المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: مسائل مهمة في أحكام النسب - أثر تطور المعارف الطبية على تغير الفتوى والقضاء

[حاتم الحاج]

فهرس الكتاب

- ‌تقديمالدكتور صلاح الصاوي

- ‌المقدمة

- ‌أهمية البحث والدراسة في الموضوع في زمننا

- ‌سبب اختياري للموضوع

- ‌بعض ما كتب مما له تعلق بالفقه والطب معًا

- ‌منهجي وأسلوبي في البحث

- ‌خطة الرسالة

- ‌التمهيد

- ‌التداخل بين الفقه والطب

- ‌تعريف الفقه:

- ‌تعريف الطب:

- ‌حاجة الطب إلى الفقه

- ‌حاجة الفقه إلى الطب

- ‌مسألة تغير الفتوى

- ‌تعريف الفتوى والقضاء:

- ‌المقصود الفتوى لا الحكم الشرعي

- ‌تغير الفتوى ليس أمرًا محدثًا

- ‌أقوالٌ لأهل العلم عن تغير الفتوى

- ‌ضوابط تغير الفتوى

- ‌أهل السنة لا يهملون دليل الحس:

- ‌كيف تتغير الفتوى بتغير المعارف والصناعة الطبية

- ‌أي المعلومات الطبية نقبل

- ‌من الذي يتصدى لتغيير الفتوى

- ‌الباب الأول: مسائل من أبواب العبادات

- ‌الفصل الأول: الطهارة

- ‌المبحث الأول: ختان البنات

- ‌تعريف الختان:

- ‌المطلب الأول: حكم الختان

- ‌ الآثار الواردة في الختان:

- ‌عرض أقوال الفقهاء في حكم الختان:

- ‌الترجيح:

- ‌المطلب الثاني: ختان البنات ورأي الطب

- ‌ مقدمة طبية عن تكوين ووظيفة البظر وقلفته:

- ‌ أنواع ختان البنات:

- ‌ هل من مضار طبية لختان البنات أو فوائد

- ‌ الدراسات العلمية عن ختان البنات:

- ‌ الفوائد الطبية لختان البنات:

- ‌المطلب الثالث: حد الختان

- ‌ أقوال أهل العلم ومناقشتها:

- ‌المطلب الرابع: حكم العدوان على فرج المرأة

- ‌المطلب الخامس: هل تضمن الخاتنة

- ‌المطلب السادس: هل يقطع من كل النساء

- ‌المطلب السابع: من الذي سيتولى ختن الأولاد والبنات

- ‌المطلب الثامن: متى يكون القطع

- ‌المطلب التاسع: موانع ختان الإناث ومضاعفاته

- ‌المطلب العاشر: أثر تطور المعارف الطبية على الفتوى بشأن الختان

- ‌المبحث الثاني: الماء المشمس

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌المبحث الثالث: الحيض

- ‌المطلب الأول: الدورة الحيضية

- ‌مقدمة طبية:

- ‌المطلب الثاني: أقل سن الحيض

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌ رأي الطب وأثره على الترجيح:

- ‌المطلب الثالث: أكثر سن الحيض

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌المطلب الرابع: مدة الدورة الحيضية

- ‌المطلب الخامس: أقل الحيض

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌ رأي الطب وأثره على الترجيح:

- ‌المطلب السادس: أكثر الحيض

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌ رأي الطب وأثره على الترجيح:

- ‌ الترجيح:

- ‌المطلب السابع: أقل الطهر

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌ رأي الطب وأثره على الترجيح:

- ‌المطلب الثامن: أكثر الطهر

- ‌المطلب التاسع: المُبْتَدَأة والمُتَحَيِّرَة

- ‌المطلب العاشر: الصفرة والكُدْرَة

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌ رأي الطب وأثره على الترجيح:

- ‌المطلب الحادي عشر: حيض الحامل والدم يكون قبيل الولادة

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ أدلة القائلين بأن الحامل تحيض:

- ‌ أدلة القائلين بأن الحامل لا تحيض:

- ‌ موقف الطب من حيض الحامل:

- ‌ مناقشة الأدلة والترجيح:

- ‌الخلاف بين الفقهاء لن يرتفع بالكلية بتطور الطب

- ‌المبحث الرابع: النفاس

- ‌المطلب الأول: بم يثبت النفاس

- ‌المطلب الثاني: أكثر النفاس

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌ رأي الطب وأثره على الترجيح:

- ‌المطلب الثالث: نفاس المرأة تلد التوأمين

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌ رأي الطب الحديث وأثره على الترجيح:

- ‌ الترجيح:

- ‌الفصل الثاني: الجنائز

- ‌المبحث الأول: علامات الموت

- ‌الحياة والموت بين الفقه والطب

- ‌أولاً: في الفقه:

- ‌ ثانيًا: في الطب:

- ‌ موت الدِّمَاغ في الطب الحديث:

- ‌مقدمة

- ‌ما هو موت الدِّمَاغ وتاريخه ومعايير تشخيصه

- ‌ تاريخ موت الدِّمَاغ:

- ‌ أسباب موت الدِّمَاغ:

- ‌ معايير تشخيص موت الدِّمَاغ:

- ‌أقوال المعاصرين في موت الدِّمَاغ

- ‌قرارات المجامع الفقهية بشأن موت الدِّمَاغ

- ‌أولا: قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌ثانيًا: قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي:

- ‌ثالثًا: توصيات ندوة الحياة الإنسانية: بدايتها ونهايتها في المفهوم الإسلامي:

- ‌ مناقشة الأدلة والترجيح:

- ‌ أولاً: أدلة من اعتبر موت الدِّمَاغ موتًا للإنسان:

- ‌ثانيًا: أدلة القائلين بأن موت الدِّمَاغ ليس موتًا للإنسان ولا يأخذ حكمه:

- ‌ الترجيح والتوصيات:

- ‌المبحث الثاني: انتهاك حرمة الميت والتشريح

- ‌أقوال المعاصرين في حكم التشريح

- ‌ أدلة المانعين:

- ‌ أدلة المبيحين:

- ‌ الترجيح:

- ‌الفصل الثالث: الصيام

- ‌مبحث: أثر تطور المعارف الطبية على الفتوىبشأن مُفْطِرات الصيام

- ‌المطلب الأول: المقدمة الطبية

- ‌ أولا: الجَوْف في الطب الحديث:

- ‌ التجويف الدِّمَاغي:

- ‌ تجاويف عظام الوجه والجُمْجُمَة:

- ‌الأذن:

- ‌ العين:

- ‌ الأنف:

- ‌ التجويف الصَّدْرِيّ:

- ‌ التجويف البَطْنِيّ:

- ‌تجويف المثانة:

- ‌ تجويف الرحم والجهاز التناسلي الأنثوي:

- ‌ السبيل الهَضْمِيّ:

- ‌المطلب الثاني: الخلاف الفقهي على الجَوْف

- ‌ الترجيح:

- ‌المطلب الثالث: الخلاف الفقهي على المنافذ

- ‌الأنف:

- ‌العين:

- ‌ الترجيح:

- ‌الأذن:

- ‌الإحليل وفرج المرأة:

- ‌قُبُل المرأة:

- ‌الدبر:

- ‌مسائل أخرى تستحق البحث في باب العبادات

- ‌الباب الثاني: مسائل من أبواب العادات

- ‌الفصل الأول: الأطعمة

- ‌المبحث الأول: الجَلَّالة

- ‌المطلب الأول: التعريف بالجلالة

- ‌المطلب الثاني: حكم الجلالة

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ أدلة التحريم:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌المطلب الثالث: حكم تقديم العلف النجس أو المتنجس للحيوان

- ‌ الترجيح:

- ‌المطلب الرابع: حكم إطعام الدواب الميتات

- ‌فرع: هل للاستحالة أثر على تغير الحكم بشأن إطعام الأعلاف النجسة للحيوان:

- ‌عرض الأقوال:

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌ الترجيح:

- ‌المطلب الخامس: تطور المعارف الطبية بشأن إطعامالنجاسات والميتات للحيوان

- ‌المطلب السادس: أثر تطور المعارف الطبية على الفتوى في هذا الباب

- ‌المبحث الثاني: حكم التدخين

- ‌المطلب الأول: تعريف الدخان وتاريخه

- ‌المطلب الثاني: اختلاف العلماء في حكم التبغ

- ‌ المناقشة والترجيح:

- ‌المطلب الثالث: رأي الطب في التدخين

- ‌المطلب الرابع: أثر تطور المعارف الطبية على الفتوى بشأن التدخين

- ‌الفصل الثاني: الاستمناء

- ‌تعريف الاستمناء:

- ‌حكم الاستمناء:

- ‌عرض الخلاف حول الاستمناء

- ‌مناقشة الآراء والترجيح:

- ‌فرع: وحكم المرأة كحكم الرجل فإنما النساء شقائق الرجال:

- ‌فرع: تدابير تغني أصحاب النفوس الكبيرة عن الاستمناء:

- ‌الفصل الثالث: حكم التداوي

- ‌المبحث الأول: حكم التداوي عمومًا

- ‌المطلب الأول: أقوال الفقهاء في التداوي ومناقشتها

- ‌ أدلة عدم الوجوب:

- ‌ أدلة الوجوب:

- ‌ الترجيح:

- ‌ ليس التداوي بواجب في كل حال:

- ‌اتفاق أكثر المعاصرين على وجوب التداوي في بعض الأحوال:

- ‌المطلب الثاني: أثر تطور المعارف الطبية على تغير الفتوى بشأن التداوي

- ‌المبحث الثاني: مداواة حالة الحياة النباتية المستمرة

- ‌التعريف بالحالة النباتية المستمرة

- ‌مداواة المريض بالحالة النباتية المستمرة

- ‌مسائل أخرى تستحق البحث في باب العادات

- ‌الباب الثالث: مسائل من أبواب المعاملات

- ‌الفصل الأول: أحكام متعلقة بالنكاح والعدد

- ‌المبحث الأول: أقل الحمل

- ‌المطلب الأول: أقوال السادة الفقهاء

- ‌المطلب الثاني: رأي الطب

- ‌المطلب الثالث: التوفيق بين أقوال الفقهاء ورأي الطب الحديث وأثر تطور الصناعة الطبية على الفتوى في هذا الباب

- ‌المبحث الثاني: أكثر الحمل

- ‌المطلب الأول: آراء السادة الفقهاء في أقصى مدة الحمل

- ‌ أدلة من تمسك بتسعة الأشهر:

- ‌ دليل من قال بالسنة:

- ‌ دليل من قال بالسنتين:

- ‌ دليل من قال بالأربع:

- ‌ دليل من ترك التحديد:

- ‌المطلب الثاني: رأي الطب في أكثر مدة الحمل

- ‌المطلب الثالث: التوفيق بين آراء الفقهاء والمعارف الطبية الحديثةوأثر تطورها على الفتوى في هذا الباب

- ‌المطلب الأول: اختلاف الفقهاء في الاشتراك في النسب والحمل من ماءين

- ‌عرض أقوال الفقهاء:

- ‌ أدلة من قال بالاشتراك وإمكان حصول الحمل من ماءين:

- ‌ أدلة القائلين بعدم الاشتراك في النسب وأن الحمل لا يكون من ماءين:

- ‌ مناقشة الأدلة والترجيح:

- ‌المطلب الثاني: رأي الطب في حصول الحمل من ماءينوأثره على الفتوى

- ‌المبحث الرابع: العدد

- ‌عدة من انقطع حيضها أو تباعد

- ‌المطلب الأول: انقطاع الحيض وتباعده من وجهة نظر الطب

- ‌المطلب الثاني: آراء الفقهاء في عدة من انقطع أو تباعد حيضها

- ‌ النوع الأول من انقطع أو تباعد حيضها برضاع أو علة تعرف كمرض يرجى برؤه

- ‌النوع الثاني: من انقطع أو تباعد حيضها لعلة لا تعرف دون سن الإياس:

- ‌مناقشة الأدلة

- ‌الترجيح:

- ‌المطلب الثالث: أثر تطور المعارف والصناعة الطبيةعلى الفتوى في هذا الباب

- ‌ الترجيح:

- ‌فرع: فائدة في عدة المستحاضة:

- ‌الفصل الثاني: أحكام متعلقة بالحجر والمواريث

- ‌المبحث الأول: تحديد البلوغ

- ‌تمهيد عن مراحل العمر

- ‌علامات البلوغ

- ‌اعتبار السن في تحديد البلوغ

- ‌الحد الأعلى لسن البلوغ

- ‌ المعرفة الطبية:

- ‌أقوال الفقهاء:

- ‌ التوفيق بين أقوال الفقهاء والمعرفة الطبية:

- ‌المبحث الثاني: تحديد جنس الخنثى

- ‌المطلب الأول: التعريف بالخنثى

- ‌الحقيقة الطبية للخنثى

- ‌المطلب الثاني: أهمية تحديد جنس الخنثى

- ‌المطلب الثالث: اجتهادات الفقهاء في تمييز جنس المولود أو الطفل

- ‌المطلب الرابع: التوفيق بين أقوال الفقهاء والمعارف الطبية

- ‌عند وجود الأطباء الأكْفاء:

- ‌عند عدم وجود الأطباء الأكفاء:

- ‌مسائل أخرى تستحق البحث في باب المعاملات

- ‌الباب الرابع: مسائل من أبواب القضاء والحدود

- ‌الفصل الأول: القضاء

- ‌المبحث الأول: حجية الدليل المادي في الإثبات

- ‌المطلب الأول: اختلاف الفقهاء في أدلة الإثبات والحكم بالقرائن

- ‌الفرع الأول: التعريف:

- ‌الفرع الثاني: الإثبات في القضاء الوضعي:

- ‌الفرع الثالث: اختلاف الفقهاء في حصر أدلة الإثبات والعمل بالقرائن:

- ‌القصاص:

- ‌ الفرع الرابع: أدلة القائلين بعدم اعتبار القرائن:

- ‌ الفرع الخامس: أدلة القائلين باعتبار القرائن:

- ‌ الفرع السادس: الترجيح:

- ‌المطلب الثاني: تطور الطب الشرعي

- ‌المطلب الثالث: أثر تطور الطب الشرعي على أدلة الإثباتوالعمل بالقرائن في القضاء الإسلامي

- ‌فرع: فائدة فيما يستطيع الطب الشرعي أن يقدمه في جرائم الاغتصاب:

- ‌المبحث الثاني: تطبيقات استعمال الدليل المادي

- ‌تحديد النسب عن طريق الحمض الأميني (البصمة الوراثية)

- ‌المطلب الأول: تعريف النسب وأدلة ثبوته

- ‌أدلة ثبوت النسب في الإسلام

- ‌المطلب الثاني: مسائل مهمة في أحكام النسب

- ‌المطلب الثالث: التعريف بالبصمة الوراثية

- ‌المطلب الرابع: حكم اعتماد البصمة الوراثيةكدليل على ثبوت الأبوة أو نفيها

- ‌ مجالات استعمال البصمة:

- ‌ أما المواطن التي يمكن استخدام البصمة الوراثية فيها دون القيافة فهي فيما يظهر لي:

- ‌الفصل الثاني: الحدود والجنايات

- ‌المبحث الأول: استيفاء القِصاص في العظاموالجروح والشجاج وإذهاب المنافع

- ‌المطلب الأول: أقوال الفقهاء في تحديد ضابط الأمن من الحيففي استيفاء القِصاص فيما دون النفس

- ‌واتفقوا على وجوب القِصاص

- ‌واتفقوا على عدم القِصاص

- ‌واختلفوا رحمهم الله في إمكانية المماثلة والأمن من الحيف

- ‌ القطع من غير مفصل

- ‌ الترجيح:

- ‌ما دون الموضحة من الشجاج، والجروح التي لا تنتهي إلى عظم:

- ‌ولا خلاف بين الفقهاء سوى ابن حَزْم في عدم القِصاص

- ‌ما فوق الموضحة في البدن:

- ‌كسر العظام:

- ‌المطلب الثالث: رأي الطب الحديث في إمكانية استيفاء القِصاصمن غير حيف أو سراية

- ‌المطلب الرابع: أثر تطور الصناعة الطبية على الفتوىبشأن استيفاء القِصاص

- ‌المبحث الثاني: حكم الإجهاض

- ‌المطلب الأول: مراحل تخليق ونمو الجنين كما يراها الطب الحديث

- ‌المطلب الثاني: حكم الإجهاض في الفقه الإسلامي

- ‌عرض أقوال أهل العلم:

- ‌أقوال المعاصرين:

- ‌ مجمع الفقه التابع لرابطة العالم الإسلامي

- ‌ مجمع الفقه التابع للمنظمة

- ‌ هيئة كبار العلماء في السعودية

- ‌لجنة الفتوى بالكويت:

- ‌المطلب الثالث: متى تبدأ الحياة الإنسانية

- ‌1 - تبدأ الحياة الإنسانية عند الإخصاب:

- ‌2 - تبدأ الحياة الإنسانية بنفخ الروح عند اليوم الأربعين أو حواليه:

- ‌3 - تبدأ الحياة الإنسانية عند تمام أربعة الأشهر:

- ‌ الترجيح:

- ‌فرع: هل يجب القِصاص في الجناية على الجنين بعد نفخ الروح

- ‌مسائل أخرى تستحق البحث في باب القضاء والحدود

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المراجع

- ‌أ- المراجع العربية

- ‌ب- المراجع الأجنبية

الفصل: ‌المطلب الثاني: مسائل مهمة في أحكام النسب

‌المطلب الثاني: مسائل مهمة في أحكام النسب

نحاول في الصفحات القادمة أن نتعرض لعدة مسائل في باب ثبوت النسب كتمهيد للكلام عن حكم اعتماد البصمة الوراثية في ثبوته.

ونحن هنا لن نتكلم عن أدلة ثبوت النسب على التفصيل؛ لأن ذلك يقتضي بحثًا منفصلًا، وإنما نعرض المسائل التي نحتاج إلى فهمها قبل الشروع في الكلام عن اعتماد البصمة الوراثية:

1 -

حرص الإسلام على إثبات نسبٍ لكل مولود:

وذلك لأن الإسلام يعتبر النسب حقًّا من حقوق الأولاد، ولذلك يلجأ عند اللبس إلى مثل الإقراع في إثبات النسب، ودليله ما رواه أبو داود عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: «كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من اليمن، فقال: إن ثلاثة نفر من أهل اليمن أتوا عليا يختصمون إليه في ولد، وقد وقعوا على امرأة في طُهر واحد، فقال لاثنين منهما: طِيبا بالولد لهذا، فَغَلَيَا

(1)

، ثم قال لاثنين: طِيبا بالولد لهذا، فَغَلَيَا، ثم قال لاثنين: طيبا بالولد لهذا، فَغَلَيَا، فقال: أنتم شركاء متشاكسون، إني مُقرعٌ بينكم، فمن قُرِعَ فله الولد، وعليه لصاحبيه ثلثا الدِّيَة، فأقرع بينهم، فجعله لمن قُرِعَ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أضراسُه أو نَواجِذُه»

(2)

.

(1)

بالتحتانية، كغلت القدر: أي صاحا. وفي بعض النسخ بالموحدة «غلبا» .

(2)

«سُنَن أبي دَاوُد» كتاب الطلاق، باب من قال بالقرعة إذا تنازعوا في الولد، (2/ 181 رقم 2269 (، وصححه الألبَانِيّ (انظر «سُنَن أبي دَاوُد» بتحقيق مشهور، رقم 2269).

ص: 636

ولقد قال في هذا الشأن الإمام ابن القَيِّم رحمه الله: «إنه إذا تعذرت القافة وأشكل الأمر عليها، كان المصير إلى القرعة أولى من ضياع نسب الولد وتركه هملا لا نسب له، وهو ينظر إلى ناكح أمه وواطئها، فالقرعة ههنا أقرب الطرق إلى إثبات النسب فإنها طريق شرعي، وقد سدت الطرق سواها. وإذا كانت صالحة لتعيين الأملاك المطلقة وتعيين الرقيق من الحر وتعيين الزوجة من الأجنبية، فكيف لا تصلح لتعيين صاحب النسب من غيره، والمعلوم أن طرق حفظ الأنساب أوسع من طرق حفظ الأموال والشارع إلى ذلك أعظم تشوفًا»

(1)

.

2 -

تغليب جانب الإثبات:

من أجل حرص الإسلام على إثبات نسب لكل مولود فإنه يغلِّب جانب الإثبات على جانب النفي: قال ابن مُفْلِح: «لأن النسب يحتاط لإثباته لا لنفيه»

(2)

. ثم قال: «ثبوت النسب مبني على التغليب وهو يثبت بمجرد الإمكان وإن لم يثبت الوطء ولا ينتفي لإمكان النفي» (2).

3 -

الإسلام حريص على ثبوت النسب الحقيقي:

فهو لا يرقع الواقع على حساب الحقيقة

(3)

ولذلك فإن الله تعالى يقول: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5]. ومن أجل ذلك شرع نفي

(1)

«الطُّرُق الحُكمِيَّة» لابن القَيِّم (1/ 341).

(2)

«المُبْدِع» لابن مُفْلِح، إبراهيم (8/ 87).

(3)

انظر بحث الدكتور سعد الدين هلالي المقدم إلى ندوة مدى حجية استخدام البصمة الوراثية لإثبات البنوة - المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية 3، 4/ 5/2000 م. أو كتابه الموسوم بـ «البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية» (ص 276).

ص: 637

الولد إذا غلب على ظن الزوج أنه ليس منه؛ بل إنه يجب على الزوج أن يقذف امرأته وينفي ابنه إذا رآها تزني في طهر لم يطأها فيه. قال ابن قُدامة رحمه الله: «فَصْلٌ والقذف على ثلاثة أضرب: واجب: وهو أن يرى امرأته تزني في طهر لم يطأها فيه، فإنه يلزمه اعتزالها حتى تنقضي عدتها، فإذا أتت بولد لستة أشهر من حين الزنا وأمكنه نفيه عنه لزمه قذفها ونفي ولدها، ولأن ذلك يجري مجرى اليقين في أن الولد من الزاني، فإذا لم ينفه لحقه الولد وورثه وورث أقاربه وورثوا منه ونظر إلى بناته وإخوته، وليس ذلك بجائز، فيجب نفيه لإزالة ذلك. ولو أقرت بالزنا ووقع في قلبه صدقها فهو كما لو رآها»

(1)

.

4 -

العمل بالقيافة هو قول الجمهور:

وهو دليل على تشوف الإسلام لإثبات النسب الحقيقي في حدود الإمكانات المتاحة، والتي كانت في الأزمنة القديمة محدودة. والقيافة هي أمثل الطرق العلمية للتحقق من النسب الحقيقي بطريقة حسية في تلك الأزمنة.

ثم هم لم يكونوا يكتفون بأي قائف، بل قال الغَزالِيّ رحمه الله في أركان الإلحاق

(2)

: «الركن الثاني: المُلحِق وهو كل مُدْلِجي

(3)

مجرب أهل للشهادة

وأما المجرب فنعني به أن من كان مدلجيًا أو ادعى علم القافة لم يقبل قوله حتى يجرب ثلاثًا بأن يرى صبيًّا بين نسوة ليس فيهن أمه فإن لم يلحق أحضرت نسوة أخر فيهن أمه فإن ألحق علمنا أنه بصير»

(4)

.

(1)

«المُغْنِي» لابن قُدامة (8/ 58).

(2)

الإلحاق: هو إلحاق الابن بأبيه الذي ادعاه وإن لم يكن زوجًا.

(3)

من بني مُدْلِج وكانوا معروفين بتميزهم في فن القيافة.

(4)

«الوَسِيط» للغَزالِيّ (7/ 454 - 455).

ص: 638

فانظر كيف كانوا يحرصون على ابتغاء الدقة والتحري قدر المستطاع وفي حدود الممكن

(1)

. غير أن القيافة كما ذكرنا في التعريف من قبل تعتمد على غلبة الظن المقارب للشك لا اليقين، ولذلك فلقد اعتبروها أضعف الأدلة - سوى الإقراع - ولم يلجؤوا إليها إلا عند التنازع وانعدام ما هو أقوى منها.

ولقد وافق الجمهور الصواب بالعمل بالقيافة حيث إنها أفضل المتاح وتحصل بها غلبة الظن التي تنبني عليها الأحكام في العادة. ولهم دليلهم من السنة، فلقد عمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن ابن عباس رضي الله عنه «أن هلال بن أمية رضي الله عنه قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشَريك بن سَحْماءَ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: البينة أو حدٌّ في ظهرك، فقال: يا رسول الله، إذا رأى أحدُنا رجُلًا على امرأته يلتمسُ البينة؟! فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: البينةُ أو حَدٌّ في ظهرك فقال هلال: والذي بعثك بالحق نبيًّا إني لصادق، وليُنزِلنَّ الله في أمري ما يُبَرّئُ ظهري من الحدّ، فنزلت: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] قرأ حتى بلغ {مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9] فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليهما فجاءا، فقام هلال بن أُمية فشهد والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: الله يعلم أن أحدَكما كاذب، فهل منكما من تائب؟ ثم قامت فشهدت، فلما كان عند الخامسة {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9]، وقالوا لها: إنها مُوجِبة، قال ابن عباس: فتلكأَت وَنَكَصت حتى ظننا أنها سترجع، فقالت: لا أفضحُ قومي سائرَ اليوم، فمضتْ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أَبْصِروها فإنْ جاءتْ به أكْحَلَ العينين سابغ الألْيَتَيْن خَدَلَّجَ الساقين فهو لشَرِيكِ بن سَحْماَء فجاءت به كذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لَوْلا مَا مَضَى من كِتَابِ اللهِ لَكَانَ لي ولهَا شَأنٌ»

(2)

.

(1)

فإذا اتسعت دائرة الممكن بتطور العلوم فلا يتصور من هؤلاء الفقهاء وسلفهم الصالحين أن يتركوا العمل بما هو أفضل وأدق.

(2)

«سُنَن أبي دَاوُد» كتاب الطلاق، باب في اللعان، (2/ 276 رقم 2254) وصححه الألبَانِيّ. انظر «سُنَن أبي دَاوُد» بتحقيق مشهور: رقم (2254).

ص: 639

ولذلك أنكر ابن القَيِّم رحمه الله في «الطرق الحكمية في السياسة الشرعية» على من أنكر العمل بالقافة فقال:

«فَصْلٌ: الحكم بالقافة: ومن ذلك حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه من بعده رضي الله عنهم بالقافة وجعلها دليلًا من أدلة ثبوت النسب، وليس ههنا إلا مجرد الأمارات والعلامات. قال بعض الفقهاء: ومن العجب إنكار لحوق النسب بالقافة التي اعتبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل بها الصحابة من بعده وحكم بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وإلحاق النسب في مسألة من تزوج بأقصى المغرب امرأة بأقصى المشرق، ثم جاءت بعد العقد بأكثر من ستة أشهر بولد أو تزوجها ثم قال عقيب العقد: هي طالق ثلاثًا، ثم أتت بولد أنه يكون ابنه لأنها فراش، وأعجب من ذلك أنها تصير فراشًا بهذا العقد بمجرده، ولو كانت له سرية يطؤها ليلًا ونهارًا فأتت بولد لم يلحقه نسبه، لأنها ليست فراشًا ولا يلحقه حتى يدعيه، فيلحقه بالدعوى لا بالفراش»

(1)

.

5 -

الفراش سبب في ثبوت النسب ودليل عليه وهو الأصل في هذا الباب، ولكن هذا الأصل ليس يسلم من بعض الاستثناءات.

لاشك أن الفراش السبب الرئيس في ثبوت النسب والدليل الأظهر عليه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الولد للفِراشِ ولِلْعاهِرِ الحَجَرُ»

(2)

. وعلى ذلك اتفق الفقهاء

(3)

.

(1)

«الطُّرُق الحُكمِيَّة في السياسة الشرعية» لابن القَيِّم (1/ 14).

(2)

«صَحِيح البُخَارِيّ» كتاب الصوم، باب تفسير المشبهات (2/ 724)؛ و «صَحِيح مُسْلِم» كتاب النكاح، باب الولد للفراش (2/ 1080 (.

(3)

«الأحوال الشخصية» لأبي زَهْرَة (ص 386).

ص: 640

ولكن هذا الأمر إنما جعل كذلك لأن العَلاقة الزوجية قائمةٌ على الستر، فجعل الفراش، الذي هو مظِنَّة الوطء مكان الوطء، الذي هو السبب الحقيقي الطبيعي لحصول الولد

(1)

.

بيد أن الأمر ليس على إطلاقه، فإنه كذلك حتى يقوم دليل أقوى على أن الفراش لم يكن السبب الحقيقي في حصول الولد، والدليل على ذلك:

اتفاق الفقهاء على أنه لو جاءت المرأة بولد دون ستة أشهر من النكاح لم يحكم به للفراش

(2)

.

اتفاقهم على أن الصغير الذي لا يولد لمثله لا يلحق به الولد وإن كان زوجًا

(3)

.

إن اللعان قد شرع فيما شرع للانتفاء من الولد الذي يجب الانتفاء منه في بعض الأحيان على الزوج الذي يصل إلى قرب اليقين أن الولد ليس منه

(4)

، وليست الرؤية (أي رؤية المرأة تزني) شرطًا عند الحنفية والشافعية

(5)

.

(1)

انظر بحث الدكتور سعد هلالي (سبق)؛ أو كتابه الموسوم «البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية» (ص 233 و 241).

(2)

«حَاشِيَة الدُّسُوقِيّ» (4/ 319)، «الهِدَايَة شَرْحُ البِدَايَة» للمَرْغِينانِيّ (2/ 35)، «الأحوال الشخصية» لأبي زَهْرَة (ص 389).

(3)

انظر «حَاشِيَة الدُّسُوقِيّ» (4/ 319)، «المُبْدِع» لابن مُفْلِح، إبراهيم (8/ 106)، «الأحوال الشخصية» لأبي زَهْرَة (ص 388).

(4)

انظر «المُغْنِي» لابن قُدامة (8/ 58) وانظر «مُغْنِي المُحْتاج» للشِّرْبِينِيِّ (3/ 382).

(5)

انظر «الفقه على المذاهب الأربعة» للجزيري (5/ 124).

ص: 641

وكذلك فإن الفراش يشترط له عند الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة إمكان الدخول، وعند ابن تَيمِيَّة يشترط الدخول، وهي رواية عن أحمد

(1)

.

تبين من كل ما تقدم أن الفراش دليل على ثبوت النسب إلا إذا امتنع عقلًا أو حسًا، أو دل دليل أقوى على أنه لم يكن السبب الحقيقي في حصول الولد.

6 -

الصواب أن عدم ثبوت النسب للزاني ليس على إطلاقه:

الذي يظهر أن عدم ثبوت النسب للزاني ليس على إطلاقه، فإن الدليل من السنة هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«الولد للفِراشِ ولِلْعاهِر الحَجَرُ»

(2)

.

ولكن فهم بساط الحال وملابسات القصة التي ورد فيها قوله ذاك مهم للتعرف على مراده صلى الله عليه وسلم فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد أن يقبض ابن وليدة زمعة وقال عتبة: إنه ابني، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل معه عبد بن زمعة فقال سعد بن أبي وقاص: هذا ابن أخي عهد إلي أنه ابنه قال عبد بن زمعة: يا رسول الله، هذا أخي هذا ابن زمعة ولد على فراشه. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ابن وليدة زمعة فإذا أشبه الناس بعتبة بن أبي وقاص فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احتَجِبي منه يا سَوْدة لما رأى من شبه عتبة بن أبي وقاص. قال ابن شهاب قالت عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الولد للفِراشِ ولِلْعاهِر الحَجَرُ» .

والحديث هنا يصف حالة معينة يتنازع فيها نسب مولود، والمتنازعان أحدهما ابن صاحب الفراش والآخر الزاني، وكلاهما يريد الولد، ولا بينة إلا قرينة الشبه.

(1)

انظر «الفَتَاوَى الكُبْرَى» لابن تَيمِيَّة (4/ 585)، «الأحوال الشخصية» لأبي زَهْرَة (ص 387).

(2)

«صَحِيح البُخَارِيّ» كتاب الصوم، باب تفسير المشبهات (2/ 724)؛ و «صَحِيح مُسْلِم» كتاب النكاح، باب الولد للفراش (2/ 1080).

ص: 642

وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم هنا بغلق الباب أمام فساد عظيم وشر مستطير إذا انتشر مثل هذا التنازع في المجتمع، وتجرأ الزناة بل والمفترون على نسبة الأولاد إليهم من نساءٍ هن فُرشٌ لأزواج.

ولكن إذا كانت المرأة خلية من الزوج، فإن الأقرب للسنة هو نسبة الولد إلى الزاني، وهو قول بعض المالكية والحسن وابن سيرين والنَّخْعِيّ وإسحاق وعُرْوَة وسليمان بن يسار واختيار ابن تَيمِيَّة، كما ذهب إليه الحنفية بشرط الزواج منها

(1)

.

والذي يشهد لهذا القول أدلة منها:

1 -

حديث إقراع علي رضي الله عنه:

عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل من اليمن، قال: إن ثلاثةَ نَفَر من أهل اليمن أتوا عليًّا يختصمون إليه في ولد، وقد وقعوا على امرأة في طهر واحد، قال لاثنين منهما: طيبا بالولد لهذا، فغَلَيا، ثم قال لاثنين: طيبا بالولد لهذا، فغليا، ثم قال لاثنين: طيبا بالولد لهذا، فغَلَيا، فقال: أنتم شركاء متشاكسون، إني مُقْرِعٌ بينكم، فمن قرَع فله الولد، وعليه لصاحبيه ثلثا الدِّيَة، فأقرع بينهم، فجعله لمن قَرَع، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أضراسُه أو نَواجِذُه

(2)

.

والشاهد أنه لم يسألهم إن كانوا جميعًا وطئوها بشبهة، مع كونه أيضًا احتمالًا بعيدًا جدًّا.

(1)

انظر بحث الدكتور سعد الدين هلالي (سبق). أو كتابه الموسوم «البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية» (ص 357). وانظر اختيار شيخ الإسلام ابن تَيمِيَّة في «مَجْمُوع الفَتَاوَى» (3/ 176).

(2)

«سُنَن أبي دَاوُد» كتاب الطلاق، باب من قال بالقرعة إذا تنازعوا في الولد، (2/ 181). وصححه الألبَانِيّ، انظر «سُنَن أبي دَاوُد» بتحقيق مشهور (رقم 2269).

ص: 643

2 -

حديث إلحاق الولد بشريك بن سحماء:

فعن ابن عباس رضي الله عنه «أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشَرِيك بن سَحْماءَ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: البينة أو حدٌّ في ظهرك، فقال: يا رسول الله، إذا رأى أحدُنا رجُلًا على امرأته يلتمسُ البينة؟! فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: البينةُ أو حَدٌّ في ظهرك فقال هلال: والذي بعثك بالحق نبيًّا إني لصادق، وليُنزِلنَّ الله في أمري ما يُبَرّئُ ظهري من الحدّ، فنزلت: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] قرأ حتى بلغ {مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9] فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليهما فجاءا، فقام هلال بن أُمية فشهد والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: الله يعلم أن أحدَكما كاذب، فهل منكما من تائب؟ ثم قامت فشهدت، فلما كان عند الخامسة {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9]، وقالوا لها: إنها مُوجِبة، قال ابن عباس: فتلكأَت وَنَكَصت حتى ظننا أنها سترجع، فقالت: لا أفضحُ قومي سائرَ اليوم، فمضتْ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أَبْصِروها فإنْ جاءتْ به أكْحَلَ العينين سابغ الألْيَتَيْن خَدَلَّجَ الساقين فهو لشَرِيكِ بن سَحْماَء فجاءت به كذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لَوْلا مَا مَضَى من كِتَابِ اللهِ لَكَانَ لي ولهَا شَأنٌ»

(1)

.

والشاهد هنا هو إلحاق النبي صلى الله عليه وسلم الولد بشريك بن سحماء بالشبه، رَغم أن المرأة فراش لزوج، ولكن الزوج لاعنها ونفى الولد، فكان ذلك مع الشبه يورث الاطمئنان إلى أن الولد ابن شريك.

وهذا الحديث قد يستدل به على أنه لا يلحق بالزاني ابنه من الخلية من الزوج فقط بل أيضًا ابنه من المتزوجة إن نفى زوجها الولد، ولكن المعارض قد يقول أن في ذلك

(1)

«سُنَن أبي دَاوُد» كتاب الطلاق، باب في اللعان، (2/ 276). وصححه الألبَانِيّ، انظر «سُنَن أبي دَاوُد - بتحقيق مشهور» (رقم 2254).

ص: 644

حرمانًا للملاعن من حقه في استلحاق الولد

(1)

. وقد يجاب على ذلك بأن المستلحِق لم يضم إليه إلا من لا نسب له لنفي صاحب الفراش إياه، فلو أراده لكان له، وإن لاعن أمه على الزنى.

3 -

إلحاق عمر أولاد الجاهلية من الزنى بمن ادعاهم:

روى البَيْهَقِيّ بسنده - وصححه - عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن رجلين تداعيا ولدا فدعا له عمر رضي الله عنه القافة فقالوا: لقد اشتركا فيه فقال له عمر رضي الله عنه: «والِ أيَّهما شِئت»

(2)

.

4 -

عدم وجود الدليل المانع من الإلحاق وتقدم أن حديث «

وللعاهر الحَجَر» يختص بحالة معينة يكون فيها الزوج غير نافٍ للولد

(3)

.

(1)

انظر «نهاية المُحْتاج» للرَّمْلِيّّ (5/ 108) وقال فيه: «وعلم مما تقرر عدم صحة استلحاق منفي بلعان ولد على فراش نكاح صحيح لما فيه من إبطال حق النافي إذ له استلحاقه» .

(2)

«سُنَن البَيْهَقِيّ الكُبْرَى» كتاب الدعوى والبينات، باب القافة ودعوى الولد (10/ 263).

(3)

قال الشيخ ابن عُثَيْمِين رحمه الله: «وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الوَلَدُ للفِراشِ وللعَاهرِ الحَجَر» هل هذا عام سواء ادعاه صاحب الفراش أم لم يدعه أو خاص فيما إذا ادعاه صاحب الفراش؟ بمعنى: أنه لو كانت المزني بها لا فراش لها وادعى الزاني أن الولد ولده فهل يلحق به؟ الجمهور على أنه عام، وأنه لا حق للزاني في الولد الذي خُلق من مائه، وذهب بعض العلماء إلى أنّ هذا خاص بالمخاصمة، يعني إذا تخاصم الزاني وصاحب الفراش قضينا به لصاحب الفراش، أمّا إذا كان لا منازع للزاني واستلحقه الزاني فله ذلك ويلحق به، وهذا القول هو الراجح المناسب للعقل وكذلك للشرع عند التأمل.» اهـ (من موقع الشيخ على الشبكة المعلوماتية).

ص: 645

5 -

وأكثر الفقهاء يجيزون إلحاق مجهول النسب بمدعيه دون استفصال من طالب الإلحاق، شريطة أن يكون ذلك ممكنًا عقلًا

(1)

. وهم لا يشترطون أن يكون المستلحق سبق له زواج، ولكنهم يشترطون عدم تصريحه بالزنا.

إن الذي يظهر من هذه الأدلة وغيرها هو أن ولد الزنا يلحق بأبيه إذا كانت الأم خلية من الزوج، وقد يسوغ إلحاقه مع كون الأم صاحبة زوج، وذلك إذا انتفى منه الزوج. إن ذلك القول أولى بالنصوص إذا فهمت مجتمعة وأدعى لحفظ حقوق هؤلاء الأطفال وأقرب لمقصد الشارع.

7 -

ليس الانتفاء من الولد ممكنًا على الدوام بل إن هناك أحوالا لا يستطيع فيها الرجل، عند بعضهم، أن يلاعن المرأة، كمثل نكاح الشبهة عند الحنفية

(2)

، لأنها لا يصدق عليها أنها زوجته، فلا ينطبق عليه - عندهم وإن كان خلاف الصواب - قول الله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6].

ومن ثم فإن هذا الرجل قد نلزمه بنسب ولدٍ قد يكون على يقين أنه ليس ولده رَغم إمكان التثبت في زماننا هذا عن طريق استعمال البصمة الوراثية.

* * *

(1)

انظر «بدائع الصنائع» للكَاسَانِيّ (6/ 242)؛ و «شَرح مُخْتَصَر خَلِيل» للخَرَشِيِّ (6/ 100)؛ و «حَاشِيَة الدُّسُوقِيّ» (3/ 412)؛ و «الأحوال الشخصية» لأبي زَهْرَة (ص 395).

(2)

انظر «بَدَائع الصَّنَائع» للكَاسَانِيّ (6/ 255)، «الأحوال الشخصية» لأبي زَهْرَة (ص 389). بينما يرى الشافعية والحنابلة أن له أن يلاعن لنفي الولد لا للاتهام بالزنا. انظر «المُغْنِي» لابن قُدامة (8/ 45).

ص: 646