الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الحادي عشر: حيض الحامل والدم يكون قبيل الولادة
اختلف أهل العلم فيما إذا كانت الحامل تحيض:
* فذهب الحنفية والحنابلة والظاهرية إلى أنها لا تحيض واستثنى الحنابلة ما يكون قبل الولادة بقليل فيجعلونه في حكم النفاس بينما لا يجعله الحنفية والظاهرية حيضًا ولا نفاسًا.
* وذهب الشافعية إلى أن الحامل تحيض ووافقهم المالكية وفرقوا بين أول الحمل وآخره واختلفوا فيما يكون من دم قبل الولادة وما يكون معها هل هو حيض أم نفاس.
عرض الأقوال:
قول السادة الحنفية رحمهم الله:
قال السَّرَخْسِيّ رحمه الله: «ودم الحامل ليس بحيض وإن كان ممتدًا عندنا» وقال: «ويختلفون في أول وقت النفاس فقال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى وقت الولادة أول وقت النفاس وقال محمد وزُفَر
(1)
رحمهما الله تعالى وقت فراغ رحمها أول وقت النفاس»
(2)
. وثمرة الخلاف فيما إذا وضعت توأمين بينهما فترة، فإنها في تلك الفترة نفساء عند أبي حنيفة وأبي يوسف وليست كذلك عند محمد وزُفَر ولكنهم يتفقون
(1)
هو: أبو الهُذَيْل زُفَر بن الهُذَيْل بن قيس العَنْبَرِيّ، من تميم، فقيه كبير من فحول أصحاب الإمام أبي حنيفة، ثالث الصاحبين، أصله من أصبهان، ولد سنة 110 هـ، أقام بالبصرة وولي قضاءها، وتوفي رحمه الله بها سنة 158 هـ، جمع بين العلم والعبادة، وكان من أصحاب الحديث ثم غلب عليه الرأي. راجع ترجمته في:«الجَوَاهِر المُضِيَّة» (2/ 207)، «وَفَيَات الأعْيَان» (2/ 317)، «شَذَرَات الذَّهَب» (2/ 243).
(2)
«المَبسُوط» للسَّرَخْسِيِّ (3/ 213).
أنها لا تنفس ولا تحيض قبل الولادة»
(1)
.
قول السادة المالكية رحمهم الله:
جاء في «المُدَوَّنَة» : «قلت: أرأيت الحامل ترى الدم في حملها كم تمسك عن الصلاة؟ قال: قال مالك: ليس أول الحمل كآخره إن رأت الدم في أول الحمل أمسكت عن الصلاة وما يجتهد لها فيه وليس في ذلك حد، وقال ابن القاسم
(2)
إن رأت ذلك في ثلاثة أشهر ونحو ذلك تركت الصلاة خمسة عشر يوما ونحو ذلك فإن جاوزت ستة الأشهر من حملها ثم رأته تركت الصلاة ما بينها وبين العشرين يوما أو نحو ذلك»
(3)
.
(4)
.
(1)
«المَبسُوط» للسَّرَخْسِيِّ (2/ 21).
(2)
هو: أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جُنَادَة العُتَقِيّ المِصْرِيّ، المعروف بابن القاسم، أحد أركان العلم وكبار تلاميذ الأئمة الأربعة، فقيه جمع بين الزهد والعلم، ولد بمصر سنة 132 هـ، وتفقه على الإمام مالك ونظرائه، وروى «المُدَوَّنَة» عن الإمام مالك، ووفاته رحمه الله بها سنة 191 هـ. راجع ترجمته في:«طَبَقَات الفُقَهَاء» (1/ 155)، «وَفَيَات الأعْيَان» (3/ 129)، «الدِّيبَاج المُذْهَب» (1/ 6)، «شَذَرَات الذَّهَب» (1/ 329).
(3)
«المُدَوَّنَة» أجوبة مالك برواية سَحْنُون (1/ 156).
(4)
«مَوَاهِب الجَلِيل» للحَطَّاب (1/ 376).
قول السادة الشافعية رحمهم الله:
قال زكريا الأنصَارِيّ رحمه الله: «(قوله ودم الحامل حيض) وإنما حكم الشارع ببراءة الرحم به بناء على الغالب فإن وقوع ذلك نادر فإذا حاضت حصل ظن براءة الرحم فاكتفينا به فإن بان خلافه على الندور عملنا بما بان (قوله لعموم الأدلة) كخبر «دم الحيض أسود يعرف» ولأنه دم لا يمنعه الرضاع بل إذا وجد معه حكم بكونه حيضا وإن ندر فكذا لا يمنعه الحمل وإنما حكم الشرع ببراءة الرحم به لأنه الغالب»
(1)
.
(2)
.
قول السادة الحنابلة رحمهم الله:
قال ابن قُدامة رحمه الله: «مسألة: قال [الخرقي](والحامل لا تحيض، إلا أن تراه قبل ولادتها بيومين، أو ثلاثة فيكون دم نفاس) مذهب أبي عبد الله رحمه الله أن الحامل لا تحيض، وما تراه من الدم فهو دم فساد وهو قول جمهور التابعين؛ منهم: سعيد بن المُسَيَّب
(3)
(1)
«أسْنَى المَطَالِب» للأنصَارِيّ (1/ 115)، ما بين الأقواس من كلام صاحب رَوْض الطَّالِب، شرف الدين إسماعيل بن أبي بكر اليمني.
(2)
«أسْنَى المَطَالِب» للأنصَارِيّ (1/ 115)، ما بين الأقواس من كلام صاحب «رَوْض الطَّالِب» ، شرف الدين إسماعيل بن أبي بكر اليمني.
(3)
هو: أبو محمد سعيد بن المُسَيَّب بن حزن بن أبي وَهْب المخزومي القُرشِيّ، سيد التابعين في العلم، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، ولد سنة 13 هـ، جمع بين الحديث والفقه والزهد والورع، وكان أحفظ الناس لأحكام عمر بن الخطاب وأقضيته، حتى سمي راوية عمر، وتوفي رحمه الله بالمدينة سنة 94 هـ. راجع ترجمته في:«طَبَقَات الفُقَهَاء» (1/ 39)، «وَفَيَات الأعْيَان» (2/ 357)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (4/ 217).
وعَطَاء، والحسن، وجابر بن زيد
(1)
وعِكْرِمَة
(2)
ومحمد بن المُنْكَدِر
(3)
والشَّعْبِيّ
(4)
ومَكْحُول
(5)
........................................................................
(1)
هو: أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزْدِيّّ البَصْرِيّ، تابعي فقيه، من الأئمة، من أهل البصرة، أصله من عُمان، صحب ابن عباس، وكان من بحور العلم، وصفه الشماخي -وهو من علماء الإباضية- بأنه أصل المذهب وأسه الذي قامت عليه آطامه، نفاه الحجاج إلى عُمان. راجع ترجمته في:«طَبَقَات الفُقَهَاء» (1/ 92)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (4/ 481)، «شَذَرَات الذَّهَب» (1/ 191).
(2)
هو: أبو عبد الله عِكْرِمَة بن عبد الله البربري المدني، مولى عبد الله بن عباس، تابعي كان من أعلم الناس بالتفسير والمغازي، حدث عن: ابن عباس، وعائشة، وأبي هريرة، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، وغيرهم، وعنه: أيوب السختياني، وأشعث بن سوار، وجابر الجعفي، وحجاج بن أرطاة، وخالد الحذاء، وغيرهم، توفي رحمه الله بالمدينة سنة 105 هـ. راجع ترجمته في:«طَبَقَات الفُقَهَاء» (1/ 59)، «وَفَيَات الأعْيَان» (3/ 265)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (5/ 12).
(3)
هو: محمد بن المُنْكَدِر بن عبد الله بن الهدير بن عبد العزى القُرشِيّ التيمِيّ المدنِيّ، الإمام الحافظ القدوة، الزاهد الورع، شيخ الإسلام، من رجال الحديث، ومن أهل المدينة، أدرك بعض الصحابة وروى عنهم، له نحو مائتى حديث. راجع ترجمته في:«تَهْذِيب الكَمَال» (26/ 503)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (5/ 353).
(4)
هو: أبو عمرو عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار، الشَّعْبِيّ الحِمْيَرِيّ، راوية من التابعين، يضرب المثل بحفظه، ولد سنة 19 هـ بالكوفة، ونشأ بها، سئل عما بلغ إليه حفظه، فقال: ما كتبت سوداء في بيضاء، ولا حدثني رجل بحديث إلا حفظته، وهو من رجال الحديث الثقات، بل أمير المؤمنين في الحديث، وكان فقيهًا واستقضاه عمر بن عبد العزيز،، ومات رحمه الله فجأة بالكوفة سنة 103 هـ. راجع ترجمته في:«طَبَقَات الفُقَهَاء» (1/ 82)، «وَفَيَات الأعْيَان» (3/ 12)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (4/ 294).
(5)
هو: أبو عبد الله مَكْحُول بن أبى مسلم شهراب بن شاذل، الهذلي، مولاهم، فقيه الشام في عصره، من حفاظ الحديث، أصله من فَارِس، ومولده بكابل، وصار مولى لامرأة بمصر من هذيل، فنسب إليها، قال الزُّهْرِيّ: لم يكن في زمنه أبصر منه بالفتيا، وتوفى رحمه الله بدمشق سنة 112 هـ. راجع ترجمته في:«طَبَقَات الفُقَهَاء» (1/ 70)، «وَفَيَات الأعْيَان» (5/ 280)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (5/ 155).
وحماد
(1)
…
؛ وروي عن عائشة رضي الله عنها والصحيح عنها أنها إذا رأت الدم لا تصلي. وقال مالك والشافعي والليث
(2)
: ما تراه من الدم حيض إذا أمكن وروي ذلك عن الزُّهْرِيّ
(3)
..........................................................................
(1)
هو: حَمَّاد بن سَلَمَة بن دِينار، الإمام القدوة، شيخ الإسلام أبو سلمة البصري، النحْوِيّ، البَزَّاز، مولى آل ربيعة بن مالك، وابن أخت حُمَيْد الطويل. سمع من ابن أبي مُلَيْكَة وأنس بن سيرين وثابت البُنَانِيّ وحدث عنه ابن جُرَيْج، وابن المبارك، ويحيى القَطَّان. وقال عبد الله بن معاوية الجُمَحِيّ: حدثنا الحَمَّادَان، وفضل ابن سلمة على ابن زيد، كفضل الدينار على الدرهم - يعني الذي اسم جده دينار أفضل من حماد بن زيد، الذي اسم جده درهم. وهذا محمول على جلالته ودينه وفقهه، أما الإتقان في الرواية فمسلم إلى ابن زيد، وكان ابن سلمة قد أسن فساء حفظه. توفي رحمه الله سنة 167 هـ. انظر:«حلية الأولياء» (6/ 249)، «سير أعلام النبلاء» (7/ 444).
(2)
هو: أبو الحارث الليث بن سعد عبد الرحمن الفهمي، إمام أهل مصر في عصره حديثًا وفقهًا أصله من خُراسان، ومولده في قلقشندة سنة 94 هـ، قال الإمام الشافعي: الليث أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به، أخباره كثيرة، توفي رحمه الله في القاهرة سنة 175 هـ، وله تصانيف منها:«التاريخ» ، و «مسائل في الفقه». راجع ترجمته في:«طَبَقَات الفُقَهَاء» (1/ 75)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (8/ 136)، «شَذَرَات الذَّهَب» (1/ 285).
(3)
هو: أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزُّهْرِيّ، وهو أول من دون الحديث، وأحد أكابر الحفاظ والفقهاء، تابعي من أهل المدينة، كان يحفظ ألفين ومائتى حديث، نصفها مسند، ولد سنة 58 هـ، ونزل الشام واستقر بها، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله: عليكم بابن شهاب فإنكم لا تجدون أحدًا أعلم بالسنة الماضية منه، مات رحمه الله بشعب آخر حد الحجاز وأول حد فِلَسْطِين (حررها الله) سنة 124 هـ. راجع ترجمته في:«طَبَقَات الفُقَهَاء» (1/ 47)، «وَفَيَات الأعْيَان» (4/ 177)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (5/ 326).
وقَتَادَة
(1)
وإسحاق
(2)
…
وقال يعقوب بن بُخْتان
(3)
سألت أحمد عن المرأة إذا ضربها المَخَاض قبل الولادة بيوم أو يومين تعيد الصلاة؟ قال: لا وقال إبراهيم النَّخْعِيّ: إذا ضربها المَخَاض فرأت الدم قال: هو حيض. وهذا قول أهل المدينة، والشافعي. وقال عَطَاء: تصلي ولا تعده حيضا ولا نفاسا. ولنا: أنه دم خرج بسبب الولادة فكان نفاسا»
(4)
.
واختار الإمام ابن تَيمِيَّة أن الحامل تحيض فقال: «والحامل إذا رأت الدم على الوجه المعروف لها فهو دم حيض بناء على الأصل»
(5)
.
(1)
هو: أبو الخَطَّاب قَتَادَة بن دِعَامَة بن قَتَادَة بن عزيز، السَّدُوسِيّ البَصْرِيّ، مفسر حافظ، ضرير أكمه، كان أحفظ أهل البصرة، وكان مع علمه بالحديث رأسًا في العربية ومفردات اللغة وأيام العرب والنسب، وكان يرى القدر - غفر الله له - ومات رحمه الله بواسط في الطاعون سنة 118 هـ. راجع ترجمته في:«طَبَقَات الفُقَهَاء» (1/ 94)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (5/ 269)، «شَذَرَات الذَّهَب» (1/ 153).
(2)
هو: أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن مَخْلَد الحنظلي التَّميمِيّ المَرْوَزِيّ، ابن رَاهُويَه، عالم خُراسان في عصره، وهو أحد كبار الحفاظ ولد سنة 161 هـ، وأخذ عنه الإمام أحمد بن حنبل والبخاري ومسلم والتِّرْمِذِيّ والنَّسَائيّ وغيرهم، وقال فيه الخطيب البَغْدَادِيّ: اجتمع له الحديث والفقه والحفظ والصدق والورع والزهد، ورحل إلى العراق والحجاز والشام واليمن، استوطن نَيْسابُور وتوفي رحمه الله بها سنة 238 هـ وله تصانيف، منها:«المسند» . راجع ترجمته في: «تاريخ بغداد» (6/ 347)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (11/ 358)، «شَذَرَات الذَّهَب» (1/ 89).
(3)
هو: يعقوب بن إسحاق بن بُخْتان، أبو يوسف، صاحب الإمام أحمد، وكان أحد الصالحين الثقات؛ قال أبو بكر بن أبي الدنيا أبو يوسف بن بُخْتان كان من خيار المسلمين. انظر ترجمته في «طَبَقَات الحَنَابِلَة» (1/ 415).
(4)
«المُغْنِي» لابن قُدامة (1/ 219).
(5)
«مَجْمُوع الفَتَاوَى» لابن تَيمِيَّة (19/ 239).