الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
رأي الطب وأثره على الترجيح:
إن كلام الدَّارِمِيّ ومن بعده ابن حَزْم وابن تَيمِيَّة - رحم الله الجميع - وجيه موافق للواقع، فإن المعارف الطبية الحديثة تفيد أن أكثر النساء يبلغن ما بين الثانيةَ عشرةَ والرابعةَ عشرةَ بمتوسط عمري قدره (12. 75) سنة، وفي الذكر يتأخر البلوغ عن الإناث بنحو عام أو اثنين
(1)
. ولكن يختلف سن البلوغ اختلافًا كبيرًا من شخصٍ لآخرَ ومن بيئةٍ لأخرى؛ وهناك حالات يكون البلوغ فيها مبكرًا، بل إن فتاةً في بيرو بأمريكا الجنوبية قد حملت وولدت وعمرها آنذاك خمسة أعوام ونصف
(2)
.
وليس البلوغ دون التاسعة بتلك الندرة، بل إن الأطباء لا يعتبرون البلوغ مرضيًا متى بلغت الفتاة سبعة أو ثمانية أعوام
(3)
، فإن كانت دون ذلك، ينظر في حالتها للتأكد من خلوها من أورام أو أمراض تؤدي للبلوغ المبكر، وفي أكثر الحالات لا يكون ثمة مرض
(4)
.
(1)
Nelson text book of Pediatrics، 15 th Ed، Page 1579.
(2)
Nelson Textbook of Pediatrics، 15 th Ed، Page 1579 - 1580.
و انظر أيضًا «دراسات فقهية في قضايا طبية معاصرة» لمجموعة من العلماء، «بحث الحيض والنفاس والحمل بين الفقه والطب» (ص 137 - 142). وذكر فيه د. عمر الأشْقَر أن طفلة ظهرت عليها علامات البلوغ في الثانية من عمرها.
(3)
البلوغ عند الأطباء غير الحيض فهو يسبقه بعام أو اثنين.
(4)
Saenger، Paul.Overview of precocious puberty.In: UpToDate، Rose، BD (Ed)، UpToDate، Waltham، MA، 2007.
• على أن الأطباء يقصدون بالبلوغ ظهور علاماته الثانوية؛ كنمو الثديين وظهور الشعر، والعادة أن الحيض يتأخر عن ذلك بنحو عامين
(1)
.
• إن الطب الحديث يقدر على القطع بما إذا كانت الفتاة قد حاضت أم أصابها دم علة، وذلك عن طريق البحوث المُختَبَرِيَّة والأشعة الصوتية على الرحم وفي كثير من الحالات قد يثبت الطب بداية الحيض قبل التاسعة.
• إن القول إذًا بعدم التحديد هو الأقرب للصواب من جهة الوقوع، ولكن ماذا نصنع إذا حاضت بنت الثامنة أو دون ذلك؟ هل نلزمها بكل تكاليف الإسلام؟ الحق أن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم السابق في الأمر بالصلاة لسبع والضرب عليها لعشر فيه - في تقديري - جوابٌ على هذا السؤال. إن مفهوم الحديث أنه لا إلزام قبل بلوغ الطفل سن العاشرة.
• إن القول الذي يترجح عندي هو أن الحيض حيضان: طبيعي وحكمي، فالطبيعي قد يقع قبل العاشرة في أي سن ولكن لا يكون له أثرٌ في الأحكام الشرعية والتكاليف حتى تبلغ الجارية العاشرة، وهو وجه عند الحنابلة-كما تقدم؛ وذلك لأن الحيض قبلها من النادر ولا عبرة به، ولاتفاقهم على عدم تكليف بنت السادسة مع إمكان حيضها ووقوعه، فلما لزم فك الارتباط بين الأمرين رجعنا إلى أقرب أدلة الوحي على أول زمن التكليف، وهو حديث الضرب على الصلاة، فجعلناه بداية سن الحيض الحكمي، وقد يسوغ الأخذ بأثر عائشة فهو أرفع ما ورد تصريحًا بهذا الشأن.
(1)
في سؤال وجهته إلى دينيس ستاين (Dennis Styne) رئيس قسم غدد الأطفال بجامعة كاليفورنيا، أفادني بأن أكثر الاختصاصيين يرون فحص الجارية التي تحيض قبل التسعة أعوام وما بين التسعة إلى العشرة «منطقة رمادية» .