الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُشْتَرَطُ فِي الْمَادَّةِ (1577) بِأَنْ لَا يَكُونَ ظَاهِرُ الْحَالِ مُكَذِّبًا لِلْإِقْرَارِ.
فَكَمَا أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ آنِفًا بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ بِأَنَّ الصَّدَاقَ الَّذِي فِي ذِمَّةِ زَوْجِهَا هُوَ لِأَبِيهَا فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا الْإِقْرَارُ بِالْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ وَالْمُسْقَفَاتِ الْمَوْقُوفَةِ.
لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ وَالْمُتَوَلِّيَ قَدْ أَذِنَا لِلْمُقِرِّ بِالتَّصَرُّفِ فَقَطْ وَلَمْ يَأْذَنَا لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالتَّصَرُّفِ، وَظَاهِرُ الْحَالِ يُكَذِّبُ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ.
لَكِنْ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ الْمَزْرَعَةَ الَّتِي تَحْتَ تَصَرُّفِهِ بِسَنَدٍ خَاقَانِيٍّ وَبِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ الْحَانُوتِ الَّذِي تَحْتَ تَصَرُّفِهِ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي هُوَ لِزَيْدٍ، وَقَدْ نُصِّبْتُ وَكِيلًا عَنْهُ فِي قَبُولِ التَّفَرُّغِ فِي تِلْكَ الْمَزْرَعَةِ، أَوْ ذَلِكَ الْحَانُوتِ فَأُفْرِغَتْ لِي بِصِفَتِي وَكِيلًا عَنْ زَيْدٍ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ وَيُؤَاخَذُ الْمُقِرُّ بِإِقْرَارِهِ هَذَا.
اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1485) .
[
(الْمَادَّةُ 1591) إذَا أَضَافَ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ فِي إقْرَارِهِ]
الْمَادَّةُ (1591) - (إذَا أَضَافَ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ فِي إقْرَارِهِ يَكُونُ قَدْ وَهَبَهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا يَتِمُّ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَسْلِيمٌ وَقَبْضٌ، وَإِذَا لَمْ يُضِفْهُ إلَى نَفْسِهِ يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ مِلْكٌ لِلْمُقَرِّ لَهُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ وَنَفْيِ الْمِلْكِ عَنْ نَفْسِهِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ كَافَّةَ أَمْوَالِي وَأَشْيَائِي الَّتِي فِي يَدِي هِيَ لِفُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي فِيهَا عَلَاقَةٌ مُطْلَقًا يَكُونُ حِينَئِذٍ قَدْ وَهَبَ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ وَأَشْيَائِهِ الْمَوْجُودَةِ فِي يَدِهِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ، وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ وَالْقَبْضُ. وَإِنْ قَالَ: إنَّ كَافَّةَ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الْمَنْسُوبَةِ لِي مَا عَدَا ثِيَابِي الَّتِي هِيَ عَلَيَّ لِفُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي فِيهَا عَلَاقَةٌ مُطْلَقًا يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ جَمِيعَ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهِ أَيْ الَّتِي يُقَالُ بِأَنَّهَا لَهُ هِيَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ مَا عَدَا الثِّيَابَ الَّتِي كَانَ يَلْبَسُهَا ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَيَكُونُ قَدْ نَفَى الْمِلْكَ، وَلَكِنْ لَوْ مَلَكَ أَشْيَاءَ بَعْدَ إقْرَارِهِ هَذَا، فَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ هَذَا شَامِلًا لِتِلْكَ الْأَشْيَاءِ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنَّ كَافَّةَ أَمْوَالِي وَأَشْيَائِي الَّتِي فِي حَانُوتِي هَذَا هِيَ لِوَلَدِي الْكَبِيرِ فُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ فِيهَا فَيَكُونُ قَدْ وَهَبَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ جَمِيعَ أَشْيَائِهِ وَأَمْوَالِهِ الَّتِي هِيَ فِي الْحَانُوتِ لِذَلِكَ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ، وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ، وَإِنْ قَالَ: إنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَالْأَمْوَالِ الَّتِي هِيَ فِي حَانُوتِي هَذَا لِابْنِي الْكَبِيرِ فُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي فِيهَا عَلَاقَةٌ يَكُونُ حِينَئِذٍ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ جَمِيعَ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْحَانُوتِ لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ وَنَفَى الْمِلْكَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَكِنْ لَوْ وَضَعَ بَعْدَ ذَلِكَ أَشْيَاءَ أُخْرَى فِي ذَلِكَ الْحَانُوتِ لَا يَكُونُ إقْرَارُهُ هَذَا شَامِلًا لِتِلْكَ الْأَشْيَاءِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ حَانُوتِي الَّذِي هُوَ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ الْمَنْسُوبِ لِي هُوَ لِزَوْجَتِي يَكُونُ ذَلِكَ الْحَانُوتُ لِزَوْجَتِهِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ، وَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْحَانُوتَ لَيْسَ بِمِلْكِهِ) .
إذَا أَضَافَ الْمُقِرُّ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ فِي إقْرَارِهِ إضَافَةً صَرِيحَةً بِإِضَافَةِ الْمِلْكِ، أَوْ تَقْدِيرًا يَكُونُ قَدْ وَهَبَهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا يَتِمُّ مِثْلُ هَذَا الْإِقْرَارِ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَسْلِيمٌ مِنْ جَانِبِ الْمُقِرِّ، وَقَبْضٌ مِنْ جَانِبِ الْمُقَرِّ لَهُ، يَعْنِي لَا يَكُونُ الْمُقِرُّ مَجْبُورًا بِتَسْلِيمِ الْمُقَرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (57) لِأَنَّ إضَافَةَ الْمُقِرِّ الْمُقَرَّ بِهِ لِنَفْسِهِ مُنَافِيَةٌ لِحَمْلِ الْإِقْرَارِ عَلَى كَوْنِهِ إخْبَارًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُمْتَنَعِ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الَّذِي هُوَ مِلْكُ الْمُقِرِّ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ فَلِذَلِكَ يُجْعَلُ هَذَا الْإِقْرَارُ هِبَةً وَإِنْشَاءً، وَالْقَبْضُ شَرْطٌ فِي الْهِبَةِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (837) .
وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمُطْلَقَ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (628) وَلَوْ قَالَ: دَارِي هَذِهِ لِأَوْلَادِي الْأَصَاغِرِ يَكُونُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْأَوْلَادَ كَانَ بَاطِلًا، وَإِنْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِلْأَصَاغِرِ مِنْ أَوْلَادِي فَهُوَ إقْرَارٌ وَهِيَ لِثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْغَرِهِمْ.
لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الدَّارَ لِنَفْسِهِ (التَّنْقِيحُ) .
قِيلَ (إضَافَةُ الْمِلْكِ) لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إذَا كَانَتْ إضَافَةً بِالنِّسْبَةِ يَكُونُ إقْرَارًا، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ هِبَةً.
مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّ مَا فِي غُرْفَتِي، أَوْ مَنْزِلِي، أَوْ دَارِي مِنْ الْأَمْوَالِ هِيَ لِفُلَانٍ فَصَحِيحٌ، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ الدَّوَابُّ الْمَوْجُودَةُ فِي الْمَرْعَى نَهَارًا، وَتَكُونُ فِي الدَّارِ لَيْلًا؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِي ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ إضَافَةَ مِلْكٍ بَلْ إضَافَةُ نِسْبَةٍ حَيْثُ إنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يُضِفْ الْمُقَرَّ بِهِ الْمَظْرُوفَ إلَى نَفْسِهِ بَلْ أَضَافَ الظَّرْفَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
وَإِذَا لَمْ يُضِفْ الْمُقَرَّ بِهِ لِنَفْسِهِ إضَافَةَ مِلْكٍ يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِكَوْنِهِ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ بِنَفْيِ الْمِلْكِ عَنْ الْمُقَرِّ بِهِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَمْلِكُ الْمُقَرُّ لَهُ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ قَضَاءً.
وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ يَأْمُرُ الْقَاضِي الْمُقِرَّ بِتَسْلِيمِ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ لِلْمُقَرِّ لَهُ عِنْدَ ثُبُوتِ هَذَا الْإِقْرَارِ.
أَمَّا دِيَانَةً فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ وَالْأَمْوَالُ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ حَقِيقَةً بِأَنْ كَانَتْ بِيعَتْ لَهُ بَيْعًا صَحِيحًا، أَوْ وُهِبَتْ وَسُلِّمَتْ لَهُ أَيْ بِأَنْ مُلِّكَتْ لَهُ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ، أَوْ كَانَتْ قَبْلَ الْإِقْرَارِ مِلْكًا لَهُ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ مِنْ آخَرَ أَوْ الِاتِّهَابِ وَالتَّسْلِيمِ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ إرْثًا، أَوْ بِطَرِيقِ إحْرَازِ مَالٍ مُبَاحٍ بِأَنْ كَانَتْ مِلْكًا لَهُ بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ أَيْ بِأَنْ كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ لَدَى الْحَاجَةِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ تِلْكَ الْأَمْوَالَ وَالْأَشْيَاءَ هِيَ فِي الْأَصْلِ مِلْكٌ لِي حَتَّى إنَّ الْمُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِهَا لِي، وَأَنْ يَضْبِطَ تِلْكَ الْأَمْوَالَ وَالْأَشْيَاءَ؛ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْأَمْوَالُ وَالْأَشْيَاءُ مِلْكَهُ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ تُمَلَّكْ لَهُ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ مِنْ طَرَفِ الْمُقِرِّ فَلَا يَحِلُّ لَهُ ضَبْطُ تِلْكَ الْأَمْوَالِ بِمُطْلَقِ هَذَا الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْكَاذِبَ لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ) .
مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي فِي دَارِهِ هِيَ لِزَوْجَتِهِ، وَكَانَتْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ فِي الْحَقِيقَةِ مِلْكَهُ، وَلَمْ تَكُنْ لِزَوْجَتِهِ فَلَيْسَ لِزَوْجَتِهِ دِيَانَةً أَخْذُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ إنْشَاءً لَكَانَ ذَلِكَ حَلَالًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1572) .
إيضَاحُ الْإِضَافَةِ تَقْدِيرًا: إذَا لَمْ يُضِفْ الْمُقِرُّ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ حَسَبَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ فَيَكُونُ إقْرَارًا، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمِنَحِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مَعْرُوفًا وَمَشْهُورًا بَيْنَ النَّاسِ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْمُقِرِّ وَظَاهِرًا بِأَنَّهُ مِلْكٌ
لِلْمُمَلَّكِ فَحَيْثُ لَمْ يُضِفْ الْمُقِرُّ الْمُقَرَّ بِهِ صَرِيحًا إلَى نَفْسِهِ فَتَكُونُ الْإِضَافَةُ مَوْجُودَةً تَقْدِيرًا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا بَلْ يَكُونُ تَمْلِيكًا فَيَجِبُ مُرَاعَاةُ شُرُوطِ التَّمَلُّكِ.
وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ الْمِلْكُ ظَاهِرًا أَنَّهُ لِلْمُمَلَّكِ فَيَكُونُ تَمْلِيكًا، وَإِلَّا يَكُونُ إقْرَارًا إذَا كَانَتْ تُوجَدُ قَرِينَةٌ عَلَى كَوْنِهِ إقْرَارًا، أَوْ تَمْلِيكًا إذَا كَانَ يُوجَدُ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهِ تَمْلِيكًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ جَمِيعَ مَا فِي يَدِي مِنْ أَمْوَالِي وَأَشْيَائِي أَوْ جَمِيعَ مَالِي، أَوْ جَمِيعَ مَا أَمْلِكُهُ هُوَ لِفُلَانٍ، وَلَا عَلَاقَةَ لِي فِيهِ مُطْلَقًا (وَلَفْظَةُ جَمِيعٍ هِيَ مِثَالٌ) فَلَوْ قَالَ: إنَّ مَالِي الْفُلَانِيَّ، أَوْ كَذَا عَدَدًا مِنْ دَنَانِيرِي هِيَ لِفُلَانٍ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ قَدْ أَضَافَ الْمُقِرُّ الْأَمْوَالَ وَالْأَشْيَاءَ الْمُقَرَّ بِهَا إلَى نَفْسِهِ إضَافَةَ مِلْكٍ؛ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ أَيْ وَقْتَ الْإِقْرَارِ قَدْ وَهَبَ الْمُقِرُّ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ وَأَشْيَائِهِ الَّتِي فِي يَدِهِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَيَجِبُ لِتَمَامِ ذَلِكَ تَسْلِيمُ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الْمُقَرِّ بِهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَقَبْضُهَا مِنْ طَرَفِ الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا يَأْخُذُ الْمُقَرُّ لَهُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ شَيْئًا بِدُونِ حُصُولِ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1658)(فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ فِي الْإِقْرَارِ) كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ إقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ إقْرَارًا لَمَا احْتَاجَ لِلتَّسْلِيمِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ الْأَرْضَ الْمَحْدُودَةَ بِحُدُودِ كَذَا هِيَ لِفُلَانٍ، وَكَانَتْ تِلْكَ الْأَرْضُ مَشْهُورًا وَمُتَعَارَفًا بِأَنَّهَا مِلْكٌ لِلْمُقِرِّ فَحَيْثُ يُوجَدُ فِي ذَلِكَ إضَافَةُ الْمِلْكِ إلَى نَفْسِهِ تَقْدِيرًا فَيَكُونُ تَمْلِيكًا عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الْمِنَحِ.
وَإِذَا قَالَ: إنَّ كَافَّةَ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الْمَنْسُوبَةِ لِي مَا عَدَا ثِيَابِي الَّتِي عَلَيَّ، أَوْ إنَّ مَا يُقَالُ لِي قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ هِيَ لِفُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ بِهَا مُطْلَقًا.
فَبِمَا أَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يُضِفْ الْأَمْوَالَ وَالْأَشْيَاءَ الْمُقَرَّ بِهَا إلَى نَفْسِهِ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ جَمِيعَ الْأَمْوَالِ الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهِ أَيْ الْأَمْوَالِ الَّتِي يُقَالُ: إنَّهَا لَهُ صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا هِيَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ، وَقَدْ نَفَى الْمِلْكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي تَمَامِهَا.
الْخُلَاصَةُ: وَحَيْثُ إنَّ الْمُقَرَّ بِهِ فِي هَذَا عَامٌّ وَغَيْرُ مَجْهُولٍ فَالْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ صَحِيحَانِ.
مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ وَالْأَمْتِعَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي دَارِهِ هِيَ مَالٌ لِزَوْجَتِهِ، وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ عِلْمُ الشُّهُودِ وَقْتَ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ مُحِيطًا بِجَمِيعِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ، أَوْ غَيْرَ عَالِمِينَ بِأَحَدِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ، فَشَهَادَةُ الشُّهُودِ عَلَى إقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ تُقْبَلُ عَلَى أَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ، وَلَا تَكُونُ شَهَادَةً بِالْمَجْهُولِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى وَفَتَاوَى ابْنِ السُّعُودِ وَالْخَانِيَّةُ) .
إنَّ الْمِثَالَيْنِ كَانَا نُشِرَا عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ.
أَمَّا إذَا مَلَكَ الْمُقِرُّ بَعْدَ إقْرَارِهِ هَذَا بَعْضَ الْأَشْيَاءِ فَلَا يَشْمَلُ إقْرَارُهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي مَلَكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِتِلْكَ الْأَشْيَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَلَّا يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ مَعْدُومًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1579) أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ عَلَى وُجُودِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ، أَوْ حُدُوثِهَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ لِلْمُقِرِّ، وَالْبَيِّنَةُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَقْتَ الْإِقْرَارِ يُقْبَلُ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76)(تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ وَالتَّنْقِيحُ) .
مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ لِآخَرَ إقْرَارًا عَامًّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ نَفَى الْمِلْكَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ
بِأَنَّ هَذَا الشَّيْءَ لِي حَتَّى إنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِكَ حِينَمَا أَقْرَرْتَ لِي إقْرَارًا عَامًّا، وَقَالَ الْمُقِرُّ: إنَّهُ لَيْسَ لَكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا حِينَمَا أَقْرَرْتَ إقْرَارًا عَامًّا، وَإِنَّنِي مَلَكْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا أَقَامَ الْمُقَرُّ لَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَيُعْطَى لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَإِذَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ فَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ، وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، وَلَا يُحْكَمُ اسْتِصْحَابًا بِالشَّيْءِ الْمَذْكُورِ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِدَاعِي أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ مَوْجُودٌ فِي الْحَالِ فَيُعَدُّ مَوْجُودًا فِي الْمَاضِي بِنَاءً عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الِاسْتِصْحَابِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِصْحَابَ لَيْسَ حُجَّةً مُثْبِتَةً.
اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (10) .
كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنَّ جَمِيعَ أَمْوَالِي الْمَوْجُودَةِ فِي حَانُوتِي هَذَا هِيَ لِوَلَدِي الْكَبِيرِ فُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ بِهَا، فَبِمَا أَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَضَافَ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ فَيَكُونُ قَدْ وَهَبَ جَمِيعَ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْحَانُوتِ ذَلِكَ الْوَقْتَ لِذَلِكَ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ، وَيَلْزَمُ التَّسْلِيمُ وَالْقَبْضُ، وَتَعْبِيرُ (الْكَبِيرِ) الْوَارِدُ فِي هَذَا الْمِثَالِ احْتِرَازٌ مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إنَّ جَمِيعَ أَمْوَالِي وَأَشْيَائِي الْمَوْجُودَةِ فِي حَانُوتِي هِيَ لِوَلَدِي الصَّغِيرِ فُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ بِهَا.
فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ قَدْ وَهَبَ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ وَأَشْيَائِهِ الْمَوْجُودَةِ فِي ذَلِكَ الْحَانُوتِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ.
وَبِمَا أَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (851) تَتِمُّ الْهِبَةُ بِدُونِ التَّسْلِيمِ فَيُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْهِبَةِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَبَيْنَ نَفْيِ الْمِلْكِ بِالْإِقْرَارِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَإِذَا قَالَ: إنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَالْأَمْوَالِ الَّتِي هِيَ فِي حَانُوتِي، أَوْ فِي كِيسِي، أَوْ صُنْدُوقِي، وَبَيْتِي هَذَا هِيَ لِابْنِي الْكَبِيرِ فُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ بِهَا فَبِمَا أَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ، فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَيْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ، بِأَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الْحَانُوتِ، أَوْ الْكِيسِ أَوْ الصُّنْدُوقِ، أَوْ الْبَيْتِ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ هِيَ لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ، وَنَفَى الْمِلْكَ، وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ فِي قَوْلِهِ مَا فِي حَانُوتِي فِيهِ إضَافَةٌ لِلنَّفْسِ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الْإِضَافَةَ لَمْ تَكُنْ إضَافَةَ مِلْكٍ بَلْ إنَّهَا إضَاقَةُ نِسْبَةٍ فَكَأَنَّهُ لَا يُوجَدُ إضَافَةٌ (الْمِنَحُ) إذْ إنَّهُ أَضَافَ الظَّرْفَ إلَى الْمَظْرُوفِ الْمُقَرِّ بِهِ فَكَانَتْ الْإِضَافَةُ هُنَا كَلَا إضَافَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْحَانُوتَ، أَوْ الصُّنْدُوقَ مَثَلًا مِلْكٌ لِغَيْرِهِ وَالْمُقَرُّ بِهِ هُنَا مَا فِي الْحَانُوتِ، وَهُوَ غَيْرُ مُضَافٍ أَصْلًا فَيَكُون قَوْلُهُ: مَا فِي حَانُوتِي إقْرَارًا لَا تَمْلِيكًا لِعَدَمِ وُجُودِ إضَافَةِ الْمُقَرِّ بِهِ إلَى مِلْكِهِ بَلْ جَعَلَهُ مَظْرُوفًا فِيمَا أُضِيفَ إلَيْهِ نِسْبَةً (الْمِنَحُ) .
، وَقَدْ نَسَبَ الْمُقِرُّ فِي هَذَا ظَرْفَ الْمُقَرِّ بِهِ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَنْسُبْ الْمُقَرَّ بِهِ، وَلَا يَتَبَدَّلُ الْحُكْمُ بِالْمِثَالِ الَّذِي عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَانُوتُ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ، أَوْ كَانَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ بِأَنْ كَانَ مَأْجُورًا، أَوْ مُعَارًا لَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ تَعْبِيرُ فِي تَصَرُّفِي لَيْسَ إضَافَةً لِلنَّفْسِ، فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ جَمِيعَ مَا فِي تَصَرُّفِي مِنْ الْمَالِ هُوَ لِفُلَانٍ، وَحَرَّرَ حُجَّةً بِذَلِكَ فَيَكُونُ إقْرَارًا (أَبُو السُّعُودِ فِي الْإِقْرَارِ) .
وَلَكِنْ لَوْ وَضَعَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ إقْرَارِهِ أَشْيَاءَ أُخْرَى فِي ذَلِكَ الْحَانُوتِ لَا يَكُونُ إقْرَارُهُ هَذَا شَامِلًا لِتِلْكَ الْأَشْيَاءِ وَتَبْقَى الْأَشْيَاءُ الْمَذْكُورَةُ لِلْمُقِرِّ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ حَانُوتِي الَّذِي فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ هُوَ لِزَوْجَتِي فَيَكُونُ هَذَا الْإِقْرَارُ مِنْ