الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الرَّهْنِ وَالْقَبْضِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الرَّاهِنِ بِالِارْتِهَانِ وَالْقَبْضِ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا إلَّا أَنَّ تَمَامَهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْقَبْضِ وَالْقَبْضُ فِعْلٌ، أَمَّا الْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ فَقَوْلٌ. أَمَّا إذَا شَهِدَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالِارْتِهَانِ وَالْقَبْضِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لِلْمُطَابَقَةِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْقَوْلِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ إيفَاءَ الدَّيْنِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى إيفَاءِ الدَّيْنِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الدَّائِنِ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَقَبَضَهُ فَلَا تُقْبَلُ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
مُسْتَثْنًى - إذَا كَانَ الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ مُتَّحِدَيْنِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ بِعْتنِي هَذَا الْمَالَ وَفَاءً أَوْ بَاتًّا بِكَذَا وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ بَاعَهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ بَاعَهُ بِكَذَا وَفَاءً أَوْ بَاتًّا فَتُقْبَلُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ فِعْلٌ هُوَ كَلِمَةُ بِعْت وَالْقَوْلُ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ كُنْت بِعْت مُتَّحِدَانِ (الْبَهْجَةُ وَالنَّتِيجَةُ) .
النَّوْعُ السَّادِسُ: يَكُونُ الْمَشْهُودُ بِهِ فِعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. مَثَلًا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ الَّذِي أَتَى لِيَشْهَدَ عَلَى إذْنِ الْوَلِيِّ لِلصَّغِيرِ أَنَّ وَلِيَّ الصَّغِيرِ قَدْ رَأَى الصَّغِيرَ وَهُوَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي حِنْطَةً فَلَمْ يَمْنَعْهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ وَلِيَّ الصَّغِيرِ قَدْ رَآهُ وَهُوَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي غَنَمًا فَلَمْ يَمْنَعْهُ وَيَنْهَهُ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ هُمَا قَدْ شَهِدَا عَلَى فِعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) .
النَّوْعُ السَّابِعُ: يَكُونُ الِاخْتِلَافُ فِي كَوْنِ الْمِلْكِ مُؤَرَّخًا أَوْ غَيْرَ مُؤَرَّخٍ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ الْمُؤَرَّخَ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِالْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْمِلْكِ غَيْرِ الْمُؤَرَّخِ فَلَا تُقْبَلُ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي ادَّعَى مِلْكًا غَيْرَ مُؤَرَّخٍ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ وَالْآخَرُ عَلَى الْمِلْكِ غَيْرِ الْمُؤَرَّخِ فَتُقْبَلُ وَيُحْكَمُ بِالْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ.
النَّوْعُ الثَّامِنُ: يَكُونُ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ فِي كَوْنِهِ مُقَيَّدًا وَغَيْرَ مُقَيَّدٍ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ الْمُقَيَّدَ أَيْ الْمِلْكَ بِسَبَبٍ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِالْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَلَا تُقْبَلُ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْمِلْكِ بِسَبَبٍ فَتُقْبَلُ وَيُحْكَمُ بِالْمِلْكِ بِسَبَبٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1707) .
[
(الْمَادَّةُ 1713) إذَا أَوْجَبَ اخْتِلَافُ الشُّهُودِ الِاخْتِلَافَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ]
الْمَادَّةُ (1713) - (إذَا أَوْجَبَ اخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي الشَّيْءِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمَشْهُودِ بِهِ الِاخْتِلَافَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَإِلَّا فَتُقْبَلُ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِالْفِعْلِ فِي زَمَانٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَكَان مُعَيَّنٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ فِي زَمَانٍ آخَرَ أَوْ مَكَان آخَرَ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْفِعْلِ الصِّرْفِ كَالْغَصْبِ وَإِيفَاءِ الدَّيْنِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا هَذَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلِاخْتِلَافِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ، وَأَمَّا اخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ
كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ وَالدَّيْنِ وَالْقَرْضِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْوَصِيَّةِ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا لِقَبُولِ شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلِاخْتِلَافِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَدَّى دَيْنَهُ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ أَدَّاهُ فِي بَيْتِهِ وَالْآخَرُ شَهِدَ بِأَنَّهُ أَدَّاهُ فِي حَانُوتِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا. وَأَمَّا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ بِقَوْلِهِ: كُنْت بِعْتنِي هَذَا الْمَالَ بِكَذَا دَرَاهِمَ فَسَلِّمْنِي إيَّاهُ، وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهُ فِي الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهُ فِي الْحَانُوتِ الْفُلَانِيِّ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُكَرَّرُ وَلَا يُعَادُ وَلَكِنَّ الْقَوْلَ يُمْكِنُ أَنْ يُكَرَّرَ وَيُعَادَ) .
إذَا أَوْجَبَ اخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي الشَّيْءِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمَشْهُودِ بِهِ الِاخْتِلَافَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ حَسَبَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَإِلَّا فَتُقْبَلُ وَتَتَفَرَّعُ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ:
فَعَلَيْهِ إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِالْفِعْلِ فِي زَمَانٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَكَانٍ مُعَيَّنٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْفِعْلِ فِي زَمَانٍ آخَرَ أَوْ مَكَانٍ آخَرَ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْفِعْلِ الصِّرْفِ كَالْغَصْبِ وَإِيفَاءِ الدَّيْنِ وَالْجِنَايَةِ وَالْقَتْلِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ وَتَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوْ الْقَوْلِ الَّذِي يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ الْفِعْلُ كَالنِّكَاحِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا هَذَا يُوجِبُ الِاخْتِلَافَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ (الزَّيْلَعِيّ وَأَبُو السُّعُودِ) ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي يَكُونُ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان يَكُونُ غَيْرَ الْفِعْلِ الَّذِي جَرَى فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان آخَرَ فَيَكُونُ الْمَشْهُودُ بِهِ مُخْتَلِفًا (الْبَحْرُ) . مَثَلًا لَوْ غَصَبَ زَيْدٌ مَالَ عَمْرٍو فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ غَصَبَهُ فِي شَهْرِ شَوَّالٍ فَيُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَيْنِ الْغَصْبَيْنِ: فَفِي الْأَوَّلِ تَجِبُ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَفِي الثَّانِي أَيْ بَعْدَ أَنْ يُعِيدَ الْغَاصِبُ الْمَالَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَيَغْتَصِبَهُ ثَانِيَةً فِي شَوَّالٍ تَجِبُ قِيمَتُهُ فِي شَوَّالٍ، كَذَلِكَ الِاخْتِلَافُ فِي الْقَوْلِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الْفِعْلُ لِصِحَّةِ الْمَشْهُودِ بِهِ مَانِعٌ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ كَالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَوْلٌ وَتَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى الْفِعْلِ وَهُوَ حُضُورُ أَوْ إحْضَارُ الشُّهُودِ، وَلِذَلِكَ فَاخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فِي ذَلِكَ مَانِعٌ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِمْ (الْبَحْرُ) .
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ:
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالصُّلْحِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ وَالدَّيْنِ وَالْقَرْضِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْوَصِيَّةِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْقَذْفِ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا لِقَبُولِ شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلِاخْتِلَافِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ (الزَّيْلَعِيّ وَلِسَانُ الْحُكَّامِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان غَيْرَ الْقَوْلِ الَّذِي يَكُونُ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان آخَرَ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ الْمَشْهُودُ بِهِ مُخْتَلِفًا، مَثَلًا لَوْ بَاعَ زَيْدٌ دَارِهِ الْمُعَيَّنَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ إلَى عَمْرٍو فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَهُ بَيْعُ تِلْكَ الدَّارِ لَهُ فِي شَهْرِ شَوَّالٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ إذْ إنَّ هَذَا الْبَيْعَ الثَّانِيَ عَيْنُ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَلَا يُفِيدُ حُكْمًا أَزِيدَ مِنْ ذَلِكَ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (176) . كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ زَيْدٌ فِي بَابِ
السَّاهِرَةِ بِالْقُدْسِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِعَمْرٍو بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ ثُمَّ أَقَرَّ فِي بَابِ الْعَامُودِ ثَانِيَةً بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِعَمْرٍو بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ قَرْضًا فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ الثَّانِي عَيْنَ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ وَلَا يُعَدُّ الْإِقْرَارُ إقْرَارًا آخَرَ لَتَبَدُّلِ الْمَكَانِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1587) . مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَدَّى الدَّيْنَ لِلْمُدَّعِي وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَدَّى الدَّيْنَ فِي دَارِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ أَدَّاهُ لِلْمُدَّعِي فِي حَانُوتِهِ فَلَا تُقْبَلُ إذْ إنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْمَكَانِ يُوجِبُ الِاخْتِلَافَ فِي الزَّمَانِ، وَحَيْثُ إنَّ هَذَا الْمِثَالَ يَحْصُلُ مِنْهُ مِثَالٌ عَلَى اخْتِلَافِ الزَّمَانِ فَلَمْ يَرِدْ مِثَالٌ عَلَى حِدَةٍ لِلزَّمَانِ (الْبَحْرُ) . فَعَلَيْهِ لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ غَصَبَ الْمَالَ فِي دِمَشْقَ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهُ فِي حِمْصَ فَلَا تُقْبَلُ. كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقَتْلَ وَقَعَ بِسِكِّينٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ وَقَعَ بِمُوسَى فَلَا تُقْبَلُ (الْبَحْرُ) .
وَأَمَّا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ بِقَوْلِهِ: كُنْت بِعْتنِي هَذَا الْمَالَ بِكَذَا دَرَاهِمَ فَسَلِّمْنِي إيَّاهُ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهُ فِي الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهُ فِي الْحَانُوتِ الْفُلَانِيِّ بِكَذَا دَرَاهِمَ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ الثَّمَنِ فِي الشَّهَادَةِ بِالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِالشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ الْمَجْهُولِ (الْبَحْرُ) .
كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ ذِي الْيَدِ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ هُوَ مِلْكُهُ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مَالُ الْمُدَّعِي وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ ذَا الْيَدِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَوْدَعَهُ ذَلِكَ الْمَالَ فَتُقْبَلُ وَيُحْكَمُ بِالْمَالِ لِلْمُدَّعِي، كَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَوْدَعَهُ ذَلِكَ الْمَالَ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِغَصْبِهِ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْمُدَّعِي تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ قَدْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ لِلْمُدَّعِي حَيْثُ إنَّ الْإِيدَاعَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْمِلْكِ كَمَا أَنَّ الْغَصْبَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْغَصْبِ مِنْ الْمَالِكِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى) .
وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ أَمْسِ أَنَّهُ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ هَذَا الْيَوْمَ أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ صَبَاحًا وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ مَسَاءً تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ هُوَ قَوْلٌ فَلَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ فِي سُوقِ الْحَمِيدِيَّةِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ قَدْ أَبْرَأَهُ فِي الْمَيْدَانِ فَتُقْبَلُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْإِبْرَاءِ قَبْلَ أَرْبَعَةِ شُهُورٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْإِبْرَاءِ قَبْلَ خَمْسَةِ شُهُورٍ تُقْبَلُ (الْهِنْدِيَّةُ وَالنَّتِيجَةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ شَهِدَا عَلَى نَصْبِ الْوَصِيِّ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى قَدْ نَصَبَهُ وَصِيًّا قَبْلَ وَفَاتِهِ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ نَصَبَهُ وَصِيًّا قَبْلَ وَفَاتِهِ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ تُقْبَلُ (الْبَهْجَةُ)
لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُكَرَّرُ وَلَا يُعَادُ؛ وَالْحَقِيقَةُ أَنَّهُ إذَا أُوقِعَ غَصْبٌ فِي مَكَان يُمْكِنُ بَعْدَ إيقَاعِهِ إيقَاعُ غَصْبٍ فِي مَكَان آخَرَ إلَّا أَنَّ أَحَدَ هَذَيْنِ الْغَصْبَيْنِ غَيْرُ الْغَصْبِ الْآخَرِ وَفِعْلُ كُلِّ غَصْبٍ مِنْهُمَا غَيْرُ فِعْلِ الْغَصْبِ الْآخِرِ وَالْحُكْمُ الَّذِي ثَبَتَ فِي الْغَصْبِ الثَّانِي لَا يَكُونُ عَيْنَ الْحُكْمِ الَّذِي يَثْبُتُ فِي الْغَصْبِ الْأَوَّلِ، مَثَلًا إذَا غُصِبَتْ فَرَسٌ فِي بَغْدَادَ فَحُكْمُ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْفَرَسُ مَوْجُودَةً أَنْ يَتَكَلَّفَ الْغَاصِبُ بِتَسْلِيمِهَا عَيْنًا فِي بَغْدَادَ وَإِذَا كَانَ مُسْتَهْلَكَةً يُكَلَّفُ الْغَاصِبُ بِدَفْعِ قِيمَتِهَا فِي بَغْدَادَ. فَعَلَيْهِ إذَا غُصِبَتْ تِلْكَ الْفَرَسُ فِي الْبَصْرَةِ ثَانِيَةً مِنْ نَفْسِ الْغَاصِبِ فَحُكْمُ الْغَصْبِ الثَّانِي إذَا كَانَتْ الْفَرَسُ مَوْجُودَةً تَسْلِيمُ الْغَاصِبِ لَهَا فِي الْبَصْرَةِ وَإِذَا كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً دَفَعَ قِيمَتَهَا فِي الْبَصْرَةِ وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَيْنَ فِعْلِ الْغَصْبِ لَا يُكَرَّرُ وَلَا يُعَادُ. أَمَّا الْقَوْلُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُكَرَّرَ وَيُعَادَ. فَيَسْمَعُ أَحَدٌ الشَّاهِدَيْنِ قَوْلًا فِي زَمَانٍ وَمَكَانٍ وَيَسْمَعُ الشَّاهِدُ ذَلِكَ الْقَوْلَ فِي زَمَانٍ وَمَكَانٍ آخَرَ (النَّتِيجَةُ) .
وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْمَجَلَّةِ الْقَوْلُ مُطْلَقًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ عَقْدًا يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُ حُكْمِهِ عَلَى فِعْلِ الْقَبْضِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى ذَلِكَ الْقَبْضِ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان مُعَيَّنٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْقَبْضِ فِي زَمَانٍ وَمَكَانٍ آخَرَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ الشَّاهِدَانِ قَائِلَيْنِ: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ وَهَبَ أَوْ رَهَنَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ أَقْرَضَ هَذَا الْمَالَ لِهَذَا الرَّجُلِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ قَبْضَ ذَلِكَ الْمَالِ كَانَ فِي دِمَشْقَ وَانْفَرَدَ آخَرُ بِشَهَادَةٍ بِأَنَّ قَبْضَ ذَلِكَ الْمَالِ فِي بَيْرُوتَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ يَكُونُ بَعْضًا أَزِيدَ مِنْ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَالْهِنْدِيَّةُ) .
مُسْتَثْنًى - قَدْ ذُكِرَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الزَّمَانِ أَوْ فِي الْمَكَانِ فَاحِشًا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ. مَثَلًا لَوْ أَقَامَ أَحَدُ شَاهِدَيْنِ عَلَى الصُّلْحِ فَسَأَلَهُمَا الْقَاضِي عَنْ زَمَانِ الصُّلْحِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إنَّ الصُّلْحَ وَقَعَ حَسَبَ ظَنِّي قَبْلَ سِتِّ سَنَوَاتٍ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ وَقَالَ الْآخَرُ: إنَّ الصُّلْحَ وَقَعَ قَبْلَ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ حَسَبَ ظَنِّي أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا تُقْبَلُ. وَإِنْ يَكُنْ أَنْ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ التَّارِيخِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَّا أَنَّهُمَا لَمَّا ذَكَرَاهُ وَكَانَ مُتَفَاوِتًا تَفَاوُتًا فَاحِشًا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا (الْبَحْرُ) كَذَلِكَ إذَا ذَكَرَ الشُّهُودُ مَكَانَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ عَنْ بَعْضِهِمَا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. مَثَلًا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي يَوْمِ عِيدِ الْأَضْحَى فِي مَدِينَةِ الْبَصْرَةِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ فِي مَكَّةَ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ يَقِينًا كَذِبُ أَحَدِ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ (الْبَحْرُ) حَيْثُ إنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَكْرَارُ وَإِعَادَةُ هَذَا الْقَوْلِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فِي الْبَصْرَةِ وَفِي مَكَّةَ.
تَفْصِيلُ اخْتِلَافِ الشُّهُودِ. يُوجَدُ خَمْسُ صُوَرٍ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ:
1 -
أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ بِهِ قَوْلًا مُجَرَّدًا كَالْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَاخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ لَا يَكُونُ مَانِعًا لِلْقَبُولِ كَمَا أَنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِي صُورَةِ كَوْنِ الْمَشْهُودِ بِهِ إقْرَارًا أَوْ إنْشَاءً غَيْرُ مَانِعٍ لِلْقَبُولِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْشَاءِ وَاحِدَةٌ فِي هَذَا الْبَابِ فَإِنَّهُ قَوْلٌ وَالْقَوْلُ مِمَّا يُعَادُ وَيُكَرَّرُ فَيَكُونُ الثَّانِي عَيْنَ الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ صَبَاحًا، وَقَالَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ: قَدْ أَقَرَّ مَسَاءً فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ هُمَا اخْتَلَفَا