الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: متى تبدأ الحياة الإنسانية
؟
1 - تبدأ الحياة الإنسانية عند الإخصاب:
هذا القول لبعض فضلاء الأطباء
(1)
، قد ذكر أن البُيَيْضَة الملقحة تتوافر لها خصائص متى توافرت لكائن حكم له بالحياة، وهي:
1 -
أن تكون له بداية واضحة معروفة.
2 -
أن يكون قادرًا على النمو ما لم يحرم أسبابَه.
3 -
أن يفضي نموه إلى الإنسان جنينًا ووليدًا وطفلًا وصبيًّا وشابًّا وشيخًا وكهلًا إنْ نسأ الله له في الأجل.
4 -
أن ما سبقه من طور لا يمكن أن ينمو فيفضي إلى إنسان.
5 -
أن تكتمل له الحصيلة الإرثية لجنس الإنسان عامة، وكذلك له هو فردًا بذاته مختلفًا عن غيره من الأفراد منذ بدء الخليقة وحتى قيام الساعة.
واستشهد على قوله أيضًا بتأجيل الحد عن الحامل في أي طور، كما استشهد بقوله تعالى:{وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} [النجم: 32] وقال مَن هؤلاء الأجنة؟ أنتم وأنا. ونفى أن تكون حياة الجنين قبل أربعة أشهر نباتية أو حيوانية.
والحقيقة أن هناك إجماعًا على أن هناك لحظة تنفخ فيها الروح، وبذلك جاءت الأحاديث، ولم يصح شيء في أنها تكون قبل الأربعين يومًا، ومن ثَمَّ فالقول بأن الحياة
(1)
دافع عن هذا القول في «ندوة بداية الحياة الإنسانية» الدكتور حسان حتحوت فليراجع بحثه في «ثبت أعمال الندوة» .
الإنسانية أو الآدمية أو نفخ الروح أو حلولها يكون عند الإخصاب مخالفٌ للإجماع كما أنه مخالفٌ للنظر، فإن هذه الخلايا المتراكبة ليست إنسانًا، ولا يمكن التسوية بينها وبين الإنسان.
والأطباء يقرون أن موت الكثير من خلايا الإنسان وهو حي ليس موتًا له، وأن حياة الكثير منها بعد موت دماغه ليست حياةً إنسانية، وإنما حياة خلوية أو نسيجية. وإنه لا شك أن الإنسان كائن له خصائص كالعلم والإرادة، فإذا غاب الحد الأدنى من هذه الخصائص، وكان الكائن عبارة عن مجموعة خلايا متراكبة كالعنقود، فلا يسوغ أن يسمى هذا الكائن إنسانًا أو نقول ببداية حياته الإنسانية. نعم له حياة، ولكنها ليست إنسانية. ونحن لسنا بحاجة إلى تقسيم الحياة إلى إنسانية ونباتية وحيوانية، فإن حياة الخلايا غير ذلك وحياة الملائكة غير ذلك، بل وحياة الرب جل في علاه غير ذلك. فنحن نقول إنها حياة جنينية ما قبل نفخ الروح.
ولقد ذهب البعض إلى أن الحياة الإنسانية تبدأ بالعلوق أو الاندغام في جدار الرحم، والجواب على هذا القول كسابقه.
وينبغي هنا من التنبيه على أن عدم نفخ الروح وكون الحياة إنسانية ليس يعني أن الكائن محَل النزاع ليس له أية حرمة، فمن قال إن الحرمة مرتبطة فقط بالحياة الإنسانية، بل لحياة الحيوان حرمة، فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما قُتِلَ عُصْفُورٌ قَطُّ عَبَثًا إِلَّا عَجَّ إلى اللهِ عز وجل يوم الْقِيَامَةِ يا رَبِّ فُلَانٌ قَتَلَنِي فَلَا هو انْتَفَعَ بِي وَلا هو تَرَكَنِي أَعِيشُ في خُشَارَاتِهَا
(1)
»
(2)
.
(1)
الخُشارة الرديء من كل شيء. «لِسَان العَرَب» لابن مَنْظُور (4/ 239).
(2)
«شَرْح مُشْكِل الآثَار» للطَّحَاوِيّ (2/ 330).
بل إن الله يخبرنا أن قطع النبات يحتاج إلى إذن فيقول عز وجل: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر: 5]
فمن الطبيعي إذًا أن تكون للجنين الذي هو مبدأ خلق الإنسان حرمةٌ وأن تحفظ حياة الأم لأجله. ولكن هذا ليس يعني أنه إنسان ذو روح.
أما ما ذكره الدكتور حسان حتحوت
(1)
في بحثه أن الرُّوح تأتي بمعانٍ متعددةٍ وليس بالضرورة أن نفخة الروح هي بداية الحياة الإنسانية
(2)
فمردود بما أجمع عليه الأول والآخِر من علماء المسلمين من كون وجود الروح يساوي الحياة وذَهابها يساوي الموت وتظاهرت على ذلك أدلة الكتاب والسنة: ذكر منها الدكتور عمر سليمان الأشْقَر
(3)
• قوله تعالى: {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} [الأنعام: 93] بمعنى أخرجوا أرواحكم عند ساعة الاحتضار.
• وقوله عز وجل: {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر: 42]
• وما أخرجه مسلم رحمه الله في «صحيحه» من قوله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ»
(4)
.
وهذه الأدلة وغيرها تكفي لبيان أن الحياة الإنسانية تذهب بقبض الروح فلا جرم أنها تبدأ بنفخها في الجسم.
(1)
هو: حسان حتحوت، الطبيب، الداعية، ولد في قرية شبين الكوم المِصْرِيّة عام 1924، وما زال يباشر الدعوة في الولايات المتحدة الأمريكية.
(2)
«الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها» ثبت كامل لأعمال الندوة (ص 255).
(3)
انظر: «الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها» ثبت كامل لأعمال الندوة (ص 265).
(4)
«صَحِيح مُسْلِم» كتاب الجنائز، باب في إغماض الميت والدعاء له إذا حضر (2/ 634).