الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منهجي وأسلوبي في البحث
• لقد انتهجت في رسالتي مَنهَج الوصف عند عرض المعلومات الطبية، مع التوثيق، وفي بعض المواضع الخلافية في الطب، نَهَجت طريقة التحليل.
• وعند عرض الآراء الفقهية، سرت على منهج التحليل بمراحله المختلفة من التفسير والنقد والاستنباط، وذلك ببيان الآراء المختلفة والعرض التفسيري لما يتعلق بها من النصوص ووجوه الاستدلال الأخرى، مع النقد والاستنباط ثم الترجيح.
• ولكون الرسالة مقارنة، فقد اعتمدت منهج الاستقراء الجزئي في حصر الآراء المختلفة، ثم سرت على المنهج الحواري الجدلي بعرض ومقابلة الآراء الفقهية المختلفة ثم ترجيح الأقوى دليلا من حيث الخبر ثم النظر.
• ولقد أوردت الخلاف بين المذاهب الأربعة المتفق على شرف مكانتها عند أهل السنة، وذكرت قول السادة الظاهرية عند الحاجة، وكذلك أقوالًا من خارج المذاهب لمجتهدين من غير أتباعها؛ ولكن أكثر الاعتماد كان على أقوال السادة الأئمة من المذاهب الأربعة.
ورَغم كوني على مذهب الإمام أحمد، فقد حرَصت، كباحثٍ، على التجرد والإنْصَاف، وألا يكون التعصب إلا للوحي ومُبلِّغه صلى الله عليه وسلم. وليس شيءٌ إلا أخضعته للنقد والأخذ والرد إلا نصٌ محكمٌ صحيحٌ أو إجماعٌ ثابتٌ صريحٌ أو أوائلُ العقلِ والحسِّ التي لا يختلف عليها ذوو الحِجا.
• من حيث مراعاةُ التوثيق، فقد التزمت بالرجوع إلى المصادر الأصلية المعتمدة في نقل الأقوال عند أصحاب المذاهب الأربعة وغيرها: كـ «المَبسُوط» و «بَدَائع الصَّنَائع» و «تَبْيين الحَقَائق» و «فَتْح القَدِير» و «رَدّ المُحتار» في الفقه الحنفي؛ و «المُدَوَّنَة» و «شَرح مُخْتَصَر خَلِيل» و «حَاشِيَة الدُّسُوقِيّ» و «مَوَاهِب الجَلِيل» و «مِنَح الجَلِيل» في الفقه
المالكي؛ و «الأم» و «المَجْمُوع» و «أسْنَى المَطَالِب» و «نهاية المُحْتاج» و «تُحْفَة المُحْتاج» و «مغني المُحْتاج» و «حَاشِيَة البُجَيرَمِيّ» وحاشيتان لقَلْيُوبِيّ وعَمِيرَة» في الفقه الشافعي؛ و «مُخْتَصَر الخِرَقِيّ» و «المُقنِع» و «المُغْنِي» و «الفُرُوع» (لابن مُفْلِح) و «الإنْصَاف» و «كشَّاف القِنَاع» و «مُنْتَهَى الإرَادَات» في الفقه الحنبلي؛ و «المُحَلَّى» في الفقه الظاهري، على أنني لم أتقيد بالنقل من كتب الفتوى دون غيرها؛ لأن المطلوب في بحث كهذا تحرير نسبة الآراء إلى أصحابها، وهذا متحصل من كتب الفتوى وغيرها من المصادر المعتمدة.
• واعتنيت بعزو الأحاديث والآثار إلى مصادرها الأصلية، بما في ذلك العزو إلى الكتاب والباب تسهيلًا على القارئ. وذلك مع العناية ببيان درجتها إن كانت خارج الصحيحين. وهذا وإن كان مهمًّا في كل دراسة، فأهميته أظهر في دراسة تناقش أثر التطور العلمي على الفتوى والقضاء في الإسلام، حتى لا تُحَمَّل الشريعةُ أخطاءَ غيرِ المعصومين أو الأخبارَ الواهية وتلك التي لا أصل لها.
• واعتمدت في نقل المعارف الطبية على المصادر الموثوقة عند الأطباء، وإن كان أكثرها من المراجع الأجنبية؛ لأن الغربيين هم رواد هذا العلم وتلك الصنعة في زماننا، بعد أن تأخر المسلمون ورضُوا باستهلاك العلوم والتقنية دون صناعتها؛ وإلى الله المُشتَكى.
• ومن حيث الأسلوب، فقد اجتهدت في مراعاة الإيجاز مع الوضوح والسلامة من الأخطاء وحسن البيان بقدر الإمكان، وذلك من غير أن يطغى الشكل على المضمون.
• وأوردت نصوص الوحي مَشكولة حماية لجنابها الشريف من اللَّحْنِ. أما غيرها، فشَكَلت ما يحتاج إلى ضبط في النطق، أو ما كان في شكله تسهيلًا للقراءة، فإن كان هناك وجوهٌ، جعلت العلامة الأصح - وإن لم تكن الأشهر في استعمال المتأخرين - هي الأقرب إلى الحرف، متى تيسر ذلك من غير تكرار الكلمة؛ مثال: تُهَمَة. فتح الهاء هو الأشهر في استعمال الأولين، والسكون وجه صحيح.
• اجتهدت في العمل بالراجح والأقوى من قواعد الإملاء، فحيث كان هناك وجهان اخترت أرجحهما، كما في كتابة الهمزة المضمومة المسبوقة بغير الكسر في مثل (مسؤول)، فالراجح كتابتها على الواو، وإن جاز أن تكتب على النبرة (مسئول) إن كان ما قبلها متصلًا بها. أما عندما يكون الرجحان غير ظاهر، كما في ترك الفراغ بين واو العطف وما بعدها أو علامات الترقيم وما قبلها، فربما عملت بما يترجح لدي من عدم ترك الفراغ بين واو العطف وما بعدها، ولكن، بالنسبة لعلامات الترقيم، قد يلاحظ القارئ، عدم اضطراد العمل بقواعد ثابتة في العلامات غير المتفق عليها. والمرجو أن يحصل توافق بين أصحاب اللسان العربي على حد أدنى من توحيد المعايير، سيما فيما يخص علامات الترقيم. بقي أنني لم أغير في النقول إلا بزيادةِ حركات الضبط وعلامات الترقيم لفائدة القارئ.
• إنه وإن كانت سنة العلماء أحب إلينا، فإن العرف المعاصر في الكتابة، والأيسر عند الكتابة على الحاسوب، هو وضع الخط تحت ما يحتاج إلى التنبيه لا فوقه، وعلى هذا العرف سرت في الرسالة. ووضعت الخط في التراجم تحت الكنية أو الاسم أو اللقب الذي عُرِف به صاحب الترجمة.
• استعملت ألفاظ العلماء مثل (لنا وقلت) تشبهًا بهم من باب قول الشاعر:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
…
إن التشبه بالكرام فلاح
وكذلك، فإن توحيد الأسلوب بين الأول والآخر من هذه الأمة يحافظ على قدرة أجيالها على التواصل.
أما استعمال ضمائر الجمع، فإن العلماء قد استعملوها تواضعًا، لا تعاظمًا؛ فبدل نسبة القول إلى أنفسهم، نسبوه إلى أصحاب مذهبهم، أو القائلين بقولهم.
• عمِلت مَسرَدًا للألفاظ والعبارات المهمة: واخترت ألا يكون آليًّا، وألا يشمل كل مواضع ذكر اللفظ المعني، بل تلك المواضع التي كان ذكر اللفظ فيها أصالةً لا تبعًا؛ وفي هذا المسرد ذكر بعض العبارات ذات الأهمية كذلك.
• إن الضابط التعبدي في الدراسة لم يغب عني، فبخلاف البحوث الأخرى في العلوم الإنسانية، فإن هذا البحث في الفقه المقارن. والفقه المقارن أحد فروع العلوم الإنسانية من جهة كون الشريعة إنسانية في مقاصدها، ولكنه يختلف عنها من جهة كونها ربانية في مصدرها.
إن الباحث في هذا العلم الشريف ينبغي له مراعاة المنهجية العلمية في البحث من غير إغفال الجانب العقدي التعبدي، والذي يتجلى في أن المقصود الأعظم من هذه العلوم وتلك البحوث هو نيل رضا الله، ثم يأتي مقصود الإسهام في إسعاد البشرية مع بقية المقاصد الأخرى.
ومن تجليات ذلك أيضًا، أن النقد لا يرد على نصوص الوحي متى عرفت صحة نسبتها إلى مشكاته، ولكن المنهج التحليلي بمعنى التفسير والاستنباط هو الذي يتعامل به مع النصوص. أما آراء العلماء، فتجري عليها المرحلتان السابقتان مع مرحلة النقد ما لم يكن رأيهم إجماعًا صحيحًا، فلا يرد عليه إذًا النقد أو الطعن.
• وفي الجملة، فقد جمعت المسائل ذات التعلق بموضوع الرسالة، ثم عرضت آراء الفقهاء فيها وناقشتها ورجحت أسعدها حظًّا بالدليل، ثم بينت تغير المعارف الطبية بشأنها وأثر ذلك على قَبول أو رد بعض الاجتهادات الفقهية أو الترجيح بينها.
* * *