الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إقْرَارَهُ هَذَا.
قَدْ كُذِّبَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ.
وَلَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمٌ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1654) .
فَلِذَلِكَ لَوْ دَخَلَ ذَلِكَ الشَّيْءُ فِي مِلْكِ الْمُقِرِّ بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاءِ، أَوْ الِاتِّهَابِ، أَوْ الْإِرْثِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ بِدَاعِي أَنَّهُ مِلْكُهُ وَأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِذَلِكَ حَسَبَ الْإِيضَاحَاتِ الْمُبِينَةِ فِي الْمَادَّةِ (1572) وَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ قَدْ أَقَرَّ حِينَ الِاشْتِرَاءِ، أَوْ الْمُحَاكَمَةِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ.
اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1583)(الْخَانِيَّةُ) .
2 -
الرَّدُّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ: لَوْ بَاعَ أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِآخَرَ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي رَدَّ الْمَبِيعِ بِسَبَبِ كَوْنِهِ مَعِيبًا بِعَيْبٍ قَدِيمٍ، وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ فَأَثْبَتَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي ذَلِكَ وَرَدَّ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ رَدُّهُ لِبَائِعِهِ بِالْعَيْبِ الْمَذْكُورِ رَغْمًا عَنْ إقْرَارِهِ حِينَ الْمُحَاكَمَةِ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ، وَإِنْكَارُهُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي حَيْثُ إنَّهُ قَدْ كُذِّبَ فِي ذَلِكَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يَمْنَعُهُ إقْرَارُهُ الْمَذْكُورُ مِنْ الرَّدِّ.
3 -
الْكَفَالَةُ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِأَنَّهُ قَدْ كَفَلَ مَدِينَهُ فُلَانًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْكَفَالَةَ، وَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي كَفَالَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ، وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهَا، وَأَخَذَ الْمَحْكُومُ لَهُ الْمَكْفُولَ مِنْ الْكَفِيلِ فَإِذَا ادَّعَى الْكَفِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمَدِينِ قَائِلًا: قَدْ كَفَلْتُك بِأَمْرِك، وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ تُقْبَلُ، وَيَأْخُذُ الْمَالَ الْمَكْفُولَ مِنْ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (657) .
4 -
الشُّفْعَةُ قَدْ ذُكِرَتْ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (79) .
5 -
مَسْأَلَةُ الدُّيُونِ الْمُخْتَلِفَةِ: إذَا أَدَّى الْمَدِينُ بِدَيْنَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بَعْضَ دَيْنِهِ، وَقَالَ: إنَّنِي أَدَّيْتُ مِنْ الْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَادَّعَى الدَّائِنُ بِأَنَّهُ أَدَّاهُ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى، وَاخْتَلَفَا وَحَلَفَ الْمَدِينُ الْيَمِينَ بِأَنَّ الدَّائِنَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي ادَّعَى الْأَخْذَ مِنْهَا، وَحُكِمَ لِصَالِحِ الْمَدِينِ فَلِلدَّائِنِ أَنْ يَأْخُذَ دَيْنَهُ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى، مَثَلًا لَوْ كَانَ أَحَدٌ مَدِينًا لِآخَرَ بِعِشْرِينَ دِينَارًا مِنْهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ثَمَنُ فَرَسٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ ثَمَنُ بَغْلَةٍ وَأَدَّى الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَادَّعَى بِأَنَّ مَا أَدَّاهُ هُوَ ثَمَنُ الْفَرَسِ وَادَّعَى الدَّائِنُ بِأَنَّ مَا أَخَذَهُ لَيْسَ مِنْ ثَمَنِ الْفَرَسِ بَلْ ثَمَنُ الْبَغْلَةِ، وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ وَقُبِلَ قَوْلُ الْمَدِينِ بِمُوجِبِ حُكْمِ الْمَادَّةِ (1775) وَحُكِمَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَلِلدَّائِنِ أَنْ يَطْلُبَ ثَمَنَ الْبَغْلَةِ، وَلَوْ أَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَقَرَّ قَبْلًا بِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ ثَمَنَ الْبَغْلَةِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ هَذَا قَدْ كُذِّبَ (الْأَنْقِرْوِيُّ عَنْ الْقَاعِدِيَّةِ)
[
(الْمَادَّةُ 1588) لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ
.]
الْمَادَّةُ (1588) - (لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ، فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِكَذَا دِرْهَمًا فَيَلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّنِي رَجَعْتُ عَنْ إقْرَارِي) .
يَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ:
1 -
لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِمَجْهُولٍ ثُمَّ بَعْدَ إقْرَارِهِ بَيَّنَ وَفَسَّرَ ذَلِكَ الْمَجْهُولَ بِشَيْءٍ لَا قِيمَةَ لَهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَعْنَى الرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ، وَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ التَّفْسِيرُ، وَيُجْبَرُ عَلَى التَّفْسِيرِ بِشَيْءٍ ذِي قِيمَةٍ (الدُّرَرُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1579) .
لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ أَبِي قَدْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِزَيْدٍ، أَوْ لِعَمْرٍو، أَوْ لِبَكْرٍ كَانَ ثُلُثُ الْمَالِ لِزَيْدٍ، وَلَا يَأْخُذُ الْآخَرَانِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ أَوَّلًا لِزَيْدٍ فَيَسْتَحِقُّ زَيْدٌ وَرُجُوعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِثْبَاتُهُ الْوَصِيَّةَ لِآخَرَ غَيْرُ صَحِيحٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالتَّكْمِلَةُ) .
3 -
لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بَلْ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَيَلْزَمُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ (الْهِدَايَةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَهِيَ ثَمَنُ مَا اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ مِنْ الْجِيفَةِ، أَوْ الْإِنْسَانِ الْحُرِّ فَإِذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمُقَرُّ لَهُ فَتَلْزَمُهُ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ قَالَ عِبَارَةَ، وَهُوَ ثَمَنُ مَا اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ مَوْصُولَةً، أَوْ مَفْصُولَةً؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَهُوَ ثَمَنُ مَا اشْتَرَيْتُهُ إلَخْ رُجُوعٌ عَنْ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ الْمَيْتَةِ وَالْجِيفَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ.
وَكَلَامُهُ هَذَا لِعَدَمِ الْوُجُوبِ (الْهِدَايَةُ) إلَّا إذَا صَدَّقَهُ أَوْ أَقَامَ الْمُقِرُّ بَيِّنَةً، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَرَامٌ، أَوْ رِبًا فَهِيَ لَازِمَةٌ مُطْلَقًا وَصَلَ، أَوْ فَصَلَ لِاحْتِمَالِ حِلِّهِ عِنْدَ غَيْرِهِ.
وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ زُورًا أَوْ بَاطِلًا لَزِمَهُ إنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَإِلَّا لَا يَلْزَمُهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
وَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ مَوْصُولًا، وَيَلْزَمُهُ إذَا قَالَ مَفْصُولًا (التَّكْمِلَةُ) .
4 -
لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنَا غَصَبْنَا مِنْ فُلَانٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَقَدْ كُنَّا عَشَرَةَ أَشْخَاصٍ وَادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنَّ الْمُقِرَّ هُوَ الَّذِي غَصَبَ مِنْهُ مُنْفَرِدًا فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ كُلُّ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: غَصَبْنَا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ تُسْتَعْمَلُ لِلْوَاحِدِ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّ الْمُقِرَّ يُخْبِرُ عَنْ فِعْلِهِ، وَلَيْسَ عَنْ فِعْلِ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: كُنَّا عَشَرَةَ أَشْخَاصٍ رُجُوعٌ مِنْهُ عَنْ الْإِقْرَارِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ.
اُنْظُرْ (فِقْرَةَ إذَا قَالَ الْغَاصِبُ فِي إقْرَارِهِ: إنَّنَا قَدْ غَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ) الْوَارِدَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (891) فَعِنْدَ الْإِمَامِ زُفَرَ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ الْعُشْرُ.
وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُقِرُّ: أَقْرَضَنَا، أَوْ أَوْدَعَنَا، أَوْ أَعَارَنَا، أَوْ إنَّ لِفُلَانٍ حَقًّا عَلَيْنَا كَذَا، وَنَحْنُ ثَلَاثَةٌ، أَوْ أَرْبَعَةُ أَشْخَاصٍ فَالِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ جَارٍ فِي ذَلِكَ.
أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّنَا عَشَرَةُ أَشْخَاصٍ، وَقَدْ غَصَبْنَا فَلَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ إلَّا الْعُشْرُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَا تُسْتَعْمَلُ لِلْوَاحِدِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالتَّكْمِلَةُ) .
إنَّ تَعْبِيرَ حُقُوقِ الْعِبَادِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَجَلَّةِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ الْمُقِرُّ فِي حَدِّ الزِّنَا قَبْلَ الْحَدِّ أَوْ أَثْنَاءَ الْحَدِّ فَرُجُوعُهُ صَحِيحٌ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ (الدُّرَرُ) .
إلَّا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِقْرَارِ لَيْسَ رُجُوعًا عَنْ الْإِقْرَارِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَيُوَضَّحُ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي: الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْإِقْرَارِ: الِاسْتِثْنَاءُ مَعْنًى، وَلَيْسَ صُورَةً هُوَ التَّكَلُّمُ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا يَعْنِي بَعْدَ الْمُسْتَثْنَى، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّكَلُّمِ بِالْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ بِاعْتِبَارِ الْحَاصِلِ مِنْ مَجْمُوعِ التَّرْكِيبِ.
أَمَّا بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ اللَّفْظِيَّةِ فَهُوَ نَفْيٌ وَإِثْبَاتٌ أَيْ أَنَّ صَدْرَ الْجُمْلَةِ الِاسْتِثْنَائِيَّة، وَأَوَّلُهَا نَفْيٌ وَعَجُزُهَا وَآخِرُهَا إثْبَاتٌ، أَوْ بِالْعَكْسِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُبَيَّنُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَتَنَاوَلُ الصَّدْرَ الْمُسْتَثْنَى.
مَثَلًا إنَّ لِلْقَائِلِ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَةً عِبَارَتَيْنِ مُطَوَّلُهُمَا: أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَةً، وَمُخْتَصَرُهُمَا أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ تِسْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَبِهَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ ظَهَرَ مَعْنَى التَّكَلُّمِ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا.
تَقْسِيمُ الِاسْتِثْنَاءِ: الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: مُتَّصِلٌ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِخْرَاجِ وَالتَّكَلُّمِ بِالْبَاقِي.
الْقِسْمُ الثَّانِي: مُنْفَصِلٌ، وَإِخْرَاجُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ.
شُرُوطُ الِاسْتِثْنَاءِ: لِلِاسْتِثْنَاءِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: اتِّصَالُ الْمُسْتَثْنَى بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَمْ يُوجَدْ عُذْرٌ كَالنَّفَسِ وَالسُّعَالِ وَأَخْذِ الْفَمِ.
فَلِذَلِكَ إذَا وَقَعَ الِاسْتِثْنَاءُ مَفْصُولًا بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ.
، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه بِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مَفْصُولًا وَبِجَوَازِهِ وَلَوْ وَقَعَ بَعْدَ سَنَةٍ.
أَمَّا إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ نِدَاءٌ فَلَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ النِّدَاءَ لِلتَّنْبِيهِ وَالتَّأْكِيدِ فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ يَا فُلَانُ إلَّا عَشَرَةً فَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ النِّدَاءَ إذَا كَانَ مُفْرَدًا كَقَوْلِهِ: يَا فُلَانُ، أَوْ مُضَافًا كَقَوْلِهِ: يَا ابْنَ فُلَانٍ سَوَاءٌ كَانَ الْمُنَادَى الْمُقَرَّ لَهُ أَوْ أَحَدًا غَيْرَهُ نَحْوَ قَوْلِكَ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ يَا عَمْرُو إلَّا عَشَرَةً.
فَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ.
لَكِنْ إذَا تَخَلَّلَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إشْهَادٌ، أَوْ تَسْبِيحٌ أَوْ تَهْلِيلٌ، أَوْ تَكْبِيرٌ فَيُخِلُّ الِاتِّصَالَ، فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاشْهَدُوا إلَّا كَذَا فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَلَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ حَصَلَ بَعْدَ تَمَامِ الْإِقْرَارِ فَالِاسْتِثْنَاءُ كَانَ غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَهُوَ رُجُوعٌ عَنْ الْإِقْرَارِ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى بَعْضَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَلِذَلِكَ فَالِاسْتِثْنَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ أَيْ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ بَاطِلٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الِاسْتِثْنَاءُ عَيْنَ لَفْظِ الصَّدْرِ، أَوْ بِمُسَاوِيهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّكَلُّمِ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا فَبِاسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ لَا يَبْقَى بَاقٍ فَهُوَ بَاطِلٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مَوْصُولًا أَمْ مَفْصُولًا.
وَلَوْ كَانَ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْقَابِلَةِ لِلرُّجُوعِ كَالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْكُلِّ لَيْسَ رُجُوعًا بَلْ هُوَ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ اسْتِثْنَاءٌ فَاسِدٌ؛ فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ (إنَّ مَا فِي هَذَا الْكِيسِ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِفُلَانٍ إلَّا أَلْفًا) يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ فِي الْكِيسِ دَرَاهِمُ أَكْثَرُ مِنْ الْأَلْفِ فَالزِّيَادَةُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَالْأَلْفُ لِلْمُقِرِّ، وَإِذَا كَانَتْ أَلْفًا، أَوْ أَقَلَّ كَانَتْ لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمُقِرُّ بِشَيْئَيْنِ، وَاسْتَثْنَى تَمَامَ أَحَدِهِمَا فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ كَمَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَثْنَى تَمَامَ أَحَدِهِمَا وَبَعْضَ الْآخَرِ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ أَيْضًا، مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ:(لَهُ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ، وَكُرُّ شَعِيرٍ إلَّا كُرَّ حِنْطَةٍ وَقَفِيزَ شَعِيرٍ) فَاسْتِثْنَاءُ الْكُرِّ وَالْقَفِيزِ بَاطِلَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ كُرِّ الْحِنْطَةِ لَغْوٌ، وَبَاطِلٌ لِكَوْنِهِ اسْتِثْنَاءً مُسْتَغْرِقًا.
كَمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمَذْكُورَ قَاطِعٌ لِلْكَلَامِ الْأَوَّلِ فَاسْتِثْنَاءُ الْقَفِيزِ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِثْنَاءٌ غَيْرُ مُتَّصِلٍ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَمُنْقَطِعٌ مِنْهُ فَهُوَ بَاطِلٌ خِلَافًا لَهُمَا إلَّا أَنَّهُ إذَا قُدِّمَ اسْتِثْنَاءُ الْقَفِيزِ وَأُخِّرَ اسْتِثْنَاءُ الْكُرِّ أَيْ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: لَهُ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ وَكُرُّ شَعِيرٍ إلَّا قَفِيزَ شَعِيرٍ وَكُرَّ حِنْطَةٍ فَاسْتِثْنَاءُ الْقَفِيزِ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ.
لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُوجَدُ فَاصِلٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّكْمِلَةُ) .
قِيلَ: إنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ سَوَاءٌ أَكَانَ بِعَيْنِ لَفْظِ الصَّدْرِ أَوْ بِمُسَاوِيهِ.
مِثَالٌ لَعَيْنِ لَفْظِ الصَّدْرِ قَوْلُهُ: (نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا نِسَائِي) وَمِثَالُ مُسَاوِيهِ قَوْلُهُ: (نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا زَوْجَاتِي)(وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ إلَّا مَمَالِيكِي) .
أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ بِعَيْنِ لَفْظِ الصَّدْرِ، أَوْ بِمُسَاوِيهِ بَلْ كَانَ بِغَيْرِهِ فَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ.
لِأَنَّ إيهَامَ الْبَقَاءِ كَافٍ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَلَا يُشْتَرَطُ حَقِيقَةُ الْبَقَاءِ.
وَذَلِكَ بِحَسَبِ صُورَةِ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ تَصَرُّفٌ لَفْظِيٌّ فَلَا يَضُرُّ إيهَامُ الْمَعْنَى.
مَثَلًا لَوْ قَالَ: (عَبِيدِي أَحْرَارٌ إلَّا هَؤُلَاءِ، أَوْ قَالَ: عَبِيدِي أَحْرَارٌ إلَّا سَالِمًا وَرَاشِدًا وَغَانِمًا) ، وَكَانَ جَمِيعُ عَبِيدِهِ هَؤُلَاءِ فَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ.
كَذَلِكَ لَوْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي لِزَيْدٍ إلَّا أَلْفًا، وَكَانَ ثُلُثُ مَالِهِ عِبَارَةً عَنْ الْأَلْفِ فَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ.
وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُقَرُّ لَهُ شَيْئًا.
كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا دِينَارًا.
، وَكَانَتْ قِيمَةُ الدِّينَارِ مُسَاوِيَةً لِلْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، أَوْ أَكْثَرَ، فَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ (عَلَى مَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْيَنَابِيعِ وَالذَّخِيرَةِ) ، وَفِي هَذَا الْحَالِ لَا يَأْخُذُ الْمُقَرُّ لَهُ شَيْئًا.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَتَنَاوَلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَفْظَ الْمُسْتَثْنَى فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى بِمَنْزِلَةِ الْوَصْفِ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ غَيْرُ صَحِيحٍ.
مَثَلًا: اسْتِثْنَاءُ الْبِنَاءِ مِنْ الْبَيْتِ، أَوْ الدَّارِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ يَدْخُلُ فِي الدَّارِ تَبَعًا، وَهُوَ وَصْفٌ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ الْوَصْفِ.
لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ أَمْرٌ لَفْظِيٌّ وَيَعْمَلُ فِي الشَّيْءِ الَّذِي يَتَنَاوَلُ اللَّفْظَ، وَالْحَالُ أَنَّ لَفْظَ دَارٍ أَصَالَةً لَا يَتَنَاوَلُ الْبِنَاءَ بَلْ يَدْخُلُ تَبَعًا، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ.
إذَا أَقَرَّ الْمُقِرُّ بِدَارٍ لِزَيْدٍ وَاسْتَثْنَى الْبِنَاءَ فَتَكُونُ الدَّارُ وَالْبِنَاءُ لِلْمُقَرِّ لَهُ.
فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّ بِنَاءَ هَذِهِ الدَّارِ لِي، وَأَرْضُهَا لِفُلَانٍ كَانَ الْبِنَاءُ وَالْأَرْضُ لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ عِنْدَمَا قَالَ: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِي قَدْ ادَّعَى الدَّارَ لِنَفْسِهِ، وَبِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّ أَرْضَهَا لِفُلَانٍ يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِالْبِنَاءِ لِلْمُقَرِّ لَهُ تَبَعًا لِلْإِقْرَارِ بِالْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ.
إنَّ هَذِهِ الْمُطَالَعَاتِ هِيَ صَحِيحَةٌ فِي الْإِقْرَارَاتِ الَّتِي تَحْصُلُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ.
أَمَّا الْإِقْرَارَاتُ بِاللُّغَةِ التُّرْكِيَّةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَجَرَيَانُ الْمُطَالَعَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا مُحْتَاجٌ لِلتَّأَمُّلِ.
إنَّ أَحَدًا يُنْشِئُ أَبْنِيَةً فِي عَرْصَةِ آخَرَ غَصْبًا، أَوْ اسْتِعَارَةً، أَوْ اسْتِئْجَارًا ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّ الدَّارَ لِي وَالْعَرْصَةَ لِفُلَانٍ.
فَكَيْفَ تُعْطَى الْعَرْصَةُ وَالْبِنَاءُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِهَذَا الْقَوْلِ؟ لَا يَتَخَطَّرُ أَيُّ تُرْكِيٍّ بِأَنَّ الْبِنَاءَ هُوَ وَصْفُ الْعَرْصَةِ.
اسْتِثْنَاءُ فَصِّ الْخَاتَمِ وَنَخْلَةِ الْبُسْتَانِ وَطَوْقِ الْجَارِيَةِ كَحُكْمِ الْبُسْتَانِ فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: (هَذَا الْخَاتَمُ لِفُلَانٍ إلَّا فَصَّهُ) فَالِاسْتِثْنَاءُ غَيْرُ صَحِيحٍ بِخِلَافِ: الْحَلْقَةُ لِفُلَانٍ وَالْفَصُّ لِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ.
لَكِنْ إذَا قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّ بِنَاءَ الدَّارِ لِي، وَعَرْصَتُهَا لَك فَيَكُونُ كَمَا قَالَ الْمُقِرُّ: لِأَنَّ الْعَرْصَةَ بِدُونِ الْبِنَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ بُقْعَةٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ بَيَاضُ هَذِهِ الْأَرْضِ دُونَ الْبِنَاءِ لِفُلَانٍ.
وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّ بِنَاءَ هَذِهِ الدَّارِ لِزَيْدٍ، وَأَرْضُهَا لِعَمْرٍو فَتَكُونُ كَمَا يَقُولُ؛ لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ بِالْبِنَاءِ لِزَيْدٍ أَصْبَحَ الْبِنَاءُ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إقْرَارُ الْأَرْضِ لِعَمْرٍو، وَإِخْرَاجُ الْبِنَاءِ مِنْ مِلْكِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ.
بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّ الْبِنَاءَ مَمْلُوكٌ لَهُ فَإِذَا أَقَرَّ بِالْأَرْضِ لِغَيْرِهِ يَتْبَعُهَا الْبِنَاءُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ مَقْبُولٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ.
أَمَّا اسْتِثْنَاءُ الْبَيْتِ مِنْ الدَّارِ فَصَحِيحٌ حَيْثُ إنَّ الْبَيْتَ جُزْءٌ مِنْ الدَّارِ فَاسْتِثْنَاؤُهُ صَحِيحٌ كَاسْتِثْنَاءِ ثُلُثِهَا وَرُبْعِهَا.
إذْ إنَّ الْبَيْتَ اسْمٌ لِجُزْءٍ مِنْ الدَّارِ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَرْضٍ وَبِنَاءٍ فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ
بِاعْتِبَارِ مَا فِيهِ مِنْ الْأَصْلِ، وَهُوَ الْأَرْضُ فَكَانَ مُتَنَاوِلًا لَفْظَ الدَّارِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ إخْرَاجٌ لِمَا تَنَاوَلَهُ لَفْظُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الْبِنَاءِ جُزْءًا مِنْ مُسَمَّى الْبَيْتِ مَعَ أَنَّهُ وَصْفٌ مِنْ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ الْوَصْفَ مُنْفَرِدًا بَلْ قَائِلًا بِالْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْأَرْضُ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى صُورَةً وَمَعْنًى، أَوْ مَعْنًى مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَيْ مِنْهُ فَلِذَلِكَ كَمَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ جِنْسٍ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ مِنْ بَعْضِهِ يَجُوزُ أَيْضًا اسْتِثْنَاءُ جِنْسٍ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ مِنْ جِنْسِ مُقَدَّرَاتٍ أُخْرَى.
فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: (لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ كُرٍّ حِنْطَةً إلَّا كُرَّيْنِ) كَانَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ صُورَةً وَمَعْنًى مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ.
كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا، أَوْ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا، وَكَانَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ فَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ أَيْضًا، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ الْمُسْتَثْنَى قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّ الْكَيْلِيَّ وَالْآخَرَيْنِ تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ كَمَا تَثْبُتُ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ فِي الذِّمَّةِ.
فَعَلَيْهِ فَإِنَّ هَذِهِ فِي حُكْمِ الثُّبُوتِ فِي الذِّمَّةِ كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ مَعْنًى فَالِاسْتِثْنَاءُ فِيهَا تَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي مَعْنًى لَا صُورَةً كَأَنَّهُ قَالَ: ثَبَتَ لَكَ فِي ذِمَّتِي كَذَا إلَّا كَذَا أَيْ إلَّا قِيمَةَ كَذَا، وَإِذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَعْنًى فَقَطْ، فَإِذَا اسْتَغْرَقَ الْمُسْتَثْنَى جَمِيعَ قِيمَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ يَصِحُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِغْرَاقَ قَدْ وَقَعَ اسْتِغْرَاقًا غَيْرَ مُسَاوٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَيْ مِنْهُ وَلَوْ مَعْنًى فَالِاسْتِثْنَاءُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلِذَلِكَ فَاسْتِثْنَاءُ غَيْرِ الْمُقَدَّرَاتِ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ لَيْسَ صَحِيحًا قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا.
مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: (عَلَيَّ أَلْفِ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا) فَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ غَيْرُ صَحِيحٍ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا.
لَكِنْ حَيْثُ لَا يَصِحُّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ، وَلَا يَمْتَنِعُ بِهِ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ جَهَالَةَ الْمُقَرِّ بِهِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ، وَلَكِنَّ جَهَالَةَ الْمُسْتَثْنَى تَمْنَعُ صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ.
مَسَائِلُ الِاسْتِثْنَاءِ: إذَا اسْتَثْنَى الْمُقِرُّ بَعْضَ الْمُقَرِّ بِهِ مُتَّصِلًا بِإِقْرَارِهِ فَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ، وَيَلْزَمُ الْبَاقِيَ الْمُقِرُّ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ.
مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: هَذِهِ الْفَرَسُ لِفُلَانٍ إلَّا ثُلُثَهَا، أَوْ ثُلُثَيْهَا فَصَحِيحٌ، وَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَكُونُ ثُلُثَا الْفَرَسِ لِلْمُقِرِّ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ ثُلُثُهَا لَهُ.
يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى أَكْثَرَ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْ أَكْثَرَ مِنْ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ فَعَلَيْهِ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ التِّسْعِينَ مِنْ الْمِائَةِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمَالِكٍ وَالْفَرَّاءِ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ غَيْرُ صَحِيحٍ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَثْنَى أَقَلَّ مِنْ الْبَاقِي.
فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ سِتَّ طَلْقَاتٍ إلَّا أَرْبَعًا) فَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ، وَتَقَعُ طَلْقَتَانِ، وَإِنْ كَانَتْ السِّتُّ لَا صِحَّةَ لَهَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَزِيدُ عَنْ الثَّلَاثِ.
إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى عَدَدَيْنِ بَيْنَهُمَا حَرْفُ شَكٍّ فَعَلَى رِوَايَةٍ يُعْتَبَرُ الْأَقَلُّ مُسْتَثْنًى، وَعَلَى رِوَايَةٍ يُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ مَثَلًا، لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ، أَوْ خَمْسِينَ فَعَلَى رِوَايَةٍ تُعَدُّ الْخَمْسُونَ مُسْتَثْنًى فَقَطْ وَيُلْزَمُ الْمُقِرُّ بِتِسْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْمِائَةِ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَخُرُوجُ الْأَقَلِّ (الْخَمْسُونَ) مُتَيَقِّنُ.
وَعَلَى رِوَايَةٍ أُخْرَى تَلْزَمُهُ تِسْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيَقُولُ قَاضِي خَانْ عَنْ ذَلِكَ (إنَّ هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ) .