الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: أقوال السادة الفقهاء
لقد اتفق السادة الفقهاء رحمهم الله على أن أقل الحمل ستة أشهر، وبذلك قال الحنفية
(1)
والمالكية
(2)
والشافعية
(3)
والحنابلة
(4)
والظاهرية
(5)
ونقل غير واحد عليه الاتفاق
(6)
.
* ودليلهم على هذا:
1 -
قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15].
وقوله: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233].
قال الماوَرْدِيّ رحمه الله: «فأما مدة أقل الحمل الذي يعيش بعد الولادة فستة أشهر استنباطا من نص وانعقادا من إجماع واعتبارا بوجود. أما استنباط النص، فقول الله {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} ، فجعلها مدة للحمل ولفصال الرضاع، ولا تخلو هذه المدة من أربعة أحوال: إما أن تكون جامعة لأقلهما أو لأكثرهما أو لأكثر الحمل وأقل الرضاع أو لأقل الحمل وأكثر الرضاع. فلم يجز أن تكون جامعة لأقلهما، لأن أقل
(1)
«المَبسُوط» للسَّرَخْسِيِّ (30/ 51)؛ و «فَتْح القَدِير» لابن الهُمَام (4/ 359).
(2)
«مَوَاهِب الجَلِيل» للحَطَّاب (6/ 411)؛ و «الاسْتِذْكَار» لابن عبد البَرّ (7/ 173).
(3)
«الأُمّ» للشافعي (5/ 234)؛ و «تُحْفَة المُحْتاج» للهَيتَمِيّ (6/ 423).
(4)
«مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح» (1/ 289)؛ و «كشَّاف القِنَاع» للبُهُوتِيِّ (4/ 356)؛ و «مطالب أولي النهي» للرَّحِيباني (الرُّحَيباني)(4/ 628).
(5)
«المُحَلَّى» لابن حَزْم (10/ 315).
(6)
انظر المصادر السابقة؛ و «الحاوي الكبير» للماوَرْدِيّ (11/ 204)، و «مَجْمُوع الفَتَاوَى» لابن تَيمِيَّة (34/ 10)؛ و «تُحْفَة المَوْدُود» لابن القَيِّم (ص 265)؛ و «المَوْسُوعَة الفِقْهِيَّة» (3/ 65).
الرضاع غير محدد؛ ولم يجز أن تكون جامعة لأكثرهما لزيادتهما على هذه المدة؛ ولم يجز أن تكون جامعة لأكثر الحمل وأقل الرضاع لأن أقله غير محدد؛ فلم يبق إلا أنها جامعة لأقل الحمل وأكثر الرضاع ثم ثبت أن أكثر الرضاع حولان لقول الله {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} فعلم أن الباقي وهو ستة أشهر مدة أقل الحمل»
(1)
.
2 -
الإجماع.
(2)
.
(3)
.
(1)
«الحاوي الكبير» للماوَرْدِيّ (11/ 204).
(2)
«الحاوي الكبير» للماوَرْدِيّ (11/ 204 - 205).
(3)
«تُحْفَة المَوْدُود» لابن القَيِّم (ص 265).
3 -
الآثار عن عمر وعلي وعثمان وابن عباس.
فقد روى البَيْهَقِيّ عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي «أن عمر رضي الله عنه أتي بامرأة قد ولدت لستة أشهر فهم برجمها فبلغ ذلك عليا رضي الله عنه فقال ليس عليها رجم فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فأرسل إليه فسأله فقال قال الله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233]، وقال {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15]، فستة أشهر حمله وحولان تمام الرضاعة لا حد عليها أو قال لا رجم عليها قال فخلى عنها»
(1)
.
(2)
.
وصحح الحافظ رحمه الله الحديث من رواية ابن وَهْب وذكر اختلافهم فيمن وقعت له الحادثة بين عمر وعثمان ومن ناظره بين علي وابن عباس رضي الله عن الجميع
(3)
.
(1)
«سُنَن البَيْهَقِيّ الكُبْرَى» كتاب العدد، باب ما جاء في أقل الحمل (7/ 442).
(2)
«سُنَن سعيد بن منصور» (2/ 93).
(3)
انظر «تَلْخِيص الحَبِير» لابن حَجَر (3/ 219).
4 -
الوجود.
فقد جاء أن عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي قد ولد لستة أشهر
(1)
.
وقال الماوَرْدِيّ رحمه الله: «وأما اعتبار الوجود فما حكي أن الحسين بن علي عليهما السلام ولد بعد ستة أشهر من ولادة أخيه الحسن رضوان الله عليهما»
(2)
.
(1)
انظر «تاريخ الخلفاء» للسُّيُوطِيّ (1/ 215)؛ و «تاريخ الإسلام» للذَّهَبِيّ (6/ 142).
(2)
«الحاوي الكبير» للماوَرْدِيّ (11/ 204 - 205).