الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْكِتَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ الْبَيِّنَاتُ وَالتَّحْلِيفُ]
ُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الظَّاهِرِ وُجُودُهُ وَوَحْدَانِيُّتُهُ وَكَمَالُهُ بِالْبَيِّنَاتِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الثَّابِتَةُ نُبُوَّتُهُ وَرِسَالَتُهُ بِالْحُجَجِ الْقَاطِعَاتِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الشَّرْعِيَّاتِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَافِي لِلتَّائِبِينَ وَالتَّائِبَاتِ، عَلَيْهِ تَوَكُّلِي وَاعْتِمَادِي فِي كُلِّ الْأَزْمَانِ وَالْأَوْقَاتِ.
الْكِتَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي حَقِّ الْبَيِّنَاتِ وَالتَّحْلِيفِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدَّمَةٍ وَأَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ. الْبَيِّنَاتُ جَمْعُ بَيِّنَةٍ وَالْبَيِّنَةُ بِوَزْنِ فَعِيلَةٍ مَأْخُوذٌ مِنْ الْبَيَانِ أَوْ مِنْ الْبَيْنِ، وَالْبَيَانُ بِوَزْنِ أَعْيَانٍ وَهُوَ بِمَعْنَى الْوَاضِحِ وَالظَّاهِرِ فَيُقَالُ بَانَ الشَّيْءُ بَيَانًا إذَا اتَّضَحَ وَبِمَا أَنَّهُ يُفَرَّقُ الْحَقُّ مِنْ الْبَاطِلِ بِهَا أُطْلِقَ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ.
وَذَكَرَ الْبَيِّنَةَ بِالْجَمْعِ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهَا فَأَحَدُ أَنْوَاعِهَا التَّوَاتُرُ وَنَوْعُهَا الْآخَرُ الْبَيِّنَةُ الْعَادِيَّةُ.
وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْبَيِّنَةَ ذُكِرَتْ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ نَوْعَيْ الْبَيِّنَةِ الشَّهَادَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَنَوْعَهَا الْآخَرَ الْبَيِّنَةُ الْكِتَابِيَّةُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هِيَ الشَّهَادَةُ الشَّرْعِيَّةُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ، وَحَيْثُ إنَّ قِسْمًا مِنْ الْبَيِّنَاتِ التَّحْرِيرِيَّةِ هُوَ الْإِقْرَارُ بِالْكِتَابَةِ فَالتَّقْسِيمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ تَقْسِيمُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَى قَسِيمِهِ.
وَبِمَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُقَامُ عَلَى الدَّعْوَى فَتَلْزَمُ بَعْدَ الدَّعْوَى وَلِهَذَا السَّبَبِ قَدْ أُورِدَتْ الْبَيِّنَاتُ بَعْدَ الدَّعْوَى وَتَعْقِيبًا لَهَا.
الْمُقَدِّمَةُ فِي بَيَانِ بَعْضِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ.
الْمَادَّةُ (676 1) - (الْبَيِّنَةُ هِيَ الْحُجَّةُ الْقَوِيَّةُ) قَدْ ذُكِرَ مَعْنَى الْبَيِّنَةِ اللُّغَوِيُّ وَأَمَّا مَعْنَاهَا الشَّرْعِيُّ فَهُوَ: الْحُجَّةُ الْقَوِيَّةُ. وَلَفْظُ الْحُجَّةِ، بِمَقَامِ التَّعْرِيفِ الْجِنْسِيِّ فَكَمَا أَنَّهَا تَشْمَلُ الشَّهَادَةَ فَهِيَ عَامَّةٌ تَشْمَلُ الْإِقْرَارَ وَالنُّكُولَ عَنْ الْيَمِينِ (الْحَمَوِيُّ) . وَلَفْظُ " قَوِيَّةٍ " بِمَثَابَةِ فَصْلِ التَّعْرِيفِ فَيُخْرِجُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارَ وَالنُّكُولَ عَنْ الْيَمِينِ الْحُكْمُ تَعْلِيقًا عَلَى النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ - بِمَا أَنَّ الْحُجَجَ الشَّرْعِيَّةَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ فَإِذَا حَكَمَ الْقَاضِي عَلَى الْخَصْمِ الْمُتَمَرِّدِ وَالْمُتَوَارِي غَيْرِ الْمُمْكِنِ إحْضَارُهُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي حُكْمًا مُعَلَّقًا عَلَى نُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا يَكُونُ هَذَا الْحُكْمُ مُسْتَنِدًا إلَى إحْدَى الْحُجَجِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا وَلَا يَصِحُّ. وَاسْمُ الْبَيِّنَةِ الْآخَرُ الشَّهَادَةُ وَقَدْ عُرِّفَتْ فِي الْمَادَّةِ (1684) وَالتَّعْرِيفُ الْمَشْهُورُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي تِلْكَ الْمَادَّةِ. لَمْ يَرِدْ فِي أَحَدِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ تَعْرِيفٌ لِلْبَيِّنَةِ كَالتَّعْرِيفِ الَّذِي وَرَدَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَالْمَجَلَّةُ تُعَرِّفُ الْبَيِّنَةَ أَوْ الشَّهَادَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: الْحُجَّةُ الْقَوِيَّةُ، والثَّانِي: هِيَ الْإِخْبَارُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ يَعْنِي بِقَوْلِ أَشْهَدُ بِإِثْبَاتِ حَقِّ أَحَدٍ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَمُوَاجَهَةِ الْخَصْمَيْنِ فَكَمَا أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ يُقَامَانِ لِإِثْبَاتِ الِادِّعَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَيِّنَةٌ كَذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَيْهَا حُجَّةٌ إلَّا أَنَّ أَسْبَابَ التَّسْمِيَةِ مُخْتَلِفَةٌ فَلِكَوْنِهَا تُشْعِرُ بِصِدْقِ الْمُدَّعِي يُطْلَقُ عَلَيْهَا بَيِّنَةٌ وَلِكَوْنِ الْمُدَّعِي بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ يَتَغَلَّبُ فِيهَا عَلَى خَصْمِهِ يُطْلَقُ عَلَيْهَا حُجَّةٌ (الْكُلِّيَّاتُ) .
إيضَاحُ الْقَوِيَّةِ وَالْمُتَعَدِّيَةِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْقَوِيَّةِ الْمُتَعَدِّيَةِ أَيْ أَنَّهَا بِاعْتِبَارِهَا مُتَجَاوِزَةً وَسَارِيَةً عَلَى غَيْرِ الْمَحْكُومِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَيْضًا فَهِيَ قَوِيَّةٌ وَكَوْنُ الْبَيِّنَةِ حُجَّةً قَوِيَّةً وَمُتَعَدِّيَةً هُوَ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تَكُونُ حُجَّةً إلَّا بِحُكْمِ الْقَاضِي فَإِذَا لَمْ تَتَّصِلْ بِحُكْمِ الْقَاضِي فَلَا تَكُونُ حُجَّةً وَبِمَا أَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي عَامَّةٌ فَهِيَ تَسْرِي وَتَتَعَدَّى عَلَى الْكُلِّ (الدُّرَرُ فِي الْإِقْرَارِ) .
أَمَّا الْإِقْرَارُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَيُذْكَرُ قَرِيبًا.
تَوْضِيحُ عَدَمِ صَيْرُورَةِ الْبَيِّنَةِ حُجَّةً إذَا لَمْ تَتَّصِلْ بِحُكْمِ الْقَاضِي: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ خُصُوصًا مَا مِنْ آخَرَ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ شَهِدَا أَمَامَ الْقَاضِي شَهَادَةً مُوَافِقَةً لِلدَّعْوَى ثُمَّ لَمْ يُحْكَمْ فِي الْقَضِيَّةِ وَبَقِيَتْ الدَّعْوَى عَلَى حَالِهَا ثُمَّ نُصِّبَ قَاضٍ آخَرُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى ثَانِيَةً فِي الْخُصُوصِ الْمَذْكُورُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي الثَّانِي فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ فَلَمْ يَشْهَدَا بِأَصْلِ الْمُدَّعَى بِهِ بَلْ شَهِدَا بِأَنَّ شَاهِدَيْنِ قَدْ شَهِدَا بِذَلِكَ الْخُصُوصِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ فَلَا تَثْبُتُ الدَّعْوَى بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ فِي مَحْضَرِ الدَّعْوَى الَّذِي حُرِّرَ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ بِحُصُولِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ وَحَتَّى إنَّهُ جَرَى تَعْدِيلُهَا وَتَزْكِيَتُهَا فَلَيْسَ لِلْقَاضِي الثَّانِي أَنْ يَحْكُمَ بِذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ مَحْضَرًا ضَاعَ مِنْ دِيوَانِ الْقَاضِي وَفِيهِ شَهَادَةُ الشُّهُودِ بِحَقٍّ وَالْقَاضِي لَا يَذْكُرُ ذَلِكَ فَشَهِدَ عِنْدَهُ كَاتِبَانِ أَنَّ شُهُودَ هَذَا شَهِدُوا بِكَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِشَهَادَتَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْكَاتِبَيْنِ قَدْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ الشُّهُودِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ بَاطِلَةٌ لَا تُقْبَلُ بِدُونِ التَّحَمُّلِ تَقْسِيمُ التَّعْدِيَةِ - التَّعْدِيَةُ تَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: التَّعْدِيَةُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ، وَقَدْ فُصِّلَ ذَلِكَ شَرْحًا فِي الْمَادَّتَيْنِ (78 و 1642) وَلْنُوَضِّحْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا بِمِثَالٍ آخَرَ:
لَوْ أَقَامَ أَحَدٌ الدَّعْوَى عَلَى آخَرَ مُدَّعِيًا أَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُتَّصِلَ إلَيْهِ شِرَاءً مِنْ آخَرَ هُوَ مَالُهُ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ وَحُكِمَ لَهُ بِهِ بَعْدَ الْحَلِفِ فَبِهَذَا الْحُكْمِ يَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَائِعُهُ مَحْكُومًا بِذَلِكَ الْحُكْمِ حَتَّى لَوْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَحْكُومَ طَلَبَ الرُّجُوعَ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى بَائِعِهِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مَالُهُ، وَالْمُشْتَرِي يَتَمَكَّنُ بِهَذَا الْحُكْمِ مِنْ اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ مِنْ بَائِعِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي وَقَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَدْ وَقَعَ أَيْضًا عَلَى الْبَائِعِ وَعَلَيْهِ فَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ يَسْرِي عَلَى ذِي الْيَدِ وَعَلَى الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ تَلَقَّى ذُو الْيَدِ الْمِلْكَ عَنْهُمْ وَهُوَ الْبَائِعُ لِذِي الْيَدِ وَالْبَائِعُ لَهُ فَيَسْرِي الْحُكْمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَلَا يَسْرِي هَذَا الْحُكْمُ عَلَى غَيْرِ ذِي الْيَدِ أَوْ غَيْرِ مَنْ تَلَقَّى الْمِلْكَ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْمَالِ لِغَيْرِ ذِي الْيَدِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمِلْكُ مَعْدُومًا فِي حَقِّ شَخْصٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي حَقِّ شَخْصٍ آخَرَ (الْحَمَوِيُّ وَالْأَشْبَاهُ) .
وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1618) بَعْضُ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَدِّيَةِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: التَّعْدِيَةُ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ؛ وَهِيَ الْمَسَائِلُ السِّتُّ الْآتِيَةُ: (1) الْوَكَالَةُ.
(2)
الْحُرِّيَّةُ الْأَصْلِيَّةُ.
(3)
النِّكَاحُ.
(4)
النَّسَبُ.
(5)
وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ.
(6)
الْوَقْفُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ. الْوَكَالَةُ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِمُوَكِّلِي فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فِي ذِمَّتِك ثَلَاثِينَ
دِينَارًا وَقَدْ وَكَّلَنِي بِاسْتِيفَاءِ حُقُوقِهِ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ وَوَكَّلَنِي بِالْخُصُومَةِ وَأَثْبَتَ وَكَالَتَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَحُكِمَ بِثُبُوتِ الْوَكَالَةِ فَالْحُكْمُ بِذَلِكَ يَكُونُ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ادَّعَى عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ حَقًّا بِسَبَبِ تِلْكَ الْوَكَالَةِ وَأَثْبَتَ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ ذَلِكَ السَّبَبَ فَيَكُونُ ذَلِكَ إثْبَاتًا عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ بِحَقٍّ لِمُوَكَّلِهِ فَلَا يُكَلَّفُ لِإِثْبَاتِ الْوَكَالَةِ بِإِقَامَةِ الشُّهُودِ (الْحَمَوِيُّ) .
الْحُرِّيَّةُ الْأَصْلِيَّةُ - وَالْحُكْمُ بِالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ هُوَ حُكْمٌ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بَعْدَ هَذَا الْحُكْمِ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الشَّخْصَ هُوَ عَبْدِي، لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ الْأَصْلِيَّةَ تُثْبِتُ الْوَلَاءَ وَالْأَهْلِيَّةَ لِلشَّهَادَةِ فَتَثْبُتُ أَحْكَامٌ مُتَعَدِّيَةٌ وَبِمَا أَنَّهُ فِي تِلْكَ الدَّعَاوَى يَقُومُ بَعْضُ النَّاسِ خَصْمًا عَنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ فَالْحُكْمُ بِذَلِكَ هُوَ حُكْمٌ بِالْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ فَالْقَضَاءُ بِالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ يَتَعَدَّى عَلَى الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ هُوَ حُكْمٌ بِعَدَمِ الرِّقِّ فَإِذَا انْعَدَمَ الرِّقُّ فِي حَقِّ شَخْصٍ مَا فَيَنْعَدِمُ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ (الْحَمَوِيُّ) .
النِّكَاحُ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ زَوْجَتِي وَأَثْبَتَ ذَلِكَ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ فَيَسْرِي هَذَا الْحُكْمُ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ وَلَا تُسْمَعُ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى أَيِّ شَخْصٍ بِتَارِيخٍ مُؤَخَّرٍ بِأَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ زَوْجَتُهُ.
النَّسَبُ - إذَا ثَبَتَ النَّسَبُ بِالْبَيِّنَةِ وَحُكِمَ بِهِ فَهَذَا الْحُكْمُ يَسْرِي عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ وَيَكُونُ جَمِيعُ النَّاسِ مَحْكُومًا عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ فَلَا تُسْمَعُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ دَعْوَى خِلَافَ ذَلِكَ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةٌ.
الْوَقْفُ - قَدْ اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الْوَقْفِ هَلْ يَسْرِي عَلَى جُزْءِ أَوْ كُلِّ النَّاسِ وَالْقَوْلُ الصَّحِيحُ وَالْمُفْتَى بِهِ هُوَ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْوَقْفِ لَيْسَ حُكْمًا عَلَى كُلِّ النَّاسِ فَلِذَلِكَ تُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَى الْمِلْكِ أَوْ دَعْوَى الْوَقْفِ الْآخَرِ (الْحَمَوِيُّ) .
قَاصِرِيَّةٌ الْإِقْرَارِ - فَعَلَى الْمَعْنَى الَّذِي جَرَى تَفْصِيلُهُ فَالْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ وَغَيْرُ قَوِيَّةٍ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْمُقِرِّ مَقْصُورَةٌ عَلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْغَيْرِ كَالْقَاضِي كَمَا أَنَّ حُجِّيَّةَ الْإِقْرَارِ لَا تَفْتَقِرُ لِلْقَضَاءِ كَحُجِّيَّةِ الْبَيِّنَةِ (الدُّرَرُ فِي الْإِقْرَارِ) .
مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ خُصُوصًا مَا فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَانْفَصَلَ الْقَاضِي مِنْ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَنُصِّبَ قَاضٍ آخَرُ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي عَيْنَ الدَّعْوَى فِي حُضُورِ الْقَاضِي الثَّانِي وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُدَّعَى بِهِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي وُقُوعَ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ صَحَّ وَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ الثَّابِتِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ (وَقَدْ جَاءَ فِي الْخَانِيَّةِ ضَاعَ سِجِلٌّ مِنْ دِيوَانِ الْقَاضِي فَشَهِدَ كَاتِبَاهُ عِنْدَهُ أَنَّ هَذَا أَقَرَّ عِنْدَك لِهَذَا بِكَذَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْخَصْمِ فَجَازَتْ شَهَادَتُهُمَا) .
مَعَ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَالشَّهَادَةُ بِاعْتِبَارِ التَّعْدِيَةِ فَوْقَ الْإِقْرَارِ أَمَّا الْإِقْرَارُ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ فَهُوَ فَوْقَ الشَّهَادَةِ وَهُوَ: أَنَّ الْإِقْرَارَ فَوْقَ الشَّهَادَةِ بِسَبَبِ عَدَمِ وُجُودِ التُّهْمَةِ فِيهِ وَالشَّهَادَةُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ