الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: رأي الطب في أكثر مدة الحمل
قبل عرض رأي الطب عن أكثر الحمل ينبغي أن نؤكد أن ذكر طبيب أو أطباء لحملٍ جاوزَ كذا وكذا لا عبرة به، لأن الأطباء قد يجري عليهم من الوهم والخطأ ما يجري على غيرهم.
وينبغي أيضًا أن نؤكد أن الخطأ في تحديد أكثر الحمل ليس قاصرًا على أمة دون أخرى، بل إن الغربيين يخطئون كما يخطئ غيرهم.
أردت بيان ذلك لأن البعض قد يتمسك بدعوى أحد الأطباء من هنا أو هناك لم يقم عليها دليل، ويجعلها أساسًا ينطلق منه.
أما ما ذكر عن أكثر مدة للحمل، فقد ذكرت صحيفة التايم الأمريكية لسنة 1942 أن طبيبًا ادعى أن حمل امرأة من مرضاه طال لمدة 375 يومًا، وأنكر الأطباء في زمانه أن يكون ذلك ممكنًا
(1)
.
ونقل صاحب الموسوعة الطبية الفقهية الدكتور الطبيب أحمد كنعان، عن صحيفة المحقق الطبي الأمريكية لعام 1884، أن حملًا قد استمر لمدة خمسة عشر شهرًا وعشرين يومًا. ونقل كذلك عن مجلة تاريخ الأكاديمية الفرنسية أن حادثة حمل دامت 36 شهرًا، ولكنه بين أن هذه الروايات «روايات صحفية لا يمكن الاطمئنان إليها من الوجهة العلمية»
(2)
ثم قال: «ومن النادر أن ينجو من الموت جنين بقي في الرحم 45 أسبوعًا [43 أسبوعا بحساب الفقهاء]، ولاستيعاب النادر والشاذ فإن هذه المدة تحدد أسبوعين
آخرين لتصبح 330 يومًا، ولم يعرف أن مشيمة قدرت أن تمد الجنين بعناصر الحياة لهذه المدة»
(1)
.
وينقل الدكتور يحيى عبد الرحمن الخطيب في كتابه أحكام المرأة الحامل عن الطبيبين أحمد ترعاني ومحيي الدين كحالة، أخصائيي التوليد، أن الحمل لا يمكن أن يجاوز عشرة الأشهر
(2)
.
وأفادت الطبيبة د. نبيهة عبد الجبار، اختصاصية التوليد، أن بعض الإحصائيات تبين أن 25% من الحوامل يلدن في الأسبوع 42 [40 من الجماع] و 12% في الأسبوع 43 و 3% في الأسبوع 44
(3)
.
• وما ذكر الأطباء في ذلك العدد صحيح تؤيده المعارف الطبية الحديثة، فإن هذا العالم الصغير الذي تنتشر فيه الأخبار بسرعة الضوء وتتشابك فيه خزائن معلومات مراكز البحث العلمي في أرجائه كافة، وتتم فيه الملايين من الولادات كل شهر، لم ينقل فيه إلى الآن من جهة موثوقة وبأدلة مقبولة أن حملًا قد زاد على الخمسة والأربعين أسبوعًا [43 من الجماع]، ولو كان ثم لانتشر، فإن دواعي نقل الغريب عند الأطباء ما أكثرها، بل إنهم يحرصون ويجهدون في نقل ما هو دون ذلك من الغرائب بمراحل.
أما زعم بعض الأطباء في سنة 1884 أو 1945 م بوقوع حمل فوق المعهود، فلم يثبتوا
(1)
انظر «الموسوعة الطبية الفقهية» (ص 376).
(2)
«أحكام المرأة الحامل في الشريعة الإسلامية» (ص 106).
(3)
«الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية» ثبت كامل لأعمال الندوة المنعقدة بشعبان 1407 هـ، بحث د/نبيهة عبد الجبار (ص 436). والأسبوع (44) هو (42) من الجماع وهو دون عشرة الأشهر.
بشيء من الأدلة المقبولة ما ذهبوا إيه ولم يصدقهم أهل زمانهم من الأطباء فضلًا عن أن نصدقهم اليوم مع ما آل إليه العلم من تطور، وما صارت إليه المختبرات من الدقة وما توصل إليه من أنواع الأشعة التي تتابع تكوين الجنين وحركاته داخل رحم أمه.
إن الجنين إذا طال حمله عن الأسبوع (41) تبدأ مشيمته بالضمور ويعاني شيئًا فشيئًا من النقص في وصول الغذاء إليه
(1)
. وبعد الأسبوع (42) فإن أكثر الأطباء يحرضون الرحم لبدء الولادة حتى لا يصاب الجنين بمكروه
(2)
.
• إن كلمة الأطباء متفقة على أن الحمل لا يبقى حيًا في رحم الأم بعد الأسبوع الخامس والأربعين من بداية آخر حيضة. أي الثالث والأربعين من الجماع.
وجاء في التوصية السابعة عشر لندوة الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية المنعقدة بتاريخ 20 شعبان 1407 هـ تحت رعاية المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية:
«17 - أقصى مدة الحمل: قرر الأطباء أنه يستمر نماء الحمل منذ التلقيح حتى الميلاد معتمدًا في غذائه على المشيمة والأصل أن مدة الحمل بوجه التقريب مائتان وثمانون يومًا تبدأ من أول أيام الحيضة السوية السابقة للحمل.
فإذا تأخر الميلاد عن ذلك ففي المشيمة بقية رصيد يخدم الجنين بكفاءة لمدة أسبوعين آخرين ثم يعاني الجنين المجاعة من بعد ذلك لدرجة ترفع نسبة وفاة الجنين في الأسبوع الثالث والأربعين والرابع والأربعين ومن النادر أن ينجو من الموت جنين بقي في الرحم خمسة وأربعين أسبوعًا.
(1)
Gabbe: Obstetrics: Normal and Problem Pregnancies [Book] /auth.Divon Michael Y .. - Philadelphia: Churchill Livingstone an imprint of Elsevier، 2007. - 5.
(2)
انظر «الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية» ثبت كامل لأعمال الندوة المنعقدة بشعبان 1407 هـ (ص 437)، والمصدر السابق.
ولاستيعاب النادر والشاذ تمد هذه المدة اعتبارًا من أسبوعين آخرين لتصبح ثلاثمائة وثلاثين يومًا ولم يعرف أن مشيمة قدرت أن تمد الجنين بعناصر الحياة لهذه المدة. (وقد توسع القانون في الاحتياط مستندًا إلى بعض الآراء الفقهية بجانب الرأي العلمي فجعل أقصى مدة الحمل سنة)»
(1)
.
* * *
(1)
«الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية» ثبت كامل لأعمال الندوة المنعقدة بشعبان 1407 هـ (ص 759).