير» (8/ 751). وقد يحتمل التحسين، فإن رجاله ثقات سوى محمد بن أبي السري العسقلاني، تكلم فيه من قبل حفظه.
(5)
«تُحْفَة المَوْدُود» لابن القَيِّم (ص 185).
(6)
يتوجه إيجابه، كما رجحنا، عند القائلين بوجوب الختان حتى يبلغ الطفل مختونا، وإن كان الإمام النَّوَوِيّ رحمه الله قرر أن المشهور في مذهبهم عدم الوجوب في الصغر. انظر كلامه في «المَجْمُوع» (1/ 368).
(7)
«المَجْمُوع» للنَّوَوِيّ (1/ 367).
في سن مبكرة يمكن الصغير من تحصيل فوائده كما أكد على ذلك الدكتور البار في كتابه «الختان» .
ولقد فضلت الدكتورة ست البنات خالد اختصاصية أمراض النساء والتوليد بجامعة الخرطوم بالسودان إجراء الختان الشرعي للبنات في العمر ما بين ست سنوات إلى عشر، في حالة عدم وجود موانع، كما أوضحت أنه يمكن تأجيله إلى أي سن
(1)
.
* * *
(1)
من كتاب «ختان الإناث .. رؤية طبية» للدكتورة ست البنات خالد اختصاصية أمراض النساء والتوليد جامعة الخرطوم- السودان.