الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ الْأَسَاسِيَّةِ] [
(الْمَادَّةُ 1696) يُشْتَرَطُ سَبْقُ الدَّعْوَى فِي الشَّهَادَةِ بِحُقُوقِ النَّاسِ]
ِ الْمَادَّةُ (1696) - (يُشْتَرَطُ سَبْقُ الدَّعْوَى فِي الشَّهَادَةِ بِحُقُوقِ النَّاسِ) يُشْتَرَطُ سَبْقُ الدَّعْوَى فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِحُقُوقِ النَّاسِ، لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَنْصُوبٌ لِفَصْلِ الْخُصُومَاتِ وَالدَّعَاوَى فَإِذَا لَمْ تَكُنْ أَمَامَ الْقَاضِي دَعْوَى أَوْ خُصُومَةٌ فَالْإِخْبَارُ أَمَامَ الْقَاضِي لِإِثْبَاتِ حَقٍّ لَا يَكُونُ شَهَادَةً كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْمَادَّةِ (1683) .
مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ هَذَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ الَّذِينَ أَتَوْا لِلشَّهَادَةِ فِي تِلْكَ الدَّعْوَى بِأَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ إلَّا أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَهُ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ فَقَالَ الْمُدَّعِي: إنَّنِي لَمْ أُبْرِئْهُ كَمَا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ زَيْدًا قَالَ: بِأَنَّنِي لَمْ أَسْتَدِنْ مِنْ الْمُدَّعِي شَيْئًا كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُبْرِئْنِي مِنْ شَيْءٍ أَيْ لَمْ يَدَعْ الْإِبْرَاءَ فَيَحْكُمُ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى شَهَادَةِ أُولَئِكَ الشُّهُودِ (الْخَانِيَّةُ) . وَقَدْ جَاءَ فِي الزَّيْلَعِيّ (بِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى وُجُوبِ الْعَشَرَةِ فَتُقْبَلُ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِقَضَاءِ النِّصْفِ فَلَا يُقْبَلُ لِعَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْمُدَّعِيَ كَذَّبَ شَاهِدَهُ بِالْقَضَاءِ فَيَنْبَغِي أَلَّا تُقْبَلَ كَمَا إذَا شَهِدَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي أَلْفًا، لِأَنَّا نَقُولُ لَمْ يُكَذِّبْهُ فِيمَا شَهِدَ لَهُ وَإِنَّمَا كَذَّبَهُ فِيمَا شَهِدَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَقْدَحُ) . وَيُرَى فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَدَّعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِبْرَاءَ بِطَرِيقِ الدَّفْعِ أَصْبَحَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِبْرَاءِ بِلَا حُكْمٍ إلَّا أَنَّهُ عَلَى الشَّاهِدِ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَخَذَ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَلَّا يَشْهَدَ عَلَى الدَّيْنِ حَتَّى لَا يَكُونَ مُعِينًا لِلظَّالِمِ (أَبُو السُّعُودِ) كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِأَنَّ لِلْمُتَوَفَّى فُلَانٍ فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ مِيرَاثًا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ زَيْدٍ فَلَا يُحْكَمُ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ مَا لَمْ يَكُنْ مُدَّعٍ لِلدَّعْوَى. وَيَجِبُ لِهَذِهِ الدَّعْوَى وُجُودُ شَرْطَيْنِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى الْمَسْبُوقَةَ هِيَ نَفْسُ الدَّعْوَى الَّتِي شَهِدَ بِهَا الشُّهُودُ فَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ مُوَافِقَةً لِلدَّعْوَى تُقْبَلُ. لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ دَعْوَى فَإِذَا كَانَتْ مُخَالِفَةً لَهَا فَلَا تُقْبَلُ. لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ دَعْوَى لِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ هِيَ فِي حُكْمِ السَّبَبِ وَالْعِلَّةُ لِلْمَادَّةِ (1706)(تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى صَحِيحَةً فَلِذَلِكَ لَا تُقَامُ الشُّهُودُ عَلَى دَعْوَى غَيْرِ صَحِيحَةٍ
مَثَلًا، إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: لَيْسَ لَك فِي ذِمَّتِي حَقٌّ وَإِنِّي لَا أَعْرِفُك مُطْلَقًا فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي مَطْلُوبَهُ فَرَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَدَفَعَ الدَّعْوَى قَائِلًا: إنَّنِي أَدَّيْت لَك ذَلِكَ الْمَبْلَغَ أَوْ إنَّكَ أَبْرَأْتَنِي مِنْهُ وَأَرَادَ إثْبَاتَ دَفْعِهِ هَذَا لَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ خُصُومَةٌ وَقَضَاءٌ وَلَا يَعْرِفُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ الشَّهَادَةِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1647) وَشَرْحُهَا. فَإِذَا سَبَقَتْ الدَّعْوَى حَسَبِ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ صَحِيحَةً وَيُعْمَلُ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (1818) أَمَّا إذَا لَمْ تَسْبِقْ الدَّعْوَى فَلَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِهَا. الشَّهَادَةُ بِحُقُوقِ النَّاسِ: إذْ لَا يُشْتَرَطُ سَبْقُ الدَّعْوَى فِي الشَّهَادَةِ بِحُقُوقِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الِادِّعَاءَ بِحُقُوقِ اللَّهِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ إنْسَانٍ وَبِمَا أَنَّ كُلَّ إنْسَانٍ خَصْمٌ فِي تِلْكَ الدَّعَاوَى فَتَكُونُ الدَّعْوَى مَوْجُودَةً حُكْمًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي بَابِ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ) بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يُشْتَرَطُ مُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى فِي حُقُوقِ اللَّهِ؛ مَثَلًا لَوْ قَالَتْ الْمُدَّعِيَةُ إنَّ فُلَانًا قَدْ طَلَّقَنِي بِالْوَكَالَةِ عَنْ زَوْجِي وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ زَوْجَهَا الْمَذْكُورَ قَدْ طَلَّقَهَا بِالذَّاتِ فَتُقْبَلُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ)
وَبَعْضُ الْمَسَائِلِ الَّتِي هِيَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ وَاَلَّتِي تُقْبَلُ بِهَا الشَّهَادَةُ بِدُونِ سَبْقِ دَعْوَى هِيَ كَمَا يَأْتِي: الْوَقْفُ وَالْحُدُودُ وَالطَّلَاقُ وَالْإِيلَاءُ بِحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ وَالظِّهَارُ وَعِتْقُ الْأَمَةِ وَتَدْبِيرُهَا (الْأَشْبَاهُ) . الْوَقْفُ: إذَا كَانَ مَالًا مَوْقُوفًا عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ عَلَى فُقَرَاءَ فَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِلَا دَعْوَى وَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا تُقْبَلُ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ مَوْقُوفًا عَلَى أَشْخَاصٍ مُعَيَّنِينَ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ مَوْقُوفًا عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِلَا دَعْوَى بِالْإِجْمَاعِ (الْحَمَوِيُّ) . مَثَلًا؛ إذَا بَاعَ أَحَدٌ عَقَارَهُ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّنِي كُنْت وَقَفْت ذَلِكَ الْعَقَارَ لِلْفُقَرَاءِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيُحْكَمُ بِمُوجَبِهَا بِوَقْفِيَّةِ الْعَقَارِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَدْ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ بِدُونِ دَعْوَى وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ يُوجَدُ هُنَا دَعْوَى الْبَائِعِ وَالْوَاقِفِ إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ لِلتَّنَاقُضِ بَيْنَ ادِّعَائِهِ الْوَقْفَ وَبَيْنَ بَيْعِهِ الْمَالَ قَبْلَهُ فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ بِدُونِ سَبْقِ دَعْوَى وَيُفَضُّ الْبَيْعُ بِهَا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ قَبِيلَ الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ) .
أَمَّا إذَا لَمْ يُقِمْ الْمُدَّعِي شُهُودًا عَلَى دَعْوَاهُ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ التَّحْلِيفَ بِنَاءً عَلَى الدَّعْوَى وَالدَّعْوَى لَمْ تَصِحَّ لِلتَّنَاقُضِ وَإِذَا كَانَ الْمَذْكُورُ مُتَوَلِّيًا يُعْزَلُ مِنْ - التَّوْلِيَةِ وَيُسَلَّمُ الْعَقَارُ إلَى مُتَوَلٍّ آخَرَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) الطَّلَاقُ: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَنَّ زَيْدًا هَذَا قَدْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ هِنْدًا الْغَائِبَةَ