الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَهَادَتُهُمْ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (1707) بِاعْتِبَارِ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالْأَقَلِّ.
كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ وَفِلْوَهَا لِلْمُدَّعِي ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ فِي حَقِّ الْفِلْوِ فَتَبْطُلُ الشَّهَادَةُ وَلَا يُحْكَمُ بِالْفَرَسِ أَيْضًا (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَأَبُو السُّعُودِ) .
وَإِذَا لَمْ يَدَّعِ الشُّهُودُ أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا أَوْ سَهَوْا فِي شَهَادَتِهِمْ فَيُعَزَّرُونَ. إنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ مُحْتَاجَةٌ لِلتَّفْصِيلِ وَهُوَ أَنَّ الرُّجُوعَ يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: الرُّجُوعُ عَلَى سَبِيلِ التَّوْبَةِ وَالنَّدَامَةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُ التَّعْزِيرُ بِالْإِجْمَاعِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: الرُّجُوعُ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّاهِدِ قَدْ شَهِدْتُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَذِبًا وَزُورًا وَإِنَّنِي لَا أَرْجِعُ وَلَا أَتُوبُ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ الزُّورِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَلْزَمُ التَّعْزِيرُ بِالْإِجْمَاعِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَلَّا يَكُونَ مَعْلُومًا هَلْ هُوَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْبَةِ أَوْ عَلَى طَرِيقِ الْإِصْرَارِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي التَّعْزِيرِ (الزَّيْلَعِيّ) .
[
(الْمَادَّةُ 1729) إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ الْحُكْمِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي]
الْمَادَّةُ (1729) - (إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ الْحُكْمِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي وَيَضْمَنُ الشُّهُودُ الْمَحْكُومَ بِهِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ 80) .
إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ كُلِّ أَوْ بَعْضِ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ الْحُكْمِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي وَيَضْمَنُ الشُّهُودُ الْمَحْكُومَ بِهِ وَهُوَ الْمَالُ الَّذِي تَلِفَ بِشَهَادَتِهِمْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (80) ؛ لِأَنَّ رُجُوعَ الشُّهُودِ عَنْ الشَّهَادَةِ إقْرَارٌ مِنْهُمْ بِأَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَنَّهُمْ كَانُوا سَبَبًا لِضَيَاعِ الْمَالِ وَلِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِمْ، إلَّا أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ صَحِيحًا وَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ أَفْسَقَ النَّاسِ إلَّا أَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَوْ كَانَ أَعْدَلَ النَّاسِ فَلِذَلِكَ وَإِنْ صَحَّ الرُّجُوعُ الْمَذْكُورُ فِي حَقِّ الشَّاهِدِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْغَيْرِ أَيْ فِي حَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي عَشَرَ.
الشُّهُودُ - لَمْ يَكُنْ هَذَا التَّعْبِيرُ تَعْبِيرًا احْتِرَازِيًّا عَنْ الْمُزَكِّينَ إذْ أَنَّ الْمُزَكِّينَ إذَا رَجَعُوا عَنْ تَزْكِيَتِهِمْ فَيَضْمَنُونَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ بِالشَّهَادَةِ فَقَطْ وَالشَّهَادَةُ يَصِيرُ إعْمَالُهَا بِالتَّزْكِيَةِ فَأَصْبَحَتْ بِمَعْنَى عِلَّةِ الْعِلَّةِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُزَكِّينَ الرَّاجِعِينَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا الشُّهُودَ إلَّا بِالْخَيْرِ، أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُزَكَّوْنَ أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا فِي تَزْكِيَتِهِمْ فَلَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَلِكَ لَوْ عُلِمَ أَنَّ الشُّهُودَ شُهُودُ زُورٍ بِرُجُوعِهِمْ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فَلَا يَلْزَمُ الْمُزَكِّينَ ضَمَانٌ (ابْنُ نُجَيْمٍ وَالْهِنْدِيَّةُ وَأَبُو السُّعُودِ) .
بَعْدَ الْحُكْمِ - أَمَّا إذَا كَانَ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْحُكْمِ فَقَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ.
وَيَدُلُّ هَذَا التَّعْبِيرُ عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ الشَّهَادَةِ الَّتِي لَا يَلْحَقُ حُكْمٌ بِمُوجَبِهَا لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى
أَلْفِ دِرْهَمٍ وَزَكَّوْا سِرًّا وَعَلَنًا وَقَبْل أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي بِالدَّعْوَى تَصَالَحَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَكْلِيفٍ مِنْ الْقَاضِي أَوْ بِلَا تَكْلِيفٍ عَلَى الْمَبْلَغِ الْمُدَّعَى بِهِ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ الصُّلْحِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ (الْهِنْدِيَّةُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) .
فِي حُضُورِ الْقَاضِي، وَشَرْطُ الرُّجُوعِ أَنْ يَكُونَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1731) .
إذَا رَجَعَ - وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الرُّجُوعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ مَسْأَلَتَانِ:
1 -
أَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ كُلِّ الشَّهَادَةِ صَحِيحٌ كَمَا أَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ بَعْضِهَا صَحِيحٌ أَيْضًا اُنْظُرْ مَادَّةَ (64) . مَثَلًا: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ دَارًا هِيَ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي وَبَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ وَالْحُكْمِ قَالَ الشُّهُودُ: إنَّ عَرْصَةَ تِلْكَ الدَّارِ هِيَ لِلْمُدَّعِي وَبِنَاؤُهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ الشُّهُودُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ قَدْ أَتْلَفُوا الْبِنَاءَ فَقَطْ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الدَّعْوَى) .
2 -
جَوَازُ الرُّجُوعِ مُطْلَقًا - وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ سَوَاءٌ كَانَتْ عَدَالَةُ الشُّهُودِ وَقْتَ الرُّجُوعِ مُسَاوِيَةً لِعَدَالَتِهِمْ وَقْتَ الشَّهَادَةِ أَوْ كَانَتْ أَعْلَى أَوْ أَدْنَى (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ كَلَامُ الشُّهُودِ مُتَنَاقِضًا وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالْكَلَامِ الْمُتَنَاقِضِ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا نَقْضُ الْحُكْمِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الصِّدْقِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ تَرَجَّحَ الْكَلَامُ الْأَوَّلُ بِالْحُكْمِ الزَّيْلَعِيّ كَمَا أَنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ بِشَهَادَةٍ حَتَّى أَنَّهُ لَا يَتَحَرَّى فِيهِ لَفْظَ الشَّهَادَةِ وَلِذَلِكَ فَالْحُكْمُ الَّذِي يَثْبُتُ بِشَهَادَةٍ لَا يَبْطُلُ بِالرُّجُوعِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبِيلِ الشَّهَادَةِ الشِّبْلِيُّ.
الْمَالُ الَّذِي تَلِفَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ - وَفِي لُزُومِ تَضْمِينِ ذَلِكَ لِلشُّهُودِ شَرْطَانِ:
الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ التَّلَفُ حَاصِلًا بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ فَقَطْ وَعَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ تَلَفُ الْمَحْكُومِ بِهِ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ الْمُجَرَّدَةِ بَلْ حَصَلَ التَّلَفُ بِانْضِمَامِ أَمْرٍ آخَرَ فَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي لَهُ صِفَتَانِ وَيَثْبُتُ حُكْمٌ فِيهِ مِنْ أَجْلِ عِلَّةٍ وَاحِدَةٍ يُضَافُ الْحُكْمُ إلَى الْوَصْفِ الْمَوْجُودِ أَخِيرًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (90)(الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالْبَهْجَةِ) .
بَعْضُ مَسَائِلَ مُتَفَرِّعَةٍ عَنْ ذَلِكَ:
أَوَّلًا - الْإِفْلَاسُ: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الْإِبْرَاءِ وَبَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَوَفَاةِ الْمَدِينِ مُفْلِسًا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فَلَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ تَلَفَ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَحْصُلْ بِمُجَرَّدِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ زُورًا بَلْ حَصَلَ بِوَفَاةِ الْمَدِينِ مُفْلِسًا.
ثَانِيًا - الْوَفَاةُ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا هُوَ ابْنُ فُلَانٍ وَبَعْدَ صُدُورِ الْحُكْمِ بِذَلِكَ تُوُفِّيَ الْأَبُ وَوَرِثَهُ الِابْنُ وَأَخَذَ مَالًا مِنْ التَّرِكَةِ فَرَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْمَذْكُورِ مَالًا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ لَمْ يَكُنْ بِمُجَرَّدِ شَهَادَةِ الزُّورِ بَلْ كَانَ بِوَفَاةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) .
ثَالِثًا.
- لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ قَدْ وَكَّلَ فُلَانًا بِقَبْضِ مَطْلُوبِهِ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ فُلَانٍ وَبَعْدَ الْحُكْمِ أَخَذَ الْوَكِيلُ مِنْ الْمَدِينِ الْمُقِرِّ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ ثُمَّ أَنْكَرَ الْغَائِبُ التَّوْكِيلَ وَرَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ ضَمَانٌ بَلْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ الْقَابِضَ الضَّمَانُ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ التَّالِفُ مَالًا وَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ التَّالِفُ مَالًا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ.
أَوَّلًا - الْمَنْفَعَةُ - إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِالْإِجَارَةِ بِحِلٍّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَلَا ضَمَانَةَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي تَلِفَ بِالشَّهَادَةِ الْكَاذِبَةِ لَمْ يَكُنْ مَالًا بَلْ مَنْفَعَةً مَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْجُورُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ مَالَ وَقْفٍ أَوْ مَالَ يَتِيمٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (596) .
أَمَّا إذَا كَانَ مُدَّعِي الْإِجَارَةِ الْمُؤَجِّرَ، وَالْمُسْتَأْجِرُ مُنْكِرٌ، وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ رَجَعُوا يَضْمَنُونَ الْمِقْدَارَ الزَّائِدَ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ يَكُونُونَ قَدْ أَتْلَفُوا هَذَا الْمِقْدَارَ بِلَا عِوَضٍ أَمَّا إتْلَافُ مِقْدَارِ أَجْرِ الْمِثْلِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ بِعِوَضٍ (الزَّيْلَعِيّ) .
ثَانِيًا - النِّكَاحُ: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي هِيَ مَحَلٌّ لِلنِّكَاحِ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى دَعْوَاهُ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ وَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ ضَمَانٌ سَوَاءٌ كَانَ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ كَانَ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي تَلِفَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ الْكَاذِبَةِ لَيْسَ بِمَالٍ (النَّتِيجَةُ) .
أَمَّا إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُنْكِرًا لِلنِّكَاحِ وَالْمَرْأَةُ تَدَّعِيهِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ الْحُكْمِ فَيَضْمَنُونَ الزَّائِدَ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
ثَالِثًا - الْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ: لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى عَفْوِ وَلِيِّ الْقَتِيلِ عَنْ الْقِصَاصِ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يَلْزَمُهُمَا ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَيْسَ بِمَالٍ (أَبُو السُّعُودِ) .
رَابِعًا الْإِيصَاءُ - إذَا شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فُلَانًا الْمُتَوَفَّى قَدْ نَصَّبَ فُلَانًا وَصِيًّا مُخْتَارًا وَبَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَلْزَمُهُمَا ضَمَانٌ بَلْ يَلْزَمُ الْوَصِيَّ الضَّمَانُ إذَا اُسْتُهْلِكَ الْمَالُ (الْبَحْرُ) .
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ إزَالَةُ الْمِلْكِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ إزَالَةُ الْمِلْكِ بِعِوَضٍ فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ وَتَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ:
أَوَّلًا الرَّهْنُ - إذَا ادَّعَى الدَّائِنُ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَرْهَنَ هَذِهِ السَّاعَةَ مُقَابِلَ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ الْمَطْلُوبَةِ لِي مِنْ ذِمَّتِهِ وَسَلَّمَنِي إيَّاهَا وَكَانَ الْمَدِينُ مُقِرًّا بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَكَانَتْ قِيمَةُ السَّاعَةِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِزَالَةَ كَانَتْ بِعِوَضٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَزْيَدَ مِنْ الدَّيْنِ فَيُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَجِبُ ضَمَانٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَمْ تُؤَدِّ إلَى التَّلَفِ، أَمَّا إذَا
تَلِفَ الرَّهْنُ فَيَضْمَنُ الشُّهُودُ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَزِيدُ عَنْ الدَّيْنِ، أَمَّا مِقْدَارُ الدَّيْنِ فَيَجْرِي تَقَاصُّهُ بِالدَّيْنِ (الْبَحْرُ وَالْهِنْدِيَّةُ) .
ثَانِيًا، الشُّفْعَةُ: إذَا شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّ الْمَشْفُوعَ بِهِ مِلْكٌ لِلشَّفِيعِ، وَبَعْدَ أَنْ حَكَمَ الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَلَا يَلْزَمُهُمَا ضَمَانٌ (الْبَحْرُ الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ) .
ثَالِثًا الشَّهَادَةُ عَلَى الْبَيْعِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهَا: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِالْبَيْعِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهَا ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يَلْزَمُهُمَا ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَمْ يَتْلَفْ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ بَلْ أُخِذَ بَدَلُهُ الْحَقِيقِيُّ أَوْ مَا يَزِيدُ عَنْهُ أَبُو السُّعُودِ أَمَّا إذَا شَهِدَا عَلَى الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ بِنُقْصَانِ الْقِيمَةِ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَيَضْمَنَانِ مِقْدَارَ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي تَلِفَ بِلَا عِوَضٍ هُوَ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ أَبُو السُّعُودِ وَلَا فَرْقَ فِي خُصُوصِ الضَّمَانِ بَيْنَ الْبَيْعِ الْبَاتِّ وَبَيْنَ الْبَيْعِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ التَّلَفِ هُوَ الْبَيْعُ السَّابِقُ وَفِي حَالِ سُقُوطِ الْخِيَارِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ يُضَافُ حُكْمُ الْبَيْعِ إلَى السَّابِقِ كَمَا أَنَّ التَّلَفَ يُضَافُ إلَيْهِ (الزَّيْلَعِيّ) فَكَأَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ خِيَارُ شَرْطٍ وَأَجَازَ الْبَيْعُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الشُّهُودِ إذْ يَكُونُ قَدْ أَتْلَفَ مَالَهُ مُبَاشَرَةً وَلَا يُضَافُ الْحُكْمُ عَلَى الْمُسَبِّبِ مَعَ وُجُودِ الْمُبَاشِرِ (الزَّيْلَعِيّ) وَفِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ بِالْبَيْعِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْبَائِعِ ثَلَاثُ صُوَرٍ:
الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الْبَيْعِ وَلَا يَشْهَدُونَ عَلَى قَبْضِ الثَّمَنِ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا قَدْ بَاعَ مَالَهُ الْفُلَانِيَّ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِمُوجَبِ شَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْهَا يَنْظُرُ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ تِلْكَ الدَّارِ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَلَّ فَلَا يَلْزَمُهُمَا ضَمَانٌ وَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا وَمِائَةَ دِرْهَمٍ فَيَضْمَنَانِ الْمِائَةَ دِرْهَمٍ مُنَاصَفَةً.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - أَنْ يَشْهَدَا أَوَّلًا عَلَى الْبَيْعِ وَبَعْدَ أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي يَشْهَدَانِ ثَانِيَةً عَلَى قَبْضِ الثَّمَنِ فَإِذَا رَجَعَا عَنْ تَيْنِكَ الشَّهَادَتَيْنِ فَيَلْزَمُهُمَا ضَمَانُ الثَّمَنِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ أَدْوَنَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ فَيَضْمَنَانِ نُقْصَانَهُ أَيْضًا.
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الْبَيْعِ وَعَلَى قَبْضِ الثَّمَنِ جُمْلَةً فَيَضْمَنُ الشُّهُودُ الَّذِينَ يَرْجِعُونَ عَنْ هَذِهِ الشَّهَادَةِ تَمَامَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ (الزَّيْلَعِيّ) .
رَابِعًا: أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ وَبِالْإِقَالَةِ مَعًا، مَثَلًا إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ وَبِالْإِقَالَةِ مَعًا، ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي فَلَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِالْبَيْعِ بَلْ حَكَمَ بِالْإِقَالَةِ فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَلَفُ مَالٍ الزَّيْلَعِيّ.
خَامِسًا: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِأَنْقَصَ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَلْزَمُهُمَا ضَمَانٌ أَمَّا إذَا شَهِدُوا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ ثُمَّ رَجَعُوا فَيَضْمَنُونَ زِيَادَةَ الْقِيمَةِ فَقَطْ كَذَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لِلْمُشْتَرِي وَنَفَذَ الشِّرَاءُ بِمُرُورِ الْمُدَّةِ فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ، أَمَّا إذَا أَجَازَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ (الزَّيْلَعِيّ وَالْهِنْدِيَّةُ) .
الْمَحْكُومُ بِهِ - سَوَاءٌ كَانَ دَيْنًا أَوْ كَانَ عَيْنًا مَنْقُودٌ أَوْ عَقَارٌ أَوْ سَوَاءٌ كَانَ مَقْبُوضًا أَيْ أُجْرِيَ حُكْمُ الْإِعْلَامِ أَوْ كَانَ غَيْرَ مَقْبُوضٍ (الشِّبْلِيُّ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ قَالَ: إنَّهُ إذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ لَمْ يُقْبَضْ فَيَبْطُلُ الْحُكْمُ وَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ ضَمَانٌ، الْآنَ إطْلَاقُ الْمَجَلَّةِ وَإِفْتَاءُ عَلِيِّ أَفَنْدِي يَقْضِيَانِ بِلُزُومِ الضَّمَانِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 64) وَإِنْ يَكُنْ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْغَصْبِ أَنَّ جَرَيَانَ الْغَصْبِ فِي الْعَقَارِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ اتِّفَاقٌ عَلَى لُزُومِ الضَّمَانِ لِلرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالزَّيْلَعِيّ.
مُسْتَثْنًى - وَيُسْتَثْنَى الْقِصَاصُ مِنْ عَدَمِ نَقْضِ الْحُكْمِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْقَتْلِ الْعَمْدِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ إنْفَاذِهِ فَلَا يُنَفَّذُ وَلَا يَجْرِي الْحُكْمُ؛ وَيَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ بَيِّنَةٍ أُخْرَى وَحُكْمٍ جَدِيدٍ لِلشُّهُودِ.
وَلَا يَلْزَمُ الْمَشْهُودَ لَهُ أَيْ الْمَقْضِيَّ لَهُ ضَمَانٌ فَلَا يُقَالُ لَهُ (بِمَا أَنَّكَ قَدْ أَخَذْتَ الْمَشْهُودَ بِهِ فَرُدَّهُ) لِأَنَّ الرُّجُوعَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي حَقِّ الْغَيْرِ (الشِّبْلِيُّ) .
كَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِي أَيْضًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (90) أَمَّا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ فَقَدْ قَالَ بِلُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى الْقَاضِي بِنَاءً عَلَى ضَمَانِ الْمَادَّةِ (90) .
يَضْمَنُ - يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ يَضْمَنُونَ مِثْلَهُ وَإِذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ يَضْمَنُونَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ الْوَاقِعُ قِصَاصًا وَنَفَذَ يَضْمَنُ الشُّهُودُ دِيَةَ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (416)(الْهِنْدِيَّةُ وَالزَّيْلَعِيّ) وَتَلْزَمُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ الْمَالِ قَدْ حَصَلَ بِالْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ فَلِذَلِكَ يَضْمَنُ الشُّهُودُ قِيمَتَهُ يَوْمَ صُدُورِ الْحُكْمِ وَلَا عِبْرَةَ لِلزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ الْحَاصِلَيْنِ بَعْدَ الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ فِي قِيمَةِ ذَلِكَ الْمَالِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (891) .
وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا اخْتَلَفَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَالشُّهُودُ فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ فَيُقْبَلُ الْإِثْبَاتُ مِنْ أَيِّهِمَا فَإِذَا أَثْبَتَ الِاثْنَانِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الْمُثْبِتَةُ لِلزِّيَادَةِ فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ الِاثْنَانِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلشُّهُودِ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ يُنْكِرُونَ الزِّيَادَةَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) .
تَفْصِيلُ الضَّمَانِ: إنَّ هَذَا الضَّمَانَ جَارٍ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ وَبِمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تُبَيِّنْ الْأَبْوَابَ الْمَذْكُورَةَ فَنَرَى مِنْ الْمُنَاسِبِ بَيَانُ بَعْضِهَا.
الدَّيْنُ: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى دَيْنٍ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَحَكَمَ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ الشَّهَادَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَيَضْمَنُونَ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَ رُجُوعُ الشُّهُودِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِمْ فَيُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ (الْكَنْزُ وَالْبَحْرُ) .
الْهِبَةُ: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي بِذَلِكَ فَيَضْمَنُونَ قِيمَةَ ذَلِكَ الْمَالِ وَلَا يَمْنَعُ حَقَّ الْوَاهِبِ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ تَضْمِينُ الشُّهُودِ فَإِذَا ضَمِنُوا ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَخَذَ عِوَضَهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَضْمَنْ الْوَاهِبَ الشُّهُودُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ (الْبَحْرُ وَالشِّبْلِيُّ) .
الْإِبْرَاءُ: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَ مَدِينَهُ مِنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ أَنَّ الْمَدِينَ قَدْ أَوْفَى الدَّائِنَ دَيْنَهُ وَبَعْدَ أَنْ حَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ رَجَعَ الشُّهُودُ فَيَضْمَنُونَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي: إنَّ هَذَا الدَّائِنَ قَدْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ أَبْرَأَ أَوْ حَلَّلَ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ الْمَطْلُوبَةِ لَهُ مِنْ ذِمَّةِ هَذَا الْمَدِينِ أَوْ أَنَّهُ قَدْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ الْمَذْكُورَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ أَنَّ الْمَدِينَ الْمَذْكُورَ قَدْ أَوْفَى الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ لِلدَّائِنِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فَلِلدَّائِنِ تَضْمِينُ الشُّهُودِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَحْرُ) .
سُؤَالٌ - إنَّ الدَّيْنَ الَّذِي أَتْلَفَهُ الشُّهُودُ هُوَ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ وَأَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ فَبِإِعْطَاءِ بَدَلِهِ عَيْنًا لَا يَكُونُ مُمَاثَلَةً فِي التَّضْمِينِ وَيَلْزَمُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ فِي ضَمَانِ الْعُدْوَانِ الْمُمَاثَلَةُ فَلِذَلِكَ كَانَ الْوَاجِبُ عَدَمَ الضَّمَانِ فِي ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ؟
الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّ الدَّيْنَ بِاعْتِبَارِ عَاقِبَةِ الْقَبْضِ هُوَ مَالٌ وَعَيْنٌ مُنْتَفَعٌ بِهَا فَيَتَحَقَّقُ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُتْلَفَ هُوَ الْعَيْنُ (الزَّيْلَعِيّ بِزِيَادَةٍ وَإِيضَاحٍ) .
التَّأْجِيلُ: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى تَأْجِيلِ دَيْنٍ مُعَجَّلٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ وَرَجَعَ الشُّهُودُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَيَلْزَمُ الشُّهُودَ الضَّمَانُ سَوَاءٌ كَانَ رُجُوعُهُمْ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ (الْبَحْرُ) وَإِذَا رَجَعُوا قَبْلَ الْأَجَلِ فَيَضْمَنُونَ حَالًا الشِّبْلِيُّ وَيَرْجِعُ الشُّهُودُ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي ضَمِنُوهُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَإِذَا تَلِفَ مَطْلُوبُهُمْ عِنْدَ الْمَدِينِ فَلَيْسَ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَى الدَّائِنِ (الشِّبْلِيُّ) .
الشَّهَادَةُ عَلَى الدَّيْنِ وَالْإِبْرَاءِ مَعًا، إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ مَدِينٌ لِذَلِكَ الشَّخْصِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ آخَرُ بِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ قَدْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ مِنْ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ الْمَذْكُورَةِ وَبَعْدَ أَنْ حَكَمَ الْقَاضِي بِالْأَمْرَيْنِ رَجَعَ الشُّهُودُ فَعَلَى الْمُدَّعِي أَوَّلًا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ، وَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ شَاهِدَا الْإِبْرَاءِ، فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَضْمَنُ شَاهِدَا الْإِبْرَاءِ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَلَيْسَ لِهَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الرُّجُوعُ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي ضَمِنَاهُ عَلَى الشَّخْصِ الَّذِي شَهِدَا لَهُ (الْبَحْرُ) .
الْبَيْعُ: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ بَاعَ فَرَسَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا مُؤَجَّلَةً لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَانَ قِيمَةُ تِلْكَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ الْحُكْمِ فَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ، إنْ شَاءَ أَخَذَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الشُّهُودُ قِيمَةَ تِلْكَ الْفَرَسِ مُعَجَّلًا وَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا لِلشُّهُودِ فَإِذَا ضَمِنَهُمْ فَلَهُمْ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُمْ قَامُوا مَقَامَ الْبَائِعِ بِالضَّمَانِ وَطَابَ لَهُمْ قَدْرُ عَشَرَةٍ وَتَصَدَّقَ الْفَضْلَ الشِّبْلِيُّ.
الْوَقْفُ: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْعَقَارَ الَّذِي فِي يَدِ زَيْدٍ هُوَ وَقْفُ فُلَانٍ الْمُسَجَّلُ وَبَعْدَ أَنْ حُكِمَ بِمُوجَبِ شَهَادَتِهِمْ بِالْوَقْفِ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَيَضْمَنُ الشُّهُودُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ وَقْتَ الْحُكْمِ (فَتَاوَى ابْنُ نُجَيْمٍ) .
الْإِجَارَةُ؛ لَوْ رَكِبَ أَحَدٌ فَرَسَ آخَرَ وَذَهَبَ بِهَا إلَى الْفَالُوجِيِّ فَبَلَغَتْ الْفَرَسُ وَادَّعَى الرَّاكِبُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَادَّعَى صَاحِبُ الْفَرَسِ أَنَّ الرَّاكِبَ قَدْ غَصَبَهَا فَأَثْبَتَ الرَّاكِبُ الِاسْتِئْجَارَ بِشَاهِدَيْنِ وَبَعْدَ الْحُكْمِ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَيَضْمَنَانِ قِيمَةَ تِلْكَ الْفَرَسِ وَقْتَ تَلَفِهَا إلَّا أَنَّهُ يَنْزِلُ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ مَا أَخَذَهُ صَاحِبُ الْفَرَسِ مِنْ بَدَلِ الْإِجَارَةِ وَهُوَ الْخَمْسُونَ دِرْهَمًا (الْبَحْرُ) .
كَذَلِكَ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الْمُؤَجَّرِ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَإِذَا كَانَ الْمَأْجُورُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ مَالَ وَقْفٍ فَيَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الشُّهُودِ بِصُورَةِ إكْمَالِ الْأَقَلِّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَجْرِ الْمِثْلِ.
أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي تَلِفَ هُوَ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (596)(أَبُو السُّعُودِ وَالْبَحْرُ) .
أَمَّا إذَا شَهِدَا عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ بِأَزْيَدَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَيَضْمَنَانِ تِلْكَ الزِّيَادَةَ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ قَائِلًا فِي دَعْوَاهُ قَدْ آجَرْت مَالِي هَذَا كَذَا مُدَّةً بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ لِهَذَا الرَّجُلِ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَأْجِرُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ حَسَبَ دَعْوَى الْمُؤَجِّرِ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ فَإِذَا كَانَ أَجْرُ مِثْلِ ذَلِكَ الْمَالِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مِائَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَقَطْ فَيَضْمَنُ الشُّهُودُ الثَّمَانِينَ دِرْهَمًا (الْبَحْرُ) .
الْمُضَارَبَةُ: إذَا كَانَ رَبُّ الْمَالِ مُقِرًّا لِلْمُضَارِبِ بِثُلُثِ الرِّبْحِ وَالْمُضَارِبُ ادَّعَى نِصْفَ الرِّبْحِ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى نِصْفِ الرِّبْحِ وَحُكِمَ بِذَلِكَ وَبَعْدَ أَنْ قُسِّمَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً وَقَبَضَ الْمُضَارِبُ النِّصْفَ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَيَضْمَنَانِ سُدُسَ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الرُّجُوعِ، أَمَّا الرِّبْحُ الْحَاصِلُ بَعْدَ الرُّجُوعِ فَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرَضًا فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ أَيْضًا، وَإِذَا كَانَ نَقْدًا فَبِمَا أَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَمْ يَفْسَخْ الشَّرِكَةَ مَعَ اقْتِدَارِهِ عَلَى الْفَسْخِ فَيُعَدُّ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِتَقْسِيمِ الرِّبْحِ مُنَاصَفَةً وَلَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَيْنِ ضَمَانٌ (الْبَحْرُ) .
الشَّرِكَةُ: إذَا كَانَ مَالُ الشَّرِيكَيْنِ مُتَسَاوِيًا وَشُرِطَ فِي الشَّرِكَةِ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ مُنَاصَفَةً إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا ادَّعَى أَنَّ ثُلُثَيْ الرِّبْحِ لَهُ وَالثُّلُثَ الْآخَرِ لِشَرِيكِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ هَذِهِ وَشَهِدَ الشَّاهِدَانِ عَلَى تَقْسِيمِ الرِّبْحِ أَثْلَاثًا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَيَضْمَنَانِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ سُدُسَ الرِّبْحِ وَلَا يَلْزَمُهُمَا ضَمَانُ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ، كَذَلِكَ إذَا شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ فُلَانٍ هُوَ مُشْتَرِكٌ مَعَ فُلَانٍ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَيَضْمَنَانِ نِصْفَ الْمَالِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (الْبَحْرُ) .
الْمِيرَاثُ: لَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى غَيْرَ مُسْلِمٍ لَهُ وَلَدٌ مُسْلِمٌ وَوَلَدٌ غَيْرُ مُسْلِمٍ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى تُوُفِّيَ مُسْلِمًا وَحَرَمَ ابْنَهُ الْغَيْرَ مُسْلِمٍ مِنْ الْمِيرَاثِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَيَضْمَنَانِ مِيرَاثَ الْوَلَدِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ (الْبَحْرُ) .