الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في العيدين
تجب صلاة العيدين، على كل من تجب عليه صلاة الجمعة.
منحة السلوك
فصل في العيدين
[مناسبة الفصل لما قبله]
وجه المناسبة بين الفصلين: من حيث أن كلًّا منهما ركعتان، تجهر القراءة فيهما، ويقامان بالجماعة والإمام، والخطبة، ولا يقضيان.
عيد: أصله عود قلبت الواو ياءً، لسكونها، وانكسار ما قبلها، وإنما سمي عيدًا؛ لأنه يعود في كل سنة
(1)
(2)
.
[حكمها]
قوله: تجب صلاة العيدين، على كل من تجب عليه صلاة الجمعة
(3)
.
(1)
وقيل: لأن لله تعالى فيه عوائد الإحسان إلى عباده، وقيل: لأنه يعود بالفرح على الناس، وقيل: تفاؤلًا ليعود ثانية.
العناية 2/ 70.
(2)
المصباح المنير 2/ 436 مادة عاد، القاموس المحيط 3/ 338 مادة عود، أنيس الفقهاء ص 118، مختار الصحاح ص 193 مادة ع ود، لغة الفقه ص 87، المطلع ص 108، أنيس الفقهاء ص 118.
(3)
وهو رواية عن الإمام أحمد، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية.
وذهب المالكية، والشافعية: إلى أنها سنة، وهو رواية عن الإمام أحمد.
وذهب الحنابلة: إلى أنها فرض كفاية.
المختار 1/ 85، ملتقى الأبحر 1/ 149، كشف الحقائق 1/ 83، تبيين الحقائق 1/ 223، بداية المبتدي 1/ 92، غنية المتملي ص 565، درر البحار في الفقه على المذاهب الأربعة (مخطوط) لوحة 29/ ب النسخة الأصلية لدى المكتبة التيمورية بتركيا، تحت رقم 315 فقه، كنز الدقائق 1/ 223، الخرشي على خليل 2/ 98، أقرب المسالك ص 31، متن الزبد ص 31، التذكرة ص 64، الهداية لأبي الخطاب 1/ 54، تحرير العناية لابن اللحام ص 69، الفروع 2/ 137، المبدع 2/ 178، الكافي لابن قدامة 1/ 230، الإنصاف 2/ 420، المستوعب 2/ 50، الاختيارات الفقهية ص 82.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
منحة السلوك
حتى لا تجب على المسافر، والمريض، والأعمى، والمرأة، والعبد
(1)
.
أما الوجوب: فلقوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]، قيل: هو صلاة العيد
(2)
، وتواترت الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيد
(3)
.
وقال شمس الأئمة السرخسي
(4)
: الأظهر أنها سنة، ولكنها من معالم الدين، أخذها هدى، وتركها ضلالة
(5)
.
(1)
وعند المالكية: سنة مؤكدة في حق مأمور الجمعة، وهو الذكر البالغ، الحر المقيم ببلد الجمعة، أو النائي على كفرسخ منها، لا لصبي، وامرأة، وعبد، ومسافر لم ينو إقامة تقطع حكم السفر. وندبت لغير الشابة، ولا تندب لحاج، ولا لأهل مني، ولو غير حاجين.
وعند الشافعية: تشرع للمنفرد، والعبد، والمرأة، والمسافر.
بدائع الصنائع 1/ 275، العناية 2/ 70، الشرح الصغير 1/ 187، الكافي لابن عبد البر ص 78، زاد المحتاج 1/ 356، السراج الوهاج ص 95.
(2)
وقيل: أي لتذكروا الله عند انقضاء عبادتكم. وقيل: هو التكبير عند الإهلال.
تفسير ابن كثير 1/ 325، الدر المنثور 1/ 351، الكشاف 1/ 114، الجامع لأحكام القرآن 2/ 205.
(3)
انظر نظم المتناثر من الحديث المتواتر ص 76.
(4)
هو أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي، من أهل سرخس بلدة في خراسان، الإمام الكبير، شمس الأئمة، الفقيه الحنفي، كان إمامًا، علامة، حجة، متكلمًا، فقيهًا، أصوليًا، مناظرًا، سجن في جب بسبب نصيحة لبعض الأمراء. من تصانيفه: المبسوط، الأصول في أصول الفقه، المحيط في الفروع. توفي سنة 483 هـ.
تاج التراجم ص 234، الجواهر المضية 3/ 78، الأعلام 6/ 208، مفتاح السعادة 2/ 86، كتائب أعلام الأخيار رقم 267.
(5)
المبسوط 1/ 37.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
منحة السلوك
والأول أصح
(1)
(2)
.
(1)
وصححه أيضًا الزيلعي، والمرغيناني، وابن الهمام، والموصلي، والكاساني.
تبيين الحقائق 1/ 224، الهداية 1/ 92، شرح فتح القدير 2/ 11، الاختيار 1/ 85، بدائع الصنائع 1/ 275.
(2)
اختلف العلماء في حكم صلاة العيد على ثلاثة أقوال:
القول الأول: وهو المذهب عند الحنفية (أ)، وقول عند المالكية، نقله ابن الحارث عن ابن حبيب (ب)، ورواية عن الإمام أحمد (جـ). ويقضي بوجوب صلاة العيد على الأعيان.
القول الثاني: وهو قول الإمام مالك (د)، والمذهب عند الشافعية (هـ)، ورواية عن الإمام أبي حنيفة (و)، ورواية عن الإمام أحمد (ز)، واختاره السرخسي من الحنفية (حـ). ويقضي بأنها سنة مؤكدة.
القول الثالث: وهو المذهب عند الحنابلة (ط)، وقول عند المالكية (ي)، وبه قال: بعض أصحاب الشافعي، كأبي سعيد الاصطخري، وغيره (ك)، واختاره أبو موسى الضرير من الحنفية (ل)، ويرون أن صلاة العيد فرض كفاية، إذا قام بها من يكفي، سقطت عن الباقين. =
_________
(أ) غنية المتملي ص 565، تحفة الفقهاء 1/ 165، البحر الرائق 2/ 157، بدائع الصنائع 1/ 275، فتح القدير 2/ 70.
(ب) منح الجليل 1/ 458، الشرح الكبير للدردير 1/ 396، حاشية الدسوقي 1/ 396.
(جـ) المبدع 2/ 178، الفروع 2/ 137.
(د) منح الجليل 1/ 458، حاشية الدسوقي 1/ 396، الشرح الكبير للدردير 1/ 396، جواهر الإكليل 1/ 101، الذخيرة 2/ 417، المعونة 1/ 320، المدونة 1/ 154، التفريع 1/ 233.
(هـ) المجموع 5/ 2، الحاوي الكبير 2/ 482، روضة الطالبين 2/ 70، مغني المحتاج 1/ 310.
(و) البحر الرائق 2/ 157، منحة الخالق 2/ 157، بدائع الصنائع 1/ 275.
(ز) الفروع 2/ 137، المبدع 2/ 178.
(حـ) المبسوط 2/ 37.
(ط) المبدع 2/ 178، الكافي لابن قدامة 1/ 230، المغني 2/ 223، الفروع 2/ 137، الشرح الكبير لابن قدامة 2/ 223.
(ي) حاشية الدسوقي 1/ 396، منح الجليل 1/ 458.
(ك) روضة الطالبين 2/ 70، المجموع 5/ 2، الحاوي الكبير 2/ 482.
(ل) منحة الخالق على البحر الرائق 2/ 158، بدائع الصنائع 1/ 275.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
منحة السلوك
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الأدلة:
أولًا: أدلة القول الأول:
استدلوا بما يلي:
1 -
بقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2].
وجه الاستدلال من الآية: قالوا: إن الله أمر بها، والأمر يقتضى الوجوب، والمقصود بالصلاة هنا صلاة العيد (أ).
2 -
قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم داوم على فعلها، وكذا الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم من بعده أيضًا داوموا عليها، ومداومتهم عليها دلالة على وجوبها (ب).
3 -
قالوا: ولأنها من أعلام الدين الظاهرة، فكانت واجبة، كصلاة الجمعة (جـ).
4 -
ولأنها لو لم تجب لم يجب قتال تاركيها كسائر السنن، فالقتال عقوبة لا تتوجه إلى تارك مندوب، كالقتل، والضرب (د).
ثانيًا: أدلة القول الثاني:
1 -
استدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: للأعرابي حين ذكر خمس صلوات قال: هل علي غيرهن؟ قال: "لا إلا أن تطوع"(هـ).
وجه الاستدلال من الحديث: قالوا: لو كانت صلاة العيد واجبة؛ لأمر الأعرابي بها (و). =
_________
(أ) غنية المتملي ص 565، بدائع الصنائع 1/ 275، المغني 2/ 223، الشرح الكبير لابن قدامة 2/ 223.
(ب) فتح القدير 2/ 71، غنية المتملي ص 566، العناية 2/ 71، المعونة 1/ 320، المغني 2/ 223، الشرح الكبير لابن قدامة 2/ 223، المبدع 2/ 178، الكافي لابن قدامة 1/ 230.
(جـ) فتح القدير 2/ 71، بدائع الصنائع 1/ 275، المغني 2/ 224، الشرح الكبير لابن قدامة 2/ 224، المبدع 2/ 178.
(د) المغني 2/ 224، الشرح الكبير لابن قدامة 2/ 224.
(هـ) رواه البخاري 1/ 26 كتاب الإيمان، باب الزكاة في الإسلام رقم 46، ومسلم 1/ 40 كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام رقم 11.
(و) فتح القدير 2/ 71، غنية المتملي ص 566، العناية 2/ 71، الذخيرة 2/ 417، المجموع 5/ 2، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
منحة السلوك
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 2 - واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: لما بعثه إلى اليمن قال له: "إن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم، وليلة"(أ). قالوا: فلو كانت صلاة العيد واجبة؛ لذكرها النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن، حال تعليمهم، وإرشادهم (ب).
3 -
قالوا: ولأنها صلاة ذات ركوع، وسجود، لم يشرع لها أذان فلم تجب ابتداء بالشرع، كصلاة الاستسقاء، والكسوف (جـ).
ثالثًا:
واستدل من قال: بأنها فرض كفاية: بأدلة القول الأول القائل: بأنها فرض عين، وبأدلة من قال: إنها سنة، وقالوا: إنها لا تجب على الأعيان، فجمعوا أدلة القولين، وقالوا: إن النصوص مجتمعة تدل على أنها فرض كفاية (د).
الترجيح:
بعد عرض الأقوال، والأدلة، اتضح لي رجحان القول الأول القاضي بوجوب صلاة العيدين على الأعيان؛ لوجاهة استدلالهم، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (هـ)؛ لأنها من أعظم شعائر الإسلام، والناس يجتمعون لها أعظم من الجمعة، وقد شرع فيها التكبير. ومما يدل على وجوبها على الأعيان: أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء بحضور صلاة العيد، بل حتى الحيض منهن كما قالت أم عطية رضي الله عنها:"أمرنا أن نخرج العواتق، وذوات الخدور"(و)، =
_________
= المبدع 2/ 178، المغني 2/ 224، الشرح الكبير لابن قدامة 2/ 224.
(أ) رواه مسلم 1/ 50، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام رقم 19 من حديث ابن عباس.
(ب) المغني 2/ 224.
(جـ) المجموع 5/ 2، المغني 2/ 224، المبدع 2/ 178، الشرح الكبير لابن قدامة 2/ 224.
(د) حاشية الدسوقي 1/ 396، المغني 2/ 223، الشرح الكبير لابن قدامة 2/ 223، الكافي لابن قدامة 1/ 230.
(هـ) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 23/ 161.
(و) رواه البخاري 1/ 331، كتاب العيدين، باب خروج النساء والحيض إلى المصلى رقم 931.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
منحة السلوك
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقالت حفصة رضي الله عنها: "كنا نمنع عواتقنا أن يخرجن في العيدين، فقدمت امرأة فحدثت عن أختها، أن أختها: سألت النبي صلى الله عليه وسلم، أعلى إحدانا بأس إذا لم يكن لها جلباب أن لا تخرج؟ قال: لتلبسها صاحبتها من جلبابها، ولتشهد الخير، ودعوة المسلمين، فلما قدمت أم عطية، سألتها: أسمعت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: بأبي نعم سمعته يقول: يخرج العواتق، وذوات الخدور، أو العواتق ذوات الخدور، والحيض، وليشهدن الخير، ودعوة المؤمنين، ويعتزل الحيض المصلى"(أ).
وللرد على أدلة المخالفين:
نقول: أما حديث الأعرابي: فلا حجة لهم فيه؛ لأن الأعراب لا تلزمهم الجمعة؛ لعدم الاستيطان فالعيد أولى (ب).
وأما حديث ابن عباس: إن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة.
فنقول: إنما صرح بوجوب الخمس، وخصها بالذكر؛ لتأكيدها، ووجوبها على الأعيان، ووجوبها على الدوام، وتكررها في كل يوم وليلة؛ وغيرها يجب نادرًا، والعارض، كصلاة الجنازة، والمنذورة، والصلاة المختلف فيها، فلم يذكرها.
وأما استدلالهم بالقياس: فلا يصح؛ لكونه مع الفارق؛ لأن كونها ذات ركوع وسجود لا أثر له، بدليل أن النوافل كلها فيها ركوع، وسجود، وهي غير واجبة، فيجب حذف هذا الوصف؛ لعدم أثره، ثم ينقض قياسهم بصلاة الجنازة، وينتقض على كل حال بالمنذورة (جـ).
لذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا القول: "وقول: من قال: لا تجب في غاية البعد، وقول: من قال: هي فرض كفاية لا ينضبط، فإنه لو حضرها في المصر العظيم، أربعون رجلًا لم يحصل المقصود، وإنما يحصل بحضور المسلمين كلهم كما في الجمعة"(د).
_________
(أ) رواه البخاري 1/ 123، كتاب الحيض باب شهود الحائض العيدين، ودعوة المسلمين، ويعتزلن المصلى رقم 318.
(ب) المغني 2/ 225، الشرح الكبير لابن قدامة 2/ 224، فتح القدير 2/ 71.
(جـ) المغني 2/ 225، الشرح الكبير لابن قدامة 2/ 224.
(د) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 23/ 161.