الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأذن:
اختلف الفقهاء رحمهم الله في كون الإقطار في الأذن مُفْطِرًا.
أولًا: السادة الحنفية:
وقع عندهم الخلاف، فرجح المَرْغِينانِيّ رحمه الله أن الإقطار بالماء ونحوه لا يُفْطِر بينما يُفْطِر دخول الدُّهْن
(1)
بينما رجح الكَاسَانِيّ أنه يُفْطِر بإدخال الماء وغيره
(2)
واتفقوا على أن دخول الماء دون الإدخال لا يُفْطِر كما اتفقوا على أن دخول وإدخال الدُّهْن يُفْطِر.
ثانيًا: السادة المالكية:
ذهبوا إلى حصول الإفطار بالتقطير في الأذن إذا وصل المائع إلى الحلق فقال الشيخ عُلَيْش رحمه الله: «والمذهب أن المائع الواصل للحلق مُفْطِر ولو لم يجاوزه إن وصل من الفم بل وإن وصل من أنف وأذن وعين نهارًا، فإن تحقق عدم وصوله للحلق من هذه المنافذ فلا شيء عليه»
(3)
.
ثالثًا: السادة الشافعية:
وقع عندهم الخلاف في الإفطار بالتقطير في الأذن، ذكر النَّوَوِيّ رحمه الله الوجهين في «المَجْمُوع» وصحح التفطير
(4)
.
(1)
«الهِدَايَة شَرْحُ البِدَايَة» للمَرْغِينانِيّ (1/ 125).
(2)
«بَدَائع الصَّنَائع» للكَاسَانِيّ (2/ 93).
(3)
«مِنَح الجَلِيل» للشيخ عُلَيش (2/ 131).
(4)
«المَجْمُوع» للنَّوَوِيّ (6/ 322).
رابعًا: السادة الحنابلة:
المعتمد عندهم حصول الفطر إذا قطر في أذنه ما وصل إلى دماغه
(1)
.
خامسًا: السادة الظاهرية واختيار الإمام ابن تَيمِيَّة رحمه الله:
ذهب الظاهرية إلى عدم حصول الفطر بالتقطير في الأذن
(2)
، واختاره من الحنابلة الشيخ تقي الدين رحمه الله
(3)
.
* أما الفريق الذي فطر بالتقطير، فمعتمدهم أن الأذن منفذ إلى الدِّمَاغ أو الحلق - عند المالكية - وقاسوا الإفطار به على الإفطار باستنشاق الماء.
* أما من ذهب إلى عدم التفطير، فمعتمدهم أن ما يصل إلى الدِّمَاغ أو الحلق من الأذن إنما يصل رشحًا، وأنه لا منفذ بين الأذن والدِّمَاغ، وأن القياس على الاستنشاق لا يستقيم، فإنما يكون القياس بجامع العلة، وليست ثمة علة منضبطة مؤثرة تجمع بين الأمرين، إذ إن دخول الماء للحلق عن طريق الأنف يعرفه الخاص والعام ويحصل التغذي به ويهبط إلى المَعِدَة فينطبخ فيها بخلاف التقطير في الأذن. وقد يكون القياس بإلغاء الفارق، وهو هنا متعذر، بل الفارق ظاهر بين الأمرين يدركه كل من جربهما. وقياس الشبه مختلف فيه، وإن ساغ استعماله للاعتضاد أو الترجيح، فدلالته ضعيفة وليس ههنا شبه ظاهر.
ومن خالف في الأصل كالظاهرية
(4)
، فله أن يدفع بأنه قياس في محل الخلاف.
(1)
«مَطَالِب أُولي النُّهَى» للرَّحِيباني (الرُّحَيباني)(2/ 191)، «المُغْنِي» لابن قُدامة (3/ 16).
(2)
«المُحَلى» لابن حَزْم (6/ 203).
(3)
«مَجْمُوع الفَتَاوَى» لابن تَيمِيَّة (25/ 233).
(4)
هم لا يعملون بالقياس أصلًا، ولكن خلافهم رحمهم الله في هذا الأصل لا يعتبر عند الجمهور.
• أثر تطور المعارف الطبية على هذه المسألة.
كما ظهر من المقدمة الطبية، فإن الأذن ليست منفذًا إلى داخل الدِّمَاغ وإنما تصل الأذن الوسطى بالبُلْعُوم الأنفي قناة استاكيوس ولا تصل القطرة إلى الأذن الوسطى إلا إذا انخرمت طبلة الأذن، فيصل عندها اليسير منها إليها، ثم اليسير من ذلك إلى البُلْعُوم الأنفي بعد أن يكون الأكثر امتص في الأذن الوسطى وقناة استاكيوس فما وصل إلى المَرِيء ثم المَعِدَة لا يعد شيئًا يذكر.
الذي يظهر إذًا أن التقطير في الأذن لا يشابه الأكل والشرب لا في الصورة ولا في المعنى، فيترجح قول من قال بعدم حصول الفطر به. وإلى هذا ذهب المجمع الفقهي التابع لمنظمة العالم الإسلامي في قراره بشأن المُفْطِرات في مجال التداوي
(1)
.
* * *
(1)
«قرار» (1/ 15)، بتاريخ 23 - 28 صفر 1418 هـ.