الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَقَطْ سَوَاءٌ كَانَ هِبَةً، أَوْ وَصِيَّةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (879) .
وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا أَضَافَ الْمُقِرُّ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّ فَرَسِي هَذِهِ لِفُلَانٍ فَإِذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَثْنَاءَ بَحْثِ وَصِيَّةٍ يُحْمَلُ عَلَى الْهِبَةِ وَيَجِبُ التَّسْلِيمُ وَإِذَا كَانَ قَالَ ذَلِكَ أَثْنَاءَ بَحْثِ وَصِيَّةٍ يُحْمَلُ عَلَى الْوَصِيَّةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ بَاعَ جَمِيعَ أَمْلَاكِهِ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ لِأَجْنَبِيٍّ، وَأَنَّهُ قَبَضَ ثَمَنَهَا فَإِقْرَارُهُ بِالْبَيْعِ مُعْتَبَرٌ، وَإِقْرَارُهُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مُعْتَبَرٌ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ (الْبَهْجَةُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ) .
[
(الْمَادَّةُ 1602) دُيُونُ الصِّحَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى دُيُونِ]
الْمَادَّةُ (1602) - (دُيُونُ الصِّحَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى دُيُونِ الْمَرَضِ، يَعْنِي تُقَدَّمُ الدُّيُونُ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِذِمَّةِ مَنْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ غَرِيمَةً فِي حَالِ صِحَّتِهِ عَلَى الدُّيُونِ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ بِإِقْرَارِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَتُسْتَوْفَى أَوَّلًا دُيُونُ الصِّحَّةِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَرِيضِ وَإِذَا بَقِيَ شَيْءٌ تُؤَدَّى مِنْهُ دُيُونُ الْمَرَضِ، وَلَكِنَّ الدُّيُونَ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِذِمَّةِ الْمَرِيضِ بِأَسْبَابٍ مَعْرُوفَةٍ غَيْرِ الْإِقْرَارِ كَالدُّيُونِ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ بِأَسْبَابِ الشِّرَاءِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَإِتْلَافِ الْمَالِ الْمُشَاهَدِ وَالْمَعْلُومِ لِلنَّاسِ فَهِيَ فِي حُكْمِ دُيُونِ الصِّحَّةِ، وَإِذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ شَيْئًا مِنْ الْأَعْيَانِ فَحُكْمُهُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا. يَعْنِي إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِأَجْنَبِيٍّ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُقَرُّ لَهُ مَا لَمْ تُؤَدَّ دُيُونُ الصِّحَّةِ، أَوْ الدُّيُونُ الَّتِي تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ بِأَسْبَابٍ مَعْرُوفَةٍ، وَكَانَتْ فِي حُكْمِ دُيُونِ الصِّحَّةِ) .
دُيُونُ الصِّحَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى دُيُونِ الْمَرَضِ لِأَنَّ الْمَرِيضَ مَحْجُورٌ مِنْ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ مَا لَمْ تَكُنْ ذِمَّتُهُ خَالِيَةً مِنْ دَيْنِ الصِّحَّةِ فَالدَّيْنُ الَّذِي يَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الْمَحْجُورِ لَا يُزَاحِمُ الدَّيْنَ الثَّابِتَ بِلَا حَجْرٍ.
إنَّ دَيْنَ الصِّحَّةِ أَقْوَى مِنْ دَيْنِ الْمَرَضِ أَلَا يُرَى أَنَّ الْمَرِيضَ مَحْجُورٌ مِنْ التَّبَرُّعِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَعَلَيْهِ فَالْإِقْرَارُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ يُوجِدُ ضَعْفًا مَا (السَّيِّدُ عَلَى الْفَرَائِضِ) .
كَمَا أَنَّ دُيُونَ الْمَرَضِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْإِرْثِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ هُوَ مِنْ الْحَوَائِلِ الْأَصْلِيَّةِ حَيْثُ إنَّ فِي ذَلِكَ تَفْرِيغًا لِذِمَّةِ الْمَدِينِ وَرَفْعًا لِلْحَائِلِ بَيْنَ الْمَدِينِ وَبَيْنَ الْمُكَافَأَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ.
فَلِذَلِكَ يَتَقَدَّمُ إيفَاءُ الدَّيْنِ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ.
وَجَمِيعُ دُيُونِ الصِّحَّةِ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الدَّرَجَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَرَتِّبَةً بِأَسْبَابٍ مَعْرُوفَةٍ أَوْ كَانَتْ ثَابِتَةً بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِإِقْرَارِ الْمُتَوَفَّى فِي حَالِ صِحَّتِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ لِلْوَارِثِ أَوْ لَلْأَجْنَبِيِّ.
فَلِذَلِكَ إذَا أَقَرَّ الْمُقِرُّ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ بِدَيْنٍ لِأَشْخَاصٍ عَدِيدِينَ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ، أَوْ فِي أَزْمِنَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ كَانَ إقْرَارُهُ صَحِيحًا، وَكَانَتْ جَمِيعُ الدُّيُونِ مُتَسَاوِيَةً.
وَالْحُكْمُ فِي دُيُونِ الْمَرَضِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا.
فَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِمَرَضِ الْمَوْتِ بِدُيُونٍ مُتَعَدِّدَةٍ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي أَزْمِنَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ لِأَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ وَتَكُونُ جَمِيعُ تِلْكَ الدُّيُونِ دُيُونَ مَرَضٍ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الدُّيُونَ مُتَسَاوِيَةٌ فِي ثُبُوتِهَا فِي ذِمَّةِ الْمُقِرِّ.
كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ أَوَّلًا بِدَيْنٍ ثُمَّ بِوَدِيعَةٍ فَيُعَدُّ مُتَسَاوِيًا؛ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَوَّلًا بِالدَّيْنِ فَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْغَرِيمِ فِي الْمَالِ الَّذِي تَحْتَ يَدِ الْمُقِرِّ فَإِذَا أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ وَدِيعَةُ فُلَانٍ فَيَكُونُ بِذَلِكَ قَدْ أَرَادَ إسْقَاطَ حَقِّ الْغَرِيمِ فَلَا يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ إلَّا أَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ يَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُهَا فَيَثْبُتُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُقِرِّ وَيَتَسَاوَى مَعَ الْغَرِيمِ الْآخَرِ فِي الدَّيْنِ.
أَمَّا إذَا أَقَرَّ أَوَّلًا الْوَدِيعَةِ وَأَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالدَّيْنِ فَيَكُونُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ أَوْلَى بِوَدِيعَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَمَّا بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ الْوَدِيعَةِ مَلَكَهَا الْمُقَرُّ لَهُ بِعَيْنِهَا، فَإِقْرَارُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالدَّيْنِ لَا يُعَلِّقُ الدَّيْنَ فِي مَالِ الْآخَرِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْكِفَايَةِ) .
وَإِقْرَارُهُ بِمَالٍ فِي يَدِهِ أَنَّهُ بِضَاعَةٌ، أَوْ مُضَارَبَةٌ حُكْمُهُ مُسَاوٍ لِلْوَدِيعَةِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (التَّكْمِلَةُ) .
وَالْمَقْصُودُ مِنْ دُيُونِ الْمَرَضِ الدُّيُونُ الْمَجْهُولَةُ أَسْبَابُهَا، وَالْمَعْلُومَةُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ.
يَعْنِي تُقَدَّمُ الدُّيُونُ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِذِمَّةِ مَنْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ غَرِيمَةً (أَيْ التَّرِكَةُ الَّتِي لَا تَفِي بِالدُّيُونِ) فِي حَالِ صِحَّتِهِ عَلَى الدُّيُونِ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ بِإِقْرَارِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ.
وَيُشَارُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ بِأَنَّ التَّرِكَةَ غَيْرُ كَافِيَةٍ لِجَمِيعِ الدُّيُونِ، وَأَنَّ الدَّائِنَ غَيْرُ وَاحِدٍ بَلْ مُتَعَدِّدٌ.
فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَانَ الدَّيْنُ لِلْعِبَادِ.
فَإِذَا كَانَ مَا يَبْقَى بَعْدَ تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ يَفِي بِالدَّيْنِ فَبِهَا.
فَإِذَا لَمْ يَفِ بِهَا فَالْبَاقِي يُعْطَى لِلْغَرِيمِ أَيْ إذَا كَانَ دَائِنًا وَاحِدًا، وَمَا يَبْقَى مِنْ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى إنْ شَاءَ الدَّائِنُ عَفَى عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ إلَى دَارِ الْجَزَاءِ، وَإِذَا كَانَ الدَّائِنُ مُتَعَدِّدًا فَإِنْ كَانَتْ جَمِيعُ الدُّيُونِ دُيُونَ صِحَّةٍ فَالْبَاقِي مِنْ التَّرِكَةِ يُقَسَّمُ بَيْنَ الدَّائِنِينَ تَقْسِيمَ الْغُرَمَاءِ، وَإِذَا اجْتَمَعَ دَيْنُ الصِّحَّةِ مَعَ دَيْنِ الْمَرَضِ يُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ (السَّيِّدُ عَلَى الْفَرَائِضِ فِي أَوَّلِهِ) .
فَلِذَلِكَ يُسْتَوْفَى أَوَّلًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَرِيضِ دُيُونُ الصِّحَّةِ وَإِذَا بَقِيَ فَضْلَةٌ مِنْ التَّرِكَةِ تُؤَدَّى مِنْهَا دُيُونُ الْمَرَضِ فَعَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ تَرِكَةُ أَحَدٍ عِبَارَةً عَنْ خَمْسِينَ دِينَارًا، وَكَانَ مَدِينًا فِي حَالٍ صِحَّتِهِ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا لِشَخْصٍ، وَأَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِأَجْنَبِيٍّ بِعَيْنٍ غَيْرِ مَضْمُونَةٍ كَالْأَمَانَةِ أَوْ بِعَيْنٍ مَضْمُونَةٍ كَالْمَغْصُوبِ، أَوْ أَقَرَّ لِذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا فَيُؤَدَّى مِنْ تَرِكَتِهِ أَوَّلًا دَيْنُ الصِّحَّةِ وَيُؤَدَّى دَيْنُ الْمَرَضِ مِمَّا يَبْقَى.
وَلَكِنَّ الدُّيُونَ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِذِمَّةِ الْمَرِيضِ بِأَسْبَابٍ مَعْرُوفَةٍ أَيْ بِغَيْرِ الْإِقْرَارِ الْوَاقِعِ مِنْ الْمَرِيضِ أَثْنَاءَ مَرَضِ مَوْتِهِ كَالدَّيْنِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْمَرِيضِ بِأَسْبَابِ الِاشْتِرَاءِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالشِّرَاءِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ وَالنِّكَاحِ؛ الْمُشَاهَدَةِ وَالْمَعْلُومَةِ لِلنَّاسِ وَاَلَّتِي لَمْ تَكُنْ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ.
فَهِيَ فِي حُكْمِ دُيُونِ الصِّحَّةِ أَيْ أَنَّ هَذِهِ الدُّيُونَ مُسَاوِيَةٌ لِدُيُونِ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عُلِمَ سَبَبُهَا انْتَفَتْ التُّهْمَةُ مِنْ الْإِقْرَارِ (الْمِنَحُ) .
، وَقَدْ اكْتَفَى بِأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مَعْلُومًا لِلنَّاسِ، وَلَمْ يَذْكُرْ بِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لِلْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَكْفِي عِلْمُ الْقَاضِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ)