الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في صلاة المريض
من عجز عن القيام صلى قاعدًا يركع ويسجد،
منحة السلوك
فصل في صلاة المريض
وجه المناسبة بين الفصلين من حيث وجود المشقة في كل منهما.
[صفة صلاة المعذور]
قوله: من عجز عن القيام صلى قاعدًا يركع ويسجد
(1)
.
(1)
وعند المالكية: يصلي قائمًا غير مستند، فإن لم يقدر أو قدر بمشقة فادحة صلى قائمًا مستندًا، ثم جالسًا مستقلًا، ثم جالسًا مستندًا، ثم مضجعًا على جانبه الأيمن مستقبل القبلة بوجهه، ثم مستلقيًا على ظهره مستقبل القبلة برجليه. وقيل: يقدم الاستلقاء على الاضطجاع، ثم مضجعًا على جنبه الأيسر، ويوميء بالركوع والسجود في الاضطجاع والاستلقاء، فإن لم يقدر على شيء نوى الصلاة بقلبه.
وعند الشافعية: لو عجز عن القيام قعد كيف شاء، وافتراشه أفضل من تربعه في الأظهر.
ويكره الإقعاء، فإن عجز عن القعود صلى لجنبه مستقبلًا القبلة بوجهه، ومقدم بدنه وجوبًا.
والأفضل أن يكون على الأيمن، فإن عجز عن الجنب فمستلقيًا على ظهره وأخمصاه للقبلة، ولا بد من وضع نحو وسادة تحت رأسه؛ ليستقبل بوجهه القبلة، ويركع ويسجد بقدر إمكانه من إيماء برأسه، أو إشارة ببصره، فإن عجز عن الكل أجرى أفعال الصلاة على قلبه، ولا إعادة عليه ولا تسقط عنه الصلاة ما دام عقله ثابتًا.
وعند الحنابلة: من عجز عن القيام صلى قاعدًا متربعًا ندبًا، وكيف قعد جاز، ويثني رجليه في ركوع وسجود فإن لم يستطع فعلى الجنب، والأيمن أفضل، ويصح على ظهره ورجلاه إلى القبلة مع القدرة على جنبه مع الكراهة، فإن تعذر تعين الظهر، ويلزمه الإيماء بركوعه وسجوده برأسه ما أمكن، ويكون سجوده أخفض من ركوعه، فإن عجز أومأ بطرفه ونوى بقلبه، فإن عجز صلى بقلبه، وإن سجد العاجز عن السجود ما أمكنه بحيث لا يمكنه الانحطاط أكثر منه على شيء رفعه عن الأرض وكره، ولا يلزمه السجود على وسادة ونحوها، فإن قدر المريض على القيام، أو القعود، ونحوه مما عجز عنه أثناء الصلاة، انتقل إليه وأتمها. ومن قدر على القيام، وعجز عن الركوع والسجود، أومأ بالركوع قائمًا، وبالسجود قاعدًا.
كنز الدقائق 1/ 200، الكتاب 1/ 99، المختار 1/ 76، بداية المبتدي 1/ 83، نور =
فإن لم يطق الركوع والسجود أومأ
منحة السلوك
لما روي عن عمران بن الحصين رضي الله عنه
(1)
قال: كان بي الناصور
(2)
، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة؟ فقال:"صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب" رواه أبو داود، وابن ماجه، والبخاري
(3)
، ولكن في البخاري "كانت بي بواسير"
(4)
.
قوله: فإن لم يطق. أي: إن لم يقدر على الركوع، والسجود، أومأ
= الإيضاح ص 423، الوقاية 1/ 74، الهدية العلائية ص 73، القوانين ص 43، الشرح الصغير 1/ 129، زاد المحتاج 1/ 168، مغني المحتاج 1/ 154، الإقناع للحجاوي 10/ 461، كشاف القناع 1/ 461.
(1)
هو عمران بن حصين بن عبيد بن خلف الخزاعي الكعبي، كان من فضلاء الصحابة وفقهائهم، أسلم عام خيبر وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوات، بعثه عمر بن الخطاب إلى البصرة ليفقه أهلها، كان ممن اعتزل الفتنة فلم يقاتل فيها، توفي سنة 52 هـ.
الإصابة 3/ 26، أسد الغابة 4/ 137، صفة الصفوة 1/ 681، سير أعلام النبلاء 2/ 508، طبقات ابن سعد 4/ 287.
(2)
الناصور -بالسين والصاد-: علة تحدث في حوالي المقعدة، وفي اللثة، وفي مآقي العين، وهو معرب.
لسان العرب 5/ 205 مادة نسر، مختار الصحاح ص 274 مادة ن س ر، المصباح المنير 2/ 603 مادة النسر، القاموس المحيط 4/ 363 مادة ن س ر.
(3)
أبو داود 1/ 250 كتاب الصلاة، باب صلاة القاعد رقم 952، وابن ماجه 1/ 386 كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة المريض رقم 1223، والبخاري 1/ 375 كتاب تقصير الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدًا صلى على جنب رقم 1066.
(4)
الباسور: كالناسور، أعجمي معرب، وهو داء يحدث في المقعدة، وفي داخل الأنف، وهو عبارة عن تمدد وريدي في الشرج على الأشهر، تحت الغشاء المخاطيّ.
لسان العرب 4/ 58 مادة بسر، مختار الصحاح ص 21 مادة بسر، المغرب ص 43 مادة الباسور، المعجم الوسيط ص 1/ 56 مادة الباسور.
قاعدًا، وجعل سجوده أخفض من ركوعه، ولا يرفع إلى وجهه شيئًا يسجد عليه،
منحة السلوك
قاعدًا، وجعل سجوده أخفض من الركوع؛ ليتحقق الفرق بينهما
(1)
، ويقعد مثل القعود في الصلاة
(2)
، وقيل: يتربع
(3)
(4)
. والفتوى على الأول
(5)
.
قوله: ولا يرفع إلى وجهه شيئًا ليسجد عليه
(6)
؛ لما روي أن ابن مسعود رضي الله عنه دخل على مريض يعوده، فرآه يسجد على عودٍ فانتزعه، وقال:"هذا مما عرض به لكم الشيطان"
(7)
.
(1)
الأصل 1/ 216، المختار 1/ 76، نور الإيضاح ص 423، الكتاب 1/ 99. الهداية 1/ 83، الوقاية 1/ 74، وجيز المنهل الرائق شرح كنز الدقائق (مخطوط) لوحة 29/ ب.
(2)
الهداية 1/ 83، مراقي الفلاح ص 423، كشف الحقائق 1/ 74، الكتاب 1/ 99، الفتاوى التتارخانية 2/ 130.
(3)
وهو المروي عن محمد، وقيل: إن شاء يحتبي، وهو المروي عن أبي يوسف. وعن زفر: أنه يقعد كما في التشهد، وكذا عند المالكية.
تحفة الفقهاء 1/ 189، الفتاوى التتارخانية 2/ 130، مختصر اختلاف العلماء 1/ 257، بلغة السالك 1/ 103، مختصر خليل ص 30.
(4)
التربع: أن يثني قدميه تحت فخذيه مُخالفًا لهما، وهي خلاف جثا وأقعى.
المعجم الوسيط 1/ 324 مادة تربعت، لسان العرب 8/ 109 مادة ربع، القاموس المحيط 2/ 295 مادة ر ب ع، مختار الصحاح ص 97 مادة ر ب ع.
(5)
الفتاوى التتارخانية 2/ 130، مختصر اختلاف العلماء 1/ 257.
(6)
الكتاب 1/ 99، كنز الدقائق 1/ 200، بداية المبتدي 1/ 83، ملتقى الأبحر 1/ 133، تبيين الحقائق 1/ 200، نور الإيضاح ص 425، الوقاية 1/ 74.
(7)
رواه عبد الرزاق 2/ 477 كتاب الصلاة، باب صلاة المريض رقم 4144، وابن أبي شيبة 1/ 246 كتاب الصلاة، باب من كره الصلاة على العود رقم 2829، والبيهقي في السنن الكبرى 2/ 207 كتاب الصلاة باب الإيماء بالركوع والسجود إذا عجز عنها. وإسناده صحيح.
لفظ البيهقي: عن علقمة قال: "دخلت مع عبد الله على أخيه عتبة نعوده وهو مريض، =
فإن لم يطق القعود استلقى على ظهره، وجعل رجليه إلى القبلة، وأومأ بالركوع والسجود، أو اضطجع على جنبه متوجهًا إليها. والأول أولى،
منحة السلوك
قوله: فإن لم يطق القعود. أي: فإن لم يقدر على القعود أيضًا استلقى
(1)
على ظهره، وجعل رجليه إلى القبلة، وأومأ
(2)
بالركوع والسجود
(3)
، وينبغي أن يوضع تحت رأسه وسادة حتى يكون شبه القاعد؛ ليتمكن من الإيماء بالركوع والسجود؛ إذ حقيقة الاستلقاء يمنع الإيماء للصحيح فكيف للمريض
(4)
.
أو اضطجع على جنبه متوجهًا إليها: أي: إلى القبلة
(5)
، وهذه رواية
= فرأى مع أخيه مروحة يسجد عليها، فانتزعها منه عبد الله، وقال: اسجد على الأرض، فإن لم تستطع فأوم إيماء، واجعل السجود أخفض من الركوع".
ولفظ عبد الرزاق: عن علقمة، والأسود:"أن ابن مسعود دخل على عتبة أخيه وهو يصلي على مسواك يرفعه إلى وجهه، فأخذه فرمى به، ثم قال: أوم إيماء، ولتكن ركعتك أرفع من سجدتك".
ولفظ ابن أبي شيبة: عن علقمة قال: "دخل عبد الله على أخيه عتبة يعوده، فوجده على عود يصلي، فطرحه وقال: إن هذا شيء عرض به الشيطان، ضع وجهك على الأرض، فإن لم تستطع فأوميء إيماء".
(1)
كل شيء كان فيه انبطاح، فهو استلقاء كالنوم.
لسان العرب 5/ 256 مادة لقا، مختار الصحاح ص 251 مادة ل ق ى، القاموس المحيط 4/ 164 مادة ل ق ي.
(2)
ومأَ إليه يَمَأُ وَمْأَ: أشار مثل أوُمَأَ والإيماءُ أن توميء برأسك، أو بيدك.
لسان العرب 1/ 201 مادة ومأ، المصباح المنير 2/ 673 مادة أومأتُ، القاموس المحيط 4/ 659 مادة وم أ، مختار الصحاح ص 307 مادة وم أ.
(3)
المبسوط 1/ 213، بداية المبتدي 1/ 83، الهداية 1/ 83، كشف الحقائق 1/ 74، شرح الوقاية 1/ 74، تبيين الحقائق 1/ 200، حاشية الشلبي 1/ 200، الاختيار 1/ 77.
(4)
تبيين الحقائق 1/ 201، شرح فتح القدير 1/ 201.
(5)
الكتاب 1/ 100، الهداية 1/ 83، مختصر اختلاف العلماء 1/ 256، الفتاوى التتارخانية 2/ 130، العناية 2/ 4.
فإن لم يطق الإيماء برأسه أخَّر الصلاة ولم تسقط ما دام مفيقًا،
منحة السلوك
الطحاوي عن أبي حنيفة، وهو مذهب الشافعي أيضًا
(1)
.
قوله: فإن لم يطق الإيماء. أي: إن لم يقدر على الإيماء برأسه أيضًا أخر الصلاة
(2)
؛ لأن التكليف بقدر الوسع
(3)
.
قوله: ولم تسقط الصلاة ما دام مفيقًا.
لأنه يفهم مضمون الخطاب فلا يسقط، وإن كان العجز أكثر من يوم وليلة
(4)
، بخلاف المغمى عليه
(5)
.
وقيل: الأصح أن عجزه إن زاد على يوم وليلة لا يلزمه القضاء، وإن كان دون ذلك يلزمه كما في الإغماء؛ لأن مجرد العقل لم يكفِ لتوجه الخطاب
(6)
، فقد ذكر محمد أن من قطعت يداه من المرفقين، وقدماه من
(1)
شرح المحلي على المنهاج 1/ 146، قليوبي 1/ 146.
(2)
بداية المبتدي 1/ 83، كنز الدقائق 1/ 201.
(3)
المختار 1/ 77، كشف الحقائق 1/ 77، بداية المبتدي 1/ 83، نور الإيضاح ص 427، كنز الدقائق 1/ 201، حاشية الشلبي 1/ 201، تبيين الحقائق 1/ 201، الهداية 1/ 83.
(4)
وذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة: إلى أنه لا يؤخرها عن وقتها، وإنما يؤديها على حسب قدرته، ولا تسقط الصلاة ما دام المكلف في عقله.
البحر الرائق 2/ 115، الهداية 1/ 83، تبيين الحقائق 1/ 201، منحة الخالق 2/ 201، تحفة الفقهاء 1/ 192، كشف الحقائق 1/ 75، أقرب المسالك ص 20، الشرح الصغير ص 131، زاد المحتاج 1/ 169، روض الطالب 1/ 148، نيل المآرب 1/ 184، الروض المربع ص 108.
(5)
الإغماء: فقد الحس والحركة لعارض، وقيل: آفة في القلب، أو الدماغ تعطل القوى المدركة، والمحركة عن أفعالها مع بقاء العقل مغلوبًا. وقيل: هو زوال الشعور، مع فتور الأعضاء.
القاموس الفقهي ص 227، أنيس الفقهاء ص 54، الدر النقي 2/ 171.
(6)
وهو اختيار فخر الإسلام، وقاضيخان وغيرهما. =
ولا يُومِيء بغير رأسه، وإن قدر على القيام لا على الركوع والسجود صلى قاعدًا يوميء بهما
منحة السلوك
الساقين، لا صلاة عليه
(1)
.
قوله: ولا يوميء بغير رأسه.
يعني: العاجز عن الإيماء برأسه لا يوميء بعينيه، وحاجبيه، وقلبه
(2)
.
وقال زفر: يوميء بهذه الأعضاء عند العجز
(3)
.
قوله: وإن قدر على القيام لا على الركوع والسجود، صلى قاعدًا يوميء بهما.
أي: بالركوع والسجود؛ لأن فرضية القيام لأجل الركوع والسجود، ويسقط عند سقوط ما هو الأصل
(4)
.
= تبيين الحقائق 1/ 201، العناية 2/ 5، شرح فتح القدير 2/ 5، البحر الرائق 2/ 115، كشف الحقائق 1/ 75.
(1)
تبيين الحقائق 1/ 201، شرح فتح القدير 2/ 5، العناية 2/ 5، البحر الرائق 2/ 115.
(2)
بداية المبتدي 1/ 83، المختار 1/ 77، منحة الخالق 2/ 116، الهداية 1/ 83، البحر الرائق 2/ 116، العناية 2/ 5، شرح فتح القدير 2/ 5.
(3)
وكذا عند المالكية، وهو رواية عن أبي يوسف. فإن عجز فبقلبه.
وقال الحسن: يوميء بحاجبيه وقلبه. وعن محمد قال: لا أشك أن الإيماء برأسه يجزئه، ولا أشك أنه بقلبه لا يجزئه، وأشك فيه بالعين.
منحة الخالق 2/ 116، البحر الرائق 2/ 116، الاختيار 1/ 77، العناية 2/ 5، شرح فتح القدير 2/ 5، المختار 1/ 77، الهداية 1/ 83، الشرح الكبير للدردير 1/ 261، حاشية الدسوقي 1/ 261.
(4)
وعند زفر: إذا قدر على القيام دون الركوع والسجود، لم يسقط عنه القيام؛ لأن القيام ركن فلا يسقط بالعجز عن إدراك ركن آخر.
وعند المالكية: يوميء من قيامه لركوعه وسجوده، ويكون الإيماء للسجود، أخفض من الإيماء للركوع. =