الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُفْهَمُ مِنْ قَيْدِ مَرَضِ الْمَوْتِ الْوَارِدِ فِي الْمَجَلَّةِ بِأَنَّ لِلْمَدِينِ الصَّحِيحِ الْغَيْرِ مَحْجُورٍ أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ لِبَعْضِ مَنْ شَاءَ مِنْ مَدِينِيهِ مُرَجِّحًا إيَّاهُ عَلَى مَدِينِيهِ الْآخَرِينَ، وَلَيْسَ لِلدَّائِنِينَ الْآخَرِينَ مُشَارَكَةُ الدَّائِنِ الَّذِي رُجِّحَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ وَنُقُولُ الْفَيْضِيَّةِ قُبَيْلَ إقْرَارِ الْمَرِيضِ) .
إلَّا أَنَّهُ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ النُّقُودَ الَّتِي اسْتَقْرَضَهَا، وَثَمَنَ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَثْنَاءَ مَرَضِهِ.
إذَا كَانَ الثَّمَنُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ.
أَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ زَائِدًا فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ تَبَرُّعًا وَوَصِيَّةً يَعْنِي إذَا ثَبَتَ اسْتِقْرَاضُهُ وَاشْتِرَاؤُهُ بِالْبَيِّنَةِ فَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ الْآخَرِينَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْبَدَلِ الَّذِي أَدَّاهُ.
وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ مَشْرُوطٌ بِشَرْطَيْنِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْمُشْتَرِي بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَإِذَا كَانَ زَائِدًا فَالزِّيَادَةُ تَبَرُّعٌ وَوَصِيَّةٌ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَثْبُتَ الِاشْتِرَاءُ وَالِاسْتِقْرَاضُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ بِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ الْمُجَرَّدِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تُهْمَةً (التَّنْوِيرُ) .
فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَدَّى الْمَرِيضُ بَدَلَ الْمُسْتَقْرَضِ لِلْمُقْرِضِ، أَوْ بَدَلَ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ فَيَبْقَى سَالَمَا لِلْأَخْذِ، وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ الْآخَرِينَ الْمُشَارَكَةُ فِي الْمَأْخُوذِ بَعْدَ الْوَفَاةِ؛ لِأَنَّ مَنْعَ الْمَرِيضِ مِنْ تَأْدِيَةِ دَيْنِ بَعْضِ غُرَمَائِهِ هُوَ بِسَبَبِ أَنَّ تِلْكَ التَّأْدِيَةَ تُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حُقُوقِ الْغُرَمَاءِ الْآخَرِينَ.
فَإِذَا حَصَلَ لِلْغُرَمَاءِ بَدَلُ مَا أَدَّاهُ الْمَرِيضُ قَدْ جَازَ الْقَضَاءُ.
مَثَلًا؛ لَوْ اشْتَرَى الْمَرِيضُ فَرَسًا، وَأَدَّى ثَمَنَهَا، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ التَّرِكَةِ ثَمَنُهَا إلَّا أَنَّهُ دَخَلَ إلَى التَّرِكَةِ بَدَلُهَا وَهِيَ الْفَرَسُ (الطَّحَاوِيَّ) .
أَمَّا إذَا تُوُفِّيَ الْمُشْتَرِي الْمَرِيضُ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ فَحُكْمُهُ قَدْ مَرَّ فِي الْمَادَّتَيْنِ (295 وَ 296) .
وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ (فَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ) بِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لَهُ الِاشْتِرَاءُ بَعْدَ التَّأْدِيَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الْمَرِيضُ قَبْلَ التَّأْدِيَةِ يَدْخُلُ الْمُقْرِضُ وَالْبَائِعُ فِي تَقْسِيمِ الْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ لَهُمَا أَخْذُ تَمَامِ حَقِّهِمَا (التَّكْمِلَةُ) .
وَتَعْبِيرُ الِاسْتِقْرَاضِ وَالِاشْتِرَاءِ الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ التَّزَوُّجِ وَالِاسْتِئْجَارِ فَعَلَيْهِ إذَا أَدَّى الْمَرِيضُ مَهْرَ الزَّوْجَةِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، أَوْ بَدَلَ إيجَارِ الدَّارِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا فَالْمَبْلَغُ الَّذِي أَخَذَتْهُ الزَّوْجَةُ، أَوْ أَخَذَهُ الْمُؤَجِّرُ لَا يَبْقَى سَالِمًا لَهُمَا، وَيُشَارِكُهُمَا فِيهِ غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِالشَّيْءِ الَّذِي يَحْصُلُ لِلْمَرِيضِ مِنْ النِّكَاحِ وَسُكْنَى الدَّارِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْحَقُّ صَالِحًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ فَالتَّخْصِيصُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ مُبْطِلًا لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ.
[
(الْمَادَّةُ 1605) الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ]
الْمَادَّةُ (1605) - (الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ فِي حُكْمِ الدَّيْنِ الْأَصْلِيِّ بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ دَيْنَ وَارِثِهِ أَوْ مَطْلُوبَهُ لَا يَكُونُ نَافِذًا، وَإِذَا كَفَلَ الْأَجْنَبِيُّ يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِكَوْنِهِ قَدْ كَفَلَ
الْأَجْنَبِيَّ فِي حَالِ صِحَّتِهِ فَيُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ مِنْ مَجْمُوعِ مَالِهِ، وَلَكِنْ تُقَدَّمُ دُيُونُ الصِّحَّةِ إنْ وُجِدَتْ) الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ أَيْ فِي مَبْحَثِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ فِي حُكْمِ الدَّيْنِ الْأَصْلِيِّ فَلِذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ دَيْنَ وَارِثِهِ، أَوْ مَطْلُوبَهُ لَا يَكُونُ نَافِذًا مَا لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ وَلَيْسَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَكْفُولَ بِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى إذَا لَمْ تُجِزْهُ الْوَرَثَةُ.
وَإِذَا كَفَلَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِأَجْنَبِيٍّ أَيْ لِغَيْرِ وَارِثِهِ يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ إلَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ، وَلَوْ كَفَلَ، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ مَاتَ فَالْمُقَرُّ لَهُ أَوْلَى بِتَرِكَتِهِ مِنْ الْمَكْفُولِ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُحِطْ.
فَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الدَّيْنِ صَحَّتْ كُلُّهَا، وَإِلَّا فَبِقَدْرِ الدَّيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَإِذَا كَفَلَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ فَتُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ، وَلَوْ تَعَلَّقَتْ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ حَالَ الْمَرَضِ.
مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ، أَنَا كَفِيلٌ لَفُلَانٍ بِمَا يُقِرُّ بِهِ فَأَقَرَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَتَلْزَمُ الْكَفَالَةُ مِنْ مَجْمُوعِ مَالِ الْكَفِيلِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ بَعْدَ وَفَاةِ الْكَفِيلِ فَتَلْزَمُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ (الْخَانِيَّةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (638) .
وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِكَوْنِهِ قَدْ كَفَلَ أَحَدًا فِي حَالٍ صِحَّتِهِ فَيُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ فَعَلَيْهِ لَوْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّ الْمَرِيضَ قَدْ أَقَرَّ فِي حَالِ مَرَضِهِ بِأَنَّهُ كَفَلَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ فَيَسْتَوْفِي الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ جَمِيعِ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى.
وَلَكِنْ تُقَدَّمُ دُيُونُ الصِّحَّةِ إنْ وُجِدَتْ (الْخَانِيَّةُ) .
أَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ كَفَلَ فِي صِحَّتِهِ لِوَارِثِهِ، أَوْ عَنْ وَارِثِهِ فَلَا تَنْفُذُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وُجُوهُ كَفَالَةِ الْمَرِيضِ.
إنَّ كَفَالَةَ الْمَرِيضِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكْفُلَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ كَفَالَةً مُعَلَّقَةً بِالسَّبَبِ، وَأَنْ يَحْصُلَ ذَلِكَ السَّبَبُ حَالَ الْمَرَضِ.
مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنَّنِي كَفِيلٌ لِمَطْلُوبِك الَّذِي سَيَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ أَوْ إنَّنِي كَفِيلٌ لِلْمَبْلَغِ الَّذِي سَتُقْرِضُهُ لِفُلَانٍ ثُمَّ ثَبَتَ ذَلِكَ الْمَبْلَغُ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْكَفِيلِ، أَوْ أَقْرَضَ الْمَكْفُولُ لَهُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ لِلْمَكْفُولِ عَنْهُ أَثْنَاءَ مَرَضِ الْكَفِيلِ فَتَكُونُ كَفَالَتُهُ صَحِيحَةً وَيَكُونُ الدَّيْنُ كَدَيْنِ الصِّحَّةِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُخْبِرَ الْمَرِيضُ حَالَ مَرَضِهِ بِأَنَّهُ كَفَلَ فِي زَمَنِ الصِّحَّةِ فَهَذَا الدَّيْنُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ دَيْنِ الْمَرَضِ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ، وَيُعَدُّ الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ غُرَمَاءِ الْمَرَضِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُنْشِئَ الْمَرِيضُ الْكَفَالَةَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَهَذِهِ الْكَفَالَةُ تُعْتَبَرُ فِي ثُلُثِ مَالِهِ فَقَطْ كَالْوَصَايَا الْأُخْرَى (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ) .