الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[
(الْمَادَّةُ 1623) إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَقَارًا]
الْمَادَّةُ (1623) - (إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَقَارًا يَلْزَمُ فِي الدَّعْوَى ذِكْرُ بَلَدِهِ وَقَرْيَتِهِ، أَوْ مَحَلَّتِهِ وَزُقَاقِهِ وَحُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ، أَوْ الثَّلَاثَةِ وَأَسْمَاءِ أَصْحَابِ حُدُودِهِ إنْ كَانَ لَهَا أَصْحَابٌ مَعَ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمْ لَكِنْ يَكْفِي ذِكْرُ اسْمِ وَشُهْرَةِ الرَّجُلِ الْمَعْرُوفِ وَالْمَشْهُورِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ اسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ كَذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ حُدُودِ الْعَقَارِ إذَا كَانَ مُسْتَغْنِيًا عَنْ التَّحْدِيدِ لِشُهْرَتِهِ وَأَيْضًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ: إنَّ الْعَقَارَ الْمُحَرَّرَةَ حُدُودُهُ فِي هَذَا السَّنَدِ هُوَ مِلْكِي تَصِحُّ دَعْوَاهُ) .
إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَقَارًا كَأَنْ كَانَ عَرْصَةً، أَوْ أَرْضًا، أَوْ كَانَ فِي حُكْمِ الْعَقَارِ كَسُكْنَى الدَّارِ، أَوْ عُلُوِّ عَقَارٍ، وَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا أَنَّ الْعَقَارَ مِلْكُ الْمُدَّعِي فَيَلْزَمُ حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ ذِكْرُ (أَوَّلًا) : بَلْدَةِ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ (ثَانِيًا) : قَرْيَتِهِ، أَوْ مَحَلَّتِهِ (ثَالِثًا) : زُقَاقِهِ وَحُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ بِصُورَةٍ تُحِيطُ بِالْمُدَّعَى بِهِ، أَوْ حُدُودِهِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ أَصْحَابِ حُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ، أَوْ الثَّلَاثَةِ إنْ كَانَ لَهَا أَصْحَابٌ وَأَسْمَاءُ آبَاءٍ - عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَجْدَادُ أَصْحَابِ الْحُدُودِ وَإِذَا كَانَ فِي طَرَفِ الْعَقَارِ الْمُدَّعَى بِهِ عَقَارًا آخَرَ لِوَرَثَةٍ لَمْ يَقْتَسِمُوهُ فَيَلْزَمُ بَيَانُ أَسْمَاءِ أُولَئِكَ الْوَرَثَةِ وَنَسَبِهِمْ، وَلَا يَكْفِي ذِكْرُ عِبَارَةِ وَرَثَةٍ فَقَطْ؛ إذْ الْوَرَثَةُ مَجْهُولُونَ؛ لِأَنَّ مِنْهُمْ ذَا فَرْضٍ وَعَصَبَةٍ وَذَا رَحِمٍ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَالَ بِكِفَايَةِ ذَلِكَ، وَلَوْ كَتَبَ لَزِيقَ دَارٍ مِنْ تَرِكَةِ فُلَانٍ يَصِحُّ حَدًّا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ فِي دَعْوَاهُ بِأَنَّ الْعَقَارَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَأَنْ يَطْلُبَ أَخْذَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْعَقَارِ إلَى الْمَجْلِسِ وَتَعْرِيفَهُ بِالْإِشَارَةِ مُتَعَذِّرٌ وَحَيْثُ يُعْلَمُ الْعَقَارُ بِالتَّحْدِيدِ فَيَتَعَيَّنُ التَّعْرِيفُ بِالتَّحْدِيدِ (الْبَحْرُ الْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) يَجِبُ أَنْ يَذْكُرَ الْمُدَّعِي بِأَنَّ الْعَقَارَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَقَارُ فِي يَدِهِ، وَلَا تَصِحُّ خُصُومَتُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَقَارُ فِي يَدِهِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1635) .
بِغَيْرِ حَقٍّ: يَجِبُ ذِكْرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِإِزَالَةِ احْتِمَالِ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مَرْهُونٌ أَوْ مَحْبُوسٌ بِالثَّمَنِ.
إنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ ذَكَرَتْ لُزُومَ ذِكْرِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي دَعْوَى الْمَنْقُولِ، وَقَدْ تَرَكَتْ لُزُومَ ذِكْرِ ذَلِكَ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ؛ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ ذَلِكَ مُقَايَسَةً (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ بِزِيَادَةٍ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) ، وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ قَدْ قَالَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يُذْكَرَ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ عِبَارَةُ (أَنَّهُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ) وَأَرَادُوا إيجَادَ فَرْقٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الْمَنْقُولِ وَالْعَقَارِ إلَّا أَنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَجِبُ ذِكْرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ أَيْضًا (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى بِزِيَادَةٍ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ جُزْءًا شَائِعًا مِنْ الْعَقَارِ فَيَكْفِي أَنْ يُذْكَرَ بِأَنَّ الْجُزْءَ الْمَذْكُورَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَنْ تَحْصُلَ الشَّهَادَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا يَجِبُ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ أَنْ يُذْكَرَ أَنَّ جَمِيعَهُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَفِي دَعْوَى غَصْبِ نِصْفِ الْعَقَارِ يَجِبُ عَلَى قَوْلٍ ذِكْرُ أَنَّ جَمِيعَ الْعَقَارِ فِي يَدِ
الْغَاصِبِ، وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ.
أَطْلُبُ أَخْذَهُ مِنْهُ - يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يَذْكُرَ فِي دَعْوَاهُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ حَقَّهُ فَيَقْتَضِي أَنْ يَطْلُبَهُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (162) .
قِيلَ فِي تَعْرِيفِ الْعَقَارِ: إنَّهُ يَجِبُ (أَوَّلًا) ذِكْرُ بَلْدَتِهِ (ثَانِيًا) قَرْيَتِهِ أَوْ مَحَلَّتِهِ (ثَالِثًا) زُقَاقِهِ (رَابِعًا) حُدُودِهِ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَجِبُ أَوَّلًا ذِكْرُ الْأَعَمِّ ثَانِيًا الْأَخَصِّ ثَالِثًا أَخَصِّ الْأَخَصِّ رَابِعًا أَخَصِّ الْأَخَصِّ مِنْهُ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي النَّسَبِ؛ إذْ يُقَالُ: فُلَانُ ابْنُ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ فَيُعَرَّفُ الْعَامُّ بِالْخَاصِّ مَثَلًا: إذَا قِيلَ: أَحْمَدُ فَكَثِيرُونَ مُسَمَّوْنَ بِهَذَا الِاسْمِ، فَإِذَا قِيلَ: ابْنُ مُحَمَّدٍ فَقَدْ خُصِّصَ، وَإِذَا قِيلَ: ابْنُ طَاهِرٍ فَقَدْ خُصِّصَ أَكْثَرَ، فَعَلَى هَذَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَشْرَ قِطَعٍ مِنْ أَرَاضٍ وَبَيَّنَ حُدُودَ تِسْعٍ مِنْهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ حُدُودَ الْعَاشِرَةِ يُنْظَرُ.
إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْقِطْعَةُ فِي وَسَطِ الْقِطَعِ التِّسْعِ فَتَكُونُ دَاخِلَةً فِي الْحُدُودِ وَمَعْلُومَةً، وَيَجُوزُ الْحُكْمُ بِهَا، وَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْقِطْعَةُ فِي الطَّرَفِ فَلَا تُعْلَمُ مَا لَمْ تُذْكَرْ حُدُودُهَا؛ فَلِذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِهَا (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَحْرُ) .
كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى عَمْرٌو مُتَوَلِّي وَقْفَ زَيْدٍ عَلَى بَشِيرٍ مُتَوَلِّي وَقْفَ بِكْرٍ بِأَنَّ مِقْدَارًا مِنْ الْعَرْصَةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِ بَشِيرٍ هِيَ وَقْفُ زَيْدٍ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ مُدَّعَاهُ، وَلَمْ يُحَدِّدْهُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى دَعْوَى عَمْرٍو الَّتِي هِيَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (جَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ) .
أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الدَّعْوَى بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي فَيَأْمُرُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِهِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ غَيْرُ مُضِرَّةٍ بِالْإِقْرَارِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .
قِيلَ (بِصُورَةٍ تُحِيطُ الْمُدَّعَى بِهِ) لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُحِيطَ الْحَدُّ الْفَاصِلُ كُلَّ الْمُدَّعَى بِهِ حَتَّى يَكُونَ مَعْلُومًا فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ أَرْضًا، وَقِيلَ: إنَّ أَحَدَ حُدُودِهَا شَجَرٌ فَلَا يُكْتَفَى؛ لِأَنَّ الشَّجَرَةَ لَا تُحِيطُ كُلَّ الْمُدَّعَى بِهِ.
وَيَقْتَضِي أَنْ يُحِيطَ الْفَاصِلُ كُلَّ الْمُدَّعَى بِهِ حَتَّى يُعْلَمَ الْمُدَّعَى بِهِ (التَّكْمِلَةُ) .
وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةِ بِقَوْلِهَا: أَوْ حُدُودُهُ (الثَّلَاثَةُ) بِأَنَّهُ إذَا ذُكِرَتْ حُدُودُهُ الثَّلَاثَةُ وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ حَدِّهِ الرَّابِعِ فَالدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ صَحِيحَانِ، وَلَا يُسْأَلُ مَا هُوَ الْحَدُّ الرَّابِعُ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ لِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُعْتَبَرُ الْحَدُّ الرَّابِعُ اعْتِبَارًا مِنْ حِذَاءِ الْحَدِّ الثَّالِثِ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مَبْدَأِ الْحَدِّ الْأَوَّلِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَحْرُ) كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الرَّابِعُ مِلْكًا لِرَجُلَيْنِ فَذَكَرَ الْمُدَّعِي أَحَدَهُمَا، وَتَرَكَ ذِكْرَ الْآخَرِ صَحَّ.
كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْحَدُّ الرَّابِعُ أَرْضًا وَمَسْجِدًا وَذَكَرَ الْمُدَّعِي الْأَرْضَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَسْجِدَ صَحَّ.
أَمَّا إذَا ذَكَرَ الْمُدَّعِي أَوْ الشُّهُودُ الْحَدَّ الرَّابِعَ وَغَلِطُوا فِي ذِكْرِهِ فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ الْمُدَّعَى بِهِ بِالْحَدِّ الرَّابِعِ؛ إذْ إنَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ هَذَا الْمَحْدُودَ لَيْسَ فِي يَدِي، أَوْ إنَّهُ لَا يَلْزَمُ هَذَا تَسْلِيمُ الْمَحْدُودِ لِلْمُدَّعِي، وَيُبَيِّنُ عَدَمَ تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ عَلَيْهِ.
أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّ هَذَا الْمَحْدُودَ فِي يَدِي إلَّا أَنَّكَ قَدْ أَخْطَأْتَ فِي الْحُدُودِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ هَذَا، وَيَسْتَأْنِفُ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى إذَا صَحَّ الْخَطَأُ.
وَنَظِيرُ ذَلِكَ هُوَ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا الْمَالَ بِثَمَنٍ مَنْقُودٍ، وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى ذَلِكَ يُقْبَلُ، وَلَا يَلْزَمُ بَيَانُ جِنْسِ الثَّمَنِ إلَّا أَنَّهُ إذَا
ذَكَرَ الشُّهُودُ جِنْسَ الثَّمَنِ، وَاخْتَلَفُوا فِي جِنْسِهِ فَلَا تُقْبَلُ.
(الزَّيْلَعِيّ) .
وَلَكِنْ إذَا صَحَّحَ الشُّهُودُ بَعْدَ خَطَئِهِمْ فِي التَّحْدِيدِ غَلَطَهُمْ وَوَفَّقُوا كَلَامَهُمْ تُقْبَلُ.
مَثَلًا لَوْ قَالَ الشُّهُودُ: إنَّ طَرَفَ الْعَقَارِ دَارُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ بَكْرٍ، وَبَعْدَ أَنْ شَهِدُوا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ رَجَعُوا وَقَالُوا: إنَّ اسْمَ ذَلِكَ الشَّخْصِ كَانَ زَيْدًا ثُمَّ أَصْبَحَ بِشْرًا، أَوْ أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ أَوَّلًا لِزَيْدٍ فَبَاعَهَا لِبِشْرٍ وَصَحِّحُوا غَلَطَهُمْ وَوَفَّقُوا كَلَامَهُمْ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
يَثْبُتُ وُقُوعُ الْغَلَطِ فِي الْحُدُودِ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي أَوْ بِإِقْرَارِ الشُّهُودِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَهُمْ أَنْ يُصَحِّحُوا الْحُدُودَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ أَعْلَاهُ، وَأَنْ يُصَحِّحُوا الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ.
أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ، أَوْ الشُّهُودَ قَدْ غَلِطُوا فِي الْحُدُودِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْحُكْمِ، أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَلَطَ الشَّاهِدِ يَثْبُتُ بِبَيَانِ أَنَّ الْحُدُودَ لَمْ تَكُنْ كَمَا قَالَ الشَّاهِدُ، أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهَذَا الِاسْمِ أَحَدٌ وَبِمَا أَنَّ هَذَا إقَامَةُ بَيِّنَةٍ عَلَى النَّفْيِ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1699)(الْبَحْرُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّنِي لَا أَعْلَمُ أَسْمَاءَ أَصْحَابِ الْحُدُودِ الَّذِينَ يَحُدُّونَ الْعَقَارَ ثُمَّ عَلِمَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ، وَلَا حَاجَةَ فِي ذَلِكَ لِلتَّوْفِيقِ.
كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: لَا أَعْرِفُ حُدُودَ الْعَقَارِ ثُمَّ وَفَّقَ بَعْدَ ذَلِكَ قَائِلًا بِأَنَّ مَقْصُودِي مِنْ كَلَامِي هَذَا بِأَنَّنِي لَا أَعْلَمُ أَسْمَاءَ أَصْحَابِ الْحُدُودِ وَأَقَامَ الدَّعْوَى بَعْدَ أَنْ تُعْلَمَ أَسْمَاءُ أَصْحَابِ الْحُدُودِ فَيُعْتَبَرُ تَوْفِيقُهُ وَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّنِي لَا أَعْرِفُ حُدُودَ نَفْسِ الْعَقَارِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ الْعَقَارَ وَبَيَّنَ حُدُودَهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ.
كَذَلِكَ إذَا أُشْهِدَ شُهُودٌ عَلَى مِلْكِيَّةِ عَقَارٍ مُعَيَّنٍ، وَكَانُوا لَا يَعْرِفُونَ حُدُودَ ذَلِكَ الْعَقَارِ فَلَهُمْ أَنْ يَسْأَلُوا عَنْ حُدُودِ ذَلِكَ الْعَقَارِ مِنْ الثِّقَاتِ وَأَنْ يَشْهَدُوا بِذَلِكَ، وَلَكِنْ لَا يَشْهَدُونَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي حَتَّى لَا يَكُونُوا كَاذِبِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ (الْبَحْرُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) .
إذَا حُدِّدَ الْعَقَارُ الْمَحْدُودُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَادَّعَى بِهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الدَّعْوَى مَا هُوَ الْمَحْدُودُ هَلْ هُوَ دَارٌ أَوْ بُسْتَانٌ فَعَلَى قَوْلٍ: الدَّعْوَى وَالشُّهُودُ صَحِيحَانِ.
وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ: غَيْرُ صَحِيحَيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَحْرُ) وَقِيلَ: تُسْمَعُ لَوْ بَيَّنَ الْمِصْرَ وَالْمَحَلَّةَ وَالْمَوْضِعَ (التَّكْمِلَةُ) .
(إنْ كَانَ لَهَا أَصْحَابٌ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحُدُودِ أَصْحَابٌ فَيَلْزَمُ التَّعْرِيفُ بِصُوَرٍ أُخْرَى كَأَنْ يُقَالَ: الطَّرِيقُ، أَوْ الْوَادِي، أَوْ الْخَنْدَقُ أَوْ السُّوَرُ، أَوْ الْمَقْبَرَةُ الْمُرْتَفِعَةُ، أَوْ الْعَقَارُ الْمَوْقُوفُ، أَوْ أَرْضُ الْبَلَدِ؛ بِنَاءً عَلَيْهِ فَالطَّرِيقُ الَّتِي لَا يُبَيَّنُ طُولُهَا وَعَرْضُهَا وَالْوَادِي تَصِحُّ حُدُودًا، كَمَا أَنَّهُ يَصِحُّ الْخَنْدَقُ وَالسُّوَرُ أَنْ يَكُونَ حَدًّا أَيْ أَنَّ الْعَقَارَ يُحَدَّدُ بِالْقَوْلِ: إنَّ أَحَدَ أَطْرَافِهِ طَرِيقٌ، وَأَحَدَ أَطْرَافِهِ وَادٍ.
وَإِذَا كَانَ أَحَدُ أَطْرَافِهِ طَرِيقًا عَامًّا فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ أَنَّ الطَّرِيقَ الْمَذْكُورَةَ عَامَّةٌ، أَوْ أَنَّهَا عَائِدَةٌ لِلْقَرْيَةِ أَوْ لِلْمَدِينَةِ.
كَذَلِكَ تَصِحُّ الرَّبْوَةُ أَيْ الْمَقْبَرَةُ الْمُرْتَفِعَةُ أَنْ تَكُونَ حُدُودًا.
كَذَلِكَ يَصِحُّ الْعَقَارُ الَّذِي هُوَ تَحْتَ يَدِ شَخْصٍ، وَغَيْرُ مَعْلُومٍ صَاحِبُهُ أَنْ يَكُونَ حُدُودًا، وَبِتَعْبِيرٍ
آخَرَ لَوْ قِيلَ: إنَّ أَحَدَ أَطْرَافِهِ الْعَقَارُ الَّذِي هُوَ تَحْتَ يَدِ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ، وَالْمَجْهُولُ صَاحِبُهُ فَيَكُونُ قَدْ حَدَّدَ الْعَقَارَ (الْبَحْرُ) .
كَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُ أَطْرَافِ الْعَقَارِ وَقْفًا، فَيَلْزَمُ بَيَانُ الْوَاقِفِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَاسْمِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ: الْمَوْقُوفُ عَلَى الْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ، أَوْ عَلَى الْمَدْرَسَةِ الْفُلَانِيَّةِ أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ بِزِيَادَةٍ) .
وَمَعَ تَحْدِيدِ الْعَقَارِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَجِبُ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى إثْبَاتُ وَضَاعَةِ الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1754) وَلَا يَكْفِي تَصَادُقُ الطَّرَفَيْنِ لِإِثْبَاتِ وَضَاعَةِ الْيَدِ.
وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ جَعَلَ أَحَدَ الْحُدُودِ أَرْضَ الْمَمْلَكَةِ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا فِي يَدِ مَنْ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِ السُّلْطَانِ بِوَاسِطَةِ نَائِبِهِ.
تَنْبِيهٌ - إذَا قَالَ الْمُدَّعِي أَثْنَاءَ تَحْدِيدِ الْحُدُودِ: إنَّ طَرَفَ الْعَقَارِ أَرْضُ فُلَانٍ، وَكَانَ لِذَلِكَ الشَّخْصُ فِي الْقَرْيَةِ الْمُدَّعَى بِهَا أَرَاضٍ مُنْعَدِمَةٌ وَمُتَفَرِّقَةٌ تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ (التَّكْمِلَةُ) .
إيضَاحُ (الَّذِي فِي حُكْمِ الْعَقَارِ) إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ فِي حُكْمِ الْعَقَارِ فَيَجِبُ تَحْدِيدُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ كَسُكْنَى الدَّارِ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى وَإِنْ كَانَتْ فِي حَدِّ ذَاتِهَا نَقْلِيًّا فَهِيَ مُتَّصِلَةٌ بِالْأَرْضِ، وَغَيْرُ مُمْكِنَةٍ الْإِشَارَةُ إلَيْهَا بِإِحْضَارِهَا إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَلِذَلِكَ يَكُونُ تَعْرِيفُهَا كَتَعْرِيفِ الْعَقَارِ.
تَعْرِيفُ (تَحْدِيدِ الْعُلُوِّ) : لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عُلُوَّ دَارٍ فَقَطْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِلْكٌ فِي التَّحْتَانِيِّ فَيُبَيِّنُ حُدُودَ السُّفْلِ أَيْ التَّحْتَانِيِّ فَقَطْ؛ لِأَنَّ السُّفْلَ مِنْ وَجْهٍ مَبِيعٌ بِسَبَبِ أَنَّ لِلْعُلُوِّ حَقَّ قَرَارٍ فِيهِ وَبِتَحْدِيدِ السُّفْلِيِّ يُسْتَغْنَى عَنْ تَحْدِيدِ الْعُلْوِيِّ؛ لِأَنَّ السُّفْلَ أَصْلٌ، وَالْعُلُوَّ تَابِعٌ لَهُ وَتَحْدِيدُ الْأَصْلِ أَوْلَى.
هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَوْلَ الْعَلَوِيِّ حُجْرَةٌ فَلَوْ كَانَتْ يَنْبَغِي أَنْ يُحَدَّ الْعُلْوِيُّ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَبِيعُ فَلَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِهِ، وَهُوَ يَحُدُّهُ، وَقَدْ أَمْكَنَ (الْبَحْرُ) إلَّا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى سِتُّ مَسَائِلَ مِنْ بَيَانِ الْحُدُودِ فِيهَا حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - يُلْغَى ذِكْرُ اسْمِ وَشُهْرَةِ الرَّجُلِ الْمَعْرُوفِ وَالْمَشْهُورِ مِنْ أَصْحَابِ الْحُدُودِ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِذَلِكَ التَّعْرِيفِ الْمَقْصُودُ بَلْ يَكْفِي ذِكْرُ اسْمِ الشَّخْصِ الْمَشْهُورِ بِاسْمِهِ فَقَطْ، وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ التَّعْرِيفُ، وَلَيْسَ تَكْثِيرَ الْأَلْفَاظِ وَالْحُرُوفِ فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ طَرَفَ الْعَقَارِ مُتَّصِلٌ بِدَارِ فُلَانٍ، وَكَانَ فُلَانٌ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ كَافِيًا، وَلَا يَلْزَمُ ذِكْرُ نَسَبِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ بَيَانُ حُدُودِ الْعَقَارِ إذَا كَانَ مُسْتَغْنِيًا عَنْ التَّحْدِيدِ لِشُهْرَتِهِ؛ لِأَنَّ الشُّهْرَةَ مُغْنِيَةٌ عَنْ التَّحْدِيدِ، وَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِلَا تَحْدِيدٍ.
أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَالتَّحْدِيدُ شَرْطٌ (التَّنْوِيرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا كَانَ الشُّهُودُ يَعْلَمُونَ الْعَقَارَ عَيْنًا فَلَا حَاجَةَ لِلتَّحْدِيدِ (التَّنْوِيرُ) فِي هَذِهِ