الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَعْنِي لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ أَقْرَضْتُك ثَمَانِيَةَ دَرَاهِمَ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِقَوْلِهِمْ: إنَّهُ عِنْدَمَا أَدَّى الْمُدَّعِي الْمَبْلَغَ الْمُقْتَرَضَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ وَزَنَّاهُ أَوْ عَدَدْنَاهُ نَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ (الْبَهْجَةُ) . أَمَّا لَوْ شَهِدَ الْقَاضِي بَعْدَ الْعَزْلِ عَلَى إقْرَارِ أَحَدٍ وَقَعَ فِي حُضُورِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ فِعْلُ الْقَاضِي بَلْ هُوَ فِعْلُ الْمُقِرِّ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْبَهْجَةُ) .
الشَّهَادَةُ عَلَى مَا هُوَ فِي حُكْمِ الْفِعْلِ - لَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْكَفِيلِ بِالثَّمَنِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ عَلَى الْعَقْدِ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ: قَدْ بَاعَ فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ هَذَا الْمَالَ بِكَفَالَتِنَا عَلَى السَّنَدِ فَإِذَا كَانَتْ كَفَالَةُ الشُّهُودِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الشَّهَادَةُ إذْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَتِمُّ الْبَيْعُ بِالْكَفَالَةِ فَيَكُونُ الشُّهُودُ فِي حُكْمِ الْبَائِعِ وَتَكُونُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى فِعْلِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ كَفَالَتُهُمْ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ.
[
(الْمَادَّةُ 1705) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَادِلًا]
الْمَادَّةُ (1705) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَادِلًا، وَالْعَادِلُ مَنْ تَكُونُ حَسَنَاتُهُ غَالِبَةً عَلَى سَيِّئَاتِهِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ اعْتَادَ أَعْمَالًا تَخِلُّ بِالنَّامُوسِ وَالْمُرُوءَةِ كَالرَّقَّاصِ وَالْمَسْخَرَةِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَعْرُوفِينَ بِالْكَذِبِ) . يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَادِلًا، وَيَثْبُتُ هَذَا بِدَلِيلَيْنِ: الْأَوَّلُ - قَدْ وَرَدَ فِي الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] .
الثَّانِي - لَمَّا كَانَتْ الشَّهَادَةُ خَبَرًا مُحْتَمِلَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، وَالْحُجَّةُ هِيَ خَبَرٌ صَادِقٌ فَيَتَرَجَّحُ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ طَرَفُ الصِّدْقِ (الدُّرَرُ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1682) أَمَّا إذَا كَانَ الشَّاهِدُ غَيْرَ عَادِلٍ فَيَكُونُ مَلْحُوظًا فِيهِ اخْتِيَارُ الْكَذِبِ. فَإِذَا كَانَ الشَّاهِدُ عَادِلًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَوْ بَيَّنَ قَبْلَ الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَدَيْهِ عِلْمٌ بِالْمَشْهُودِ بِهِ، فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ: إنَّ الشَّهَادَةَ الَّتِي سَأَشْهَدُهَا لِفُلَانٍ هِيَ شَهَادَةُ زُورٍ ثُمَّ شَهِدَ لَهُ فِي دَعْوَى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ بِأَنَّهُ حِينَمَا قَالَ هَذَا الْقَوْلَ كَانَ يَجْهَلُ الْمَشْهُودَ بِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: لَيْسَ عِنْدِي شَهَادَةٌ لِفُلَانٍ فِي أَمْرٍ مَا، ثُمَّ شَهِدَ لَهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ كَانَ عِنْدِي شَهَادَةٌ لَهُ وَقَدْ كُنْت نَسِيتُهَا. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ: لَا أَعْلَمُ الْمَشْهُودَ بِهِ ثُمَّ شَهِدَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْغَيْرِ الْعَالِمِ عَلَى الْعَالِمِ، وَشَهَادَةُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَالِمِ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُعَلِّمِ الصِّبْيَانِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
وَالْعَادِلُ مَنْ تَكُونُ حَسَنَاتُهُ غَالِبَةً عَلَى سَيِّئَاتِهِ، وَهُوَ الْمُتَوَقِّي كَبَائِرَ الذُّنُوبِ وَالْغَيْرُ الْمُصِرُّ عَلَى صَغَائِرِهَا وَكَانَ صَلَاحُهُ أَكْثَرَ مِنْ فَسَادِهِ وَصَوَابُهُ أَوْفَرَ مِنْ خَطَئِهِ، وَقَدْ قَالَ عليه السلام «لَا صَغِيرَةَ مَعَ الْإِصْرَارِ وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ الِاسْتِغْفَارِ» يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَةَ تَكُونُ كَبِيرَةً بِالْإِصْرَارِ أَيْ أَنَّ ارْتِكَابَ الصَّغِيرَةِ بِدُونِ الْإِصْرَارِ بِشَرْطِ اجْتِنَابِ الْكَبِيرَةِ لَيْسَ مَانِعًا لِلشَّهَادَةِ. وَيَكْفِي أَنْ تَغْلِبَ الْحَسَنَاتُ السَّيِّئَاتِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ سَيِّئَاتٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ
فِي الْبَشَرِ مَعْصُومٌ غَيْرَ الْأَنْبِيَاءِ فَإِذَا شُرِطَتْ الْعِصْمَةُ فِي الشَّهَادَةِ يُوجَبُ سَدُّ بَابِهَا (الزَّيْلَعِيّ وَالدُّرَرُ بِزِيَادَةٍ) . فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ شَارِبِ الْخَمْرِ وَالْمُسْكِرَاتِ الْأُخْرَى وَمُرْتَكِبِ الْمُحَرَّمَاتِ الْكَبِيرَةِ الْأُخْرَى وَمَنْ لَا يَعْلَمُ شَرَائِطَ الْإِسْلَامِ وَشَهَادَةُ الرَّقَّاصِ وَالْمَسْخَرَةِ وَالْمُغَنِّيَةِ وَالطُّفَيْلِيِّ وَالْمُشَعْوِذِ (بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ أَوْ بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ وَصِيغَةُ اسْمِ الْمَفْعُولِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ) وَمَنْ يَمُدُّ رِجْلَهُ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ يَمْشِي فِي الطَّرَقَاتِ بِسِرْوَالِهِ فَقَطْ أَوْ بِكَشْفِ رَأْسِهِ فِي غَيْرِ الْمَوَاضِعِ الْمُعْتَادَةِ أَوْ يَعْتَادُ حَالًا وَأَعْمَالًا تَخِلُّ بِالشَّرَفِ وَالْمُرُوءَةِ أَوْ يَعْتَادُ سَبَّ النَّاسِ وَالْحَيَوَانَاتِ أَوْ يَأْكُلُ الْحَرَامَ أَوْ الْحَلَّافِ بِالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ وَالْمَعْرُوفِ بِالْبُخْلِ وَالْكَذِبِ أَوْ مَنْ يَقْضِي حَاجَتَهُ (الْبَوْلَ وَالْغَائِطَ) فِي الْأَزِقَّةِ وَالسَّاحَاتِ، أَوْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ بِلَا مِئْزَرٍ أَوْ يَعْتَادُ الْأَفْعَالَ الْحَقِيرَةَ (الشِّبْلِيُّ وَلِسَانُ الْحُكَّامِ وَالنَّتِيجَةُ) . الْمُرُوَّةُ بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَالْمُرُوءَةُ بِالْهَمْزَةِ لُغَةً وَالْمُرُوَّةُ وَالْمُرُوءَةُ، هِيَ الْآدَابُ النَّفْسَانِيَّةُ الَّتِي تَحْمِلُ الْإِنْسَانَ إلَى الْمَحَاسِنِ فِي جَمِيعِ الْعَادَاتِ فَيَجْتَنِبُ عَمَلَ شَيْءٍ يُوجِبُ تَنَزُّلَ قَدْرِ الْإِنْسَانِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْكَمَالِ (التَّنْقِيحُ أَبُو السُّعُود الْمِصْرِيّ) .
كَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ خَادِمِ الْحَمَّامِ وَدَلَّاكِهِ وَمَنْ اعْتَادَ التَّسَوُّلَ فِي الْمُدُنِ وَالْمَحَلَّاتِ وَمَنْ كَانَ لَا يَطْلُبُ الْحَلَالَ وَلَا يَتَجَانَبُ الْحَرَامَ مِنْ الْمُلْتَزِمِينَ (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ وَالْبَهْجَةُ) فَإِذَا قَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَةَ الْفَاسِقِ وَحَكَمَ بِهَا فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ الْإِعْلَامُ (الْبَهْجَةُ) .
الرَّقَّاصُ - مَأْخُوذٌ مِنْ الرَّقْصِ الَّذِي هُوَ فِي وَزْنِ النَّقْضِ كَمَا أَنَّ مَنْ يَرْقُصُ الرَّقْصَ الدِّينِيَّ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ الْإِيمَانِ وَالنِّكَاحِ؟ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي بِضَمٍّ مِنْ اللُّغَةِ) .
الْمَسْخَرَةُ - وَهُوَ الَّذِي يَتَمَسْخَرُ عَلَيْهِ النَّاسُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَمَنْ يَجْمَعُهُمْ حَوْلَهُ وَيُضْحِكُهُمْ بِأَقْوَالٍ تَافِهَةٍ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ حَيْثُ إنَّهُ يَرْتَكِبُ الشَّيْءَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُبَاحًا طَمَعًا بِالْمَالِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي بِزِيَادَةٍ) .
الطُّفَيْلِيُّ - وَالطُّفَيْلُ بِوَزْنِ زُبَيْرٍ وَهُوَ الْمَنْسُوبُ لِلطُّفَيْلِ وَالطُّفَيْلُ هُوَ ابْنُ زُلَالٍ الْكُوفِيُّ وَهُوَ رَئِيسُ زُمْرَةِ الطُّفَيْلِيَّةِ وَقَدْ نُسِبَ كُلُّ طُفَيْلِيٍّ لَهُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَاسِقِ الْوَجِيهِ بَيْنَ النَّاسِ وَصَاحِبِ الْمُرُوءَةِ إلَّا أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَيُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَجَلَّةِ عَدَمَ قَبُولِهَا (الدُّرَرُ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ وَالزَّيْلَعِيّ) .
وَلَا تَمْنَعُ الصِّنَاعَةُ الدَّنِيئَةُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ فَلِذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْكَنَّاسِ وَالْحَجَّامِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ الْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ إذَا كَانُوا عَادِلِينَ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ كَثِيرٌ بَيْنَ هَؤُلَاءِ مَنْ هُوَ صَاحِبُ دِينٍ وَتَقْوَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَابِ الْوَجَاهَةِ وَأَصْحَابِ الْمَنَاصِبِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]" الْخَيْرِيَّةُ ".