الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَمْرِ الْقَضَاءِ أَنْ يَحْكُمَ وَهُوَ مُسْتَوٍ فِي الْجُلُوسِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْكُمَ وَهُوَ مُتَّكِئٌ إذْ بِالْإِتْكَاءِ يَسْتَرِيحُ الْقَاضِي فَيَحْسُنُ رَأْيُهُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْكُمَ وَهُوَ مَاشٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَشْغُولًا بِالْمَشْيِ لَا يَجْتَمِعُ لَهُ رَأْيٌ. يَنْبَغِي عَلَى الْقَاضِي أَلَّا يَجْلِسَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه كَانَ لَا يَحْكُمُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي مَجْلِسِهِ أَرْبَعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه كَانَ يُحْضِرُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ فَلِذَلِكَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُوجِدَ أَشْخَاصًا عَدِيدِينَ مِنْ الْفُقَهَاءِ فِي مَجْلِسِهِ، وَأَنْ يَتَشَاوَرَ مَعَهُمْ كَمَا أَنَّ جُلُوسَ الْقَاضِي وَحْدَهُ يَجْعَلُهُ عُرْضَةً لِتُهْمَةِ الرِّشْوَةِ وَالْغَدْرِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) . وَمَعَ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ الْقَاضِي عَالِمًا فَلَا بَأْسَ مِنْ جُلُوسِهِ وَحْدَهُ أَمَّا إذَا كَانَ جَاهِلًا بِأُمُورِ الْقَضَاءِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إحْضَارُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَجْلِسَهُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الَّذِي لَا يَكُونُ عَالِمًا لَا يُؤْمَنُ خَوْفًا مِنْ ضَيَاعِ الْحَقِّ فَوُجُودُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مَجْلِسِهِ يَكُونُ مِنْهُ فَائِدَةٌ إذْ يُنَبِّهُونَهُ إلَى الْحَقِّ وَيُرْشِدُونَهُ إلَى الطَّرِيقِ، وَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يُجْلِسَ أَهْلَ الْعِلْمِ بِقُرْبِهِ (الزَّيْلَعِيّ) .
كُتَّابُ الْقَاضِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَاتِبُ الْقَاضِي أَمِينًا صَالِحًا وَوَاقِفًا عَلَى أُصُولِ ضَبْطِ الْقَضَايَا وَتَنْظِيمِ الْإِعْلَامَاتِ حَتَّى لَا يَفْسُدَ الْإِعْلَامُ الَّذِي يُحَرِّرُهُ؛ لِإِخْلَالِهِ بِبَعْضِ الشُّرُوطِ وَالْقَاضِي يُجْلِسُ كَاتِبَهُ فِي مَوْضِعٍ مُنَاسِبٍ لِمَنْعِهِ مِنْ أَخْذِ الْهَدَايَا أَوْ إجْرَاءِ عَمَلٍ آخَرَ. وَيَضْبِطُ هَذَا الْكَاتِبُ ادِّعَاءَ الطَّرَفَيْنِ وَمُدَافَعَتَهُمَا وَشَهَادَةَ الشُّهُودِ.
خَدَمَةُ الْقَاضِي وَالْمُحْضِرُونَ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُوجَدَ لَدَيْهِ أَثْنَاءَ الْمُرَافَعَةِ خَدَمَةٌ؛ لِيَمْنَعُوا النَّاسَ مِنْ الْكَلَامِ الْغَيْرِ اللَّازِمِ، وَمَنْ إجْرَاءِ أَعْمَالٍ مُخِلَّةٍ بِآدَابِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ التَّكَلُّمَ بِأُمُورٍ غَيْرِ لَازِمَةٍ فِي حُضُورِ الْقَاضِي يَكْسِرُ حُرْمَةَ الْقَاضِي، وَصِيَانَةَ مَاءِ وَجْهِهِ وَاجِبَةٌ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . وَيَجِبُ أَنْ يَقِفَ هَؤُلَاءِ الْخَدَمَةِ فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ عَنْ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ وُجُودَ هَؤُلَاءِ هُوَ لِلْمَهَابَةِ وَوُقُوفُهُمْ بَعِيدًا مِمَّا يُزِيلُ الْمَهَابَةَ (الزَّيْلَعِيّ) .
ثِيَابُ الْقَاضِي: كَمَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُبَادِرَ إلَى الْمُحَاكَمَةِ، وَهُوَ فِي أَعْدَلِ الْأَحْوَالِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ يَلْبَسَ أَحْسَنَ الثِّيَابِ فَلُبْسُ الْقَاضِي ثِيَابًا غَيْرَ نَظِيفَةٍ أَوْ مُمَزَّقَةً مِمَّا يُخِلُّ بِمَهَابَتِهِ (الْخَانِيَّةُ) .
الشُّهُودُ السَّامِعُونَ: بِمَا أَنَّهُ يَجِبُ عِنْدَ الْإِيجَابِ إثْبَاتُ حُكْمِ الْقَاضِي فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُوجِدَ فِي مَجْلِسِهِ شُهُودًا مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَمَنْ السَّامِعِينَ (الزَّيْلَعِيّ) ، وَإِنَّ سَبَبَ ذِكْرِ الْمَجَلَّةِ فِي الْمَادَّةِ (1815) لُزُومُ إجْرَاءِ الْمُحَاكَمَةِ عَلَنًا هُوَ لِهَذَا السَّبَبِ.
بَوَّابُ الْمَحْكَمَةِ يُوقِفُ الْقَاضِي عَلَى بَابِ الْمَحْكَمَةِ بَوَّابًا وَهَذَا الْبَوَّابُ يَمْنَعُ مُهَاجَمَةَ أَصْحَابِ الْمَصَالِحِ إلَى غُرْفَةِ الْقَاضِي وَيُدْخِلُهُمْ بِتَرْتِيبِهِمْ وَلَيْسَ لِلْبَوَّابِ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ أَصْحَابِ الْمَصَالِحِ؛ لِإِدْخَالِهِمْ إلَى غُرْفَةِ الْقَاضِي.
[
(الْمَادَّةُ 1796) الْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَدِيَّةَ أَحَدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ]
الْمَادَّةُ (1796)(الْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَدِيَّةَ أَحَدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ) الْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَدِيَّةَ أَحَدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ، وَكَذَا رِشْوَتُهُمَا؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْهَدِيَّةِ وَالرِّشْوَةِ يُؤَدِّي إلَى
مُرَاعَاةِ الْمُهْدِي، وَيُؤَدِّي إلَى الْإِخْلَالِ بِالْعَدَالَةِ. وَالْحَالُ أَنَّ الْقَاضِيَ مَأْمُورٌ بِالْعَدْلِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1759) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ بِزِيَادَةٍ) . قَاعِدَةٌ: قَبُولُ الْهَدِيَّةِ الَّتِي سَبَبُهَا الْوِلَايَةُ حَرَامٌ؛ لِأَنَّ «الرَّسُولَ عليه الصلاة والسلام لَمَّا عَلِمَ بِأَخْذِ أَحَدِ مُوَظَّفِي بَيْتِ الْمَالِ هَدِيَّةً خَطَبَ عَلَى الْمِنْبَرِ قَائِلًا: لَوْ قَعَدَ فِي بَيْتِ أُمِّهِ، وَأَبِيهِ هَلْ كَانَ يُهْدَى لَهُ» الْبُخَارِيُّ) كَمَا أَنَّ الْخَلِيفَةَ عُمَرَ رضي الله عنه لَمَّا رَأَى أَحَدَ مَأْمُورِي بَيْتِ الْمَالِ عَائِدًا بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ سَأَلَهُ قَائِلًا: مِنْ أَيْنَ أَخَذْت هَذِهِ فَأَجَابَهُ إنَّهَا هَدَايَا فَحِينَئِذٍ تَلَا عَلَيْهِ قَوْلَ الرَّسُولِ، وَضَبَطَ الْهَدَايَا الْمَذْكُورَةَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَقَدْ قَالَ الْخَلِيفَةُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إنَّ الْهَدَايَا كَانَتْ هَدَايَا فِي عَهْدِ الرَّسُولِ أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَقَدْ أَصْبَحَتْ رِشْوَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَفَتْحُ الْقَدِيرِ) . وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ مِنْ غَيْرِ الْأَصْدِقَاءِ وَالْمَعَارِفِ؛ لِأَنَّ الْهَدِيَّةَ الْمَذْكُورَةَ لَمْ تَكُنْ إلَّا رِشْوَةً مَسْتُورَةً (جَلَاءُ الْقُلُوبِ للبركوي) إنَّ كُلَّ هَدِيَّةٍ يَأْخُذُهَا مُوَظَّفٌ فِي وَظَائِفِ الْحُكُومَةِ هِيَ بِمَثَابَةِ الْهَدِيَّةِ الَّتِي يَأْخُذُهَا الْقَاضِي (الْفَتْحُ) .
أَقْسَامُ الْهَدِيَّةِ: الْهَدِيَّةُ تَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ. الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الْهَدِيَّةُ تَكُونُ حَلَالًا لِلْجَانِبَيْنِ وَهِيَ الْهَدَايَا الَّتِي تُهْدَى إلَى غَيْرِ الْقَاضِي وَالْمُوَظَّفُ كَهَدَايَا الْأَحِبَّاءِ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي، وَالْمُوَظَّفُ فِي أَحَدِ وَظَائِفِ الْحُكُومَةِ أَنْ يَأْخُذَ هَدِيَّةً مِنْ أَحَدِ النَّاسِ مِنْ هَذَا النَّوْعِ أَيْ إنْ أَخَذَ الْهَدِيَّةَ الَّتِي تَعَاطِيهَا حَلَالٌ وَمَشْرُوعٌ بَيْنَ النَّاسِ هُوَ حَرَامٌ وَرِشْوَةٌ لِلْقَاضِي وَالْمُوَظَّفُ وَالْهَدِيَّةُ الَّتِي هِيَ مَوْضُوعُ الْبَحْثِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْهَدَايَا. الْقِسْمُ الثَّانِي: الْهَدَايَا الْمُحَرَّمَةُ عَلَى الْجَانِبَيْنِ كَالْهَدِيَّةِ لِلْإِعَانَةِ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَأْثَمُ الْمُعْطِي وَالْآخِذُ وَيَكُونَانِ مُرْتَكِبَيْنِ الْحَرَامَ، وَيَجِبُ رَدُّ الْهَدِيَّةِ إلَى مُعْطِيهَا وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْهَدَايَا مُحَرَّمٌ عَلَى الْقَاضِي وَعَلَى النَّاسِ الْآخَرِينَ. الْقِسْمُ الرَّابِعُ: الْهَدِيَّةُ الَّتِي تُعْطَى مِنْ الدَّافِعِ لِخَوْفِهِ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالٍ وَيَحِلُّ لِلدَّافِعِ إعْطَاءُ هَذِهِ الْهَدِيَّةِ وَيَحْرُمُ أَخْذُهَا؛ لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ الْغَيْرِ وَاجِبٌ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْمَالِ لِإِجْرَاءِ الْوَاجِبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ) .
إيضَاحُ الْقُيُودِ. مِنْ الْخَصْمَيْنِ: إنَّ تَعْبِيرَ مِنْ الْخَصْمَيْنِ لَمْ يَكُنْ احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَ هَدِيَّةً مِنْ غَيْرِ الْخَصْمَيْنِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْقَاضِي قَبُولُ الْهَدِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ كَثِيرَةً أَمْ قَلِيلَةً وَحَتَّى لَوْ كَانَتْ حَقِيرَةً وَسَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ. هَدِيَّةٌ: وَتَعْبِيرُ هَدِيَّةٍ لَيْسَتْ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الِاسْتِعَارَةِ وَالِاسْتِقْرَاضِ، وَاشْتِرَاءِ الْمَالِ بِطَرِيقِ الْمُحَابَاةِ
وَالرِّشْوَةِ إذْ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَعِيرَ أَوْ يَسْتَقْرِضَ أَوْ يَشْتَرِيَ مَالًا مِنْ أَحَدٍ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ، وَأَنْ يَقْبَلَ رِشْوَةً مِنْ الْمُحِقِّ أَوْ الْمُبْطِلِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ. الْمُعَامَلَةُ الَّتِي تَجْرِي فِي حَقِّ الْهَدِيَّةِ الَّتِي يَأْخُذُهَا الْقَاضِي، يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي رَدُّ الْهَدِيَّةِ الَّتِي أَخَذَهَا لِصَاحِبِهَا؛ لِأَنَّهُ حَسَبَ حُكْمِ الْمَادَّتَيْنِ (890 وَ 891) مِنْ الْمَجَلَّةِ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا يَجِبُ رَدُّهُ إلَى صَاحِبِهِ عَيْنًا، وَإِذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا يَجِبُ رَدُّهُ بَدَلًا، أَمَّا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْهَدِيَّةِ غَيْرَ مَعْلُومٍ أَوْ كَانَ مَعْلُومًا وَكَانَ رَدُّ الْهَدِيَّةِ إلَيْهِ مُتَعَذِّرًا لِوُجُودِهِ فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ فَيَعْتَبِرُ الْقَاضِي تِلْكَ الْهَدِيَّةَ لُقَطَةً، وَيَضَعُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ إعْطَاءَ الْهَدِيَّةِ لِلْقَاضِي هُوَ لِكَوْنِهِ قَاضِيًا وَنَائِبًا فَالْهَدِيَّةُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى هِيَ لِلْعَامَّةِ فَيَجِبُ وَضْعُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ الْمُعَدِّ لِمَنَافِعِ الْعَامَّةِ وَيَكُونُ هَذَا الْمَالُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لُقَطَةً يُرَدُّ إلَى صَاحِبِهِ عِنْدَ ظُهُورِهِ (الْفَتْحُ وَالْعِنَايَةُ) . أَمَّا إذَا وَجَدَ الْقَاضِي أَنَّ رَدَّ الْهَدِيَّةِ الَّتِي أُعْطِيت لَهُ مِنْ بَعْضِ أَحِبَّائِهِ تُوجِبُ تَأَذِّيهمْ فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَهَا بَعْدَ دَفْعِ تَمَامِ قِيمَتِهَا.
مُسْتَثْنًى: لِلْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَ الْهَدَايَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ 1 - لِلْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَ هَدِيَّةً مِنْ الشَّخْصِ الَّذِي قَلَّدَهُ الْقَضَاءَ، وَاَلَّذِي مَرْتَبَتُهُ فَوْقَ مَرْتَبَةِ الْقَاضِي. مَثَلًا: لَوْ عَيَّنَ قَاضِي وِلَايَةٍ نُوَّابًا عَنْهُ فِي دَائِرَةِ قَضَائِهِ، وَأَهْدَى الْقَاضِي لِنُوَّابِهِ هَدَايَا فَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوهَا وَلَكِنْ لَيْسَ لِلنُّوَّابِ أَنْ يُهْدُوا ذَلِكَ الْقَاضِيَ. كَذَلِكَ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ الَّذِي يُعَيِّنُ قُضَاةً لِلْمُدُنِ أَنْ يُهْدِيَ الْقُضَاةَ الَّذِينَ عَيَّنَهُمْ (الْأَشْبَاهُ) .
2 -
لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ هَدِيَّةً مِنْ أَقْرِبَائِهِ ذَوِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَكُونَ لَهُ قَضِيَّةٌ (الْعِنَايَةُ) ؛ لِأَنَّ رَدَّ هَدِيَّةِ ذِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ يُوجِبُ قَطْعَ الرَّحِمِ وَهُوَ حَرَامٌ، وَلَفْظُ الْكِتَابِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُهَادَاةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُهَادَاةَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْقَضَاءِ شَرْطٌ لِقَبُولِهَا كَالْأَجْنَبِيِّ (الْعِنَايَةُ) .
3 -
لِلْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحِبِّهِ وَصَدِيقِهِ الَّذِي أَعْتَادَ إهْدَاءَهُ قَبْلَ نَصْبِهِ قَاضِيًا هَدِيَّتَهُ الَّتِي لَا تَكُونُ زِيَادَةً عَنْ الْمُعْتَادِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ تِلْكَ الْهَدِيَّةِ لَمْ يَكُنْ لِلْقَضَاءِ بَلْ قِيَامًا بِالْعَادَةِ وَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهَا الرِّشْوَةُ، وَالْعَادَةُ تَثْبُتُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ (الْحَمَوِيُّ) . وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُهْدِي دَعْوَى فَإِذَا كَانَ لَهُ دَعْوَى فَالْقَاضِي يَرُدُّ كُلَّ تِلْكَ الْهَدِيَّةِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ تِلْكَ الْهَدِيَّةِ الْقَضَاءُ (الزَّيْلَعِيّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَبَعْدَ فَصْلِ دَعْوَاهُ، وَانْتِهَاءِ دَعَاوِيهِ وَخُصُومَاتِهِ لَا يَجُوزُ قَبُولُ هَدِيَّةِ مَنْ أَعْتَادَ الْإِهْدَاءَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَمَا أَنَّهُ إذَا أَهْدَى الشَّخْصُ الَّذِي أَعْتَادَ الْإِهْدَاءَ لِلْقَاضِي قَبْلَ تَقَلُّدِهِ الْقَضَاءَ هَدِيَّتَهُ الَّتِي أَعْتَادَهَا فَيَرُدُّ الْقَاضِي الزِّيَادَةَ بِسَبَبِ الْقَضَاءِ أَمَّا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ وَاقِعَةً فِي الْمَعْنَى وَلَيْسَ فِي الْمِقْدَارِ وَكَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ رَدُّ الزِّيَادَةِ فَيَرُدُّهَا الْقَاضِي جَمِيعَهَا. مَثَلًا: إذَا أَعْتَادَ وَاحِدٌ أَنْ يُهْدِيَ الْقَاضِيَ قَبْلَ تَقَلُّدِهِ الْقَضَاءَ حُلَّةً مِنْ الْكَتَّانِ فَأَهْدَاهُ بَعْدَ
الْقَضَاءِ حُلَّةً مِنْ الْحَرِيرِ فَيَرُدُّ الْقَاضِي جَمِيعَ تِلْكَ الْحُلَّةِ. لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ تَزَايَدَ مَالُ الْمُهْدِي فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَالرِّشْوَةُ هِيَ الْمَالُ الَّذِي يُدْفَعُ بِشَرْطِ الْإِعَانَةِ أَمَّا الْهَدِيَّةُ فَهِيَ الْمَالُ الَّذِي يُدْفَعُ بِلَا شَرْطِ الْإِعَانَةِ. وَالرِّشْوَةُ تُقْسَمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: 1 - الرِّشْوَةُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَى الْآخِذِ وَالْمُعْطِي كَالرِّشْوَةِ الَّتِي تُعْطَى لِلْقَاضِي لِيَحْكُمَ لَهُ وَيَأْثَمُ الْمُعْطِي فِي إعْطَاءِ الرِّشْوَةِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ، وَلَوْ كَانَ مُحِقًّا فِي دَعْوَاهُ وَيَأْثَمُ الْقَاضِي إذَا حَكَمَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ بِنَاءً عَلَى الرِّشْوَةِ الَّتِي أَخَذَهَا، وَلَوْ كَانَ الرَّاشِي مُحِقًّا فِي دَعْوَاهُ وَيَكُونُ مَلْعُونًا.
2 -
الرِّشْوَةُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَى الْآخِذِ وَغَيْرُ الْمُحَرَّمَةِ عَلَى الدَّافِعِ كَمَا لَوْ دَفَعَ أَحَدٌ رِشْوَةً لِأَحَدٍ لِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ دَفَعَ أَحَدٌ لِآخَرَ رِشْوَةً لِتَحَقُّقِهِ طَمَعَهُ فِي مَالِهِ وَبِقَصْدِ تَخْلِيصِ بَعْضِ مَالِهِ مِنْهُ فَأَخْذُ الرِّشْوَةِ مِنْ طَرَفِ الْآخِذِ حَرَامٌ وَمَمْنُوعٌ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) وَلَكِنْ لَيْسَ مُحَرَّمًا إعْطَاؤُهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (21) . 3 - لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ أَمْرٌ مُحِقٌّ فِيهِ عِنْدَ وَالٍ فَأَدَّى أَحَدُ الْأَشْخَاصِ غَيْرَ الْمُوَظَّفِينَ مَالًا لِيَقُومَ لَهُ بِإِتْمَامِ ذَلِكَ الْأَمْرِ فَيَحِلُّ دَفْعُ ذَلِكَ وَأَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ مُعَاوَنَةُ الْإِنْسَانِ لِلْآخَرِ بِدُونِ مَالٍ، وَاجِبَةً فَأَخْذُ الْمَالِ مُقَابِلُ الْمُعَاوَنَةِ لَمْ يَكُنْ إلَّا بِمَثَابَةِ أُجْرَةٍ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ بِتَغْيِيرٍ يَسِيرٍ) .
4 -
أَنْ يَكُونَ أَخْذُهُ، وَإِعْطَاؤُهُ حَلَالًا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ رِشْوَةً بَلْ بَدَلَ إيجَارٍ وَهُوَ كَمَا ذُكِرَ فِي مِثَالِ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَهُوَ إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ آخَرَ لِيَقُومَ لَهُ بِشُغْلٍ مَا لِوَقْتٍ الْمَسَاءِ بِكَذَا دِرْهَمًا فَاسْتِخْدَامُ ذَلِكَ الرَّجُلِ فِي شُغْلٍ آخَرَ مُبَاحٌ (الْخَانِيَّةُ) . حُرْمَةُ الرِّشْوَةِ - وَالرِّشْوَةُ حَرَامٌ شَرْعًا وَحُرْمَتُهَا ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ قَوْله تَعَالَى -:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29] وَتَصْدِيرُ الْخِطَابِ بِالنِّدَاءِ وَالتَّنْبِيهِ لِلِاعْتِنَاءِ بِمَضْمُونِ مَا وَرَدَ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْبَاطِلِ الْأَسْبَابُ الْمُخَالِفَةُ لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ كَالْأَشْيَاءِ الَّتِي لَمْ يُبِحْهَا كَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَالْخِيَانَةِ، وَالْقِمَارِ وَعُقُودِ الرِّبَا {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا} [النساء: 30] أَيْ إفْرَاطًا فِي التَّجَاوُزِ عَنْ الْحَدِّ، وَإِتْيَانًا بِمَا لَا يَسْتَحِقُّهُ {فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا} [النساء: 30] (تَفْسِيرُ أَبِي السُّعُودِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ) . وَقَدْ وَرَدَ فِي آيَةٍ جَلِيلَةٍ أُخْرَى {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: 42] أَيْ الْحَرَامِ كَالرِّشْوَةِ مِنْ (سَحَتَهُ) إذَا اسْتَأْصَلَهُ؛ لِأَنَّهُ مَسْحُوتُ الْبَرَكَةِ (الْقَاضِي) .
السُّنَّةُ: قَدْ وَرَدَ فِي السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ حَدِيثُ «لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ» وَالرَّاشِي: هُوَ الدَّافِعُ لِلرِّشْوَةِ. وَالْمُرْتَشِي: هُوَ الْأَخْذُ لَهَا. وَالرَّائِشُ: هُوَ الْوَاسِطَةُ بَيْنَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ شَرِيفٍ آخَرَ «وَقَبُولُ الْقَاضِي الرِّشْوَةَ كُفْرٌ» (الْجَامِعُ الصَّغِيرُ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي.» وَاللَّعْنَةُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الطَّرْدِ وَفِي الْعُرْفِ تُسْتَعْمَلُ فِي طَرْدِ اللَّهِ عز وجل شَخْصًا مِنْ رَحْمَتِهِ فَإِذَا
كَانَ اللَّعْنُ مِنْ طَرَفِ اللَّهِ فَيُقْصَدُ بِهِ الْقَطْعُ فِي الدُّنْيَا مِنْ الْخَيْرِ وَالتَّوْفِيقِ، وَالْإِبْعَادُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ اللُّطْفِ وَالرَّحْمَةِ (شَرْحُ الْآمَالِ) فَإِذَنْ يَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْمَذْكُورِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ قَطَعَ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ مِنْ الْخَيْرِ وَالتَّوْفِيقِ فِي الدُّنْيَا، وَأَبْعَدَهُ مِنْ اللُّطْفِ وَالْإِحْسَانِ فِي الْآخِرَةِ، وَلِذَلِكَ فَأَخْذُ الرِّشْوَةِ، وَإِعْطَاؤُهَا مُحَرَّمٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (34) . فَالْجُرْأَةُ عَلَى هَذِهِ الْأَفْعَالِ الْبَاطِلَةِ وَالْبَاعِثَةِ لِلَّعْنَةِ شَرْعًا نَاشِئَةٌ عَنْ ظُلْمَةِ الْقَلْبِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْقَلْبِ الْمُسْتَنِيرِ يَسْتَنِيرُ بِهَدْيِ الْهِدَايَةِ فَيَنْظُرُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ، وَمَنَعَ نَفْسَهُ فَيَقُولُ فِي نَفْسِهِ: إنَّ الدُّنْيَا ظِلٌّ زَائِلٌ وَخَيَالٌ بَاطِلٌ (الْعَيْنِيُّ شَرْحُ الْبُخَارِيِّ) .
إذْ إنَّ الدُّنْيَا غَيْرُ بَاقِيَةٍ لِأَحَدٍ وَمَالَ الدُّنْيَا لَا يَبْقَى لِأَحَدٍ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7]{وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 8] . وَقَدْ خَطَبَ الرَّسُولُ عليه السلام فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلَكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ الْحَدِيثَ. ثُمَّ قَالَ أَلَا هَلْ بَلَّغْت مَرَّتَيْنِ» (الْبُخَارِيُّ) لَوْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَانَقٌ وَلَهُ عَمَلُ سَبْعِينَ نَبِيًّا مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُؤَدِّيَ ذَلِكَ الدَّانَقَ، وَيُعْطَى لِصَاحِبِ الدَّانَقِ فِي دَانَقِهِ سَبْعُمِائَةِ صَلَاةٍ مَقْبُولَةٍ فَلَا يُرْضِيهِ بِذَلِكَ (تَذْكِرَةُ الْقُرْطُبِيِّ) . وَعِنْدَمَا مَرِضَ النَّبِيُّ 204، وَأَصْبَحَ غَيْرَ قَادِرٍ اتَّكَأَ عَلَى أَوْلَادِ عَمِّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ رضي الله عنه وَصَعِدَ إلَى الْمِنْبَرِ وَخَطَبَ قَائِلًا: أَيُّهَا النَّاسُ «مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيَّ دَيْنٌ؟ ؟» . فَطَلَبَ مِنْهُ أَحَدُ النَّاسِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَأَدَّاهَا النَّبِيُّ لَهُ.
إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِالرِّشْوَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ حُكْمُهُ قَبْلَ أَخْذِهِ الرِّشْوَةَ أَوْ بَعْدَ أَخْذِ الرِّشْوَةِ فَفِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. 1 - فَعَلَى قَوْلٍ إنَّ حُكْمَ الْقَاضِي صَحِيحٌ إذَا كَانَ مُوَافِقًا لِلْمَسْأَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ سَوَاءٌ فِي الدَّعْوَى الَّتِي ارْتَشَى فِيهَا أَوْ الَّتِي لَمْ يَرْتَشِ فِيهَا وَبِأَخْذِ الرِّشْوَةِ لَا يَبْطُلُ الْحُكْمُ لِأَنَّ حَاصِلَ أَخْذِ الرِّشْوَةِ هُوَ فِسْقُ الْقَاضِي وَبِمَا أَنَّ فِسْقَ الْقَاضِي لَا يُوجِبُ انْعِزَالَهُ فَوِلَايَةُ الْقَاضِي بَاقِيَةٌ، وَإِذَا كَانَ قَضَاؤُهُ بِحَقٍّ يَلْزَمُ نَفَاذُ قَضَائِهِ 2 - وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُ الْقَاضِي فِي الدَّعْوَى الَّتِي ارْتَشَى فِيهَا حَتَّى لَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَانِيَّةِ: بِأَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ أَخَذَ رِشْوَةً وَحَكَمَ فَحُكْمُهُ غَيْرُ نَافِذٍ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ كَانَ حُكْمُهُ بِحَقٍّ لِأَنَّ الْقَاضِيَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ قَدْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْحُكْمِ وَالِاسْتِئْجَارُ لِلْحُكْمِ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ عَلَى الْقَاضِي فِي " الْوَلْوَالِجِيَّةِ آدَابِ الْقَاضِي ".