الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك، فإن ركوبها مكروه عند الجمهور وفي ذلك قال النَّوَوِيّ رحمه الله:«قال أصحابنا: ويكره الركوب عليها إذا لم يكن بينها وبين الراكب حائل»
(1)
. وقال ابن قُدامة رحمه الله: «ويكره ركوب الجلالة، وهو قول عمر وابنه وأصحاب الرأي لحديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ركوبها ولأنها ربما عرقت فتلوث بعرقها»
(2)
.
وزاد بعضهم فذهب إلى عدم حل الانتفاع بها في شيء حتى نقل صاحب البدائع عن بعض الحنفية أنه لا يحل الانتفاع بها في العمل وغيره
(3)
.
عرض الأقوال:
قول السادة الحنفية رحمهم الله:
قال السَّرَخْسِيّ رحمه الله: «وتكره لحوم الإبل الجلالة والعمل عليها»
(4)
.
وقال الكَاسَانِيّ رحمه الله: «
…
وما روي [أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن أن يحج عليها وأن يعتمر عليها وأن يغزى وأن ينتفع بها فيما سوى ذلك] فذلك محمول على أنها أنتنت في نفسها فيمتنع من استعمالها حتى لا يتأذى الناس بنتنها كذا ذكره القدوري رحمه الله في شرحه «مختصر الكرخي» ، وذكر القاضي في شرحه «مختصر الطَّحَاوِيّ» أنه لا يحل الانتفاع بها من العمل وغيره إلا أن تحبس أياما وتعلف فحينئذ تحل .. »
(5)
.
(1)
«المَجْمُوع» للنَّوَوِيّ (9/ 31).
(2)
«المُغْنِي» لابن قُدامة (9/ 330).
(3)
«بَدَائع الصَّنَائع» للكَاسَانِيّ (5/ 41).
(4)
«المَبسُوط» للسَّرَخْسِيِّ (11/ 256).
(5)
«بَدَائع الصَّنَائع» للكَاسَانِيّ (5/ 41).
قول السادة المالكية رحمهم الله:
(1)
. لكن قال ابن رُشْد رحمه الله: «إن مالكًا كره الجلالة»
(2)
.
قول السادة الشافعية رحمهم الله:
قال النَّوَوِيّ رحمه الله: «
…
وإذا تغير لحم الجلالة فهو مكروه بلا خلاف، وهل هي كراهة تنزيه أو تحريم فيه وجهان مشهوران في طريقة الخراسانيين أصحهما عند الجمهور وبه قطع المصنف وجمهور العراقيين وصححه الرُّويَانِيّ وغيره من المعتمدين: أنه كراهة تنزيه قال الرَّافِعِيّ: صححه الأكثرون والثاني: كراهة تحريم قاله أبو إسحاق المَرْوَزِيّ والقَفَّال وصححه الإمام والغَزالِيّ والبَغَوِيّ. وقيل: هذا الخلاف فيما إذا وجدت رائحة النجاسة بتمامها أو قربت الرائحة من الرائحة فإن قلت الرائحة الموجودة لم تضر قطعا .. وكما منع لحمها يمنع لبنها وبيضها، للحديث الصحيح في لبنها، قال أصحابنا: ويكره الركوب عليها إذا لم يكن بينها وبين الراكب حائل»
(3)
.
قال ابن حَجَر رحمه الله: «وقد أطلق الشافعية كراهة أكل الجلالة إذا تغير لحمها بأكل النجاسة، وفي وجه: إذا أكثرت من ذلك. ورجح أكثرهم أنها كراهة تنزيه .. وذهب جماعة من الشافعية وهو قول الحنابلة إلى أن النهي للتحريم، وبه جزم ابن دقيق العيد
(1)
«مَوَاهِب الجَلِيل» للحَطَّاب (3/ 229).
(2)
«المَوْسُوعَة الفِقْهِيَّة» (5/ 150).
(3)
«المَجْمُوع» للنَّوَوِيّ (9/ 31).
عن الفقهاء، وهو الذي صححه أبو إسحاق المَرْوَزِيّ والقَفَّال وإمام الحرمين والبَغَوِيّ والغَزاليّ وألحقوا بلبنِها ولحمِها بيضَها وفي معنى الجلالة ما يتغذى بالنجس كالشاة ترضع من كلبة»
(1)
.
قول السادة الحنابلة رحمهم الله:
قال ابن قُدامة رحمه الله: «قال أحمد: أكره لحوم الجلالة وألبانها. قال القاضي
(2)
في «المجرد» : هي التي تأكل القذر، فإذا كان أكثر علفها النجاسة، حرم لحمها ولبنها، وفي بيضها روايتان. وإن كان أكثر علفها الطاهر، لم يحرم أكلها ولا لبنها. وقال ابن أبي موسى
(3)
: في الجلالة روايتان؛ إحداهما: أنها محرمة. والثانية: أنها مكروهة غير محرمة. وهذا قول الشافعي. ورخص الحسن في لحومها وألبانها؛ لأن الحيوانات لا تنجس بأكل النجاسات، بدليل أن شارب الخمر لا يحكم بتنجيس أعضائه، والكافر الذي يأكل الخنزير والمحرمات، لا يكون ظاهره نجسا، ولو نجس لما طهر بالإسلام، ولا
(1)
«فَتْح البَارِي» لابن حَجَر (9/ 648).
(2)
هو: أبو يَعْلَى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفَرَّاء، القاضي، عالم عصره في الأصول والفُرُوع وأنواع الفنون، له تصانيف كثيرة، منها:«الكفاية في أصول الفقه» ، و «أحْكَام القُرآن» ، و «العدة في أصول الفقه» ، و «المجرد» فقه على مذهب الإمام أحمد، وغير ذلك، وكان شيخ الحنابلة. راجع ترجمته في:«تاريخ بغداد» (2/ 256)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (18/ 89)، «المَقْصد الأرْشَد» (2/ 395).
(3)
هو: أبو علي محمد بن أحمد بن أبي موسى الهاشمي، قاض من علماء الحنابلة، من أهل بغداد مولدًا ووفاة، ولد سنة 345 هـ، وكان أثيرًا عند القادر بالله والقائم بأمر الله العباسيين، له حلقة في جامع المنصور، توفي سنة 428 هـ، وصنف كتبًا منها:«الإرشاد» فقه و «شرح كتاب الخرقي» . راجع ترجمته في: «طَبَقَات الفُقَهَاء» (1/ 174)، «المَقْصد الأرْشَد» (2/ 342)، «شَذَرَات الذَّهَب» (2/ 238).