الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أدلة ثبوت النسب في الإسلام
اعتنى الإسلام عناية عظيمة بحقوق الأولاد ومنها صيانة النسب بل جعل الفقهاء حفظ النسل والعِرض من الضروريات كما تقدم في مباحث عدة.
والإسلام حريص على إثبات نسب كل مولود وجعل لثبوت النسب أدلة اتفق الفقهاء على أكثرها وهي الفراش
(1)
والبينة
(2)
والإقرار
(3)
والاستفاضة
(4)
- على بعض خلافٍ في التفاصيل.
(1)
الفراش: هو قيام حالة الزوجية، وهو سبب لثبوت النسب، وهو مظنة الوطء الذي يحصل به الولد، وقام عند الفقهاء مقام الوطء الحقيقي؛ لأن العلاقة بين الزوجين قائمة على الستر. قال الشيخ أبو زَهْرَة في «الأحوال الشخصية»:«أما العقد الصحيح فقد اتفق الفقهاء على أنه السبب في ثبوت النسب للولد الذي يولد في أثناء قيام الزوجية ولكنهم اختلفوا في اشتراط الدخول أو إمكان الدخول» «الأحوال الشخصية» لأبي زَهْرَة (ص 386 - 387). ومن الفراش، نكاح الأمة والنكاح الفاسد والوطء بشبهة حل المحل - كمن وطئ أمة ابنه - وكذلك بشبهة حل الفعل - كمن وطئ امرأة يظنها امرأته - عند الجمهور خلافًا للأحناف، وبشبهة حل العقد - كمن وطئ خالته بعد عقده عليها - عند الأحناف خلافًا للجمهور.
(2)
البينة: هي شهادة رجلين أو رجل وامرأتين أن فلانًا ابن فلان؛ وتقبل في الولادة شهادة امرأة واحدة مرضية عند الأكثرين. انظر «المُبْدِع» (8/ 87)، انظر الخلاف بين أبي حنيفة الراد لشهادتها وصاحبيه في «الهِدَايَة شَرْحُ البِدَايَة» (2/ 35).
(3)
الإقرار: اعتراف الأب بأبوة الولد، أو بعض الورثة أو جميعهم بأنه أخوهم من أبيهم. انظر «بدائع الصنائع» للكَاسَانِيّ (6/ 242)، «شَرح مُخْتَصَر خَلِيل» للخَرَشِيِّ (6/ 100)، «حَاشِيَة الدُّسُوقِيّ» (3/ 412)، «الأحوال الشخصية» لأبي زَهْرَة (ص 395).
(4)
الاستفاضة: هي انتشار العلم بين الناس أن فلانًا ابن فلان. انظر «فَتْح البَارِي» (5/ 254)، «الإنْصَاف» للمِرداوِيِّ (12/ 12)، «تَبْصِرَة الحُكَّام» لابن فَرْحُون (1/ 299).
ثم إن الفقهاء اختلفوا في اعتماد القِيافة
(1)
في إثبات النسب عند الاستلحاق والتنازع، فأنكرها الحنفية وعمل بها الجمهور.
فمثلًا عند التنازع في نسبة ولد - كأن يكون رجلان وطئا امرأةً في طهر واحد بشبهة - ذهب الجمهور إلى العمل بالقيافة وذهب الحنفية إلى نسبته إليهما جميعًا
(2)
.
ثم إن الجمهور لا يقفون عند العمل بالقيافة فحسب، فإنه عند العجز عن تحديد النسب بالقيافة يلجؤون إلى الإقراع أو تخيير الولد إذا كان بالغًا
(3)
.
ملحوظة: القيافة والإقراع يلجأ إليهما عند التنازع وليسا أدلة على ثبوت النسب ابتداءً كباقي الأدلة.
والناظر في هذه الأدلة يرى أنها ليست كلها توقيفية بنص صريح، ولكن المقصود منها حصول غلبة الظن أن فلانًا ابن فلان، فإن أيًّا من هذه الأدلة لا يفيد اليقين، والعمل بها هو الحق، لأنها تفيد غلبة الظن مع تعذر حصول اليقين، والعقل يقتضي العمل بذلك وجاء الشرع بإقراره.
* * *
(1)
القيافة: معرفة النسب بالشبه، والكلام هنا على قيافة البشر وهناك قيافة الأثر.
في «أبجد العلوم» : «وقيافة البشر -وهي المرادة ههنا- وهو علم باحث عن كيفية الاستدلال بهيئات أعضاء الشخصين على المشاركة والاتحاد بينهما في النسب والولادة في سائر أحوالهما وأخلاقهما
…
وحصول هذا العلم بالحدس والتخمين، لا بالاستدلال واليقين، والله سبحانه وتعالى أعلم» «أبجد العلوم» (2/ 436).
(2)
انظر «شَرح فَتْح القَدِير» لابن الهُمَام (5/ 50)، «الوَسِيط» للغَزالِيّ (7/ 455).
(3)
انظر «الوَسِيط» للغَزالِيّ (7/ 455 - 456).