الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْأَصْلِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا شَهِدَ الْمَمْلُوكُ لِأَحَدٍ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِرِقِّهِ فَشَهِدَ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ فِي تِلْكَ الدَّعْوَى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا رُدَّتْ شَهَادَةُ الْأَعْمَى ثُمَّ أَصْبَحَ بَصِيرًا وَشَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الدَّعْوَى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا رُدَّتْ شَهَادَةُ الصَّبِيِّ ثُمَّ شَهِدَ بَعْدَ الْبُلُوغِ فِي تِلْكَ الدَّعْوَى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ]
ِ الْمَادَّةُ (6871) - (لَا تُعْتَبَرُ الشَّهَادَةُ الَّتِي تَقَعُ فِي خَارِجِ مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ) .
وَالشَّرْطُ الْعَائِدُ لِلْمَكَانِ فِي الشَّهَادَةِ هُوَ كَوْنُهَا فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي فَلِذَلِكَ لَا تُعْتَبَرُ الشَّهَادَةُ الَّتِي تَقَعُ فِي خَارِجِ مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
مَثَلًا لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي بِأَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا قَدْ شَهِدَا عَلَى مُدَّعَاهُ فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ لَا تُقْبَلُ.
وَتَعْبِيرُ " مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ " يَشْمَلُ مَجْلِسَ الْمُحَكَّمِ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَبَيْنَ مَجْلِسِ الْمُحَكَّمِ وَهُوَ أَنَّ مَجْلِسَ الْقَاضِي يَتَقَيَّدُ بِالْمَحَلِّ الَّذِي تَحْتَ وِلَايَةِ الْقَاضِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 180) أَمَّا مَجْلِسُ الْمُحَكَّمِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ فَيُعْتَبَرُ أَيْ مَحَلٌّ يَحْكُمُ فِيهِ الْمُحَكَّمِ مَجْلِسُ حُكْمٍ (أَبُو السُّعُودِ) .
[
(الْمَادَّةُ 1688) يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ قَدْ عَايَنُوا بِالذَّاتِ الْمَشْهُودَ بِهِ]
الْمَادَّةُ (1688) - (يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ قَدْ عَايَنُوا بِالذَّاتِ الْمَشْهُودَ بِهِ وَأَنْ يَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِالسَّمَاعِ يَعْنِي أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ بِقَوْلِهِ: سَمِعْت مِنْ النَّاسِ. وَلَكِنْ إذَا شَهِدَ بِكَوْنِ مَحَلٍّ وَقْفًا أَوْ بِوَفَاةِ أَحَدٍ عَلَى التَّسَامُعِ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: أَشْهَدُ بِهَذَا لِأَنِّي سَمِعْت مِنْ ثِقَةٍ هَكَذَا، تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ فِي خُصُوصِ الْوِلَايَةِ وَالنَّسَبِ وَالْوَقْفِ وَالْمَوْتِ بِالسَّمَاعِ مِنْ دُونِ أَنْ يُفَسِّرَ السَّمَاعَ أَيْ بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ لَفْظَ السَّمَاعِ مَثَلًا. لَوْ قَالَ: إنَّ فُلَانًا كَانَ فِي التَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ وَالِيًا أَوْ حَاكِمًا وَبِهَذَا الْبَلَدِ، وَأَنَّ فُلَانًا مَاتَ فِي وَقْتِ كَذَا أَوْ أَنَّ فُلَانًا هُوَ ابْنُ فُلَانٍ أَعْرِفُهُ هَكَذَا فَشَهِدَ بِصُورَةٍ قَطْعِيَّةٍ مِنْ دُونِ أَنْ يَقُولَ: سَمِعْت، تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ عَايَنَ هَذِهِ الْخُصُوصَاتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سِنُّهُ مُسَاعِدًا لِمُعَايَنَةِ مَا شَهِدَ بِهِ وَأَيْضًا إذَا لَمْ يَقُلْ: سَمِعْت مِنْ النَّاسِ، بَلْ شَهِدَ قَائِلًا: بِأَنَّا لَمْ نُعَايِنْ هَذَا الْخُصُوصَ لَكِنَّهُ مُشْتَهَرٌ بَيْنَنَا بِهَذِهِ الصُّورَةِ نَعْرِفُهُ هَكَذَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) .
يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ قَدْ عَايَنُوا الْمَشْهُودَ بِهِ بِالذَّاتِ بِالسَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ وَأَنْ يَشْهَدُوا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَعْنِي إنْ تَحَمَّلَ الشَّاهِدِ لِلشَّهَادَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَنْ مُعَايَنَةٍ لِلْمَشْهُودِ بِهِ بِالذَّاتِ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالْأُذُنِ.
أَمَّا إذَا لَمْ يَرَهُ بِالذَّاتِ وَأَخْبَرَهُ اثْنَانِ أَوْ جَمْعٌ رَأَوْهُ بِالذَّاتِ فَلَيْسَ لَهُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ وَأَنْ يَشْهَدَ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ التَّحَمُّلِ (الْبَحْرُ وَالشِّبْلِيُّ بِزِيَادَةٍ) فَإِذَا شَهِدَ كَانَ شَاهِدَ زُورٍ كَمَا أَنَّهُ إذَا شَهِدَ وَأَعْلَمَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَمْ يُعَايِنْ الْمَشْهُودَ بِهِ بِالذَّاتِ فَالْقَاضِي يَرُدُّ شَهَادَتَهُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُشَاهَدَةِ وَالْمُعَايَنَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «إذَا عَلِمْت مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ وَإِلَّا فَدَعْ» وَلَا يُشْتَرَطُ حِينَ التَّحَمُّلِ أَنْ يَرَى الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ لِلشُّهُودِ الَّذِينَ أَخْفَوْا عَنْ الْمُقِرِّ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ إذَا سَمِعُوا إقْرَارَهُ. وَهَكَذَا يُفْعَلُ بِالظُّلْمَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1684) .
الْمُعَايَنَةُ عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: مُعَايَنَةُ السَّبَبِ الْمَوْضُوعِ لِلْمِلْكِيَّةِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: مُعَايَنَةُ دَلِيلِ الْمِلْكِيَّةِ أَيْ وَضْعُ الْيَدِ. اُنْظُرْ شَرْحَ عِنْوَانِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ.
وَتَعْبِيرُ مُعَايَنَةٍ يَشْمَلُ الْمَرْئِيَّاتِ كَالْبَيْعِ بِالتَّعَاطِي وَالْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ وَالْإِجَارَةِ بِالتَّعَاطِي وَحُكْمِ الْقَاضِي الْفِعْلِيِّ وَالْقَتْلِ كَمَا أَنَّهُ يَشْمَلُ الْمَسْمُوعَاتِ كَالْبَيْعِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَكَحُكْمِ الْقَاضِي الْقَوْلِيِّ وَالنِّكَاحِ وَالْوَقْفِ (الشِّبْلِيُّ) .
فَإِذَا عَلِمَ الشَّاهِدُ ذَلِكَ بِالْمُعَايَنَةِ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ قَوْلُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِلشَّاهِدِ: لَا تَشْهَدْ عَلَيَّ، أَوْ اشْهَدْ عَلَيَّ؛ أَوْ سَكَتَ أَمَّا فِي حَالَةِ سُكُوتِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِعِلْمِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ قَدْ أَشْهَدَنِي؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَكُونُ كَذِبًا وَشَهَادَةُ الْكَاذِبِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ (الشِّبْلِيُّ) .
أَمَّا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فَلَيْسَ لِشُهُودِ الْفَرْعِ الشَّهَادَةُ مَا لَمْ يَشْهَدُوا مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (5 1 17) .
الشَّهَادَةُ فِي بَيْعِ التَّعَاطِي - لِلشَّاهِدِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمُدَّعِي قَدْ بَاعَ هَذَا الْمَالَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِكَذَا وَإِنْ شَاءَ يَشْهَدُ عَلَى الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ يَعْنِي أَنْ يَشْهَدَ قَائِلًا: إنَّ الْمُدَّعِي قَدْ سَلَّمَ هَذَا الْمَالَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقَابِلَ هَذِهِ الْعَيْنِ وَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ سَلَّمَ تِلْكَ الْعَيْنَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الزَّيْلَعِيّ) .
الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ - إذَا اشْتَرَى أَحَدٌ مَالًا مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ الِاشْتِرَاءِ أَنَّ فِيهِ عَيْبًا قَدِيمًا فَلَمْ يَثْبُتْ وَبَاعَ ذَلِكَ الْمَالَ لِآخَرَ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي الْعَيْبَ الْقَدِيمَ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَلِلشُّهُودِ الَّذِينَ اسْتَمَعُوا مُخَاصَمَتَهُ مَعَ زَيْدٍ وَسَمِعُوا إقْرَارَهُ بِالْعَيْبِ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى الْعَيْبِ (الشِّبْلِيُّ وَالزَّيْلَعِيّ) .
الشَّهَادَةُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ: الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِيجَابِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَمَا مَاثَلَهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْقَبُولِ أَيْضًا؛ مَثَلًا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ الْأَبَ زَوَّجَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ وَلَمْ يَذْكُرْ الشُّهُودُ قَبُولَ الطَّرَفِ الْآخَرِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ أَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِيجَابِ فِي الْعُقُودِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ كَالْهِبَةِ فَلَيْسَتْ شَهَادَةً عَلَى الْقَبُولِ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْهِبَةِ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْقَبُولَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الدُّرَرُ) .
الشَّهَادَةُ عَلَى الشِّرَاءِ - يَلْزَمُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشِّرَاءِ بَيَانُ الثَّمَنِ، إذْ لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِالشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ الْمَجْهُولِ.
إنَّ لِلشَّاهِدِ الَّذِي يَحْضُرُ الْبَيْعَ أَنْ يَشْهَدَ لَدَى الْإِيجَابِ عَلَى الْمِلْكِ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ مِلْكٌ بِالْأَصْلِ، أَمَّا الْمِلْكُ بِالشِّرَاءِ فَهُوَ حَادِثٌ وَعَلَيْهِ فَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ تَكُونُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَكْثَرِ وَيَكُونُ كَاذِبًا (الْبَحْرُ) .
إنَّ الشَّهَادَةَ بِالتَّسَامُعِ غَيْرُ جَائِزَةٍ، يَعْنِي أَنْ لَا يُعَايِنَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ بِهِ بِالذَّاتِ بَلْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ النَّاسِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ بِقَوْلِهِ: سَمِعْت مِنْ النَّاسِ فَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ بِقَوْلِهِ: سَمِعْت مِنْ النَّاسِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَتَمَ سَمَاعَهُ مِنْ النَّاسِ وَشَهِدَ كَأَنَّهُ عَايَنَ الْأَمْرَ بِالذَّاتِ فَيَكُونُ فِعْلُهُ حَرَامًا وَشَاهِدُ زُورٍ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ وَالْحُدُودِ وَالْقَتْلِ وَالْغَصْبِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .
مَثَلًا؛ إذَا لَمْ يُعَايِنْ شَخْصٌ الْبَيْعَ بِالذَّاتِ بَلْ سَمِعَ الْبَيْعَ مِنْ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ فَشَهِدَ بِأَنَّهُ سَمِعَ الْبَيْعَ مِنْ ثِقَةٍ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ بِأَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ بَلْ شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا بَاعَ مَالَهُ مِنْ فُلَانٍ كَانَ شَاهِدَ زُورٍ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي وَهُوَ مَوْرُوثٌ لِي عَنْ وَالِدِي الْمُتَوَفَّى قَبْلَ عِشْرِينَ سَنَةً فَأَتَى بِشَاهِدَيْنِ عُمْرُ كُلِّ شَاهِدٍ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَشَهِدَا بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِوَالِدِ الْمُدَّعِي زَيْدٍ وَقَدْ تُوُفِّيَ وَبَقِيَ مِيرَاثًا لِهَذَا الْمُدَّعِي فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا كَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فِي خُصُوصِ الْحُدُودِ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ: هَذَا هُوَ الْحَدُّ نَعْرِفُهُ قَدِيمًا وَنَشْهَدُ بِذَلِكَ (أَبُو السُّعُودِ) .
كَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالسَّمَاعِ عَلَى الْقَتْلِ مَثَلًا؛ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ: إنَّنَا لَمْ نُشَاهِدْ رَأْيَ
الْعَيْنِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا إلَّا أَنَّنَا سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ النَّاسِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ.
الْمَسَائِلُ الَّتِي تَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ مَعَ التَّفْسِيرِ هِيَ: إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ أَنَّ مَحَلًّا وُقِفَ أَوْ أَنَّ شَخْصًا تُوُفِّيَ عَلَى التَّسَامُعِ بِقَوْلِهِ: أَشْهَدُ بِهَذَا لِأَنِّي سَمِعْت مِنْ ثِقَةٍ هَكَذَا؛ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنْ يَذْكُرَ التَّسَامُعَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَأَنْ يُبَيِّنَ وَجْهَ الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ ثِقَةٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ اسْتِحْسَانًا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) فَعَلَيْهِ فَالشَّهَادَةُ الَّتِي تَقَعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِقَوْلِهِ: سَمِعْت مِنْ ثِقَةٍ شَهَادَةً بِالتَّسَامُعِ (فَأَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) وَالشَّهَادَةُ بِالْمُعَايَنَةِ فِي الْخُصُوصَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَيْ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ وَفِي الْمَوْتِ جَائِزَةٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَعَلَيْهِ يَحْصُلُ الْعِلْمُ لِلشَّاهِدِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ فِي الْوَقْفِ وَالْمَوْتِ بِطَرِيقَيْنِ: الطَّرِيقُ الْأُولَى: أَنْ يُعَايِنَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ بِهِ بِنَفْسِهِ وَبِذَاتِهِ يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ حَاضِرًا حِينَ وَقْفِ الْوَاقِفِ وَتَسْجِيلِهِ، فَيُشَاهِدُ الْوَقْفَ وَالتَّسْجِيلَ أَوْ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ حَاضِرًا حِينَ وَفَاةِ أَحَدٍ فَيُشَاهِدُ بِنَفْسِهِ الْوَفَاةَ وَالدَّفْنَ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى حَتَّى لَوْ فَسَّرَ لِلْقَاضِي يُقْبَلُ.
إذْ لَا يُدْفَنُ إلَّا الْمَيِّتُ وَلَا يُصَلَّى إلَّا عَلَيْهِ.
الطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقِفَ الشَّاهِدُ عَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ بِالتَّسَامُعِ وَهَذَا التَّسَامُعُ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - بِالشُّهْرَةِ الْحَقِيقِيَّةِ (التَّوَاتُرِ) فَإِذَا عَلِمَ الشَّاهِدُ أَصْلَ الْوَقْفِ أَوْ الْمَوْتِ بِخَبَرِ جَمَاعَةٍ لَا يُتَصَوَّرُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، فَإِذَا شَهِدَ بِأَنَّهُ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ بِالشُّهْرَةِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الزَّيْلَعِيّ بِزِيَادَةٍ) .
الْوَجْهُ الثَّانِي - الشُّهْرَةُ الْحُكْمِيَّةُ وَتَحْصُلُ بِالِاسْتِمَاعِ مِنْ ثِقَةٍ فَإِذَا وَقَفَ الشَّاهِدُ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ أَوْ عَلَى الْمَوْتِ بِالشُّهْرَةِ الْحُكْمِيَّةِ فَإِذَا شَهِدَ مُبِينًا بِأَنَّهُ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ بِالشُّهْرَةِ الْحُكْمِيَّةِ أَيْ مِنْ ثِقَةٍ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ - ذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالشِّبْلِيُّ) .
كَوْنُ مَحَلٍّ وَقْفًا - وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ أَصْلُ الْوَقْفِ؛ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى - قَوْلِ مُحَمَّدٍ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْفُ قَدِيمًا أَوْ كَانَ حَادِثًا (الشِّبْلِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ يُفْتِي فِي الْمَسَائِلِ - الْمُخْتَلَفِ فِيهَا بِالْأَنْفَعِ لِلْوَقْفِ وَبِقَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ يُوجَدُ مَنْفَعَةُ حِفْظِ الْأَوْقَافِ الْقَدِيمَةِ مِنْ الِاسْتِهْلَاكِ؛ لِأَنَّ تَارِيخَ الْوَقْفِ يَكُونُ بَعْضًا مِائَةَ سَنَةٍ وَيَكُونُ الشُّهُودُ عَلَى الْوَقْفِ فِي سِنِّ - الْعِشْرِينَ وَيَعْلَمُ الْقَاضِي مِنْ ذَلِكَ يَقِينًا بِأَنَّ الشُّهُودَ لَا يَشْهَدُونَ عَنْ عِيَانٍ بَلْ يَشْهَدُونَ عَلَى التَّسَامُعِ - وَفِي هَذَا الْحَالِ لَا فَرْقَ بَيْنَ سُكُوتِ الشُّهُودِ عَنْ ذِكْرِ التَّسَامُعِ أَوْ عَنْ إظْهَارِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْوَقْفِ - وَتَكْمِلَتُهُ) .
أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ بِالتَّسَامُعِ جَائِزَةٌ إلَّا أَنَّهُ عَلَى الشَّاهِدِ أَلَّا يَذْكُرَ أَمَامَ الْقَاضِي أَنَّ شَهَادَتَهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى السَّمَاعِ فَإِذَا ذَكَرَ ذَلِكَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. وَقَدْ أَفْتَى عَلِيٌّ أَفَنْدِي بِذَلِكَ إلَّا أَنَّ
الْمَجَلَّةَ لَمْ تَقْبَلْ هَذِهِ الْفَتْوَى (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) أَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى شَرَائِطِ الْوَقْفِ مُسْتَقِلًّا أَيْ بِدُونِ أَنْ تَكُونَ دَاخِلَةً ضِمْنَ أَصْلِ الْوَقْفِ فَجَائِزَةٌ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَمَّا الْقَوْلُ الصَّحِيحُ وَالْمُفْتَى بِهِ فَعَدَمُ جَوَازِهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .
كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فِي حَقِّ التَّوْلِيَةِ مَثَلًا؛ لَوْ ضُبِطَ عَقَارُ وَقْفٍ مَشْرُوطٍ لِجِهَةٍ فَادَّعَى أَحَدُ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ بِأَنَّ الْوَاقِفَ قَدْ وَقَفَ غَلَّةَ ذَلِكَ الْعَقَارِ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَشَهِدَ بَعْضُ النَّاسِ بِالتَّسَامُعِ عَلَى مُدَّعَاهُ فَلَا تُقْبَلُ.
فَعَلَيْهِ إذَا ثَبَتَ أَصْلُ الْوَقْفِ بِالتَّسَامُعِ وَلَمْ تَثْبُتْ شَرَائِطُهُ وَجِهَةُ صَرْفِهِ فَتُصْرَفُ غَلَّةُ الْوَقْفِ لِلْفُقَرَاءِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ لَوْ اسْتَمَعَ الْقَاضِي شَهَادَةَ التَّسَامُعِ عَلَى التَّوْلِيَةِ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهَا فَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ صَحِيحًا وَمُعْتَبَرًا (الْبَهْجَةُ) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَصْلِ الْوَقْفِ وَشَرَائِطِهِ فِي هَذَا الْبَابِ. هُوَ: أَنَّ أَصْلَ الْوَقْفِ يَبْقَى عُصُورًا فَيَشْتَهِرُ أَمَّا شَرَائِطُهُ فَحَيْثُ إنَّهَا تَتَبَدَّلُ فَلَا تَشْتَهِرُ (الزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ) .
وَأَصْلُ الْوَقْفِ هُوَ الْأَشْيَاءُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الْوَقْفِ. مَثَلًا، لَوْ ادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ عَلَى عَقَارٍ فِي يَدِ آخَرَ أَنَّهُ مَالُ الْوَقْفِ وَادَّعَى وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الْعَقَارِ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ بِدُونِ أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِهِ وَأَنْكَرَ دَعْوَى الْمُتَوَلِّي فَإِذَا شَهِدَ شُهُودٌ عَلَى مُدَّعَى الْمُتَوَلِّي بِالتَّسَامُعِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ.
مُسْتَثْنًى - إنَّ جَوَازَ الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ فِي حَقِّ أَصْلِ الْوَقْفِ وَفِي حَالَةِ عَدَمِ اسْتِنَادِ ذِي الْيَدِ عَلَى تَصَرُّفِهِ بِأَحَدِ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ. أَمَّا إذَا كَانَ تَصَرُّفُ ذِي الْيَدِ مُسْتَنِدًا إلَى سَبَبٍ شَرْعِيٍّ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالْإِرْثِ وَكَانَ مُنْكِرًا الْوَقْفِيَّةَ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ بَلْ يَجِبُ إثْبَاتُ تَسْجِيلِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ وَارِثِ الْوَقْفِ الْغَيْرِ الْمُسَجَّلِ جَائِزٌ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ التَّسْجِيلُ فَيُحْمَلُ بِأَنَّهُ وَإِنْ وَقَفَ الْعَقَارَ فِي الْأَصْلِ إلَّا أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُسَجِّلْ فَقَدْ أَبْطَلَ الْوَاقِفُ أَوْ وَارِثُهُ الْوَقْفِيَّةَ بِرَأْيِ الْقَاضِي وَاسْتَقَرَّ فِي مِلْكِهِ وَالشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى التَّسْجِيلِ غَيْرُ جَائِزَةٍ.
مَثَلًا؛ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عَقَارًا مِنْ آخَرَ وَتَصَرَّفَ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِيَّةِ فَادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ أَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ هُوَ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ فَشَهِدَ شُهُودٌ عَلَى دَعْوَى الْمُتَوَلِّي بِالتَّسَامُعِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَعَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يُثْبِتَ تَسْجِيلَ الْوَقْفِ لِلْحُكْمِ بِوَقْفِيَّتِهِ.
أَمَّا إذَا اعْتَرَفَ الْمُتَصَرِّفُ بِوَقْفِيَّةِ الْعَقَارِ وَأَنَّ الْوَقْفِيَّةَ قَدْ أُبْطِلَتْ بِسَبَبٍ عَارِضٍ وَأَنَّ الْعَقَارَ قَدْ أَصْبَحَ فِي تَصَرُّفِهِ فَيُصْبِحُ الْمُتَوَلِّي فِي حُكْمِ ذِي الْيَدِ وَالْمُتَصَرِّفُ خَارِجًا فَإِذَا أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ الَّذِي.
وَقَعَ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِالْوَقْفِيَّةِ فَتَبْقَى فِي يَدِهِ وَإِلَّا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ وَيُحْكَمُ بِالْوَقْفِ (هَامِشُ الْبَهْجَةِ وَالْفَيْضِيَّةُ) .
شَرَائِطُ الْوَقْفِ: هِيَ الْأُمُورُ الَّتِي لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الْوَقْفِ (الْبَحْرُ) .
مَثَلًا؛ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ كَذَا مِقْدَارًا مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ مَشْرُوطٌ لِلْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَمِقْدَارُ كَذَا مِنْهَا
مَشْرُوطٌ لِجِهَةٍ أُخْرَى فَهِيَ شَهَادَةٌ عَلَى شَرَائِطِ الْوَقْفِ وَلَا تُعْتَبَرُ الشَّهَادَةُ عَلَى شَرَائِطِ الْوَقْفِ بَيَانًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (الْبَحْرُ فِي الشَّهَادَة عَنْ الْفَتْحِ) .
وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى شَرَائِطِ الْوَقْفِ وَالتَّوْلِيَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ الْخَصْمُ أَصْلَ الْوَقْفِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ سَمَاعًا عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ وَشَهِدُوا ضِمْنَ ذَلِكَ سَمَاعًا عَلَى شُرُوطِ الْوَقْفِ وَالتَّوْلِيَةِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الْفَيْضِيَّةُ) .
وَيُوجَدُ أَرْبَعُ صُوَرٍ فِي الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ: الصُّورَةُ الْأُولَى: أَلَّا يَذْكُرَ الشَّاهِدُ التَّسَامُعَ حِينَ شَهَادَتِهِ وَهِيَ جَائِزَةٌ كَمَا سَيُبَيِّنُ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ قَائِلًا: إنَّهُ سَمِعَ مِنْ ثِقَةٍ وَجَوَازُ هَذِهِ الشَّهَادَةِ مَذْكُورٌ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ.
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ قَائِلًا: قَدْ سَمِعْت ذَلِكَ، وَيُفْهَمُ جَوَازُ هَذِهِ الشَّهَادَةِ مِنْ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ وَمِنْ فِقْرَةِ (إذَا لَمْ يَقُلْ: سَمِعْت مِنْ النَّاسِ إلَخْ) .
الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَذْكُرَ الشَّاهِدُ أَنَّ شَهَادَتَهُ سَمَاعًا وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ.
إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ ذِكْرُ شَيْئَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ:
1 -
بَيَانُ الْجِهَةِ كَأَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ: إنَّ هَذَا وَقْفٌ عَلَى هَذَا الْمَسْجِدِ أَوْ هَذِهِ الْمَقْبَرَةِ أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الشَّاهِدُ جِهَةَ الْوَقْفِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْبَحْرُ وَالزَّيْلَعِيّ) .
2 -
بَيَانُ الْوَاقِفِ إذَا كَانَ غَيْرَ قَدِيمٍ أَمَّا إذَا كَانَ الْوَقْفُ قَدِيمًا فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِلَا بَيَانِ الْوَاقِفِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَالشِّبْلِيُّ) .
(أَوْ مَاتَ فُلَانٌ) وَإِنْ يَكُنْ قَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ جَوَازَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَوْتِ مَعَ التَّفْسِيرِ كَمَا أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ تُقْبَلُ عَلَى الْمَوْتِ بِلَا تَفْسِيرٍ إلَّا أَنَّهُ لَا مُبَايَنَةَ بَيْنَهُمَا حَيْثُ يُسْتَخْرَجُ مِنْ مَجْمُوعِ الْفِقْرَتَيْنِ النَّتِيجَةُ الْآتِيَةُ وَهِيَ: أَنَّهُ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فِي الْوَقْفِ وَالْمَوْتِ مَعَ التَّفْسِيرِ وَبِلَا تَفْسِيرٍ.
عَلِمَ الشَّاهِدِ الْمَوْتَ وَمَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ: إذَا سَمِعَ أَحَدٌ مِنْ قَوْمٍ أَوْ مِنْ وَاحِدٍ عَدْلٍ وَلَوْ بِدُونِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ أَنَّ فُلَانًا قَدْ مَاتَ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي عَلَى مَوْتِ ذَلِكَ الرَّجُلِ. أَلَا يَرَى بِأَنَّنَا نَشْهَدُ عَلَى مَوْتِ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ مَعَ أَنَّنَا لَمْ نَكُنْ مُعَاصِرِينَ لَهُمْ وَلَمْ نَكُنْ حَاضِرِينَ حِينَ وَفَاتِهِمْ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالزَّيْلَعِيّ) وَفِي هَذِهِ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ وَهِيَ: أَنَّهُ إذَا عَايَنَ أَحَدٌ بِمُفْرَدِهِ مَوْتَ شَخْصٍ فَحَيْثُ إنَّهُ لَوْ شَهِدَ أَمَامَ الْقَاضِي مُنْفَرِدًا عَلَى الْمَوْتِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِعَدَمِ وُجُودِ نِصَابِ الشَّهَادَةِ فَلِلشَّاهِدِ الْمَذْكُورِ أَنْ يُخْبِرَ رَجُلًا عَدْلًا بِمَوْتِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَحَيْثُ يَحِلُّ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الْمُخْبِرِ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمَوْتِ فَلِلْمَخْبَرِ وَالْمُخْبِرِ لَهُ أَنْ يَشْهَدَا عَلَى
مَوْتِ ذَلِكَ الرَّجُلِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي (الْبَحْرُ وَالزَّيْلَعِيّ) .
سَبَبُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ فِي الْمَوْتِ بِمَا أَنَّ الْإِنْسَانَ يَكُونُ خَائِفًا فِي حَالِ الْمَوْتِ وَكَارِهًا لَهُ وَيَكُونُ مَنْ يَتَوَلَّى غَسْلَ الْمَيِّتِ قَلِيلًا كَوَاحِدٍ فَإِذَا لَمْ يُجَوَّزْ إثْبَاتُ الْمَوْتِ بِالتَّسَامُعِ يُوجِبُ ذَلِكَ الْحَرَجَ وَالْمَشَقَّةَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (7 1)(الشِّبْلِيُّ والولوالجية) .
وَيُوجَدُ فِي الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ عَلَى الْمَوْتِ أَرْبَعُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ عَلَى الْمَوْتِ بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ التَّسَامُعَ مُطْلَقًا أَيْ بِدُونِ أَنْ يُفَسِّرَ وَجْهَ الشَّهَادَةِ يَعْنِي بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ فَالشَّهَادَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَائِزَةٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْتُ مَشْهُورًا أَوْ غَيْرُ مَشْهُورٍ كَمَا سَيُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَذْكُرَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ ثِقَةٍ. وَالشَّهَادَةُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ اخْتَلَفَ فِيهَا الْفُقَهَاءُ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ الْقَوْلَ الْقَائِلَ بِقَبُولِهَا.
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ: إنَّنِي سَمِعْت الْمَوْتَ مُتَوَاتِرًا، أَيْ أَنْ يُفَسِّرَ الشَّاهِدُ شَهَادَتَهُ بِقَوْلِ: إنَّنِي لَمْ أُعَايِنْ هَذَا الْخُصُوصَ وَلَكِنْ أَعْرِفُهُ هَكَذَا وَهُوَ مُشْتَهِرٌ بَيْنَنَا بِهَذِهِ الصُّورَةِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ الَّتِي تَقَعُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَقَالَ الْخَصَّافُ بِقَبُولِهَا وَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ قَوْلَهُ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ.
الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَذْكُرَ الشَّاهِدُ التَّسَامُعَ بِقَوْلِ: سَمِعْت أَوْ سَمِعْت مِنْ النَّاسِ، وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ والتتارخانية وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
(سَمِعْت مِنْ ثِقَةٍ) وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ عَدْلًا مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ حَتَّى يَحْصُلَ لِلشَّاهِدِ نَوْعُ عِلْمٍ أَوْ غَلَبَةُ ظَنٍّ وَقَدْ أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ عِنْدَ تَعْبِيرِ (ثِقَةٍ) مَا لَمْ يَكُنْ عَدَدُ الْمُخَيَّرِينَ وَاصِلًا حَدَّ التَّوَاتُرِ وَفِي تِلْكَ الْحَالِ لَا تُتَحَرَّى فِي الْمُخْبِرِ الْعَدَالَةُ وَلَا لَفْظُ الشَّهَادَةِ (الْخَيْرِيَّةُ وَأَبُو السُّعُودِ) .
فَإِذَا كَانَ الْمُخْبِرُ لِلشَّاهِدِ بِالْمَشْهُودِ بِهِ غَيْرَ ثِقَةٍ وَذَكَرَ الشَّاهِدَ أَثْنَاءَ شَهَادَتِهِ بِأَنَّ مُخْبِرَهُ غَيْرُ ثِقَةٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَمَّا إذَا كَذَبَ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ أَوْ قَالَ بِأَنَّهُ سَمِعَ مِنْ ثِقَةٍ فَيَكُونُ شَاهِدُ زُورٍ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ الْمُخْبِرُ خَصْمًا أَوْ مُدَّعِيًا كَأَنْ يَكُونَ وَارِثًا أَوْ مُوصًى لَهُ، فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ مَنْ أَخْبَرَ الشَّاهِدَ بِالْمَشْهُودِ بِهِ مُدَّعِيًا فَلَيْسَ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَيْهِ وَيَشْهَدَ فَإِذَا شَهِدَ كَانَ شَاهِدَ زُورٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ الِاعْتِمَادُ عَلَى هَذَا الْخَبَرِ لَكَانَ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ الْمُدَّعِي الْمُجَرَّدِ.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ فِي نِصَابِ الشَّهَادَةِ يُعْنَى رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْإِخْبَارُ لِلشَّاهِدِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ فَعَلَيْهِ إذَا قَالَ رَجُلَانِ لِرَجُلٍ: إنَّنَا نَشْهَدُ أَنَّ الْمَحَلَّ الْفُلَانِيَّ هُوَ وَقْفٌ مَشْرُوطٌ لِلْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ فَلِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى وَقْفِ الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ أَمَامَ الْقَاضِي أَمَّا إذَا كَانَ الْخَبَرُ حَصَلَ لَهُ بِدُونِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ؛ وَيُقَالُ لِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ بِقَوْلِهِ: سَمِعْتُ شَهَادَةَ سَمَاعٍ أَوْ شَهَادَةً بِالتَّسَامُعِ.
(وَالتَّسَامُعُ) لُغَةً عِبَارَةٌ عَنْ النَّقْلِ عَنْ الْغَيْرِ وَشَرْعًا الِاشْتِهَارُ. وَالِاشْتِهَارُ وَالشُّهْرَةُ عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - الشُّهْرَةُ الْحَقِيقِيَّةُ تَحْصُلُ الشُّهْرَةُ الْحَقِيقِيَّةُ بِإِخْبَارِ جَمَاعَةٍ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَؤُلَاءِ الْمُخْبِرِينَ الْعَدَالَةُ وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ بَلْ يُشْتَرَطُ التَّوَاتُرُ فَقَطْ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) .
النَّوْعُ الثَّانِي - الشُّهْرَةُ الْحُكْمِيَّةُ. وَتَحْصُلُ بِإِخْبَارِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ أَوْ بِإِخْبَارِ رَجُلٍ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ عَادِلَتَيْنِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ (الْخَيْرِيَّةُ وَالْقُهُسْتَانِيُّ وَالْخَانِيَّةُ فِي فَصْلٍ فِي الشَّاهِدِ يَشْهَدُ بَعْدَ الْخَبَرِ بِزَوَالِ الْحَقِّ) .
وَأَشْهَدَ بِهِ - وَيُشَارُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ إلَى أَنَّهُ وَإِنْ جَازَتْ الشَّهَادَةُ سَمَاعًا عَلَى الْوَقْفِ إلَّا أَنَّهَا لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ بِالْوَقْفِ (الْخَيْرِيَّةُ) فَعَلَيْهِ إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ قَائِلًا: إنَّنِي أَشْهَدُ أَنَّ الْمَحَلَّ الْفُلَانِيَّ وَقْفٌ؛ لِأَنَّنِي سَمِعْت ذَلِكَ مِنْ ثِقَةٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَمَّا إذَا قَالَ: إنَّنِي أَشْهَدُ أَنَّنِي سَمِعْت مِنْ ثِقَةٍ أَنَّ الْمَحَلَّ الْفُلَانِيَّ وَقْفٌ فَلَا تُقْبَلُ. فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى تَكُونُ الشَّهَادَةُ عَلَى وَقُفْيَةِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ تَكُونُ شَهَادَةً عَلَى السَّمَاعِ بِالْوَقْفِيَّةِ.
وَكَانَ يَجِبُ أَنْ تَذْكُرَ فِقْرَةً وَلَكِنْ إذَا شَهِدَ (بِكَوْنِ مَحَلًّا وَقْفًا إلَخْ) بَعْدَ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ عَلَى أَنَّهَا مُسْتَثْنًى لَهَا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الدُّرَرِ فَتَكُونُ كَمَا يَأْتِي: (تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالسَّمَاعِ فِي خُصُوصَاتِ الْوِلَايَةِ وَأَصْلِ الْوَقْفِ وَالْمَوْتِ وَالنَّسَبِ بِدُونِ تَفْسِيرِ الشَّهَادَةِ بِالسَّمَاعِ مِنْ ثِقَةٍ أَيْ بِدُونِ ذِكْرِ لَفْظِ السَّمَاعِ إلَّا أَنَّهُ إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ عَلَى كَوْنِ مَحَلٍّ وَقْفًا أَوْ عَلَى وَفَاةِ أَحَدٍ قَائِلًا: سَمِعْت ذَلِكَ مِنْ ثِقَةٍ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَوْ قَالَ: أَشْهَدُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّنِي سَمِعْت ذَلِكَ مِنْ ثِقَةٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالسَّمَاعِ فِي الْوَقْفِ وَالْمَوْتِ جَائِزَةٌ سَوَاءٌ فَسَّرَ الشَّاهِدُ وَجْهَ الشَّهَادَةِ أَوْ لَمْ يُفَسِّرْ، أَمَّا فِي الْآخَرِينَ فَالشَّهَادَةُ بِالسَّمَاعِ جَائِزَةٌ بِلَا تَفْسِيرٍ وَغَيْرُ جَائِزَةٍ مَعَ التَّفْسِيرِ، وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ اسْتِحْسَانًا فِي خُصُوصِ الْوِلَايَةِ وَأَصْلِ الْوَقْفِ وَالنِّكَاحِ وَالْمَهْرِ وَالدُّخُولِ بِالزَّوْجَةِ وَالْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ وَالْمَوْتِ وَالنَّسَبِ أَيْ فِي تِسْعَةِ مَوَاضِعَ مِنْ دُونِ أَنْ يُفَسِّرَ السَّمَاعَ أَيْ بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ لَفْظَ السَّمَاعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْوَقْفِ) .
وَالْقِيَاسُ عَدَمُ جَوَازِ الشَّهَادَةِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالرُّؤْيَةِ بِالنَّفْسِ، وَالْحَالُ أَنَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا تُوجَدُ مُشَاهَدَةٌ لِلشَّاهِدِ فَالشَّهَادَةُ عَلَى الْوِلَايَةِ مَثَلًا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مُسْتَمِعًا لِقَوْلِ السُّلْطَانِ لِآخَرَ قَدْ نَصَّبْتُك وَالِيًا عَلَى الْبِلَادِ الْفُلَانِيَّةِ.
وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ مُعَايَنَةَ أَسْبَابِ هَذِهِ الْأُمُورِ مُخْتَصٌّ بِخَاصَّةِ النَّاسِ وَلَا يَحْضُرُ خَوَاصُّ وَعَوَامُّ النَّاسِ فِي ذَلِكَ كَمَا يَحْضُرُونَ فِي عُقُودِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَأَمْثَالِهَا كَمَا أَنَّ النَّاسَ مُتَّفِقُونَ فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ بِالشُّهْرَةِ الْحَقِيقِيَّةِ فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ لَأَوْجَبَ ذَلِكَ الْحَرَجَ وَالْمَشَقَّةَ وَأَدَّى إلَى تَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (7 1)(الزَّيْلَعِيّ) .
اشْتِهَارُ هَذِهِ الْأُمُورِ - يَشْتَهِرُ النَّسَبُ مَثَلًا؛ بِالتَّهْنِئَةِ وَالْمُخَاطَبَاتِ وَالْمُنَادَاةِ وَبِنِسْبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ إلَى آخَرَ وَيَشْتَهِرُ الْمَوْتُ بِالتَّعْزِيَةِ وَقِسْمَةِ التَّرِكَاتِ وَانْدِرَاسِ الْآثَارِ. وَيَشْتَهِرُ النِّكَاحُ بِشُهُودِ الْوَلَائِمِ وَالدُّخُولِ وَبِتَعَلُّقِ الْأَحْكَامِ الْمَشْهُورَةِ كَالنَّسَبِ وَالْمَهْرِ وَالْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الْحَضَانَةِ وَيَشْتَهِرُ الْقَضَاءُ وَالْوِلَايَةُ بِقِرَاءَةِ الْمَنْشُورِ وَبِاخْتِلَافِ وَازْدِحَامِ الْخُصُومِ فَلِهَذِهِ الْأَسْبَابِ قَدْ اُعْتُبِرَتْ الشُّهْرَةُ الْحَقِيقِيَّةُ بِمَنْزِلَةِ الْعِيَانِ وَعَلَيْهِ فَلَا تُشْتَرَطُ الْمُشَاهَدَةُ.
مِنْ دُونِ أَنْ يُفَسِّرَ - أَمَّا إذَا فَسَّرَ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِي غَيْرِ الْمَوْتِ وَالْوَقْفِ. مَثَلًا لَوْ فَسَّرَ الشَّاهِدُ فِي دَعْوَى النَّسَبِ قَائِلًا: قَدْ سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ النَّاسِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الْآنَ الشَّاهِدُ إذَا سَكَتَ عَنْ التَّفْسِيرِ يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي فَإِذَا فَسَّرَ الشَّاهِدُ فَلَا يَتَوَجَّهُ قَلْبُ الْقَاضِي إلَى تَصْدِيقِهِ وَلِهَذَا كَانَتْ الْمَرَاسِيلُ مِنْ الْأَخْبَارِ أَقْوَى مِنْ الْمَسَانِيدِ (الدُّرَرُ) وَالْمُرْسَلُ مِنْ الْأَخْبَارِ هُوَ أَنْ يَتْرُكَ الْوَاسِطَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّسُولِ وَيَقُولَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخِلَافِ الْمُسْنَدِ.
قَدْ فُصِّلَ الْوَقْفُ وَالْمَوْتُ فِي الْأُمُورِ الْجَائِزَةِ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فِيهَا وَنُفَصِّلُ الْآنَ مَسَائِلَ أُخْرَى: الْوِلَايَةُ - تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى الْوِلَايَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ وِلَايَةَ وَالٍ أَوْ وِلَايَةَ قَاضٍ أَلَا يُرَى بِأَنَّنَا نَشْهَدُ عَلَى قَضَاءِ شُرَيْحُ رضي الله عنه (الْخَيْرِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَتُعْلَمُ الْوِلَايَةُ بِقِرَاءَةِ مَنْشُورِ التَّعْيِينِ وَبِدُخُولِ وَخُرُوجِ أَصْحَابِ الْمَصَالِحِ إلَى الشَّخْصِ الَّذِي يُدْعَى وَالِيًا كَمَا أَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي تُعْلَمُ بِجُلُوسِ أَحَدٍ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَبِدُخُولِ وَخُرُوجِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى مَجْلِسِهِ وَبِفَصْلِهِ فِي الْخُصُومَاتِ (الدُّرَرُ وَالزَّيْلَعِيّ) .
وَيَلْحَقُ عِلْمُ الشَّاهِدِ بِالْوِلَايَةِ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ يُعَايِنَ الشَّاهِدُ التَّقْلِيدَ بِالذَّاتِ فَإِذَا شَاهَدَ أَحَدٌ السُّلْطَانَ يَقُولُ لِأَحَدِ خَوَاصِّهِ: قَدْ نَصَّبْتُك وَالِيًا لِلْوِلَايَةِ الْفُلَانِيَّةِ. فَلِلشَّاهِدِ الَّذِي عَايَنَ ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ فُلَانًا هُوَ وَالٍ عَلَى الْوِلَايَةِ الْفُلَانِيَّةِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَرَى الشَّاهِدُ أَصْحَابَ الْمَصَالِحِ يَخْتَلِفُونَ إلَى مَجْلِسِ الشَّخْصِ الَّذِي يُدْعَى وَالِيًا فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ هُوَ الْوَالِي.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ بِالتَّسَامُعِ بَعْدَ أَنْ يَحْصُلَ لَدَيْهِ عِلْمٌ بِالشُّهْرَةِ الْحَقِيقِيَّةِ أَوْ الْحُكْمِيَّةِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ هُوَ هَذَا.
النَّسَبُ - هُوَ بِمَعْنَى مُطْلَقِ الْوَصْلَةِ بِالْقَرَابَةِ سَوَاءٌ جَازَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا كَابْنِ الْعَمِّ وَبِنْتِ الْعَمِّ أَوْ لَمْ
يَجُزْ كَالْأَبِ وَالْبِنْتِ (الْبَحْرُ) .
وَلُحُوقُ عِلْمِ الشَّاهِدِ بِالنَّسَبِ يَكُونُ بِوَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: الِاشْتِهَارُ الْحَقِيقِيُّ.
يَعْنِي إذَا سَمِعَ الشَّاهِدُ خَبَرَ جَمَاعَةٍ لَا يَتَصَوَّرُ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ فِي النَّسَبِ فَيَقِفُ عَلَى ذَلِكَ بِتَيَقُّنِهِ بِالِاشْتِهَارِ الْحَقِيقِيِّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي تِلْكَ الْجَمَاعَةِ الْعَدَالَةُ وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: الِاشْتِهَارُ الْحُكْمِيُّ.
وَيَحْصُلُ هَذَا بِالْإِخْبَارِ الْوَاقِعِ لِلشَّاهِدِ بِنِصَابِ الشَّهَادَةِ وَلَفْظِ الشَّهَادَةِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّسَبِ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ بِالِاشْتِهَارِ الْحُكْمِيِّ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَجَائِزٌ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي والولوالجية فِي الشَّهَادَات) .
لَوْ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى النَّسَبِ إلَّا بِالْمُعَايَنَةِ لَأَصْبَحَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّسَبِ غَيْرَ جَائِزَةٍ رَأْسًا وَأَصْلًا؛ لِأَنَّ سَبَبَ النَّسَبِ الْعُلُوقُ وَلَا يَطَّلِعُ الْإِنْسَانُ عَلَى الْوَطْءِ فَضْلًا عَنْ لُحُوقِ عِلْمِهِ بِالْعُلُوقِ (الزَّيْلَعِيُّ والولوالجية) .
وَشُرِطَ لِلْقَبُولِ فِي نَسَبٍ أَنْ يُخْبِرَهُ عَدْلَانِ مِنْ غَيْرِ اسْتِشْهَادِ الرَّجُلِ فَإِنْ أَقَامَ الرَّجُلُ شَاهِدَيْنِ عِنْدَهُ عَلَى نَسَبِهِ لَا يَسْعَهُ أَنْ يَشْهَدَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ غَرِيبًا وَلَا يَسْعَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِنَسَبِهِ حَتَّى يَلْقَى مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ فَيَشْهَدَانِ عِنْدَهُ عَلَى نَسَبِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ (الْبَحْرُ) .
الْوَلَاءُ - وَالشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى الْوَلَاءِ جَائِزَةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَغَيْرُ جَائِزَةٍ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ وَالْمُفْتَى بِهِ هُوَ قَوْلُ الطَّرَفَيْنِ (الْبَهْجَةُ وَالْفَيْضِيَّةُ) .
الْمَهْرُ - تُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِي دَعْوَى الْمَهْرِ بِلَا تَفْسِيرٍ (الْبَهْجَةُ) .
النِّكَاحُ - تُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ بِلَا تَفْسِيرٍ (الْفَيْضِيَّةُ) وَلَا تُقْبَلُ بِالتَّفْسِيرِ مَثَلًا، لَوْ خَرَجَ جَمَاعَةٌ مِنْ دَارِ أَحَدٍ وَأَخْبَرُوا أُنَاسًا فِي الْخَارِجِ بِأَنَّ فُلَانًا قَدْ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ بِمَهْرٍ هُوَ كَذَا شَهِدَ النَّاسُ الْمَذْكُورُونَ عَلَى النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ بِلَا تَفْسِيرٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي أَوَائِلِ الشَّهَادَاتِ) .
كَمَا أَنَّنَا نَشْهَدُ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ هِيَ زَوْجَةٌ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ مَعَ كَوْنِنَا لَمْ نَحْضُرْ عَقْدَ النِّكَاحِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالشِّبْلِيُّ) وَالشَّهَادَةُ عَلَى النِّكَاحِ بِالْمُعَايَنَةِ جَائِزَةٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ الشُّهُودُ مَجْلِسَ النِّكَاحِ وَاسْتَمَعُوا بِأَنْفُسِهِمْ حُصُولَ الْعَقْدِ فَتَكُونُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْمُعَايَنَةِ