الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنَّ هَذَا الشَّرْطَ الثَّالِثَ هُوَ شَرْطٌ لِإِسْقَاطِ تَلَوُّمِ الْقَاضِي وَلَيْسَ شَرْطًا لِلْحُكْمِ، فَعَلَيْهِ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ: نَشْهَدُ بِأَنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ هُوَ وَلَدٌ لِلْمُتَوَفَّى فُلَانٍ أَوْ وَارِثُهُ وَلَمْ يَقُولُوا فِي شَهَادَتِهِمْ بِأَنَّهُ لَا وَارِثَ خِلَافُهُ فَالْقَاضِي يَنْتَظِرُ مُدَّةً لِظُهُورِ وَارِثٍ آخَرَ وَبَعْدَ الِانْتِظَارِ يُسَلِّمُ الْمَالَ لِلْمُدَّعِي. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ فَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّ مُدَّةَ التَّلَوُّمِ مُفَوَّضَةٌ لِرَأْيِ الْقَاضِي وَأَمَّا الْإِمَامَانِ فَقَدْ قَالَا بِأَنَّهَا سَنَةٌ وَاحِدَةٌ.
مِثَالٌ لِلشَّهَادَةِ الْجَامِعَةِ لِلشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ هُوَ: أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ: إنَّ أَبَ الْمُتَوَفَّى زَيْدٌ، وَأُمَّهُ زَيْنَبُ. وَأَبُو هَذَا الْوَارِثِ زَيْدٌ وَأُمُّهُ زَيْنَبُ لِذَلِكَ فَهُوَ أَخٌ لِأَبَوَيْنِ لِلْمُتَوَفَّى وَوَارِثِهِ وَلَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى مِنْ وَارِثٍ خِلَافُهُ أَوْ لَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى مِنْ وَارِثٍ خِلَافُهُ وَمِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ أَوْ لَا أَعْلَمُ بِأَنَّ لِلْمُورِثِ وَرَثَةً غَيْرَ هَؤُلَاءِ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يُدْرِكَ الشُّهُودُ الْمَيِّتَ فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يُدْرِكْ الشُّهُودُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ بِأَنَّ فُلَانًا ابْنَ فُلَانٍ قَدْ تَوَفَّى وَقَدْ تَرَكَ الْمَيِّتُ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا لِهَذَا الْمُدَّعِي فَتَكُونُ شَهَادَتُهُمْ بَاطِلَةً. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1688)(رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَذِكْرُ اسْمِ الْمَيِّتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ شَهِدَ أَنَّهُ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ وَوَارِثُهُ وَلَمْ يُسَمِّ الْمَيِّتَ تُقْبَلُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
[
(الْمَادَّةُ 1694) إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ التَّرِكَةِ دَيْنًا مِقْدَارُهُ كَذَا وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِذَلِكَ]
الْمَادَّةُ (1694) - (إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ التَّرِكَةِ دَيْنًا مِقْدَارُهُ كَذَا فَإِنْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ الدَّيْنِ يَكْفِي وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ كَانَ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ إلَى مَمَاتِهِ فَإِذَا ادَّعَى بِعَيْنٍ أَيْ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ لَهُ فِي يَدِ الْمُتَوَفَّى مَالًا مُعَيَّنًا فَالْحَالُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ) .
لَا حَاجَةَ لِلْجَرِّ فِي الشَّهَادَةِ بِالدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ حَيْثُ لَا يُمْكِنُ وُجُودُ شُهُودٍ يَشْهَدُونَ عَلَى الْجَرِّ فَشَرْطُ الْجَرِّ فِي الشَّهَادَةِ يَسْتَوْجِبُ ضَيَاعَ حُقُوقِ النَّاسِ، وَالْجَرُّ يَكُونُ بِقَوْلِ الشُّهُودِ: إنَّ الْمَدِينَ تُوُفِّيَ وَهُوَ مَدِينٌ أَوْ تُوُفِّيَ وَالدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ التَّرِكَةِ دَيْنًا مِقْدَارُهُ كَذَا وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ دَيْنًا بِمِقْدَارِ مَا ادَّعَى يَكْفِي وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّصْرِيحِ بِكَوْنِهِ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ إلَى مَمَاتِهِ أَوْ أَنَّهُ تُوُفِّيَ حَالَةَ كَوْنِهِ مَدِينًا وَيُقَالُ لِهَذَا التَّصْرِيحِ: الْجَرُّ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يَعْلَمُ الدَّيْنَ بِمُعَايَنَةِ أَسْبَابِ الدَّيْنِ كَالْبَيْعِ وَالْإِقْرَاضِ وَالْإِجَارِ وَإِتْلَافِ الْمَالِ أَيْ بِرُؤْيَتِهِ شِرَاءَ الْمُتَوَفَّى مِنْ الْمُدَّعِي مَالًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بِكَذَا دِرْهَمًا إلَّا أَنَّهُ بَعْدَ وُقُوعِ تِلْكَ الْأَسْبَابِ وَمُفَارِقَةِ الشَّاهِدِ لِلْمَدِينِ يُمْكِنُ الْمَدِينُ أَنْ يُخَلِّصَ الدَّيْنَ فِي غِيَابِ الشَّاهِدِ بِتَأْدِيَتِهِ أَوْ بِإِبْرَاءِ الْمَدِينِ لَهُ أَوْ بِإِقَالَةِ الْبَيْعِ يَعْنِي بِعُرُوضِ أَسْبَابٍ مُسْقِطَةٍ لِلدَّيْنِ وَلَا يَكُونُ الشَّاهِدُ عَالِمًا بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَلَا يُمْكِنُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْجَرِّ وَإِذَا لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ بِدُونِ الْجَرِّ يَكُونُ ذَلِكَ بَاعِثًا لِتَضْيِيعِ حُقُوقِ النَّاسِ وَمُوجِبًا لِإِضْرَارِهِمْ كَمَا أَنَّهُ يُوجِبُ ضَرَرُ الْمُتَوَفَّى بِبَقَائِهِ مَدِينًا ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ الدَّيْنِ.
فَالشَّهَادَةُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ هِيَ شَهَادَةٌ عَلَى الْحَالِ كَمَا أَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ دَعْوَى بِالدَّيْنِ حَالًّا.
أَمَّا إذَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ عَلَى الْحَالِ بَلْ شَهِدُوا عَلَى الْمَاضِي بِقَوْلِهِمْ كَانَ مَدِينًا فَلَا تُقْبَلُ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِقَوْلِهِمْ: كَانَ لِهِنْدٍ فِي ذِمَّةِ زَوْجِهَا زَيْدٍ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَشْهَدُوا بِأَنَّ لِهِنْدٍ فِي ذِمَّةِ زَوْجِهَا ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ الدَّيْنِ؛ وَعِبَارَةُ مِنْ الدَّيْنِ لَيْسَتْ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الشَّهَادَةِ بِالسَّبَبِ فَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى السَّبَبِ فَالْحُكْمُ هُوَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا مِنْ التَّرِكَةِ فَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعِي قَدْ أَدَّى لِلْمُتَوَفَّى ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَانَ كَافِيًا وَلَا حَاجَةَ لِلتَّصْرِيحِ بِأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ كَانَ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ إلَى حِينِ مَمَاتِهِ.
مَثَلًا، إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْوَرَثَةِ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى كَذَا دِرْهَمًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورَ قَدْ اسْتَدَانَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُدَّعِي وَقَبَضَهُ فِي حُضُورِنَا تُقْبَلُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَالتَّكْمِلَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَأَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) .
أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُ يَجِبُ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى حَيْثُ إنَّ الْمُتَوَفَّى غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يُجِيبَ بِنَفْسِهِ بِقَوْلِ: إنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَنِي مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ أَوْ إنَّنِي أَوْفَيْت ذَلِكَ الدَّيْنَ كَمَا أَنَّ الْوَارِثَ لَا يَسْتَطِيعُ الِادِّعَاءَ بِذَلِكَ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ مَا أَجْرَاهُ مُورِثُهُ فَتَجِبُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْجَرِّ رِعَايَةً لِلِاحْتِيَاطِ، وَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الرِّعَايَةَ لِلِاحْتِيَاطِ تَحْصُلُ بِتَحْلِيفِ الدَّائِنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (1746) مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَاتِ. أَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى الْحَيِّ فَقَدْ بُيِّنَتْ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ.
وَيَجْرِي حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْجِنَايَةِ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ جَرَحَ فُلَانًا وَقَدْ بَقِيَ مَرِيضًا لِحِينِ وَفَاتِهِ يَكْفِي وَلَا حَاجَةَ لَأَنْ يُصَرِّحَ الشُّهُودُ بِأَنَّهُ تُوُفِّيَ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
وَإِذَا ادَّعَى بِعَيْنٍ، يَعْنِي إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ لَهُ فِي يَدِ الْمُتَوَفَّى مَالًا مُعَيَّنًا فَالْحَالُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ يَعْنِي إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ فِي يَدِ الْمُتَوَفَّى مَالًا مُعَيَّنًا لِلْمُدَّعِي يَكْفِي وَلَا حَاجَةَ لِلْجَرِّ أَيْ لِلتَّصْرِيحِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ بَاقٍ فِي يَدِ الْمُتَوَفَّى لِحِينِ وَفَاتِهِ.
وَإِنْ قَصَدَتْ الْمَجَلَّةُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهَا السُّؤَالُ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّ وَضْعَ يَدِ الْمُتَوَفَّى عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى طَرِيقِ الْأَمَانَةِ كَالْمَالِ الْمَقْبُوضِ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْمُسْتَعَارِ وَالْمُسْتَأْجَرِ وَالْمَرْهُونِ وَسَوْمِ النَّظَرِ وَسَوْمِ الشِّرَاءِ بِدُونِ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ وَإِمَّا بِطَرِيقِ الضَّمَانِ كَالْمَالِ الْمَأْخُوذِ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ أَوْ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ مَعَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ أَوْ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُوجَدُ احْتِمَالَانِ فِي الْأَمْوَالِ الْمَذْكُورَةِ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ - أَنْ تَظْهَرَ تِلْكَ الْأَمْوَالِ عَيْنًا فِي تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى فَفِي هَذَا الْحَالِ يَسْتَرِدُّهَا الْمُدَّعِي بِالْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ وَيَثْبُتُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَضْعُ يَدِ الْمُتَوَفَّى عَلَيْهَا إلَى حِينِ وَفَاتِهِ بِظُهُورِ ذَلِكَ الْمَالِ عَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ وَيُصْبِحُ قَوْلُ الشُّهُودِ بَقِيَتْ يَدُ الْمُتَوَفَّى عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ إلَى حِينِ وَفَاتِهِ أَوْ قَوْلُهُمْ: إنَّهَا لَمْ تَبْقَ أَوْ سُكُوتُ الشُّهُودِ عَنْ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ مِنْ فَائِدَةٍ أَوْ مَضَرَّةٍ. أَمَّا فِي الِادِّعَاءِ بِالدَّيْنِ فَقَوْلُ الشُّهُودِ بِأَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى حِينِ وَفَاتِهِ فِيهِ فَائِدَةٌ كَمَا بَيَّنَّا آنِفًا.
الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - أَنْ لَا يَكُونَ الْمَالُ مَوْجُودًا عَيْنًا فِي التَّرِكَةِ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُتَوَفَّى أَوْ تُوُفِّيَ مُجْهِلًا أَوْ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَلِفَ فِي يَدِهِ (الشِّبْلِيُّ) وَالدَّعْوَى بِهَذِهِ الصُّورَةِ هِيَ دَعْوَى دَيْنٍ وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَيَجِبُ إيجَادُ نَقْلٍ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ مُوَافِقًا لِهَذِهِ الْفِقْرَةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ نَعَمْ إنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي مَقْبُولِيَّةِ الشَّهَادَةِ عَلَى يَدِ الْحَيِّ وَاتَّفَقُوا فِي مَقْبُولِيَّةِ الشَّهَادَةِ عَلَى يَدِ الْمَيِّتِ فَعِنْدَ الطَّرَفَيْنِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى يَدِ الْحَيِّ فِي الْمَاضِي وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى يَدِ الْحَيِّ الْمُنْقَضِيَةِ.
مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهُ مِلْكِي وَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ كَانَ وَاضِعَ الْيَدِ عَلَى هَذَا الْمَالِ قَبْلَ شَهْرٍ فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَمْ تَكُنْ شَهَادَةً بِمِلْكِ الْمُدَّعِي بَلْ هِيَ شَهَادَةٌ عَلَى وَضْعِ يَدِهِ السَّابِقِ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ وَضْعَ يَدِ الْمُدَّعِي السَّابِقِ كَمَا أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِيَّةِ يُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ وَدِيعَةً أَوْ مُسْتَعَارًا أَوْ مَأْجُورًا أَوْ مَغْصُوبًا فَالشَّهَادَةُ تَكُونُ وَاقِعَةً عَلَى الْمَجْهُولِ فَفِيهَا شَكٌّ وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالشَّكِّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالشِّبْلِيُّ) فَلِذَلِكَ لَا يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يُعِيدَ ذَلِكَ الْمَالَ إلَى الْمُدَّعِي الثَّابِتَةِ يَدُهُ قَدِيمًا حَيْثُ إنَّهُ ثَابِتٌ وَضْعَ يَدِ الْوَاضِعِ الْيَدَ فِي الْحَالِ بِالْمُعَايَنَةِ أَمَّا وَضْعُ يَدِ الطَّرَفِ الْآخَرِ فَهُوَ ثَابِتٌ بِالشُّهُودِ وَالْأَوَّلُ أَقْوَى مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ بِالْعَيْنِ تُفِيدُ عِلْمَ الْيَقِينِ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَتُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ (الزَّيْلَعِيّ) .
أَمَّا فِي الثَّلَاثِ الصُّوَرِ الْآتِيَةِ فَيُحْكَمُ بِإِعَادَةِ ذَلِكَ الْمَالِ إلَى وَاضِعِ الْيَدِ الْأَوَّلِ وَهِيَ:
1 -
إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَحْدَثَ يَدَهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُحْكَمُ بِالْإِعَادَةِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّ» (الزَّيْلَعِيّ) .
2 -
إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْيَدَ لِلْمُدَّعِي.
3 -
إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْيَدَ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ حَاصِلَ ذَلِكَ جَهَالَةُ الْمُقِرِّ بِهِ وَهِيَ لَا تَمْنَعُ صُحُفَ الْإِقْرَارِ بَلْ يَصِحُّ وَيَلْزَمُهُ الْبَيَانُ (الشِّبْلِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1579) وَشَرْحَهَا.
وَلَكِنْ لَا يَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَحْكُومًا بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَوْ أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ هَذِهِ الْإِعَادَةِ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مَالُهُ وَمِلْكُهُ فَلَهُ أَخْذُهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي فَالشَّهَادَةُ عَلَى الْيَدِ الْمُنْقَضِيَةِ مَقْبُولَةٌ. فَعَلَيْهِ إذَا ثَبَتَتْ الْيَدُ الْمُنْقَضِيَةُ يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِعَادَةِ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ إلَى الْوَاضِعِ الْيَدَ عَلَيْهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْعِيَانِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ حَيْثُ إنَّهُ لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِوَضْعِ يَدِ الْمُدَّعِي السَّابِقِ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ بِإِعَادَةِ الْمَالِ لِلْمُدَّعِي فَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَخَذَهُ أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَوْدَعَ أَوْ أَعَارَ ذَلِكَ الْمَالَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَوْ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى مِلْكِ الْمُدَّعِي وَيُحْكَمُ بِإِعَادَةِ الْمَالِ لِلْمُدَّعِي.