الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ فَرَسًا، وَتَصَالَحَ عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى أَنْ يَرْكَبَ تِلْكَ الْفَرَسَ مُدَّةَ شَهْرٍ صَحَّ الصُّلْحُ.
أَمَّا لَوْ تَصَالَحَ عَلَى أَنْ يَسْتَغِلَّ الْفَرَسَ مُدَّةَ شَهْرٍ فَلَا يَصِحُّ.
وَكَذَا فِي النَّخْلِ، وَعَلَى غَلَّةِ الدَّارِ وَثَمَرَةِ النَّخْلِ لَا يَجُوزُ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى وَارِثِ الْمُتَوَفَّى بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى قَدْ أَوْصَى لَهُ بِسُكْنَى دَارِهِ الْفُلَانِيَّةِ مُدَّةَ سَنَةٍ، وَتَصَالَحَ الْوَارِثُ عَنْ إقْرَارٍ عَلَى حَانُوتٍ أَوْ عَلَى زِرَاعَةِ أَرْضٍ مُدَّةَ سَنَةٍ فَيَكُونُ الْمُدَّعِي قَدْ اسْتَأْجَرَ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مُقَابِلَ الْحَانُوتِ، أَوْ مُقَابِلَ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ، وَتَجْرِي فِيهَا أَحْكَامُ الْإِجَارَةِ.
[
(الْمَادَّةُ 1550) الصُّلْحُ عَنْ الْإِنْكَارِ أَوْ السُّكُوتِ]
الْمَادَّةُ (1550) - (الصُّلْحُ عَنْ الْإِنْكَارِ، أَوْ السُّكُوتِ هُوَ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي مُعَاوَضَةٌ، وَفِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَلَاصٌ مِنْ الْيَمِينِ، وَقَطْعٌ لِلْمُنَازَعَةِ، فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ، وَلَا تَجْرِي فِي الْعَقَارِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ. وَلَوْ اُسْتُحِقَّ كُلُّ الْمُصَالَحِ عَنْهُ، أَوْ بَعْضُهُ يَرُدُّ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الْمِقْدَارَ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا وَيُبَاشِرُ الْمُخَاصَمَةَ بِالْمُسْتَحَقِّ، وَيُسْتَحَقُّ بَدَلُ الصُّلْحِ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا، وَيَرْجِعُ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ إلَى دَعْوَاهُ) .
الصُّلْحُ عَنْ الْإِنْكَارِ أَوْ السُّكُوتُ هُوَ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي مُعَاوَضَةٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُدَّعِي هُوَ عَيْنُ حَقِّهِ أَوْ بَدَلُهُ وَلِذَلِكَ فَبَدَلُ الصُّلْحِ حَلَالٌ لَهُ (الزَّيْلَعِيّ) ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مُحِقٌّ بِزَعْمِهِ فِي دَعْوَاهُ فَالشَّيْءُ الَّذِي يَأْخُذُهُ عِوَضٌ عَنْ مَالِهِ.
أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي كَاذِبًا فِي دَعْوَاهُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ بَدَلُ الصُّلْحِ دِيَانَةً.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97)(عَبْدُ الْحَلِيمِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ، وَفِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ بَلْ خَلَاصٌ مِنْ الْيَمِينِ وَقَطْعٌ لِلْمُنَازَعَةِ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ غَيْرُ مُحِقٍّ وَمُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ، وَأَنَّ إعْطَاءَهُ الْعِوَضَ لَهُ هُوَ لِلْخَلَاصِ مِنْ الْيَمِينِ حَيْثُ لَوْ لَمْ يُعْطِ الْعِوَضَ لَبَقِيَ النِّزَاعُ، وَلَزِمَهُ الْيَمِينُ أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ ظَاهِرَةٌ فِي الْإِنْكَارِ، أَمَّا السُّكُوتُ فَبِمَا أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْإِقْرَارِ، وَعَلَى الْإِنْكَارِ مَعًا إلَّا أَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ الثَّامِنَةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ (الْأَصْلُ فَرَاغُ الذِّمَّةِ) فَتُرَجَّحُ جِهَةُ الْإِنْكَارِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) فَلِذَلِكَ لَا يَتَوَجَّبُ بِالشَّكِّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَا يَثْبُتُ بِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ عِوَضٌ لِلْمَالِ الَّذِي أَعْطَاهُ لِلْمُدَّعِي (الزَّيْلَعِيّ وَالتَّكْمِلَةُ) إلَّا أَنَّهُ يَبْرَأُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَضَاءً بِذَلِكَ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ، وَلَا يَبْرَأُ دِيَانَةً مَا لَمْ يُبْرِئْهُ الْمُدَّعِي (الْبَحْرُ) .
وَيَرَى أَنَّ الصُّلْحَ الَّذِي هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ قَدْ اخْتَلَفَ حُكْمُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّخْصَيْنِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ، وَمُوجِبُ ذَلِكَ الْحِلَّ فِي حَقِّ الْمُتَنَاكِحَيْنِ الْحُرْمَةُ فِي أُصُولِهِمَا (أَبُو السُّعُودِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
سُؤَالٌ: إنَّ خُصُومَةَ الْمُدَّعِي بِغَيْرِ حُجَّةٍ غَدْرٌ وَمَا يَأْخُذُهُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْبَدَلِ لِكَفِّ الْيَدِ عَنْ تِلْكَ الْخُصُومَةِ وَأَخْذُ الْمَالِ لِلْكَفِّ عَنْ الْغَدْرِ فَلِذَلِكَ يَكُونُ هَذَا الْأَخْذُ رِشْوَةً، وَإِعْطَاءُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَالَ بِذَاكَ الْمَقْصِدِ إرْشَاءٌ، وَقَدْ وَرَدَ الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ «لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ» ، وَلِذَلِكَ فَهُوَ حَرَامٌ.
الْجَوَابُ: أَنَّ إعْطَاءَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَالَ هُوَ لِدَفْعِ الْغَدْرِ عَنْ نَفْسِهِ، وَهُوَ جَائِزٌ أَمَّا مَا أَخَذَهُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمَالِ فَلَا يَأْخُذُهُ مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلْ يَأْخُذُهُ اعْتِيَاضًا عَنْ حَقِّهِ، فَلَا يَكُونُ ارْتِشَاءً فِي حَقِّ الْمُدَّعِي (الْكِفَايَةُ بِتَغْيِيرٍ مَا) وَتَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ عَنْ كَوْنِ الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ مُعَاوَضَةً فِي حَقِّ الْمُدَّعِي.
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُ عِوَضَ حَقِّهِ حَسَبَ زَعْمِهِ فَيُؤَاخَذُ بِزَعْمِهِ، وَلَا يَمْنَعُ إنْكَارُ الْآخَرِ الْمُعَاوَضَةَ جَرَيَانَ شُفْعَةٍ، وَفِي هَذَا كَأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَقُولُ: اشْتَرَيْتُ هَذَا الْمَالَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْكِرُ ذَلِكَ (الْكِفَايَةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (950) فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ عَنْ الدَّارِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ: إنَّنِي أَخَذْتُهَا مِنْ زَيْدٍ، وَأَنْكَرَ زَيْدٌ ذَلِكَ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ تِلْكَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ زَعْمَهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ (الزَّيْلَعِيّ) إلَّا أَنَّهُ لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ.
مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي بِعَرْصَةٍ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَحَصَلَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ عَلَى دَارِ فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الدَّارِ، وَلَا تَجْرِي فِي الْعَرْصَةِ كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ فِي الْعَقَارِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ وَبَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي أَوْ بَعْدَ أَنْ سَكَتَ تَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى مَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِعَقْدِهِ الصُّلْحَ قَدْ اسْتَبْقَى الْعَقَارَ الَّذِي كَانَ مُلُوكًا لَهُ فِي مِلْكِهِ، وَأَنَّ الْمَبْلَغَ الَّذِي دَفَعَهُ لِلْمُدَّعِي بَدَلَ صُلْحٍ لَمْ يَكُنْ عِوَضًا لِلْعَقَارِ بَلْ إنَّ مَا دَفَعَهُ مِنْ الْمَالِ كَانَ لِافْتِدَاءِ الْيَمِينِ وَقَطْعِ الْخُصُومَةِ أَيْ أَنَّ الْمُصَالِحَ يَزْعُمُ هَذَا الزَّعْمَ.
وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ يَزْعُمُ بِأَنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ الْعَقَارَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ يُؤَاخَذُ الْإِنْسَانُ بِزَعْمِهِ، وَزَعْمُ الْمُدَّعِي هَذَا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ الشَّفِيعَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُدَّعِي، وَلَهُ حَقُّ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي؛ فَلِذَلِكَ إذَا أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ فَلَهُ أَخْذُ الْعَقَارِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَدْ تَبَيَّنَ بِأَنَّ الصُّلْحَ الْوَاقِعَ كَانَ بِمَعْنَى الْبَيْعِ.
كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَدَى الشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ، وَاسْتَحْلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْعَقَارَ لَمْ يَكُنْ عَقَارَ الْمُدَّعِي، وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْعَقَارِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ بِالشُّفْعَةِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْكِفَايَةُ وَالدُّرَرُ وَالزَّيْلَعِيّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1021) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَإِذَا اُسْتُحِقَّ كُلُّ الْمُصَالَحِ عَنْهُ، أَوْ بَعْضُهُ فَيَرُدُّ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ أَيْ كُلِّهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَبَعْضِهِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَعْطَى بَدَلَ الصُّلْحِ لِلْمُدَّعِي لِأَجْلِ دَفْعِ خُصُومَةِ الْمُدَّعِي، وَلِإِبْقَاءِ الْمُدَّعَى بِهِ بِلَا خُصُومَةٍ فِي يَدِهِ، وَقَدْ ظَهَرَ بِاسْتِحْقَاقِهِ أَنْ لَيْسَ مِنْ خُصُومَةٍ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَبِذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
وَظَهَرَ أَنَّ بَدَلَ الصُّلْحِ قَدْ أُخِذَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلِذَلِكَ لَزِمَ رَدُّهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97)(مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرَرُ) .
مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ دَارُهُ، وَبَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ سَكَتَ تَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَسَلَّمَ بَدَلَ الصُّلْحِ لَهُ وَبَعْدَ أَنْ بَقِيَتْ الدَّنَانِيرُ فِي يَدِهِ، وَالدَّارُ فِي يَدِ الْآخَرِ اُسْتُحِقَّ جَمِيعُ الدَّارِ فَيَرُدُّ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ بَدَلَ الصُّلْحِ أَمَّا إذَا اسْتَحَقَّ نِصْفَهَا فَيَرُدُّ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ نِصْفَ بَدَلِ الصُّلْحِ. وَلِلْمُدَّعِي إنْ شَاءَ مُخَاصَمَةَ الْمُسْتَحِقِّ أَيْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِالْمُصَالَحِ عَنْهُ. لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الدَّارَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَقُومُ الْمُدَّعِي مَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَكُونُ لَهُ حَقُّ الْمُخَاصَمَةِ (أَبُو السُّعُودِ) .
إلَّا أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ الذِّكْرِ لَا يُجْبَرُ الْمُدَّعَى بِرَدِّ بَعْضِ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي حَالَةِ اسْتِحْقَاقِ بَعْضِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَهِيَ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ حَقًّا فِي دَارِ بِدُونِ أَنْ يُعَيِّنَ مِقْدَارَهُ كَنِصْفِ الدَّارِ أَوْ رُبْعِهَا وَتَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى بَدَلٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بَعْضَ تِلْكَ الدَّارِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتِرْدَادُ بَعْضِ بَدَلِ الصُّلْحِ. لِأَنَّ دَعْوَاهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِيمَا بَقِيَ وَإِنْ قَلَّ فَمَا دَامَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَحَقَّ كُلَّهَا لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ أَنَّهُ أَخَذَ عِوَضَ مَا لَا يَمْلِكُ فَيَرُدُّ (الزَّيْلَعِيّ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ) وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَدَلُ الصُّلْحِ نَقْدًا أَوْ دَيْنًا بَيِّنْ كَانَ عَيْنًا وَاسْتَحَقَّ كُلَّ الْمُصَالَحِ عَنْهُ أَوْ بَعْضَهُ وَلَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ الصُّلْحَ أَوْ تَلِفَ كُلُّ بَدَلِ الصُّلْحِ أَوْ بَعْضَهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1560) يَرْجِعُ الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ إلَى دَعْوَاهُ أَيْ كُلَّهُ إذَا اسْتَحَقَّ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ إذَا اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ. لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ تَرَكَ دَعْوَاهُ لِيَبْقَى بَدَلُ الصُّلْحِ لَهُ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ بَدَلُ الصُّلْحِ سَالِمًا لَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ إلَى دَعْوَاهُ الْمُبْدَلَةِ. مَا لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى مِنْ نَوْعِ الدَّعَاوَى الَّتِي لَا يُنْقَضُ الصُّلْحُ فِيهَا كَالْقِصَاصِ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
أَمَّا إذَا أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الصُّلْحَ وَسَلَّمَ الْعَيْنَ الْمُصَالَحَ عَلَيْهَا لِلْمُدَّعِي صَحَّ الصُّلْحُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ (الْكِفَايَةُ) .
أَمَّا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَأَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي: قَدْ اشْتَرَيْت هَذَا الْمَالَ مُقَابِلَ هَذِهِ الْعَيْنِ وَقَالَ الْآخَرُ، بِعْتُك وَعَقْدُ الصُّلْحِ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الصُّلْحِ فَلِلْمُدَّعِي الرُّجُوعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمُدَّعَى بِهِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالدَّعْوَى (أَبُو السُّعُودِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . لِأَنَّ إقْدَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُبَايَعَةِ إقْرَارٌ مِنْهُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي فَلَا يُعْتَبَرُ إنْكَارُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لَهُ إذْ الصُّلْحُ قَدْ يَقَعُ الدَّفْعُ لِلْخُصُومَةِ (الزَّيْلَعِيّ) .
وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاسْتُحِقَّ أَوْ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَوْ ظَهَرَ زُيُوفًا فَلَا يُبْطِلُ الصُّلْحَ سَوَاءٌ وَقَعَ الصُّلْحُ الْمَذْكُورُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ أَوْ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَلَوْ كَانَ الْبَدَلُ الْمَذْكُورُ مُشَارًا إلَيْهِ حِينَ الْعَقْدِ وَيَقْتَضِي إعْطَاءَ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ يَبْطُلُ الِاسْتِيفَاءُ