الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قول السادة الظاهرية:
قال ابن حَزْم رحمه الله: «ولا حد لأقل الطهر ولا لأكثره، فقد يتصل الطهر باقي عمر المرأة فلا تحيض بلا خلاف من أحد من المشاهدة لذلك»
(1)
.
•
المناقشة والترجيح:
* مستند من قال بعدم التقدير عدم وجود دليل على التقدير، وهو مستند قوي، فالحق أنه لا دليل على التقدير، ويبقى الاستقراء الذي كان متعسرًا في أزمنة السلف-رحمهم الله.
* أما من قال بالثلاثة عشر يومًا، فاستدلوا بما رواه البَيْهَقِيّ وغيره عن شُرَيْح
(2)
أن رجلا طلق امرأته فذكرت أنها قد حاضت في شهر ثلاث حيض، فقال علي لشريح: قل فيهما، فقال: إن جاءت ببينة من بطانة أهلها يشهدون صُدِّقَت، فقال له قالون: أي أصبت بالرومية
(3)
.
وفي الأثر ما يدل على أن أقل الطهر ثلاثة عشر يومًا لمن ذهب إلى كون أقل الحيض يوم وليلة، فمن قال إن أقل الحيض دفعة فقد يكون ما وقع للمرأة ثلاث حيض كل واحدة دفعة فصل بينهم طهران كل واحد خمسة عشر يومًا.
(1)
«المُحَلَّى» لابن حزم (1/ 411).
(2)
هو: أبو أمية شُرَيْح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكِنْدِيّ، أشهر القضاة الفقهاء في صدر الإسلام بعد الصحابة، أصله من اليمن. ولي قضاء الكوفة، في زمن عمر وعثمان وعلي ومعاوية، وكان ثقة في الحديث، مأمونًا في القضاء، عادلا ذكيًا، حصيفًا أريبًا، له باع في الأدب والشعر، وعمَّر طويلا، ومات رحمه الله بالكوفة سنة 78 هـ. راجع ترجمته في:«وَفَيَات الأعْيَان» (2/ 460)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (4/ 100).
(3)
«مَعْرِفَة السُّنَن والآثَار» للبَيْهَقِيّ (6/ 31).
وليس ما وقع للمرأة إلا واقعة عين لا يمكن أن تعمم على كل النساء، ومعنى إقرار علي لشريح هو أن الطهر قد يكون خمسة عشر يومًا أو ثلاثة عشر، لا أنه لا يكون أبدًا أقل من ذلك.
ولذلك فإن ابن حَزْم يذهب إلى أن قول علي هو أنه لا حد لأقل الطهر، ويروي عنه أنه سئل أيكون الطهر خمسة أيام، فقال: النساء أعلم بذلك
(1)
.
ونُقِل عن ابن عباس أنه قال: من رأت الطهر ساعة فلتغتسل، وهو مشهور عنه
(2)
.
* ومستند من ذهب إلى أن أقل الطهر خمسة عشر يومًا آثار لم يصح منها شيء، بعضهم رفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ولا يصح منها لا مرفوع ولا موقوف، حتى الأثر عن إبراهيم النَّخْعِيّ رحمه الله
(3)
الذي رواه الدَّارِمِيّ ضعفه أهل الحديث كالزَّيْلَعِيّ
(4)
.
وقالوا: إن الشهر في الغالب ينقسم بين الحيض والطهر، فإذا كان أكثرُ الحيض خمسَة عشر يومًا، فتوجه أن يكون أقل الطهر خمسة عشر، ولا يخفى ضعف الاستدلال، فإنه لا يلزم أن تقسم الدورة الحيضية بهذه الطريقة، فإن المرأة قد تحيض مرتين في الشهر ومرة في الشهرين اتفاقًا، وليس الكلام هنا عن الأغلب، بل الأقل والأكثر.
(1)
«المُحَلَّى» لابن حَزْم (1/ 411 - 414).
(2)
«المُغْنِي» لابن قُدامة (1/ 214).
(3)
هو: أبو عِمْران إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود، النَّخْعِيّ، فقيه العراق، من مَذْحِج من أكابر التابعين صلاحًا وصدق رواية وحفظًا للحديث، من أهل الكوفة، ولد سنة 46 هـ، كان إمامًا مجتهدًا له مذهب، ولما بلغ الشَّعْبِيّ موته قال: والله ما ترك بعده مثله، توفي رحمه الله سنة 96 هـ. راجع ترجمته في:«وَفَيَات الأعْيَان» (1/ 25)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (4/ 520)، «شَذَرَات الذَّهَب» (1/ 111).
(4)
«نَصْب الرَّايَة» للزَّيْلَعِيّ (1/ 199).