الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: رأي الطب
• مما لا شك فيه أن رأي الطب قد تغير في السنوات الماضية نتيجة لتطور الصناعة الطبية في باب إنعاش المولودين الخُدَّج.
ولكن قبل أن أعرض لهذا التغير، لابد أن أشير إلى وقوع لَبْس وخطأٍ عندما ينقل بعض الفقهاء رأي الطب بشأن مدة الحمل، وذلك لأن الأطباء يحسبون - إلا أن يذكروا خلاف ذلك - المدة من بداية آخر حيضة
(1)
، بينما الفقهاء معنيون بالمدة من وقت الجماع وهو وقت الإخصاب
(2)
، أو قبله بيوم أو اثنين. إن هذا يؤدي إلى فرق كبير في المصطلح بين الفقهاء والأطباء، فعندما يقول الطبيب إن أدنى مدة للحمل مثلًا أربعة وعشرون أسبوعًا (24) فإن هذا يعني اثنين وعشرين أسبوعًا (22) من الإخصاب؛ أي دون ستة الأشهر بكثير.
إن ستة الأشهر من وقت الجماع تساوي سبعة وعشرين أسبوعًا (27) من بداية آخر حيضة للمرأة، وهذا هو ما جرت عادة الأطباء على استعماله.
ولذلك فإنه تلزم مراجعة ما جاء في توصيات ندوة الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية من قولهم - حفظهم الله:
(3)
.
(1)
Gestationel age.
(2)
Gonceptional age.
(3)
«الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية» بحث د/ نبيهة عبد الجبار (ص 759).
إن هذه الأسابيع الأربعة والعشرين التي يتكلم عنها الأطباء إنما هي من وقت بداية آخر حيضة، أي أنها اثنان وعشرون أسبوعًا من زمن الجماع أو الإخصاب، وعليه فهي أربعة وخمسون ومائة يوم (154). بينما ستة الأشهر هي تقريبًا سبعة وسبعون ومائة يوم (177)، فلا تطابق إذًا.
إن الطب قد مر بمراحل عدة فإلى وقت غير بعيد كان الأطباء لا يرون أن المولود لدون سبعة أشهر (ستة ونصف من الإخصاب) يمكن أن يعيش، يقول الدكتور الطبيب/ عبد الله باسلامة:
(1)
.
قلت: الكلام غير متفق، فليست الأيام التسعة والستون والمائة هي ستة الأشهر، بل لا يمكن أن تكون ستة الأشهر دون خمسة وسبعين ومائة يوم.
وتقول الدكتورة الطبيبة نبيهة عبد الجبار: «إذا حدثت الولادة قبل الشهر السابع يكون ذلك إجهاضًا ولكن في بعض المراكز المتخصصة لرعاية الأطفال الخدج يمكن المحافظة والعناية على الأطفال الخدج حتى ولو كانوا في ستة شهور أو وزنهم 800 جم أو أكثر
(2)
. أما في الكويت فلم يتيسر بعد مثل هذه المراكز»
(3)
.
(1)
انظر «أحكام المرأة الحامل وحملها» للدكتور عبد الرشيد قاسم (ص 109).
(2)
باشر الباحث رعاية خدج وزنهم دون الخمسمائة جرام.
(3)
«الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية» بحث د/نبيهة عبد الجبار (ص 438).
ولا أدري إذا كانت الدكتورة الطبيبة تعني ستة أشهر باصطلاح الفقهاء (أي من الإخصاب) أو الأطباء (أي من بداية آخر حيضة)، والأقرب أنها تستخدم اصطلاح الأطباء، ومن ثم فإن ستة الأشهر هي خمسة ونصف من وقت الجماع أو الإخصاب.
ونقل الدكتور يحيى عبد الرحمن الخطيب في رسالته للماجستير عن الدكتور محيي الدين كحالة قوله إن أقل مدة للحمل يمكن أن يولد فيها المولود تام الخلقة هي ستة أشهر وإن الطفل يحتاج إلى حاضنة خاصة لكي يتمكن من العيش بعد إذن الله
(1)
.
ويقول الدكتور أحمد كنعان عن أقصر مدة للحمل: «قد يلفظ الرحم الجنين في أية مرحلة من مراحل الحمل فيسمى سقطًا إن لم يكن الجنين قد بلغ من العمر 24 أسبوعًا، ولم يبلغ من النضج ما يتبع له الاستمرار بالحياة»
(2)
.
وإننا لو توقفنا عند قول الأطباء إن أقصر مدة للحمل هي أربعة وعشرون أسبوعًا (24) أي اثنان وعشرون أسبوعًا (22) من الإخصاب، لكان ذلك أربعة وخمسين ومائة يوم (154)، وهو غير ستة الأشهر، التي هي سبعة وسبعون ومائة يوم (177) تقريبًا.
ولكن ليس الأمر يقف عند هذا الحد، ولكن أقل سن لإمكانية إنقاذ الطفل الخديج قد هبط إلى اثنين وعشرين أسبوعًا (22) من بداية الحيضة الأخيرة أي أنه عشرون أسبوعًا (20) من الإخصاب أو أربعون ومائة يوم (140)
(3)
بل لقد سُجِّلت حالة
(1)
«أحكام المرأة الحامل في الشريعة الإسلامية» ليحيى الخطيب (ص 99).
(2)
«الموسوعة الطبية الفقهية» لكنعان (ص 374).
(3)
Perinatal Care at the Threshold of Viability [Journal] /auth.Hugh MacDonald MD، and the Committee on Fetus and Newborn//PEDIATRICS. - USA: AMERICAN ACADEMY OF PEDIATRICS، Nov. 2002. - 5: Vol. 110.
Trends in neonatal morbidity and mortality for very low birthweight infants [Journal] /auth.Fanaroff AA Stoll BJ،
…
//American Journal of Obstetrics and Gynecology. - USA: Mosby، 2007. - 2: Vol. 196. - PMID: 17306659.
Prenatal Consultation at the Limits of Viability [Journal] /auth.Halamek Louis//NeoReviews. - USA: American Academy of Pediatrics، 2003. - 6: Vol. 4.
عاشت فيها طفلة ولدت بعد واحد وعشرين أسبوعًا وستة أيام من بداية الحيضة الأخيرة أي تسعة عشر أسبوعًا وستة أيام من الإخصاب أي بعد سبع وثلاثين ومائة يوم (137) منه
(1)
.
إن هذا كله بعيد عن ستة الأشهر، والتي هي سبعة وسبعون ومائة يوم (177) تقريبًا. فما وجه التوفيق؟ هذا ما نفصله في المطلب الآتي.
* * *
(1)
Baptist Hospital of Miami، Fact Sheet. 2006