الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[
(الْمَادَّةُ 1613) الدَّعْوَى هِيَ طَلَبُ أَحَدٍ حَقَّهُ مِنْ آخَرَ فِي حُضُور الْقَاضِي]
الْمَادَّةُ (1613) - (الدَّعْوَى هِيَ طَلَبُ أَحَدٍ حَقَّهُ مِنْ آخَرَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي، وَيُقَالُ لَهُ الْمُدَّعِي، وَلِلْآخَرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) .
الدَّعْوَى لُغَةً هِيَ قَوْلٌ يَقْصِدُ بِهِ الْإِنْسَانُ إيجَابَ الْحَقِّ عَلَى غَيْرِهِ. وَشَرْعًا هِيَ طَلَبُ أَحَدٍ حَقَّهُ مِنْ آخَرَ قَوْلًا أَوْ كِتَابَةً فِي حُضُورِ الْقَاضِي حَالَ الْمُنَازَعَةِ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْجَزْمِ بِإِضَافَةِ الْحَقِّ إلَى نَفْسِهِ، أَوْ إلَى الشَّخْصِ الَّذِي يَنُوبُ عَنْهُ. مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ: إنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ لِي فَيَكُونُ قَدْ أَضَافَ الْحَقَّ إلَى نَفْسِهِ.
وَإِذَا قَالَ الْوَكِيلُ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِمُوَكِّلِي، أَوْ قَالَ الْوَلِيُّ إنَّ هَذَا الْمَالَ لِلصَّغِيرِ فُلَانٍ الَّذِي تَحْتَ وِلَايَتِي فَيَكُونُ قَدْ أَضَافَ الْحَقَّ إلَى الشَّخْصِ الَّذِي نَابَ عَنْهُ (الْهِنْدِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) .
إيضَاحُ الْقُيُودِ - (فِي حُضُورِ الْقَاضِي) فَهَذَا الْقَيْدُ بِاعْتِبَارِ قَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ مِنْ النَّاسِ الَّذِينَ هُمْ غَيْرُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ شَرْطَ الدَّعْوَى وُقُوعُهَا فِي حُضُورِ الْقَاضِي.
وَالطَّلَبُ الَّذِي يَقَعُ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي لَا يُعَدُّ دَعْوَى.
فَلِذَلِكَ لَوْ طَلَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ حَقًّا فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يُجِيبَ الْمُدَّعِيَ عَلَى دَعْوَاهُ (الْهِنْدِيَّةُ) .
كَذَلِكَ إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي حَقَّهُ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي وَسَكَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَطَلَبَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَهُ الْيَمِينَ فَسَكَتَ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ نَكَلَ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ بِقَوْلِهِ: لَا أَحْلِفُ.
فَلَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ وَبَاذِلًا لَهُ كَمَا أَنَّ الطَّلَبَ الْمَذْكُورَ لَا يَقْطَعُ مُرُورَ الزَّمَنِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1666) فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ فَهِمَ أَنَّ حُضُورَ الْقَاضِي شَرْطٌ لِجَوَازِ الدَّعْوَى.
وَبِاعْتِبَارٍ آخَرَ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا.
وَحُضُورُ الْمُحَكَّمِ كَحُضُورِ الْقَاضِي فِي الْأُمُورِ الَّتِي تَصِحُّ الدَّعْوَى فِيهَا فِي حُضُورِ الْقَاضِي، وَيَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيهَا (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) .
(حَالَ الْمُنَازَعَةِ) وَيَخْرُجُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ الْإِضَافَةُ حَالَ الْمُسَالَمَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِضَافَةَ، وَإِنْ كَانَتْ لُغَةً دَعْوَى إلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَعْوَى شَرْعًا (الْبَحْرُ) .
حَقَّهُ - وَهَذَا التَّعْبِيرُ يَشْمَلُ الصُّوَرَ الْآتِيَةَ: أَوَّلًا: يَشْمَلُ الْأَعْيَانَ فَإِذَا ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ لِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَأَطْلُبُ تَسْلِيمِي إيَّاهَا فَتَكُونُ الدَّعْوَى دَعْوَى عَيْنٍ.
ثَانِيًا: تَشْمَلُ الدُّيُونَ فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَأَطْلُبُ إعْطَائِي إيَّاهَا فَتَكُونُ الدَّعْوَى دَعْوَى دَيْنٍ.
ثَالِثًا: تَشْمَلُ الْحَقَّ الْوُجُودِيَّ، وَالْحَقُّ الْوُجُودِيُّ كَقَوْلِ الْمُدَّعِي: إنَّ لِي عِنْدَ فُلَانٍ كَذَا مَبْلَغًا.
رَابِعًا: تَشْمَلُ الْحَقَّ الْعَدَمِيَّ، وَالْحَقُّ الْعَدَمِيُّ هُوَ دَعْوَى دَفْعِ التَّعَرُّضِ مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ فُلَانًا يَتَعَرَّضُ لِي فِي الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ بِدُونِ حَقٍّ فَأَطْلُبُ دَفْعَ تَعَرُّضِهِ تُسْمَعُ مِنْهُ هَذِهِ الدَّعْوَى
وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ.
الْمُتَعَرِّضُ بِأَنَّ تَعَرُّضَهُ يَحِقُّ فَالْقَاضِي يَمْنَعُ الْمُتَعَرِّضَ مِنْ التَّعَرُّضِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهَذِهِ الدَّعْوَى تَكُونُ دَعْوَى الْحَقِّ الْعَدَمِيِّ.
أَمَّا دَعْوَى قَطْعِ النِّزَاعِ فَغَيْرُ مَسْمُوعَةٍ (الْبَحْرُ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، الطَّحَاوِيَّ) مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ قَائِلًا: إذَا كَانَ لِفُلَانٍ عِنْدِي حَقٌّ فَلْيَدَّعِ عَلَيَّ بِهِ، وَإِلَّا فَلْيُشْهِدْ عَلَى بَرَاءَتِي فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ إنْ كَانَ لَكَ حَقٌّ فَادَّعِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ هُوَ لَهُ.
فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِهِ، أَوْ أَنْ يَتْرُكَهُ.
وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إنْ شَاءَ ادَّعَى بِهِ هَذَا الْيَوْمَ، وَإِنْ شَاءَ يَدَّعِي بِهِ بَعْدَ خَمْسِ سَنَوَاتٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَا لَوْ رَاجَعَ أَحَدٌ الْقَاضِيَ قَائِلًا: إنَّنِي كُنْتُ مَدِينًا لِفُلَانٍ الْحَاضِرِ بِالْبَلَدِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَقَدْ أَبْرَأَنِي مِنْهَا، أَوْ إنَّنِي أَدَّيْتهَا لَهُ فَأَحْضِرُوهُ وَاسْأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَإِذَا أَنْكَرَ فَإِنَّنِي أُثْبِتُ قَوْلِي فَلَا يَقْبَلُ الْحَاكِمُ دَعْوَاهُ، وَلَا يَجْلِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى الْمُحَاكَمَةِ.
كَذَا لَوْ رَاجَعَ الْمَدِينُ الْقَاضِيَ قَائِلًا: إنَّ الدَّائِنَ فِي مَدِينَةِ أُخْرَى، وَإِنَّهُ سَيَذْهَبُ إلَيْهِ، وَطَلَبَ اسْتِمَاعَ شُهُودِهِ عَلَى الْإِبْرَاءِ، أَوْ عَلَى التَّأْدِيَةِ فَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
وَبِقَوْلِهِ حَقَّهُ: قَدْ أُضِيفَ الْحَقُّ إلَى الْمُدَّعِي، وَكَوْنُ الْحَقِّ لِلْمُدَّعِي إمَّا أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً كَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكَ الْمُدَّعِي، أَوْ حُكْمًا كَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكَ مُوَكِّلِهِ، أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ وَلِيِّهِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .
بِإِضَافَتِهِ إلَى نَفْسِهِ - فَهَذَا يَكُونُ بِقَوْلِهِ: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الرَّجُلِ كَذَا دِرْهَمًا أَوْ بِقَوْلِهِ: إنَّنِي أَدَّيْتُ لِهَذَا الْمُدَّعِي الدَّيْنَ أَوْ إنَّهُ أَبْرَأَنِي مِنْهُ.
أَمَّا إذَا لَمْ يُضِفْهُ إلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِ الْخَارِجِ لِذِي الْيَدِ: إنَّ هَذَا الشَّيْءَ لَيْسَ لَكَ، فَإِذَا لَمْ يَقُلْ: إنَّهُ لِي فَلَا يَكُونُ مُدَّعِيًا وَخَصْمًا فِي الدَّعْوَى؛ فَلِذَلِكَ لَوْ أَحْضَرَ الْمُدَّعِي أَحَدًا إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي، وَقَالَ: إنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ الَّتِي فِي يَدِ هَذَا الرَّجُل لَيْسَتْ لَهُ فَلَا يَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ دَعْوَى فَلِذَلِكَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ السُّؤَالُ الْآتِي: هَلْ هَذِهِ السَّاعَةُ لَكَ؟ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ لَكَ، فَلِمَاذَا هِيَ فِي يَدِكَ؟ (الْبَحْرُ بِزِيَادَةٍ) .
يَدُلُّ عَلَى الْجَزْمِ - يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى، وُقُوعُ طَلَبِ الْحَقِّ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْجَزْمِ وَالْيَقِينِ.
فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّنِي أَظُنُّ، أَوْ أَشْتَبِهُ بِأَنَّ لِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الرَّجُلِ كَذَا دِرْهَمًا، أَوْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِي فِي ذِمَّتِهِ كَذَا دَرَاهِمَ لَا تَصِحُّ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ بِأَنَّهُ يَطْلُبُ لَهُ مِنْهُ يَقِينًا كَذَا مَبْلَغًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
قَوْلًا، أَوْ كِتَابَةً - فَكَمَا تَصِحُّ الدَّعْوَى قَوْلًا تَصِحُّ كِتَابَةً.
فَلِذَلِكَ لِلْإِنْسَانِ الَّذِي يَعْجَزُ عَنْ تَقْرِيرِ مُدَّعَاهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ أَنْ يُحَرِّرَ دَعْوَاهُ عَلَى وَرَقَةٍ وَيُقَرِّرَ دَعْوَاهُ مِنْهَا.
كَذَلِكَ يَسْتَجْوِبُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي يَجْهَلُ لُغَتَهُمَا بِوَاسِطَةِ تُرْجُمَانٍ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1825) .
وَتَعْرِيفُ الدَّعْوَى هَذَا يَشْمَلُ دَفْعَ الدَّعْوَى أَيْضًا.
وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ دَفْعَ الدَّعْوَى قَدْ عُرِفَ فِي الْمَادَّةِ (1631) عَلَى حِدَةٍ إلَّا أَنَّهُ دَعْوَى.
مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الْمُدَّعَى
عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ، فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقَابَلَةً لِدَعْوَاهُ هَذِهِ قَائِلًا: إنَّنِي أَدَّيْتُك الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ فَقَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَامَ هُوَ دَعْوَى حَيْثُ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (158) أَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا فَالْإِيفَاءُ دَعْوَى دَيْنٍ.
كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّكَ أَبْرَأْتَنِي مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَهَذَا الْقَوْلُ مَعْنَى دَعْوَى تَمْلِيكٍ (ابْنِ عَابِدِينَ، الْبَحْرُ) .
وَيُقَالُ لَهُ أَيْ لِلطَّالِبِ الْمُدَّعِي، وَلِلْآخَرِ أَيْ لِلْمَطْلُوبِ مِنْهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
فَإِذَا فُصِّلَتْ هَذِهِ التَّعَارِيفُ أَصْبَحَ تَعْرِيفُ الْمُدَّعِي هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي يَطْلُبُ حَقَّهُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَتَعْرِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي يُطْلَبُ مِنْهُ حَقٌّ فِي حُضُورِ الْقَاضِي.
إلَّا أَنَّ هَذِهِ التَّعَارِيفَ مُنْتَقَضَةٌ بِدَفْعِ الدَّعْوَى حَيْثُ إنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّنِي أَوْفَيْتُكَ تِلْكَ فَهُوَ فِي مَفْهُومِ طَلَبِ حَقِّهِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي.
اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (158) .
بِنَاءً عَلَيْهِ يَصْدُقُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَعْرِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي فَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يُعَرَّفَ الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي إذَا تَرَكَ الْخُصُومَةَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا أَيْ الَّذِي لَا يُجْبَرُ عَلَى طَلَبِ الْحَقِّ.
وَتَعْرِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي إذَا تَرَكَ الْخُصُومَةَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا.
مَثَلًا: لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ مَعَ آخَرَ دَعْوَى تَتَعَلَّقُ بِخُصُوصٍ مَا وَلَمْ يَدَّعِ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى الدَّعْوَى قَائِلًا: ادَّعِ عَلَيَّ بِذَلِكَ الْخُصُوصِ لِتَفْصِلَ الدَّعْوَى بَيْنَنَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ بِزِيَادَةٍ) .
وَهَذِهِ التَّعَارِيفُ لَا تُنْتَقَضُ بِدَفْعِ الدَّعْوَى الْمُبَيَّنِ آنِفًا إذْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الدَّافِعُ مُدَّعِيًا، وَلَهُ تَرْكُ دَفْعِهِ، وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْهُ فِي الْمَحْكَمَةِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيَانِهِ.
إنَّ تَفْرِيقَ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ مَسَائِلِ الدَّعْوَى الَّتِي يُبْنَى عَلَيْهَا مَسَائِلُ مُهِمَّةٌ.
حَيْثُ إذَا لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا لَا يُعْلَمُ لِمَنْ يَكُونُ الْإِثْبَاتُ، وَلَا لِمَنْ يَكُونُ الْيَمِينُ.
أَلَا يُرَى أَنَّ كَلَامَ شَخْصٍ يَكُونُ فِي صُورَةِ الدَّعْوَى؟ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ مَعْنًى لَيْسَ بِدَعْوَى بَلْ إنْكَارًا كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعِ.
مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ رَدَّ الْوَدِيعَةِ فَهُوَ، وَإِنْ كَانَ صُورَةً مُدَّعِيًا إلَّا أَنَّهُ مَعْنًى مُنْكِرٌ لِلُزُومِ الرَّدِّ وَالضَّمَانِ وَلِانْشِغَالِ الذِّمَّةِ وَحَيْثُ إنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الرَّدِّ وَالضَّمَانِ، وَلَا يَحْلِفُ عَلَى كَوْنِهِ رَدَّ وَأَعَادَ الْوَدِيعَةَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ عَلَى النَّفْيِ أَبَدًا (الدُّرَرُ) حَيْثُ إنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْمَعَانِي لَا الْأَلْفَاظِ وَالْمَبَانِي اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (8 وَ 3)(الْهِدَايَةُ) .
وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُودِعُ رَدَّ الْوَدِيعَةِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ مُنْكِرًا بَلْ هُوَ مُدَّعٍ انْشِغَالَ ذِمَّةِ الْمُسْتَوْدَعِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
تَقْسِيمُ الدَّعْوَى - الدَّعْوَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الدَّعْوَى الصَّحِيحَةُ وَهِيَ الدَّعْوَى الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامُ إحْضَارِ الْخَصْمِ