الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
أهم نتائج البحث:
1 -
زاد يقيني بعصمة الكتاب وصحيح السنة من كل خطأ، وبإعجازهما، ولا عجب في ذلك فهما الوحي المنزل من خالق الكون تعالى وواضع ناموسه، فلزم من ذلك أن آياته الكونية والشرعية لا تتعارض وتتناقض، بل تتعاضد وتتوافق.
2 -
زاد يقيني بعصمة الأمة في مجموعها، وأنها لم تطبق على خطأ. فالإجماع المنعقد المعتبر لا يمكن أن يظهر خطؤه، فإنه لا تزال طائفة من أمة محمد على الحق ظاهرة. ولكن نقل الإجماع لا يعني الإجماع إذا ثبت وجود المخالف، وقد يشتهر القول حتى يظنه البعض إجماعًا وليس كذلك.
3 -
زاد يقيني بعظمة موروثنا الفقهي ومرونته، وأن الشريعة هي وحدها الصالحة للحكم بين العباد، وأنها قادرة على استيعاب كل جديد.
4 -
زاد يقيني بعظمة فقهائنا وصلاحهم وأنهم استفرغوا الوسع في طلب الحقيقة.
5 -
زاد يقيني بأن العصمة التي هي لهذه الأمة الخيرية لا يمكن أن تختزل في مذهب أو إمام، وأن الواجب - مع التقدير الكامل لمذاهب المجتهدين - أن نطلب الحق الموافق للدليل في أي مذهب معتبر وألا نحجر واسعًا، فنحصر الإسلام في مذهب واحد، فيلزم إن ثبت خطؤه نسبة الخطأ للإسلام.
6 -
زاد يقيني بأهمية التحقيق عند نقل الآثار والتعاطي معها، حتى لا ندخل في الدين ما ليس منه، فيلحقه الخطأ.
7 -
تطور المعارف والصناعة الطبية لم يأت بما يناقض نصّا صريحًا صحيحًا أو إجماعًا منعقدًا معتبرًا، ولا يتصور ذلك أصلا.
تبين لي ما يأتي:
1 -
لما كان الفقه والطب معنيين بصلاح ذلك الكائن البشري، حصل بينهما من التداخل ما يعرفه المشتغلون بأيهما، فإن موضوع علم الطب هو بدن الإنسان، وهذا البدن محل للتكاليف الشرعية، وأحكام الأخيرة هي موضوع علم الفقه.
2 -
أهل السنة لا يهملون ما ثبت ببديهة العقل وأوائل الحس بل إنهم يؤولون ظواهر النصوص التي تخالف ذلك، بل ويأخذون بدليل الحس في الحكم على صحة الأخبار.
3 -
الفتوى - دون الحكم الشرعي - تتغير لا لمجرد تغير الزمان والمكان، ولكن باعتبارهما أوعية لما يكون فيهما من الحوادث والعادات والأحوال المختلفة. والفتوى عند اختلاف ذلك تتغير بضوابط فصلت في البحث. ولا يقدر على هذا المعترك الصعب إلا الراسخون من أهل العلم.
4 -
تطور العلوم الطبية أثبت بعض الخطأ في تقديرات بعض فقهائنا - رحمهم الله تعالى - فلقد بذلوا وسعهم في تحقيق مناط الأحكام الشرعية وتنزيلها على واقع الناس ومعالجة قضاياهم في ضوء الكتاب والسنة - فجزاهم الله عن أمة الإسلام خير الجزاء - إلا أن الكتاب والسنة معصومان، وتقديرات الفقهاء - وهم بشر - غير معصومة، فلا عيب إذًا أن يخطئوا تبعًا لخطأ أطباء عصرهم، لأنهم سألوا «أهل الذكر» في الطب بأزمنتهم كما كان ينبغي عليهم؛ ولكن يكون عيبًا أن يُثبَت الخطأ ونَسْتكبر عن تصحيحه.
5 -
بالإضافة إلى إظهار المعارف الطبية الحديثة خطأ أحد الأقوال وصواب الآخر، فإن تطورها قد يؤدي إلى تغير الفتوى في أبواب الوسائل، فقد عمل الأولون بالقيافة في إثبات النسب، والآن البصمة الوراثية أدق منها بلا نزاع. وكذلك فإن بعض ما كان متعذرًا في الأزمنة السابقة سار ميسورًا، ومن ذلك استيفاء القِصاص عن طريق
الجراحين، فإنه يوسع دائرة الممكن في الاستيفاء. وربما يؤدي تطور الطب إلى بعض النوازل التي تحتاج إعادة النظر في بعض ما استقر في كتب الفقه، فمثلًا مع وجود أجهزة الإنعاش الحديثة، تبرز الحاجة إلى مراجعة علامات الموت.
6 -
هناك مسائل يُظَن أو يُشاع أن الفتوى تغيرت فيها بسبب تقدم العلوم الطبية وليس الأمر كذلك، فأحيانًا يكون تقدم العلوم الطبية عديم الأثر على المسألة محل الخلاف أو لا يحسم الخلاف فيها بين الفقهاء.
7 -
الأطباء قد يختلفون في تقديراتهم، والفقهاء ينبغي أن يستوثقوا لفتواهم سيما في الأمور العامة، وإن كان ذلك لازمًا في وقائع الأعيان كذلك. إن الفقه قد سبق الطب بقرون في ترتيب درجات قوة الدليل، وإن الطب الآن يجعل رأي الخبير من الأدلة الضعيفة، فلا بد من مراجعة الأطباء وأن يطلب منهم الاستيثاق من قوة الدليل وربما أفادت المناظرة بينهم.
8 -
ختان النساء جاءت فيه آثار ولا شك أن منها ما هو في «الصحيح» ، وإن كان غير صريح في الأمر به أو الحض عليه، ومنها ما وقع الخلاف بين أهل العلم فيه، وهذا القسم أصرح في إثبات مشروعية الختان للنساء. إلا أن أحاديث سنن الفطرة التي ذكرت الختان - وهي في الصحيح - لا معنى لحملها على الرجال دون النساء، وقد ثبت أن الختان يشمل الرجال والنساء كما هو واضح من حديث مس الختان الختان، فالذي ترجح عندي هو استحبابه.
9 -
حد الختان السني هو قطع قُلْفَة البظر لا البظر، وليست هناك دراسات موافقة للمعايير العلمية تثبت ضرر قطع القُلْفَة دون البظر، بل وحتى مع قطع جزء من البظر. ولكن الدراسات أثبتت ضرر قطع البظر كاملا وكل ما هو فوق ذلك من أنواع الختان البدعي والذي ينبغي على المخلصين محاربته.
10 -
الإسلام يحفظ للمرأة حق الاستمتاع ويمنع العدوان على بدنها، ويوجب كامل الدِّيَة في العدوان على فرجها.
11 -
لا بد أن ننظم عملية ختان البنات، وإنما يكون ذلك بإسناد هذه الممارسة إلى الأطباء وهم أولى بها وأهلها، وكذلك بإيقاف الأطباء على حقيقية الختان وحَدِّه.
12 -
بشأن استعمال الماء المشمس، الذي ترجح لي هو إباحة استعماله في الطهارة بإطلاق وليس ذلك لثبوت عدم ضرره، ولكن لشدة ضعف الآثار المروية، ولعدم ثبوت ضرره طبيًّا.
13 -
بشأن الحيض، الطب الحديث يستطيع المساعدة في تمييز المراحل المختلفة للدورة الحيضية عبر قياس الهرمونات في الدم، واستخدام هذه التقنيات من شأنه أن يرفع الالتباس في كثير من هذه الحالات التي يصعب فيها على المرأة تمييز الحيض من الاستحاضة أو تمييز بداية الحيض.
14 -
بشأن أدنى سن للحيض، فإن القول الذي ترجح عندي هو أن الحيض قد يقع قبل العاشرة في أي سن ولكن لا يكون له أثر في الأحكام الشرعية والتكاليف حتى تبلغ الجارية العاشرة.
15 -
بشأن أعلى سن للحيض، ترجح عندي ترك التحديد في حال وجود الثقات من الأطباء وتنصح المرأة بمراجعة الطبيب إذا تغيرت عادتها في السن الكبيرة أو استمر بها الحيض بعد الخامسة والخمسين. فإن عدم الثقات من الأطباء فتنصح المرأة باعتبار دمها حيضًا ما لم تتغير عادتها وما لم ينقطع حيضها فترة طويلة حتى تبلغ الخامسة والخمسين، فإن بلغتها وبقيت ترى الدم، فينبغي أن يزداد تحريها لكونه حيضًا لا دم فاسد، فإن بلغت الستين فليس الدم حيضًا إلا فيما ندر جدًّا ولا عبرة بالنادر.
16 -
أما عن الدورة الحيضية، فقد بينت أن الفطرة هي كون الدورة موافقة للأشهر القمرية. وقد تقل مدة الدورة الحيضية أو تزيد فيما يعتبر أمرًا مرضيًّا ولكنها على أي حال تبقى دورة حيضية من الناحية الشرعية ما دامت لا تتكرر أكثر من مرتين في الشهر.
17 -
أما أكثر المدة بين الدورتين، فإن الفقهاء متفقون على أنه لا حد لأكثر الطهر.
18 -
أقل الحيض: اتفق الأطباء مع أحد الآراء الفقهية، وهو الرأي القائل: إن أقل الحيض نقطة.
19 -
أكثر الحيض: الحيض (بمعنى خروج الدم الأسود الذي يعرف والناشئ عن تساقط بطانة الرحم) قد يستمر وقد بينت ذلك النصوص حيث إنها لم ترد كل امرأة إلى التمييز، وبهذا يقول الطب. وحل المشكلة في التفريق بين نوعين من الحيض: الحيض العادي الطبيعي، وهو الذي تترتب عليه الأحكام وأكثره ستة أو سبعة الأيام كما هو في الشرع والطب كذلك. والحيض المرضي الذي قد يستمر لأشهر، وأغلب الأطباء متفقون على أنه إذا تجاوز الحيض عشرة أيام فإنه مرضي يحتاج إلى تشخيص وعلاج. وإن كانوا يرون أن الحيض لا يكون طبيعيًّا إذا استمر فوق سبعة أيام. ولو وجد قائل بأن أكثر الحيض سبعة أيام لكان قولا قويًّا، ولكن ليس هناك من حَدَّ أكثر الحيض بدون عشرة أيام فيكون إجماعًا.
20 -
أقل الطهر: الذي ظهر لي أن قول الجمهور بالخمسة عشر يومًا هو الأقرب إلى الصواب.
21 -
لا حد لأكثر الطهر، وقد يكون ذلك مرضيًّا أو غير ذلك، وربما انتُفِع بالأطباء في العلاج من الحالات المرضية وتحديد سبب انقطاع الحيض. ولكن هذه المسألة لا تعد من المشكلات إلا في مباحث العدة.
22 -
ينبغي أن يستعان بالطب لإنهاء حيرة المُتَحَيِّرَة والمُبْتَدَأة ما امتهد إلى ذلك سبيل.
23 -
إن كانت الصُّفْرَة والكُدْرَة متصلة بالحيض وبعده، ويختلفان عما يصيب المرأة من الإفرازات في العادة فإنهما من بقايا الحيض. وقد يكون وجيهًا أيضًا أن تستعين المرأة بالطبيبة في تمييز ذلك.
24 -
فهم الفقيه لطبيعة الدورة الحيضية سيمكنه من حسن النظر والترجيح في مسائل الحيض. ولكنْ لن يحسم تطور الطب كل إشكالات باب الحيض، ففي بعض الحالات قد يستمر تساقط جدار الرحم بلا انقطاع وهذا حيض من جهة الطب ولا يكون كذلك من جهة الفقه، وقد يحكم الطب بحيض بنت السادسة ويأبى الفقه أن يلزمها بتكاليف الإسلام كافة. هذا بالإضافة إلى عدم قدرة الكثير من النساء على زيارة الأطباء.
25 -
الأصل أن الحامل لا تحيض وغيره الاستثناء النادر فلا ينبني عليه الحكم. وقد يسوغ القول بأن ما يكون من نزيف بسبب الولادة وقبيلها يأخذ حكم النفاس كما هو قول الحنابلة.
26 -
يثبت النفاس بقول الطبيب الثقة أن ما وضعته المرأة كان حملا سقط، فإن لم يتوفر الطبيب، فيُرجَع إلى ما قاله الفقهاء من اعتماد ظهور خلق الإنسان أو الصورة الخفية التي يحصل معها الاطمئنان إلى كون الموضوع حملًا.
27 -
أكثر النفاس: الطب الحديث يقرر أن الرحم ربما بقي يطرد بقايا إفرازاته إلى مدة أقصاها ستة إلى ثمانية أسابيع، وعليه فإن القول الأسعد حظًّا بموافقة المعارف الطبية المعاصرة هو قول من قال بالستين يومًا.
28 -
النفاس من التوأمين: الذي ظهر لي هو قوة القول بأن لكل ولادة نفاسًا، والدم النازل بعد كل ولادة إنما يكون بسببها لا دم علة وفساد باتفاق الأطباء. أما العدة فإنما تتعلق بفراغ الرحم من الحمل إجماعًا.
39 -
موت الدِّمَاغ: أكثر العلماء متفقون على جواز رفع أجهزة الإنعاش عمن مات دماغه، وهو الحق والصواب لأن التداوي ليس كله واجبا. أما مسألة الحكم بالموت على ميت الدِّمَاغ فلا ريب أن لكل من الفريقين دليله والقطع برجحان أحد القولين على الآخر لم يظهر لي. وقد يكون هناك مخرج من الحكم بموت ميت الدِّمَاغ لنقل الأعضاء، وهو نقل ميت الدِّمَاغ إلى غرفة العمليات ونزع الأجهزة فيها ثم التربص به حتى يتوقف قلبه ومن ثم يحكم بموته اتفاقًا وعندها يتم نقل الأعضاء المُحْتاج إلى نقلها بما في ذلك القلب.
30 -
التشريح: الذي ظهر لي هو صواب قول الجمهور بجواز التشريح، ولقد اشتدت الحاجة إليه مع تطور الصناعة الطبية. وهناك ضوابط مهمة للتجويز كوجود الحاجة وانعدام البديل وإذن الأولياء واحترام الجثمان.
31 -
الصيام: الذي ترجح لي هو قول من اعتبر قوة التحليل في الجَوْف الذي يفسد الصوم بوصول الأعيان إليه، وأن الفطر - بالإضافة لحصوله بكل ما يشابه الأكل في الصورة - يحصل بوصول الأعيان المغذية إلى المَعِدَة أو الأمعاء الدقيقة وكذا الغليظة، أو مباشرة إلى الدم، إذا كان الواصل مما ينتفع به الجسم كالسوائل والأملاح والجلوكوز، فإن كل هذا يشابه الأكل في المعنى.
32 -
الجلالة وإطعام الميتات للدواب: القول بتحريم أكل الجلالة وإطعام الميتات للدواب هو الذي ترجح لي، وذلك لظاهر النهي في النصوص. ولقد أظهرت المعارف الطبية الحديثة بعض حكم هذا النهي. ومع القول بأن الاستحالة يتغير الحكم بها، فإنها غير كاملة هنا، لأن ما يصنع بالميتات لجعلها علفًا، وإن غير الأوصاف الظاهرة كاللون والطعم والريح التي تثبت بها الأحكام في العادة، فإنه لا يخلص تلك الميتات من جميع المواد الضارة.
33 -
التدخين: ظهر لي من مراجعة أقوال الفقهاء المتقدمين الذين ناقشوا هذه المسألة في القرنين الحادي عشر والثاني عشر أن خلافهم كان محوره حول حصول الضرر من التدخين، فمن أحله أو كرهه ادعى أنه لا ضرر منه وإن كان ثم فهو مختص ببعض المدخنين دون بعض، ولقد أثبت الطب أن ضرره البالغ ليس يصيب فقط المدخن بل من حوله.
34 -
الاستمناء: حيث إنه لا يوجد دليل صحيح صريح على التحريم؛ فإن الأصل فيه على البراءة والحل، وتتوجه الكراهة لمن فعله لغير حاجة لكونه مما يترفع عنه كبار النفوس وأصحاب الفضل. أما من فعله لحاجة، فليس عليه بأس. ولكن هناك تدابير ينبغي أن تراعى وتتبع لإحصان النفس وتسكين الشهوة هي مقدمة على الذي ذكرنا وأفضل وأولى بأصحاب النفوس الكبيرة، ومن هذه التدابير ما هو نصائح نبوية لا يفرط فيها إلا من سفه نفسه.
35 -
التداوي: الراجح أن الوجوب هو الأصل في التداوي من الأمراض المضرة بالأدوية المأمونة وإن جرت على التداوي عمومًا الأحكام الخمسة. واتفق أكثر المعاصرين على وجوب التداوي في بعض الأحوال، كحالات الإسعاف التي تتعرض فيها حياة المصاب لخطر وحالات الأمراض المعدية. ولا ريب أن التداوي الذي تحدث عنه فقهاؤنا غير التداوي الذي يمارس اليوم. إن الدواء اليوم يُقطَع في بعض الأحيان بأنه ينفع من الداء بإذن الله كما يُقطَع بأن النار تحرق الخشب والسكين يقطع اللحم، ومن ثم فإنه لا يتصور في دين «لا ضرر» ألا يكون الأصل في التداوي غير الوجوب مع الظن الغالب بنفعه، والذي يقارب اليقين أحيانًا.
36 -
أدنى الحمل: التحديد بستة الأشهر من الآيتين استنباط حسن لطيف، ولكن ليس فيهما ما يقطع أن المولود لدونها لا يعيش. أما الإجماع، فنقله غير واحد من العلماء ولا نعلم لهم مخالفًا، ولكن الظاهر أنهم يقولون أن المولود لدون ستة الأشهر لا تكون له
حياة مستقرة لأن سبب الموت قد تعلق به. إذًا فستة الأشهر هي أدنى فترة للحمل يعيش معها الجنين من غير تدخل طبي. فإذا ما جاءت المرأة بوليد لستة أشهر أو فوقها من النكاح فإن نسبه يثبت لصاحب الفراش من غير مراجعة للطبيب، وإذا ما أتت به لدون ذلك وعاش بعد التدخل الطبي، روجع الأطباء لمعرفة حال الوليد وما إذا كان عمره عند ولادته دون ستة الأشهر من زمن الإخصاب.
37 -
أكثر الحمل: إن الطب الحديث لا يعرف حملا زاد على الخمسة والأربعين أسبوعًا ولا يتصور ذلك من خلال المعارف الطبية الحديثة. الحق إذًا الذي ينبغي المصير إليه مع عدم وجود النص من الوحي أن أكثر الحمل لا يتجاوز عشرة الأشهر، وقد يتجه أن يحتاط القانون فيجعل أكثر الحمل عامًا، كما هو قول محمد بن عبد الحكم رحمه الله. ويترتب على ذلك القول تغير الفتوى في أبواب عديدة كلحوق النسب واللعان وإقامة حد الزنا عند من قال به وتأخير الحد لأجل الحمل عند ادعائه والوقف والوصية على الجنين وغيرها.
38 -
الحمل من ماءين: إن الطب الحديث قد دعم رأي من قال بأن الحمل لا يكون من ماءين.
39 -
عدة التي انقطع حيضها: إننا لو تأكدنا من براءة رحمها بالوسائل الطبية الحديثة، ساغ أن تعتد ثلاثة أشهر كالصغيرة والآيسة.
40 -
أدنى سن البلوغ: الذي ظهر لي أنه ليس للبلوغ حد أدنى من الناحية الطبية، وأن تعتبر كل حالة بعلامات البلوغ، فإن ظهرت علاماته ولو قبل السن التي حددها الفقهاء حكم بالبلوغ العادي دون الحكمي، ولكن لا يكون التكليف قبل العاشرة.
41 -
أعلى سن للبلوغ: الذي ظهر لي أن التحديد بسن الخامسة عشرة - وهو قول الجمهور - الأولى بالصواب، وهذا من جهة المنقول وكذلك المعقول، فإنه عندها يكون الأغلب الأعم من الأطفال قد بلغوا، ولا عبرة بالنادر.
42 -
الخنثى: لتحديد جنس الخنثى عند وجود الأطباء الأكْفاء، ينبغي أن يعرض المولود أو الطفل على الطبيب الذي يقرر نوعه. والطبيب عندها يراعي في تحديد الجنس العديد من العوامل بالإضافة إلى الحقيقة الكروموسومية كالأعضاء الظاهرة وإمكانية العلاج، وكذلك يراعي الأحوال الاجتماعية. ثم إنه لا بد للطبيب في كل ذلك ألا يكون بمعزل عن الفقهاء، وألا ينفرد دونهم بالبت في هذه الحالات. ولا بد قبل ذلك على مستوى المجتمع من اضطلاع المجامع الفقهية والهيئات العلمية بدورها في هذا الشأن وتفصيل الأحكام فيه على ضوء العلوم والمعارف الحديثة. وعند فقدان الأكْفاء من الأطباء، فينصح بتربية المشكِل من كل وجه على أنه امرأة حتى يتيسر - إن تيسر - عرضه على الطبيب.
43 -
قرر المجمع الفقهي بمكة أن من اجتمع في أعضائه علامات النساء والرجال، ينظر فيه إلى الغالب من حاله، فإن غلبت عليه الذكورة جاز علاجه طبيًّا بما يزيل الاشتباه في ذكورته، ومن غلبت عليه علامات الأنوثة، جاز علاجه طبيا، بما يزيل الاشتباه في أنوثته.
44 -
العمل بالقرائن: الذي ظهر لي هو أن الأدلة شاهدة على مشروعية العمل بالقرائن في غير الحدود والقِصاص، سيما فيما يتعلق بالخصومات بين العباد، ولا يتحقق العدل من غير ذلك، ولا يكون للقضاء والقانون هيبة إلا به، فإن أنواع الجريمة تتعدد وأساليبها ليست تنحصر وهي تزداد يومًا بعد يوم، فلا يسوغ أن نحصر أدلة الإثبات ونكبل أيدي القضاة. أما الحدود والقِصاص، فلابد من العمل بالقرائن فيهما في مرحلة التحقيق الجنائي للتضييق على المتهم واستدراجه، ثم إنه إن كانت القرينة قاطعة ولم تكن هناك بينة مما جرى العمل عليه مما في نصوص الوحيين وعمل الصحابة دفع الحد بالشبهة، ولزمت العقوبة التعزيرية التي
يقدرها القضاء. أما شرب الخمر، فيقضى فيها بالقرينة القاطعة سواءٌ التي جرى العمل بها أو ما يساويها أو يزيد عليها، وهذا لما لها من خطر عظيم على المجتمع، ولثبوت ذلك عن رهط من الصحابة. وفي السرقة يغرم السارق إن وجد عنده مالٌ للمسروق منه ويعاقب بعقوبة رادعة دون الحد. أما القِصاص فيقضى فيه بالدِّيَة لعظيم حق الدماء، ويقضى بتعزير لائق عند قوة القرينة مراعاةً لحق المجني عليه والمجتمع.
45 -
البصمة الوراثية: هي طريقة في إثبات الهُوِيَّة والنسب عاليةُ الدقة، وتحل محل القيافة عند من قال بها بطريق الأولى، ولا يقتصر دورها على ذلك، بل تستعمل فيما لا تجوز فيه القيافة للفرق الشاسع بينهما.
46 -
استيفاء القِصاص: التطور في العلوم الطبية الحديثة لا يثبت صحة مذهب وخطأ آخر بهذا الصدد، ولا يرجح قولا على قول، فإنما كانت هذه الأقوال نتاجًا لواقع غير الذي نحياه، فكان الحري بها أن تتفاعل مع هذا الواقع. أما الآن، فإن تطور الجراحة يمكننا من استيفاء أكثر أنواع الجروح والشجاج سوى الجائفة والهاشمة والآمة والدامغة لعظم الخطر. وبالنسبة لإزالة المنافع، فلعل الطب الحديث ضيق إمكان الاستيفاء في هذا الباب، لأن الأطباء لا يرون من الممكن استيفاء القِصاص بإزالة منفعة غير البصر. وبالنسبة للقطع من غير مَفصِل، فإن الطب الحديث يستطيع تحقيق مطلق المماثلة واجتناب الزيادة المطلقة، وهو المطلوب - على الصحيح - فوسع بذلك دائرة الاستيفاء في كل قطع من غير مفصل لا يكون مخوفًا في حكم أهل الخبرة. وبالنسبة للاستيفاء من كسر العظام، فكذلك يوسع الطب الحديث من إمكانية ذلك في الأطراف دون عظام الرأس والصدر والفخذ والظهر لمكان الخطر.
47 -
الإجهاض وبداية الحياة الإنسانية: يكون نفخ الروح بعد المائة والعشرين للإجماع. لذا فإن التطور في المعارف الطبية لن يؤدي إلى تغير كبير في الفتوى، وإن غير في فهمنا لمراحل التخليق، ورجح ظاهر حديث حذيفة عند مسلم على ظاهر حديث ابن مسعود عند البخاري الذي ينبغي أن يرد فهمه إلى لفظه عند مسلم. ولكن تطور هذه العلوم وإدراك المعاصرين لحقيقة مراحل التخليق من خلالها قد أدى إلى نوع من زيادة التحفظ في إباحة الإجهاض، حيث إنه من الواضح أن المعاصرين أكثر تحفظًا من المتقدمين بهذا الصدد.
* * *