الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِنَصْبِ النَّائِبِ يُرْسِلُ نَائِبَهُ مَعَ الْمُدَّعِي إلَى الْمَرِيضِ أَوْ الْمُخَدَّرَةِ وَيَسْتَمِعُ دَعْوَاهُ وَيَفْصِلُ فِيهَا. وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ إجْبَارُ أَحَدٍ مِنْ أَجْلِ إحْضَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، يَعْنِي لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُجْبِرَ آخَرَ لِإِحْضَارِ خَصْمِهِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ. فَلِذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا زَوْجَةً فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَقُولَ لِزَوْجِ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا أَحْضِرْ زَوْجَتَك لِلْمُحَاكَمَةِ وَأَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى إحْضَارِهَا وَلَكِنْ يُجْبَرُ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ لِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ إذَا كَانَ الْكَفِيلُ مُقْتَدِرًا عَلَى إحْضَارِهِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 642 ".
[
(الْمَادَّةُ 1834) إذَا امْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْحُضُور وَمنْ إرْسَالِ وَكِيلٍ إلَى الْمَحْكَمَةِ]
الْمَادَّةُ (1834) - (إذَا امْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْحُضُورِ وَمِنْ إرْسَالِ وَكِيلٍ إلَى الْمَحْكَمَةِ وَلَمْ يُمْكِنْ جَلْبُهُ وَإِحْضَارُهُ يُدْعَى إلَى الْمُحَاكَمَةِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي بِأَنْ يُرْسِلَ إلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَرَقَةَ الدَّعْوَى الْمَخْصُوصَةِ بِالْمَحْكَمَةِ فِي أَيَّامٍ مُخْتَلِفَةٍ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ أَيْضًا يُفْهِمُهُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ سَيُنَصِّبُ لَهُ وَكِيلًا وَسَيَسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَبَيِّنَتَهُ فَإِذَا لَمْ يَحْضُرْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْمُحَاكَمَةِ وَلَمْ يُرْسِلْ وَكِيلًا نَصَّبَ الْقَاضِي لَهُ وَكِيلًا يُحَافِظُ عَلَى حُقُوقِهِ وَسَمِعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ وَدَقَّقَهَا فَإِذَا تَحَقَّقَ أَنَّهَا مُقَارَنَةٌ لِلصِّحَّةِ حَكَمَ بِالدَّعْوَى بَعْدَ الثُّبُوتِ) إذَا امْتَنَعَ أَوْ اخْتَفَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْحُضُورِ وَمِنْ إرْسَالِ وَكِيلٍ إلَى الْمَحْكَمَةِ وَلَمْ يُمْكِنْ جَلْبُهُ أَوْ إحْضَارُهُ جَبْرًا حَسَبَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، وَيُدْعَى الْخَصْمُ الْمُتَوَارِي، يُدْعَى إلَى الْمُحَاكَمَةِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي بِأَنْ يُرْسِلَ إلَيْهِ وَرَقَةَ إحْضَارٍ يَذْكُرُ فِيهَا الْيَوْمَ الَّذِي يَجِبُ حُضُورُهُ فِيهِ إلَى الْمُحَاكَمَةِ مَعَ بَيَانِ اسْمِ وَشُهْرَةِ الْمُدَّعِي وَتُرْسَلُ هَذِهِ الْوَرَقَةُ إلَيْهِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَيُفْهِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيهَا بِأَنَّهَا مُرْسَلَةٌ لَهُ مِنْ الْقَاضِي وَأَنَّهُ مَدْعُوٌّ لِلْمُحَاكَمَةِ فَإِذَا لَمْ يَحْضُرْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ دَعْوَتِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فِيهِ فَيَفْهَمُهُ الْقَاضِي بِأَنْ يُرْسِلَ رِسَالَةً لَهُ: بِأَنَّهُ سَيُنَصِّبُ عَنْهُ وَكِيلًا وَأَنَّهُ سَيَسْتَمِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَبَيِّنَتَهُ فِي مُوَاجَهَةِ ذَلِكَ الْوَكِيلِ، وَيُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ أَنَّ هَذَا التَّفْهِيمَ يَكُونُ بِإِرْسَالِ رِسَالَةٍ بَعْدَ إرْسَالِ ثَلَاثِ دَعَوَاتٍ لِلْحُضُورِ وَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ مَرْعِيَّةٌ لِوَقْتٍ قَرِيبٍ فِي الْمُحَاكَمِ الشَّرْعِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ أُلْغِيَ أَخِيرًا أُصُولُ إرْسَالِ رِسَالَةٍ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الدَّعَوَاتِ الثَّلَاثِ.
وَقَدْ قَالَ جَمِيعُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ بِجَوَازِ الْحُكْمِ غِيَابًا عَلَى الْخَصْمِ الْمُتَوَارِي وَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْمَادَّةُ مُبَيَّنَةً عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَدُّ الْمُحْتَارِ والولوالجية وَالْحَمَوِيُّ وَتُرْسَلُ وَرَقَةُ (الدَّعْوَتِيَّةِ) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَجَلَّةِ وَيَخْطُرُ فِي كُلِّ دَفْعَةٍ مِنْهَا عَلَى الْوَجْهِ السَّالِفِ الذِّكْرِ وَيَجُوزُ إرْسَالُ الدَّعْوَتِيَّاتِ الثَّلَاثَةِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ كُلِّ دَعْوَتِيَّةٍ وَالْأُخْرَى يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَمِنْ الْأُصُولِ كِتَابَةُ وَرَقَةِ الدَّعْوَتِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي:
إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمُقِيمِ فِي الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ فِي الشَّارِعِ الْفُلَانِيِّ فِي الدَّارِ نِمْرَةِ كَذَا الَّذِي يَمْتَهِنُ حِرْفَةَ كَذَا. قَدْ تَقَدَّمَ اسْتِدْعَاءٌ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ سَلْمَانَ إلَى هَذِهِ الْمَحْكَمَةِ يَدَّعِي فِيهَا عَلَيْك بِدَيْنٍ عَشْرَةِ دَنَانِيرَ وَقَدْ طَلَبَ حُضُورَكُمْ إلَى هَذِهِ الْمَحْكَمَةِ وَقَدْ عَيَّنْت السَّاعَةَ الْفُلَانِيَّةَ مِنْ الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ لِإِجْرَاءِ الْمُحَاكَمَةِ بَيْنَكُمَا فَأُخْطِرُك بِلُزُومِ الْحُضُورِ إلَى الْمَحْكَمَةِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ أَوْ بِإِرْسَالِ وَكِيلٍ عَنْك وَفِي حَالِ عَدَمِ إجَابَتِك سَيُعَيَّنُ وَكِيلٌ مُسَخَّرٌ عَنْك وَتَجْرِي الْمُحَاكَمَةُ فِي غِيَابِك وَسَيُحْكَمُ عَلَيْك فِي حَالِ ثُبُوتِ الدَّعْوَى.
وَهَذَا هُوَ الْإِخْطَارُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثُ إلَيْك. لُزُومُ إرْسَالِ وَرَقَةِ الدَّعْوَتِيَّةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: قَدْ حَرَّرَ فِي الْمَجَلَّةِ لُزُومَ إرْسَالِ الدَّعْوَتِيَّةِ وَتَبْلِيغِهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ اسْتِنْبَاطًا مِنْ النَّقْلِ الْآتِي الذِّكْرَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ. ذَكَرَ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي: لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِلْقَاضِي: لِي عَلَى فُلَانٍ حَقٌّ وَقَدْ تَوَارَى عَنِّي فِي مَنْزِلِهِ فَالْقَاضِي يَكْتُبُ إلَى الْوَالِي فِي إحْضَارِهِ فَإِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِهِ وَسَأَلَ الطَّالِبُ الْخَتْمَ عَلَى بَابِهِ فَإِنْ أَتَى بِشَاهِدَيْنِ أَنَّهُ فِي مَنْزِلٍ وَقَالَا رَأَيْنَاهُ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلَّ خَتَمَ عَلَى مَنْزِلٍ لَا إنْ زَادَ عَنْ ثَلَاثَةٍ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي فَإِذَا خَتَمَ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي أَنْ يُنَصِّبَ لَهُ وَكِيلٌ بَعَثَ الْقَاضِي إلَى دَارِهِ رَسُولًا مَعَ شَاهِدَيْنِ يُنَادِي بِحَضْرَتِهِمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ إنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لَك احْضَرْ مَعَ خَصْمِك فُلَانٍ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَإِلَّا نَصَّبْت لَك وَكِيلًا وَقَبِلْت بَيِّنَتَهُ عَلَيْك فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ نَصَّبَ وَكِيلًا وَسَمِعَ شُهُودَ الْمُدَّعِي وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِمَحْضَرِ وَكِيلِهِ، انْتَهَى مُلَخَّصًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إنَّ كَيْفِيَّةَ التَّبْلِيغِ الَّذِي قَبِلَتْهُ الْمَجَلَّةُ لَمْ يَكُنْ مُطَابِقًا تَمَامًا لِهَذَا النَّقْلِ وَتَكْرَارُ التَّبْلِيغِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ هُوَ لِلِاحْتِيَاطِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ وَمُشْعِرٌ بِالْأَوْلَوِيَّةِ كَتَكْلِيفِ الْقَاضِي الْمُنْكِرَ لِحَلِفِ الْيَمِينِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1718) فَإِذَا كَانَ تَبْلِيغُ وَرَقَةِ الدَّعْوَتِيَّةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَالِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا مُوجِبٌ لِلتَّسْهِيلِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَانِيَّةِ فِي مَبْحَثٍ. فَصْلٌ فِيمَا يَقْضِي فِي الْمُجْتَهَدَاتِ وَمَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِيهِ وَمَا لَا يَنْفُذُ. إذَا سَمِعَ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْغَائِبِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ وَكِيلٌ وَحَكَمَ عَلَيْهِ فَالْحُكْمُ يَنْفُذُ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ السَّرَخْسِيُّ وخواهر زَادَهْ.
وَالْمَقْصِدُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ الْجَائِزِ الْحُكْمُ غِيَابًا عَلَى الْغَائِبِ بَعْدَ تَبْلِيغِ دَعْوَةٍ وَاحِدَةٍ الرَّجَاءُ أَنْ تُعَدَّلَ الْمَادَّةُ عَلَى هَذَا الشَّكْلِ وَيَسْهُلُ الْأَمْرُ عَلَى النَّاسِ. فَإِذَا لَمْ يَحْضُرْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْمُحَاكَمَةِ وَلَمْ يُرْسِلْ وَكِيلًا إلَيْهَا فَيُنَصِّبُ الْقَاضِي لَهُ وَكِيلًا يُحَافِظُ عَلَى حُقُوقِهِ وَسَمِعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ فِي مُوَاجَهَتِهِ وَدَقَّقَهَا فَإِذَا تَحَقَّقَ أَنَّهَا مُقَارِنَةٌ لِلصِّحَّةِ حَكَمَ بَعْدَ الثُّبُوتِ عَلَى الْغَائِبِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَأْمُورٌ بِإِيصَالِ الْحُقُوقِ إلَى مُسْتَحِقِّيهَا وَلَا يُمْكِنُ الْقَاضِي إيصَالُ الْحَقِّ بِغَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) إذَا لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي غِيَابًا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى تَضْيِيعِ الْحُقُوقِ (الْفَتْحُ) .
وَكِيلًا يُحَافِظُ عَلَى حُقُوقِهِ: وَظِيفَةُ الْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ إنْكَارِ الْمُدَّعَى بِهِ بِالنِّيَابَةِ عَنْ الْغَائِبِ وَبِمَا أَنَّهُ تُقَامُ الْحُجَّةُ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُنْكِرِ فَيَكُونُ قَدْ فُتِحَ بِهَذَا الْإِنْكَارِ طَرِيقٌ لِإِثْبَاتِ الدَّعْوَى إذْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ أَنْ يَدْفَعَ بِالنِّيَابَةِ عَنْ مُوَكِّلِهِ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ إنَّ مُوَكِّلِي قَدْ دَفَعَ الْمَبْلَغَ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَ مُوَكِّلِي وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّى لِإِثْبَاتِ هَذَا الدَّفْعِ أَوْ تَكْلِيفِ الْمُدَّعِي لِحَلِفِ الْيَمِينِ لِأَنَّ الدَّفْعَ مِنْ صِفَةِ الْمُدَّعِي وَلَا يُعَيَّنُ لِلْمُدَّعِي وَكِيلٌ مُسَخَّرٌ كَمَا أَنَّ هَذِهِ الدُّفُوعَ صَادِرَةٌ عَنْ الْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ أَيُّ عِلْمٍ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ إذْ يَكُونُ الدَّفْعُ الْمَذْكُورُ كَذِبًا مَحْضًا مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ إجْرَاءُ هَذِهِ الْمُعَامَلَاتِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ.
سُؤَالٌ - إنَّ الْوَكِيلَ الْمُسَخَّرَ يُنْكِرُ حَقَّ الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبِ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ بِأَنَّ لَهُ حَقًّا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فَيَكُونُ إنْكَارُهُ غَيْرَ مُطَابِقٍ لِنَفْسِ الْأَمْرِ؟ الْجَوَابُ عَدَمُ حَقِّ الْمُدَّعِي هُوَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ الثَّامِنَةِ فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا يَكُونُ الْإِنْكَارُ الْوَاقِعُ كَذِبًا. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَشْرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَلَمْ يُجِبْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَةَ وَرُئِيَتْ الدَّعْوَى فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ فَيَطْلُبُ مِنْ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً مُطَابِقَةً لَدَعْوَاهُ إذْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ أَنْ يُقِرَّ عَنْ الْغَائِبِ وَإِذَا أَقَرَّ يَلْزَمُ الْقَاضِي لِلْغَائِبِ بِإِقْرَارِهِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي بِشُهُودٍ أَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ. وَجَرَتْ تَزْكِيَةُ الشُّهُودِ سِرًّا وَعَلَنًا وَتَبَيَّنَ أَنَّهُمْ عُدُولٌ وَمَقْبُولُو الشَّهَادَةِ فَيَحْكُمُ بِتَحْصِيلِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبِ وَإِذَا حَضَرَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ فَلَهُ دَفْعُ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: قَدْ أَدَّيْت لَك هَذَا الْمَبْلَغَ أَوْ أَنَّك أَبْرَأْتَنِي مِنْ كَافَّةِ الدَّعَاوَى أَوْ أَنَّ لِلشُّهُودِ فِي الدَّعْوَى جَرَّ مَغْنَمِ كَذَا أَوْ دَفْعَ مَغْرَمِ كَذَا وَبِذَلِكَ يَكُونُ حَقُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَحْفُوظًا فِي دَفْعِ الدَّعْوَى وَالطَّعْنِ فِي حَقِّ الشُّهُودِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 1636 " كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ مَالِهِ الْفُلَانِيَّ وَأَدَّى لَهُ الثَّمَنَ وَأَنَّهُ امْتَنَعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ هَذِهِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ الْمَذْكُورِ لِلْمُدَّعِي.
وَيَلْزَمُ فِي الدَّعَاوَى الَّتِي تُقَامُ عَلَى الْغَائِبِ وَفِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ ذِكْرُ اسْمِ الْغَائِبِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1690) . أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ أَيْ لَمْ يَكُنْ لَدَى الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ لِإِثْبَاتِ دَعْوَاهُ فَلَا يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّ أَسْبَابَ الْحُكْمِ كَمَا ذَكَرَ شَرْحًا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْقَضَاءِ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ وَالْيَمِينِ وَالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ. وَبِمَا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ إقْرَارٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا أَنَّ الْيَمِينَ وَالنُّكُولَ عَنْ الْيَمِينِ يُشْتَرَطُ فِي الْمَادَّةِ (1744) أَنْ يَكُونَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَبِمَا أَنَّهُ لَا تُوجَدُ أَيْضًا بَيِّنَةٌ فَلَا يَكُونُ إثْبَاتٌ لِلدَّعْوَى وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا عَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ إثْبَاتِ دَعْوَاهُ وَقَالَ إنَّنِي أُكَلِّفُ خَصْمِي الْيَمِينَ وَأَطْلُبُ الْحُكْمَ عَلَيْهِ مُعَلِّقًا عَلَى نُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ حِينَ اعْتِرَاضِهِ عَلَى الْحُكْمِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ عَلَى النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ الْحُكْمِ فَفِي هَذِهِ الْحَالِ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَتَرَبَّصَ لِخَصْمِهِ وَعِنْدَ ظُهُورِهِ مِنْ اخْتِفَائِهِ يَطْلُبُ مِنْ الْقَاضِي إحْضَارَهُ جَبْرًا وَيُكَلِّفُهُ
لِحَلِفِ الْيَمِينِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُخْتَفٍ فِي بَيْتِهِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُرْسِلَ إلَى بَيْتِهِ رِجَالًا وَنِسَاءً فَالرِّجَالُ يَقِفُونَ عَلَى الْبَابِ وَيَمْنَعُونَ فِرَارَهُ وَتَدْخُلُ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ إلَى الْبَيْتِ وَتُفَتِّشُ جَمِيعَ أَنْحَاءِ الدَّارِ وَتُفَتِّشُ النِّسَاءَ وَالرِّجَالَ وَالْخَدَمَةَ لَعَلَّهُ يَكُونُ قَدْ تَزَيَّا بِزِيِّ النِّسَاءِ. الْخَانِيَّةُ ".
الْحُكْمُ الْغِيَابِيُّ فِي الْمَحَاكِمِ الشَّرْعِيَّةِ: وَقَدْ قُرِّرَ فِي مَجْلِسِ التَّدْقِيقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ إحْضَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى الْمُحَاكَمَةِ جَبْرًا فَبَعْدَ إرْسَالِ ثَلَاثِ دَعْوَتِيَّاتٍ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مُبَيِّنٌ فِي مَوَادِّ الْمَجَلَّةِ فِي فَصْلِ الْحُكْمِ الْغِيَابِيِّ يَقْتَضِي نَصْبَ وَكِيلٍ مُسَخَّرٍ وَإِعْطَاءَ حُكْمٍ غِيَابِيٍّ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الْمُدَّعِي إثْبَاتَ دَعْوَاهُ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَ خَصْمِهِ يُرْسِلُ مَأْذُونًا إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِتَحْلِيفِهِ الْيَمِينَ حَسَبَ الْأُصُولِ وَيُكَلِّفُ لِحَلِفِ الْيَمِينِ وَيُدْرِجُ كَيْفِيَّةَ الْحَلِفِ أَوْ النُّكُولِ عَنْ الْحَلِفِ فِي مَحْضَرِ الْمَأْذُونِ وَيُصْدِرُ الْحُكْمَ بَعْدَ ذَلِكَ.
إنَّ الْمَسَائِلَ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا نَصْبُ وَكِيلٍ مُسَخَّرٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ خَمْسٌ وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - الْخَصْمُ الْمُتَوَارِي وَقَدْ بَيَّنَ هَذَا فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا اشْتَرَى أَحَدٌ مَالًا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا وَأَرَادَ فَسْخَ الْعَقْدِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَرَدَّ الْبَيْعِ وَكَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا وَمُتَوَارِيًا فَيُرَاجِعُ الْمُشْتَرِي الْقَاضِيَ وَيَطْلُبُ نَصْبَ وَكِيلٍ عَنْ الْغَائِبِ وَيَرُدُّ الْمَبِيعَ لِذَلِكَ الْوَكِيلِ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ لَهُ مُتَوَارِيًا يُنْصَبُ وَكِيلٌ عَنْهُ، مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ نَفْسَ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ غَدًا يَكُونُ كَفِيلًا بِالدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ وَكَانَ الطَّالِبُ غَائِبًا فِي الْيَوْمِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ التَّسْلِيمَ وَلَمْ يَجِدْهُ الْكَفِيلُ لِيُسَلِّمَهُ الْمَكْفُولَ فَلِلْكَفِيلِ أَنْ يُرَاجِعَ الْقَاضِيَ وَأَنْ يَطْلُبَ نَصْبَ وَكِيلٍ عَنْ الطَّالِبِ وَلِلْقَاضِي نَصْبُ وَكِيلٍ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَالْكَفِيلُ يُسَلِّمُ الْمَكْفُولَ لِلْوَكِيلِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ إذَا حَلَفَ الْمَدِينُ قَائِلًا. إذَا لَمْ أُوَفِّ دَيْنِي غَدًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا وَكَانَ يُرِيدُ إيفَاءَ الدَّيْنِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَانَ الدَّائِنُ غَائِبًا فَلِلدَّائِنِ أَنْ يُرَاجِعَ الْقَاضِيَ وَيَطْلُبَ نَصْبَ وَكِيلٍ عَنْ الْغَائِبِ وَمُوفِي الدَّيْنَ لَهُ وَلَا يَحْنَثُ الْمَدِينُ فِي يَمِينِهِ: وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ لَا حَاجَةَ لِنَصْبِ وَكِيلٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ يُؤَدِّي الْحَالِفُ دَيْنَهُ لِلْقَاضِي وَلَا يَحْنَثُ وَيَكُونُ بَارًّا وَصَادِقًا فِي يَمِينِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ قَاضٍ فَيَحْنَثُ الْحَالِفُ فِي يَمِينِهِ وَتَطْلُقُ امْرَأَتُهُ رَدُّ الْمُحْتَارِ ".
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِامْرَأَتِهِ إذَا لَمْ أُوَصِّلْ لَكِ نَفَقَتَكِ فَطَلَاقُكِ فِي يَدِكِ فَتَغَيَّبَتْ وَاخْتَفَتْ الْمَرْأَةُ حَتَّى لَا يُوَصِّلَ زَوْجُهَا النَّفَقَةَ إلَيْهَا وَتُطَلِّقُ نَفْسَهَا فَلِلزَّوْجِ أَنْ يُرَاجِعَ الْقَاضِيَ وَأَنْ يَطْلُبَ نَصْبَ وَكِيلٍ مِنْهُ لِلْمَرْأَةِ وَيُسَلِّمُهُ النَّفَقَةَ.