الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
 الدراسات العلمية عن ختان البنات:
يتحمس الكثير من الناس لكل ما يقال عنه أنه دراسة علمية، ولكنهم لا يقدمون على تحليل ونقد هذه الدراسات. إنه من المعروف في مجال البحث العلمي أن كثيرًا مما يسمى دراسات بها من القصور والعيوب والتناقضات ما لا يسمح للباحث الأمين الذي يحترم عقله أن يعتمدها أو ينقلها للعوام على أنها من المسلمات.
وتعد الدراسات الموافقة للمعايير العلمية الدقيقة شحيحة في هذا الموضوع، وهذا ليس ادعاءً مني، بل نقلٌ عن منظمة الصحة العالمية، حيث جاء في موقعها الإلكتروني - في معرض الكلام عن دراسة زعموا أنها وافية عن الآثار السلبية لختان البنات - ما يأتي:
(1)
.
لاحظ عبارة «لأول مرة» ، ولقد جاء المزيد من التفصيل
(2)
على الصفحة الإنجليزية
(1)
«دراسة جديدة تبيّن أنّ تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية يعرّض النساء وأطفالهن لمخاطر كبيرة أثناء الولادة» [شبكة] /المؤلف منظمة الصحة العالمية.
(2)
منقول من غير تصرف من:
Female Genital Mutilation [Online] /auth.World Health Organization.
يوضح ضعف الدراسات السابقة.
(1)
.
لاحظ تكرار «لأول مرة» .
ونحن الآن في حاجة إلى التعرف على هذه الدراسة الكبيرة «الوافية» التي تثبت «بالبينات» «لأول مرة» المضاعفات السلبية لختان البنات في مرحلة الولادة.
(1)
«دراسة جديدة تبيّن أنّ تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية يعرّض النساء وأطفالهن لمخاطر كبيرة أثناء الولادة» [شبكة] /المؤلف منظمة الصحة العالمية.
لقد درسوا مضاعفات الختان في مرحلة الولادة بعد تقسيمهم النساء إلى أربع عينات:
1 -
غير المختونات.
2 -
نساء تعرضن إلى استئصال القُلْفَة
(1)
، مع استئصال البظر بشكل جزئي أو تام أو دون ذلك.
3 -
نساء تعرضن إلى استئصال البظر، مع استئصال الشفرين الصغيرين بشكل جزئي أو تام.
4 -
نساء تعرضن إلى استئصال الأعضاء التناسلية الخارجية بشكل جزئي أو تام، مع تضييق الفُوَّهَة المَهْبِلية (الختان التخييطي)
(2)
.
وإليك الآن تعريفهم لختان البنات وخلطهم بين كل أنواعه، قالوا:«ملاحظة: يشمل تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، الذي كثيرًا ما يُشار إليه بمصطلح «ختان الإناث» جميع الممارسات التي تنطوي على إزالة الأعضاء التناسلية الأنثوية الخارجية بشكل جزئي أو تام، أو إلحاق إصابات أخرى بتلك الأعضاء إمّا بدواع ثقافية أو دينية أو دواع لا تستهدف العلاج. وتُمارس حاليًا أنواع مختلفة من ذلك التشويه منها ما يلي:
النوع الأول: استئصال القُلْفَة، مع استئصال البظر بشكل جزئي أو تام أو دون ذلك.
النوع الثاني: استئصال البظر، مع استئصال الشفرين الصغيرين بشكل جزئي أو تام.
(1)
Prepucectomy
(2)
«دراسة جديدة تبيّن أنّ تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية يعرّض النساء وأطفالهن لمخاطر كبيرة أثناء الولادة» [شبكة] /المؤلف منظمة الصحة العالمية.
النوع الثالث: استئصال الأعضاء التناسلية الخارجية بشكل جزئي أو تام، مع تضييق الفُوَّهَة المَهْبِلية (الختان التخييطي)»
(1)
.
وبعد ذلك رصدوا الأضرار المشاهدة في العينات المختلفة، ومن الجدير بالذكر أن العينة الثانية كانت نسبة الأضرار فيها أكثر بقليل من العينة الأولى. وكانت الأضرار الأخطر والأكثر في العينتين الثالثة والرابعة
(2)
.
فتعالوا ننظر إلى هذا الرسم التوضيحي للدراسة:
(1)
المصدر السابق.
(2)
العينتان الثالثة والرابعة هما النوعان الثاني والثالث. راجع الفقرة السابقة.
[2]
رسم توضيحي لدراسة الأمم المتحدة عن ختان الإناث
والآن أستدعي عقول الباحثين للنظر في هذا العيب - الذي أود ألا يكون متعمدًا - وهو خلط ثلاثة أنواع من الممارسات من غير تمييز بينها وهي:
1 -
استئصال القُلْفَة
(1)
.
2 -
استئصال القُلْفَة، مع استئصال البظر بشكل جزئي.
3 -
استئصال القُلْفَة، مع استئصال البظر بشكل تام.
إن الحاجة والأمانة العلمية كانت تدعو على الأقل إلى الفصل بين 1 من جهة و 2 و 3 من جهة أخرى، وذلك للفرق الكبير بين القُلْفَة والبظر تشريحيًّا ووظيفيًّا، وإن كان الأولى الفصل بين الثلاثة لتكون نتائج كل قسم مستقلة وواضحة.
(1)
Prepucectomy
إنه من العجيب أن يدخلوا قطع القُلْفَة في بداية الدراسة مع بقية أنواع ما سمَّوه بالنوع الأول من تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، والعجب ليس فقط لما ذكرت من الفرق التشريحي والوظيفي بين القُلْفَة والبظر، ولكن أيضًا لأن الأمم المتحدة ذاتها - كما تقدم - كانت من قبل تقر بأن قطع القُلْفَة إنما هو كختان الذكر من جهة الطب
(1)
.
إنهم بهذا الخلط أفسدوا مصداقية الدراسة بالكلية في تحديد أضرار قطع القُلْفَة دون البظر وحتى مع قطع جزء من البظر، إذ قد يعترض على ذلك بأن الأضرار المشاهدة في العينة الثانية - والتي لم تكن في الأصل كثيرة كما سنبين - كانت جميعها بسبب وجود تلك الشريحة من النساء اللاتي تعرضن للاستئصال الكامل للبظر، والذي لم يقل به أحد من علماء المسلمين، فضلًا عن أن يكون الرأي الراجح.
أما نتائج الدراسة:
فإن العينة الثانية والتي اشتملت على القطع الكامل للبظر - والذي لا يقول به أحد من علماء المسلمين - كانت النتائج فيها شديدة الضعف، وهذه هي الأسباب:
1 -
بالنظر إلى المخاطر النسبية
(2)
بعد التصحيح
(3)
في هذه العينة، نجدها في الولادة
(1)
منقول من غير تصر من: Fact Sheet No. 23، Harmful Traditional Practices Affecting the Health of Women and Children [Online] /auth.The Office of the United Nations High Commissioner for Human Rights (OHCHR).
(2)
لو كان الخطر في العينة المرجعية - اللاتي لم يتعرضن للختن - 10 وفي العينة الثانية 15، يكون الخطر النسبي 1. 5.
(3)
أي أخذ عوامل الخلط في الاعتبار.
القيصرية 1.03 وفي فقدان الدم 1.03 وفي وزن الطفل عند الميلاد 0.94 (أي أقل من العينة المرجعية) وليس هناك عاقل في أي وسط للبحث العلمي يقبل بنتائج دون 1.1، ولذا فلا حاجة لمناقشة أي من هذه المضاعفات.
أما إقامة الأم لمدة طويلة في المستشفى، فكان الخطر النسبي بالمقارنة مع العينة المرجعية 1. 15 وإنعاش الرضيع 1. 11 ووفاة المرضى الداخليين في الفترة المحيطة بالولادة 1. 15 وبَضع الفرج مع شَقِّ العِجان [ما بين القبل والدبر] أو دونه لدى النساء اللاتي يلدن لأول مرة 1. 31. وهذه النتائج وإن قبلها البعض، فإنها شديدة الضعف وفي دراسة كهذه تثبت لأول مرة - كما ذكروا - تلك المضاعفات فإنه لا يقبل المنطق السليم ولا أصول البحث العلمي هذه النتائج. إن الكثيرين من العلماء ينادون بعدم اعتبار النتائج إذا كان الخطر النسبي دون 2. بل إن محررةَ واحدةٍ من أهم الدوريات الطبية الأمريكية
(1)
تقول إنهم لا يقبلون الدراسات التي يكون فيها الخطر النسبي دون الثلاثة سيما إن كانت تثبت نتائج جديدة
(2)
. ولعله في دراسة كهذه يمكن التَّنزُّل وقبول معدلات خطر نسبي فوق 105.
(1)
New England Journal of Medicine.
(2)
نص كلامها والمصدر:
Marcia Angell of the New England Journal of Medicine: «As a general rule of thumb we are looking for a relative risk of three or more [before accepting a paper for publication]، particularly if it is biologically implausible or if it's a brand-new finding.» Turning Science into Junk: the Tobacco Industry and Passive Smoking [Journal] /auth.Samet Jonathan M.and Burke Thomas A.
وانظر: John P.A.Ioannidis (2005). «Why Most Published Research Findings Are False» .PLoS Medicine 2 (8): e 124.doi: 10. 1371/journal.pmed. 0020124.
في النسختين المنشورتين للرسالة باللغتين الإنجليزية والعربية لم يذكروا قيم الاحتمالية
(1)
لكل عينة على حدة في كل المقارنات، وبالنسبة للعينة الثانية، فإن قيمة الاحتمالية لم تُذكر - لا أدري لماذا - إلا في إشارات عابرة، ومن ذلك أنهم ذكروها في حالة شق العِجان، وهي 0. 04. وهي أسوأ من ذلك - أي في غير صالح فرضية إثبات الفرق الذي تدعيه الدراسة - في المقارنات الأخرى كما يظهر من النظر في المخاطر النسبية. فهل هذه احتمالية معقولة في دراسة تعددت فيها المقارنات واختلفت فيها مراكز الولادة بين بُلدان عديدة وكثرت فيها عوامل الخلط. إنه من غير ذلك كله فإن جمهرةً من العلماء والإحصائيين لا يقبلون بقيمة «الاحتمالية» التي تزيد عن 0. 01، وتعد الدراسة قوية إذا كانت القيمة 0. 001
(2)
.
2 -
لم أورد الكثير من التعقيبات على مناحٍ إجرائية أخرى كتحديد أنواع الختان وعمل القابلات، وأخرى منهجية كتمييزهم بين التي تلد للمرة الأولى وصاحبة الولادات المتكرِّرة دون تمييزهم بين من ولدت مرتين وتلك التي ولدت عشر مرات وغير ذلك مما لا يتسع المقام في بحثنا له.
ومن ثم، وبِناءً على هذه القراءة لنتائج البحث، وشهادتهم أن هذه الدراسة هي الأولى والرائدة في إثبات مضاعفات الختان، ولأنه لم تكن بعدها دراسات مستوفية
(1)
قيمة الاحتمالية = p value
و معناها احتمالية أن تكون النتائج عن طريق الصدفة مع صحة افتراضية نفي الفرق. فمثلا إذا كانت القيمة 0. 05 وهي أدنى المقبول فإن احتمالية الصدفة 5% وإذا كانت 0. 001 فإن احتمالية الصدفة واحد في الألف.
(2)
لمعرفة المزيد عن ضعف قيمة الاحتمالية، سيما الضعيفة منها:
Toward evidence-based medical statistics. 1: The P value fallacy [Journal] /auth.S Goodman//Ann Intern Med.
للمعايير العلمية عن أضرار قطع قُلْفَة البظر، أخلُص إلى الآتي:
• ليست هناك دراسات موافقة للمعايير العلمية تثبت ضرر قطع القُلْفَة دون البظر، بل وحتى مع قطع جزء من البظر.
• هذه الدراسة إضافة مهمة لإثبات أضرار قطع البظر كاملًا مع الشفرين الصغيرين فما فوق ذلك.
• ينبغي عمل دراسات تفرق بين الممارسات المختلفة وتتناول قطع القُلْفَة دون غيرها.
• ينبغي عمل دراسات تتحرى الفوائد المحتملة لقطع القُلْفَة.
• ينبغي على المخلصين محاربة كل ممارسات الختان البدعي من القطع الكامل للبظر فما فوق.
ولو سلمت دراسة وأثبتت بعض مضار للختان السني، فلا ينبغي التسرع في إصدار التوصيات من غير التأكد من عدم وجود منافع ترجحها.
إن التوصيات لا تقوم فقط على قوة الدليل، بل تراعي - ضمن أمور أخرى - قَبول المنظومة القيمية للمجتمع أو المجموعة المستهدفة بهذا النوع من التدخل الطبي أو ذاك أو بهذه التوصيات أو تلك
(1)
.
لكم كنت أرجو أن يحترموا عقولنا أكثر من ذلك، ولكم آسيت على تسرع الفقهاء إلى تلقف هذه المزاعم حول ممارسة شائعة في الأمة من أربعةَ عشرَ قرنًا.
(1)
للمزيد، انظر (بالإنجليزية):
Grading Strength of Recommendations and Quality of Evidence in Clinical Guidelines Report From an American College of Chest Physicians Task Force [Journal] /auth.American College of Chest Physicians Task Force.