الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
مقدمة طبية:
ومن جهة الطب فإن هذا ما يحصل للمرأة في دورتها الشهرية.
يقرر أكثر الأطباء أن متوسط الدورة الشهرية (28) يومًا، ونحن سنبين أن الأصل في فطرة الإنسان كونها تأتي مرة كل شهر قمري
(1)
.
ويقسم الأطباء الدورة إلى مرحلتين: ما قبل التبويض
(2)
، وما بعد التبويض.
(1)
حيض - (7) نمو بطانة الرحم - (14) التبويض - تسارع في نمو البطانة ثم تباطؤ - (30) حيض
(1)
أول يوم من أيام نزول الدم.
(7)
اليوم السابع لنزول الدم وهو أقصى الحيض في العادة، وبعدها يبدأ جدار الرحم في النمو.
(14)
اليوم الرابع عشر من أول يوم لنزول الدم هو في العادة يوم التبويض، والذي لو صادفه الجماع أو كان قبله أو بعده بيومين، يرجى حصول الإخصاب. (30) اليوم الثلاثون أو الواحد والثلاثون (على اعتبار الدورة شهرًا)، وفيه يبدأ الحيض الجديد بتساقط بطانة الرحم التي لم تأتها هرمونات محفزة لعدم حصول الإخصاب.
في الرسم أعلاه توضيح للدورة المنتظمة، ولو بدأنا من الحيض لقلنا إن جدار الرحم بعدما يتم نموه، ولا تأتيه إشارة هرمونية بوقوع الحمل، يبدأ تدفق الدم إليه يقل، وفي خلال يومين أو ثلاثة ما بين (27 - 29) يقل التدفق لدرجة تؤدي إلى بداية تساقط بطانة جدار الرحم
(3)
في اليوم الثلاثين أو الواحد والثلاثين.
(1)
انظر كلامنا عن مدة الدورة الحيضية.
(2)
Ovulation
(3)
Endometrium
مرحلة الحيض:
تمتد مرحلة الحيض ما بين ثلاثة أيام إلى سبعة في المعتاد، وفيها تتساقط بطانة جدار الرحم فيما يعرف بالحيض، وهو دم مختلط بأنسجة هذه البطانة، وهو لا يتجلط إذا خرج لأنه قد سبق له التجلط وذوبان الجلطة داخل الرحم.
المرحلة التشعبية
(1)
:
وتبدأ بعد انتهاء الحيض وتمتد إلى التبويض الذي يقع في اليوم الرابع أو الخامس عشر من الدورة.
وفي هذه المرحلة تنضَج الحويصلة المِبْيَضية وتفرز هرمون الأنوثة
(2)
الذي يشجع بطانة الرحم على النمو، تهيئةً للرحم لاستقبال البُيَيْضَة الملقحة وحصول الحمل.
التبويض
(3)
:
تخرج البُيَيْضَة
(4)
من الحويصلة في اليوم الرابع عشر أو الخامس عشر، فإن تم تلقيحها بحيوان منوي وانغراس اللقيحة
(5)
في جدار الرحم حصل الحمل، وإلا ماتت البُيَيْضَة في خلال يوم واحد.
(1)
Proliferative Phase
(2)
Dominant Ovarian Follicle
(3)
Ovulation
(4)
Ovum
(5)
Fertilized Ovum
المرحلة الإفرازية
(1)
:
بعد خروج البُيَيْضَة من الحويصلة المِبْيَضية يستمر إفراز هرمون الأنوثة (الإستروجين) مما يسمى الآن بالجسم الأصفر
(2)
، وهو الحويصلة بعد مغادرة البُيَيْضَة لها ويزداد على هرمون الأنوثة هرمون آخر وهو البروجيستيرون
(3)
، وهو يؤدي إلى زيادة إفرازات الغدد في بطانة الرحم ويجعلها منتفخة ومتعرجة وكل ذلك لمصلحة المشيمة والحمل. ويبقى إفراز هرمون البروجيستيرون حتى اليوم السابع والعشرين من الدورة وبعدها، فإن لم يكن حصل حمل يتوقف عن الإفراز وتبدأ بطانة الرحم في المعاناة من قلة تدفق الدم لها بسبب نقص الهرمونات، ومن ثم تبدأ هذه البطانة في التساقط في اليوم الثلاثين أو الواحد والثلاثين، وبذلك تبدأ فترة حيضية
(4)
جديدة.
إن هذه المراحل المختلفة تستغرق أوقاتًا تتفاوت بين امرأة وأخرى، وإن ما ذكرناه هو المتوسط أو الأغلب في النساء، واخترنا أن مدة الدورة تسعة وعشرون يومًا أو ثلاثون موافقةً للحديث، وسنبين في مبحث مدة الدورة الحيضية أنه الموافق للفطرة كذلك.
أما المرحلة الحيضية فإنها تستمر في الأغلب ما بين ثلاثة إلى سبعة أيام
(5)
، وقد يقل الحيض فيكون دَفعة واحدة أو يزيد فيستمر من غير تحديد لأكثره عند الأطباء
(6)
، إلا
(1)
Secretory Phase
(2)
Corpus Luteum
(3)
Progesterone
(4)
Menstrual Phase
(5)
Goodman، Annekathryn.Definition Of Abnormal Uterine Bleeding.In: UpToDate، Rose، BD (Ed)، UpToDate، Waltham، MA، 2007.
(6)
انظر مبحَثَي أقل الحيض وأكثره.
أنهم يجعلون الزيادة فوق سبعة أيام مرضية ويتفقون على كونها مرضية وتستدعي الفحص إذا كانت فوق عشرة أيام
(1)
.
أما المرحلة التشعبية، وهي ما بين الحيض إلى التبويض، فتتفاوت بين النساء، فإذا انضم لها زمن الحيض فتكون نصف شهر في الأغلب. ولكن التفاوت في هذه المرحلة الأولى، وهي مرحلة ما قبل التبويض، كثير جدًّا، فقد تقل إلى يوم أو اثنين وتزيد لتكون قريبة من الشهر، وهذا بخلاف مرحلة ما بعد التبويض وهي ثابتة حول الأسبوعين كما يقرر الأطباء مع زيادة يوم أو نقصانه. وقد تحصل على وجه الندرة زيادة فوق اليوم أو نقصان
(2)
. ولعل هذا يبين صواب من قال من فقهائنا إن أقل الطهر 15 يومًا (14 إفرازية +1 تشعبية).
يتبين لنا من الكلام عن الدورة الحيضية أن الدم الذي يخرج من رحم المرأة في الحيض إنما هو دم مختلط بأنسجة بطانة الرحم، وهذا الذي يؤدي إلى اختلافه عن الدم العادي أو دم الاستحاضة.
ومن هذه الخلافات أنه:
• ثخين، وهو متوقع لاختلاطه بالأنسجة.
• وأسود متخثر، وهو متوقع لنفس السبب ولبقائه فترة داخل الرحم قبل الخروج.
• ولا يتجلط إذا خرج، وذلك لأنه تجلط داخل الرحم وذابت الجلطة بالفعل.
(1)
Goodman، Annekathryn.Definition Of Abnormal Uterine Bleeding.In: UpToDate، Rose، BD (Ed)، UpToDate، Waltham، MA، 2007.
(2)
De Silva، Nirupama K & Zurawin، Robert K.Definition and evaluation of abnormal uterine bleeding in adolescents.In: UpToDate، Rose، BD (Ed)، UpToDate، Waltham، MA، 2007.
• وله رائحة منتنة، للأسباب السابقة.
• ويكون، في الأغلب، ما بين العشرين إلى الثمانين مليلترًا في فترة الحيض كلها.
وإنك تجد مصداق هذا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ دَمَ الحَيضِ أسْوَد يُعرَفُ (أو يَعْرِفُ)»
(1)
. وضُبِطت (يعرف) بضم الياء أي معروف للنساء وبفتحها مع كسر الراء أي له رائحة.
أما دم الاستحاضة، فإن تعريف الاستحاضة هو خروج الدم في غير وقته، وهذا الدم الذي يخرج في غير وقته قد يكون في صفته موافقًا للدم العادي الطبيعي، فيكون أحمر رقيقًا يتجلط عند خروجه، وهذا عندما يكون سبب الاستحاضة نزيفًا من عروق، كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حُبَيْش:«إنما ذَلِك عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالحَيْضَةِ، فإذا أَقْبَلَتْ الحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلاةَ، فإذا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلي»
(2)
.
ولكن الدم قد يكون في صفته موافقًا لدم الحيض، ويكون في حكمه استحاضةً، لتجاوزه قدر الحيض أو بقائه من غير انقطاع. ولذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرد كل النساء إلى التمييز، بل رد بعضهن إليه والبعض إلى العادة وأخريات إلى أغلب عادة النساء، ولو كان كل دم استحاضة متميزًا عن دم الحيض لردهن جميعًا إلى التمييز، سواءٌ ميزت بنفسها أو ساعدتها في ذلك إحدى قريباتها من النساء الخبيرات.
• إن أسباب سيلان الدم لفترات طويلة كثيرة؛ منها: اضطرابات الهرمونات التي تؤدي إلى تساقط بطانة الرحم، فيكون الدم غير متميز عن دم الحيض؛ ومنها: الأورام الليفية؛ وأمراض عدم تجلط الدم، وفي هذه الحالات، يكون دم الاستحاضة مخالفًا في صفته لدم الحيض وأقرب إلى دم العِرق.
(1)
«السُّنَن الكُبْرَى» للنَّسَائيّ، كتاب الطهارة، باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة (1/ 113).
(2)
«صَحِيح البُخَارِيّ» كتاب الحيض، باب الاستحاضة (1/ 117)، «صَحِيح مُسْلِم» كتاب الحيض، باب المستحاضة (1/ 262).
• ومن الأمور الطبية المهم معرفتها للمفتي، الأعراض المصاحبة للحيض، فإن معرفة النساء لهذه الأعراض تساعدهن في تمييز الحيض من الاستحاضة، أو تمييز بداية الدورة الحيضية.
وهذه الأعراض تشمَل
(1)
:
1 -
آلام وتقلصات بالبطن والظهر.
2 -
انتفاخ بالأثداء.
3 -
توتر في الأعصاب، وربما اكتئاب.
4 -
الصداع.
5 -
ضعف الرغبة الجنسية.
6 -
انخفاض درجة حرارة الجسم بدرجة مئوية كاملة.
وفي التفريق بين الحيض والاستحاضة قيل:
باللون والريح وبالتألُّم
…
ورقة وغلظة مَيْز الدم
إنه بالإضافة إلى هذه الأعراض، فإن الطب الحديث يستطيع - عند تيسره - المساعدة في تمييز المراحل المختلفة للدورة الحيضية عبر قياس الهرمونات في الدم
(2)
.
• إن استخدام هذه التقنيات - عند تيسرها - من شأنه أن يرفع الالتباس في كثير من هذه الحالات التي يصعب فيها على المرأة تمييز الحيض من الاستحاضة، أو تمييز بداية الحيض إن كانت ممن يحيض أيامًا ويطهر أيامًا.
(1)
انظر «خلق الإنسان بين الطب والقرآن» للبار (ص 135).
(2)
انظر «المرجع في الفزيولوجيا الطبية» (ص 929).
• إن الطب الحديث يستطيع أن يرسِم للمرأة خريطة بدورتها الحيضية عن طريق الأعراض المختلفة لبداية الحيض ودرجة حرارة الجسم التي تقل مع بداية الحيض وتزيد مع التبويض وكذلك الهرمونات التي تختلف مقاديرها في الدم حسب المرحلة التي تمر بها المرأة من دورتها الحيضية.
[3]
رسم توضيحي للتغيرات الهرمونية المصاحبة للحيض
ولكن الطب - كما سنبين في أكثر الحيض - لا يستطيع أن يفرق دائمًا بين الحيض والاستحاضة، لأن دم الاستحاضة قد يكون كدم الحيض في بعض الأحوال، وإن اعتبره الأطباء مرضيًّا؛ والفقهاء خارجًا عن العادة، ولا تترتب عليه أحكام الحيض.
* * *