الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْإِقْرَارِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ] [
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْإِقْرَارِ الْعُمُومِيَّةِ]
ٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْإِقْرَارِ الْعُمُومِيَّةِ
الْمَادَّةُ (1587) - (يُلْزَمُ الْمَرْءُ بِإِقْرَارِهِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ التَّاسِعَةِ وَالسَّبْعِينَ، وَلَكِنْ إذَا كُذِّبَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يَبْقَى لِإِقْرَارِهِ حُكْمٌ، فَعَلَيْهِ لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِشَيْءٍ فِي يَدِ آخَرَ قَدْ اشْتَرَاهُ، وَادَّعَى الْمُسْتَحِقُّ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَلَدَى الْمُحَاكَمَةِ قَالَ ذَلِكَ الْآخَرُ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِفُلَانٍ، وَقَدْ بَاعَنِي إيَّاهُ. إلَّا أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ أَثْبَتَ دَعْوَاهُ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ لَهُ. فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ، وَيَسْتَرِدُّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَقَرَّ حِينَ الْمُحَاكَمَةِ بِأَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ مَالُ الْبَائِعِ، وَأَنْكَرَ دَعْوَةَ الْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ قَدْ كُذِّبَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمٌ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ الرُّجُوعِ)
يُلْزَمُ الْمَرْءُ بِإِقْرَارِهِ حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (79) وَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ غَيْرَ مُطَابِقٍ لِنَفْسِ الْأَمْرِ إذَا لَمْ يُكَذَّبْ إقْرَارُهُ شَرْعًا.
الْإِلْزَامُ بِالْإِقْرَارِ أَشَدُّ أَسْبَابِ الْحُكْمِ، وَأَقْوَى مِنْ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْإِقْرَارِ مَقْطُوعٌ بِهِ بَيْنَمَا الْحُكْمُ بِالْبَيِّنَةِ مَظْنُونٌ فِيهِ (مُعِينُ الْحُكَّامِ) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْإِقْرَارُ مُطَابِقًا لِنَفْسِ الْأَمْرِ فَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْمَشْرُوطِ لَهُ بِغَلَّةِ الْوَقْفِ، أَوْ بِبَعْضِهَا بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ تِلْكَ الْغَلَّةَ، وَأَنَّ فُلَانًا يَسْتَحِقُّهَا فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ، وَلَوْ خَالَفَ مَضْمُونَ الْوَقْفِيَّةِ، وَيَسْقُطُ حَقُّ الْمُقِرِّ.
وَلَكِنْ لَوْ قَالَ الْمَشْرُوطُ لَهُ: قَدْ جَعَلْت غَلَّةَ الْوَقْفِ لِفُلَانٍ، أَوْ أَسْقَطْت حَقِّي مِنْهَا فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارِ فِي الْإِقْرَارِ) .
وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: 1 - لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي الْإِقْرَارِ حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1588) .
إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ الْمَعْرُوفُ بِوَارِثٍ آخَرَ فَيَجِبُ عَلَى الْمُقِرِّ أَنْ يُؤَدِّيَ لِلْمُقَرِّ لَهُ حِصَّتَهُ الْإِرْثِيَّةَ حَسَبَ إقْرَارِهِ.
مَثَلًا لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ، وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ (زَيْدٌ وَعَمْرٌو) وَأَقَرَّ زَيْدٌ بِأَنَّ بَكْرًا أَخُوهُمَا فَيَجِبُ عَلَى زَيْدٍ أَنْ يُؤَدِّيَ نِصْفَ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْ التَّرِكَةِ (أَيْ الرُّبْعَ) لِبَكْرٍ وَلَيْسَ لِهَذَا الْإِقْرَارِ أَيُّ تَأْثِيرٍ عَلَى عَمْرٍو كَمَا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ نَسَبُ بَكْرٍ مِنْ الْمُتَوَفَّى.
وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنَّ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ مُعْتَبَرٌ فِي الْمَالِ، وَلَيْسَ فِي النَّسَبِ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ تَحْمِيلَ النَّسَبِ لِلْغَيْرِ أَيْ عَلَى الْمُتَوَفَّى وَإِقْرَارٌ فِي حَقِّ الْغَيْرِ.
حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ لِلْمُقِرِّ وِلَايَةٌ عَلَى الْغَيْرِ فَلَا يَحُوزُ هَذَا الْإِقْرَارُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارِ) .
3 -
لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَلَهُ فِي ذِمَّةِ آخَرَ مِائَةُ دِينَارٍ وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ وَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ وَالِدَهُ قَدْ قَبَضَ فِي حَيَاتِهِ خَمْسِينَ دِينَارًا مِنْ مَدِينِهِ الْمَذْكُورِ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ فِي حِصَّتِهِ فَلَيْسَ لِلْمُقِرِّ الْمَذْكُورِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ الْمَدِينِ أَمَّا الِابْنُ الْآخَرُ فَيَأْخُذُ الْخَمْسِينَ دِينَارًا، وَيَحْصُرُهَا فِي حِصَّتِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْيَمِينَ بِطَلَبِ الْأَخِ الْمُقِرِّ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِقَبْضِ وَالِدِهِ خَمْسِينَ دِينَارًا.
4 -
لَا عُذْرَ لِلْمُقِرِّ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تَحَاسَبَ أَحَدٌ مَعَ صَرَّافٍ عَلَى الْقَرْضِ الَّذِي أَخَذَهُ وَالتَّسْلِيمَاتِ الَّتِي دَفَعَهَا وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ مِنْ بَاقِي الْحِسَابِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ نَقْضُ إقْرَارِهِ وَطَلَبُ إعَادَةِ الْحِسَابِ مَعَ الصَّرَّافِ.
سُؤَالٌ: بِمَا أَنَّ الْإِقْرَارَ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1572) خَبَرٌ، وَالْخَبَرُ مُحْتَمِلٌ لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، فَكَانَ مِنْ الْوَاجِبِ أَلَا يَكُونَ الْإِقْرَارُ حُجَّةً وَدَلِيلًا.
الْجَوَابُ: قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (79) الْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ.
قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1572) أَنَّ لِبَعْضِ الْأَلْفَاظِ اخْتِصَاصًا بِالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ وَلِبَعْضِهَا اخْتِصَاصًا بِالْإِقْرَارِ بِالْأَمَانَةِ.
كَوْنُ جِهَةٍ مِنْ الْكَلَامِ إقْرَارًا وَجِهَةٍ مِنْهُ دَعْوَى.
إذَا كَانَتْ جِهَةٌ مِنْ كَلَامِ الْمُقِرِّ إقْرَارًا وَجِهَةٌ مِنْهُ دَعْوَى فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ.
أَمَّا جِهَةُ الدَّعْوَى فَيُكَلَّفُ بِإِثْبَاتِهَا، لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ بِحَقِّ الْغَيْرِ يُؤَاخَذُ فِي الْحَالِ.
أَمَّا إذَا ادَّعَى عَلَى الْغَيْرِ بِحَقٍّ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بِلَا حُجَّةٍ.
وَالْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ هِيَ: 1 - إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنَّ الدَّيْنَ حَالٌّ، وَكَذَّبَ الْأَجَلَ فَيَلْزَمُ الدَّيْنُ حَالًّا مَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُقِرُّ بِأَنَّ الدَّيْنَ مُؤَجَّلٌ.
وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى عَدَمِ الْأَجَلِ.
حَتَّى إنَّهُ لِلْمَدِينِ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ إذَا خَافَ أَنْ يُنْكِرَ خَصْمُهُ الْأَجَلَ فِي حَالَةِ قَرَارِهِ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ أَنْ يُنْكِرَ الدَّيْنَ بِدُونِ أَنْ يَقْصِدَ إبْطَالَ حَقِّ الدَّائِنِ، وَيُقِرَّ بِالدَّيْنِ حِينَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَيُؤَدِّيَ دَيْنَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ هِيَ فِي حَالَةِ عَدَمِ ذِكْرِ الْمُقِرِّ الْأَجَلَ مَوْصُولًا.
أَمَّا إذَا ذَكَرَ الْمُقِرُّ الْأَجَلَ مَوْصُولًا بِكَلَامِهِ فَيَجِبُ تَصْدِيقُهُ فِي الْأَجَلِ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) .
لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَأَخَذْت مِنْهَا خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَبَقِيَ فِي ذِمَّتِك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَأَدِّنِي إيَّاهَا فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنَّنِي لَمْ أَكُنْ مَدِينًا لَك بِشَيْءٍ، وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْإِثْبَاتِ.
فَلِذَلِكَ يُؤْمَرُ الْمُدَّعِي بِأَنْ يُؤَدِّيَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْخَمْسَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي أَقَرَّ بِقَبْضِهَا إذَا طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي أَخَذْت مِنْ فُلَانٍ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي أَقْرَضْتهَا لَهُ، أَوْ الَّتِي كَانَ مَدِينًا لِي بِهَا، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ دَيْنَهُ فَيُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى إعَادَةِ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ الَّتِي أَقَرَّ بِقَبْضِهَا؛ لِأَنَّ الْقَابِضَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَأَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْهُ اقْتِضَاءً بِحَقِّهِ، وَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا.
فَإِذَا أَقَرَّ بِالِاقْتِضَاءِ فَقَدْ أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِمَا بَرَاءَتَهُ مِنْ الضَّمَانِ، وَهُوَ تَمَلُّكُهُ عَلَيْهِ بِمَا يَدَّعِيه مِنْ الدَّيْنِ مُقَاصَّةً وَالْآخَرُ يُنْكِرُهُ، وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
3 -
لَوْ قَالَ أَحَدٌ عَنْ الْحِصَانِ الَّذِي فِي يَدِهِ: إنَّ هَذَا الْحِصَانَ لِفُلَانٍ قَدْ اسْتَأْجَرْتُهُ مِنْهُ فَيُصَدَّقُ إقْرَارُهُ عَلَى كَوْنِ الْحِصَانِ لِفُلَانٍ وَيُؤَاخَذُ بِذَلِكَ.
أَمَّا قَوْلُهُ: اسْتَأْجَرْتُهُ مِنْهُ فَلَا يُقْبَلُ بِلَا بَيِّنَةٍ لِأَنَّهَا دَعْوَى بِلَا حُجَّةٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
4 -
لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْعَشَرَة دَنَانِيرَ كَانَتْ وَدِيعَةً لِي عِنْدَ فُلَانٍ، وَقَدْ أَخَذْتُهَا مِنْهُ، وَادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ أَنَّ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ لَهُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ قَدْ أَقَرَّ أَنَّ يَدَ ذَلِكَ الشَّخْصِ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الدَّنَانِيرَ، وَادَّعَى الِاسْتِحْقَاقَ فِيهَا، وَالْآخَرُ يُنْكِرُ دَعْوَاهُ، وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ (الْهِدَايَةُ) يَعْنِي لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنَّ هَذَا الْمَالَ كَانَ وَدِيعَةً لِي عِنْدَكَ، وَقَدْ أَخَذْتُهُ مِنْكَ وَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ: إنَّ الْمَالَ مَالِي، وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُقِرُّ دَعْوَاهُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ ذَلِكَ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا، وَبَدَلِهِ إذَا كَانَ مُتْلَفًا.
لِأَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ بِوَضْعِ يَدِ الْآخَرِ عَلَى الْمَالِ وَادَّعَى اسْتِحْقَاقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهِ.
فَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَالِ لِوَاضِعِ الْيَدِ الْحَقِيقِيِّ، وَأَنْ يُثْبِتَ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِحْقَاقَهُ فِيهِ إذَا كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى الْإِثْبَاتِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
وَلَكِنْ لَيْسَ الْحُكْمُ فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ:
1 -
إذَا أَقَرَّ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَالْقَوْلُ بِالتَّأْجِيلِ لِلْكَفِيلِ وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ (الزَّيْلَعِيّ) لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْكَفَالَةِ يُثْبِتُ بَعْضًا بِلَا شَرْطٍ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (652) .
فَلِذَلِكَ فَالْأَجَلُ فِي الْكَفَالَةِ هُوَ نَوْعٌ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَالْكَفَالَةُ الْمُؤَجَّلَةُ أَحَدُ نَوْعَيْ الْكَفَالَةِ.
فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْإِقْرَارُ بِنَوْعٍ مِنْ الْكَفَالَةِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالنَّوْعِ الْآخَرِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
2 -
لَوْ أَقَرَّ الْمَدِينُ بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِسِكَّةٍ مَغْشُوشَةٍ، وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي صِفَةِ الْمَغْشُوشَةِ فَتَلْزَمُ الْمَغْشُوشَةُ؛ لِأَنَّ الْمَغْشُوشَةَ هِيَ نَوْعٌ، فَالْإِقْرَارُ بِالْمَغْشُوشَةِ هُوَ إقْرَارٌ بِالنَّوْعِ.
(تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
الْحُكْمُ فِيمَا إذَا تَكَرَّرَ الْإِقْرَارُ: إذَا تَكَرَّرَ الْإِقْرَارُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُضَافًا لِلسَّبَبِ، أَوْ لَا فَإِذَا أُضِيفَ لِسَبَبٍ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ مُتَّحِدًا أَوْ مُخْتَلِفًا فَإِذَا كَانَ السَّبَبُ مُتَّحِدًا فَيَلْزَمُ دَيْنٌ وَاحِدٌ.
مَثَلًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ فِي مَجْلِسٍ؛ إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثَمَنِ هَذَا الْحِصَانِ، ثُمَّ قَالَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثَمَنِ هَذَا الْحِصَانِ، وَكَانَ الْحِصَانُ وَاحِدًا فَيَلْزَمُهُ
عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَقَطْ، وَلَا يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا بِسَبَبِ إقْرَارِهِ مَرَّتَيْنِ.
أَمَّا إذَا كَانَ السَّبَبُ مُخْتَلِفًا فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ دَيْنَانِ، مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَجْلِسٍ قَائِلًا: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثَمَنِ هَذَا الْحِصَانِ ثُمَّ أَقَرَّ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ قَائِلًا: إنَّنِي مَدِينٌ لِذَلِكَ الشَّخْصِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثَمَنِ بَغْلَةٍ فَيَلْزَمُهُ الدَّيْنَانِ أَيْ الْعِشْرُونَ دِينَارًا.
أَمَّا إذَا لَمْ يُضَفْ الْإِقْرَارُ لِسَبَبٍ فَإِمَّا أَنْ يُحَرَّرَ سَنَدٌ وَحُجَّةٌ بِهِ، أَوْ لَا يُحَرَّرَ، فَإِذَا كَانَ السَّنَدُ وَالْحُجَّةُ الْمُحَرَّرَةُ وَاحِدًا فَيَلْزَمُ دَيْنٌ وَاحِدٌ؛ مَثَلًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ فِي مَجْلِسٍ؛ إنَّنِي مَدِينٌ بِهَذَا السَّنَدِ وَالْحُجَّةِ لِفُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ قَالَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِذَلِكَ الشَّخْصِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مُشِيرًا إلَى ذَلِكَ السَّنَدِ وَالْحُجَّةِ فَيَلْزَمُهُ دَيْنٌ وَاحِدٌ أَيْ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَقَطْ، وَلَا يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا بِدَاعِي أَنَّهُ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مَرَّتَيْنِ فِي مَجْلِسَيْنِ، أَمَّا إذَا كَانَ السَّنَدُ وَالْحُجَّةُ الْمُحَرَّرَةُ مُتَعَدِّدًا، وَكَانَ بِالْفَرْضِ اثْنَانِ فَيَلْزَمُهُ دَيْنَانِ، مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَجْلِسٍ قَائِلًا: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مُشِيرًا إلَى سَنَدٍ، ثُمَّ أَقَرَّ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِذَلِكَ الشَّخْصِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مُشِيرًا إلَى سَنَدٍ آخَرَ فَيَلْزَمُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا، وَيُنَزَّلُ اخْتِلَافُ الصَّكِّ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ السَّبَبِ.
فَإِذَا لَمْ يُحَرَّرْ سَنَدٌ وَحُجَّةٌ، فَإِذَا كَانَ الْإِقْرَارُ الْأَوَّلُ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي، وَالْإِقْرَارُ الثَّانِي فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَيَلْزَمُهُ دَيْنٌ وَاحِدٌ.
مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَجْلِسٍ قَائِلًا: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الْآخَرَ دَعَا الْمُقِرَّ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَأَقَرَّ الْمُقِرُّ أَثْنَاءَ الدَّعْوَى بِدَيْنِهِ بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَطْ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُؤَدِّيَ أَلْفَ دِرْهَمٍ أُخْرَى حَسَبَ إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ.
أَمَّا إذَا كَانَ كِلَا الْإِقْرَارَيْنِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي، وَفِي مَجْلِسَيْنِ، وَادَّعَى الطَّالِبُ بِمُوجِبِ الْإِقْرَارَيْنِ، فَإِذَا ادَّعَى الْمَدِينُ وَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ بِأَنَّ الدَّيْنَ وَاحِدٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ.
وَإِذَا كَانَ الْإِقْرَارَانِ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي، وَأَشْهَدَ عَلَى كُلِّ إقْرَارٍ شُهُودًا مُخْتَلِفِينَ عَنْ شُهُودِ الْإِقْرَارِ الْآخَرِ أَوْ أَشْهَدَ عَلَى أَحَدِ الْإِقْرَارَيْنِ شَاهِدًا وَاحِدًا، وَأَشْهَدَ عَلَى الْإِقْرَارِ الثَّانِي شَاهِدَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَيَلْزَمُهُ أَيْضًا دَيْنٌ وَاحِدٌ.
أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إذَا أَشْهَدَ عَلَى إقْرَارٍ شَاهِدَيْنِ، وَأَشْهَدَ عَلَى الْإِقْرَارِ الْآخَرِ شَاهِدَيْنِ آخَرِينَ فَيَلْزَمُهُ دَيْنَانِ إذَا ادَّعَى الطَّالِبُ كِلَيْهِمَا.
وَيَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ دَيْنٌ وَاحِدٌ إذَا كَانَ الدَّيْنَانِ الْمُقَرُّ بِهِمَا مُتَسَاوِيَيْنِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُونَا مُتَسَاوِيَيْنِ فَيَلْزَمُ الْأَكْثَرُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ وَالْخَانِيَّةُ) .
وَلَكِنْ إذَا كُذِّبَ إقْرَارُ الْمُقِرِّ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يَبْقَى لِإِقْرَارِهِ حُكْمٌ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْفِقْرَةِ خَمْسُ مَسَائِلَ وَهِيَ:
1 -
الِاسْتِحْقَاقُ: لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِشَيْءٍ فِي يَدِ آخَرَ قَدْ اشْتَرَاهُ وَادَّعَاهُ الْمُسْتَحِقُّ فَقَالَ ذَلِكَ الْآخَرُ: إنَّ هَذَا الشَّيْءَ كَانَ مَالَ فُلَانٍ بَاعَنِي إيَّاهُ إلَّا أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ أَثْبَتَ دَعْوَاهُ، وَحَكَمَ لَهُ الْحَاكِمُ بِهَا فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ، وَاسْتِرْدَادُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَقَرَّ حِينَ الْمُحَاكَمَةِ بِكَوْنِ ذَلِكَ الشَّيْءِ مَالَ الْبَائِعِ، وَأَنْكَرَ دَعْوَى الْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّ