الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ أَبِي ثُمَّ تُوُفِّيَ أَبِي فَأَصْبَحَتْ مِيرَاثًا لِي وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ وَلَا يَثْبُتُ هَذَا التَّوْفِيقُ مَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ بِالْبَيْعِ مِنْ أَبِيهِ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْبَيْعِ مِنْ أَبِيهِ دَعْوَى عَلَى الْأَبِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْإِرْثَ أَوَّلًا فَشَهِدَتْ الشُّهُودُ، بِالْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ مَكَانَ الشِّرَاءِ لَا تُقْبَلُ مَا لَمْ يُوَفِّقْ (الْخَانِيَّةُ) .
[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ اخْتِلَافِ الشُّهُودِ]
[
(الْمَادَّةُ 1712) إذَا اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ]
الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ اخْتِلَافِ الشُّهُودِ الْمَادَّةُ (1712) - (إذَا اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. مَثَلًا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ذَهَبًا وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ فِضَّةً لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا) . يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ تَطَابُقُ شَهَادَةِ الشُّهُودِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَتَّفِقْ شَهَادَةُ الشُّهُودِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ فَلَا يَكْمُلُ نِصَابُ الشَّهَادَةِ وَيَنْفَرِدُ كُلُّ شَاهِدٍ بِنَوْعٍ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْمَشْهُودِ بِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ (مَنَافِعُ الدَّقَائِقِ شَرْحُ مَجَامِعِ الدَّقَائِقِ وَالْحَمَوِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1685) وَعَلَيْهِ فَإِذَا تَطَابَقَتْ شَهَادَةُ الشُّهُودِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ.
تَفْصِيلُ التَّطَابُقِ: إنَّ التَّطَابُقَ عِنْدَ الْإِمَامِ يَكُونُ بِتَطَابُقِ لَفْظِ كُلٍّ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ فِي الْمَعْنَى الْوَاحِدِ وَلَا يَكْفِي التَّطَابُقُ بِالدَّلَالَةِ، وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَكْفِي الدَّلَالَةُ بِالتَّضَمُّنِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَيْنِ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَلْفَيْنِ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِأَلْفٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ بِحَقِّ الْأَلْفِ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ مُتَّفِقُونَ فِي الْأَقَلِّ وَنِصَابُ الشَّهَادَةِ حَاصِلٌ (الْحَمَوِيُّ وَالزَّيْلَعِيّ) وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إنَّ الشَّهَادَةَ بِأَلْفَيْنِ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ تَدُلُّ عَلَى الْأَلْفِ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ بِدَلَالَةِ التَّضَمُّنِ، أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْأَقَلَّ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْأَقَلِّ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْأَكْثَرِ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ كَذَّبَ الشَّاهِدَ الَّذِي شَهِدَ بِالزِّيَادَةِ كَمَا أَنَّ الْحَقَّ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ (الزَّيْلَعِيّ) فَلِذَلِكَ تُقْبَلُ الشَّهَادَاتُ الْآتِيَةُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ:
1 -
إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ قَدْ وَكَّلَ هَذَا الشَّخْصَ لِيَدَّعِيَ بِهَذِهِ الدَّارِ عَلَى هَذَا الشَّخْصِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالِادِّعَاءِ بِهَذِهِ الدَّارِ وَبِهَذِهِ الْبَغْلَةِ أَيْضًا فَيُحْكَمُ بِالْوَكَالَةِ بِدَعْوَى الدَّارِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ مُتَّفِقَانِ فِي ذَلِكَ.
2 -
إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ وَكَّلَ هَذَا الْوَكِيلَ بِدَعْوَى هَذِهِ الدَّارِ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ وَكَالَةً عَامَّةً فَتَثْبُتُ وَكَالَتُهُ بِدَعْوَى الدَّارِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
3 -
إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِمَطْلُوبِهِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِمَطْلُوبِهِ مِنْ جِهَةِ الْحَوَالَةِ فَيُحْكَمُ بِمَطْلُوبِهِ مِنْ جِهَةِ الْحَوَالَةِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ أَقَلُّ مِنْ الْكَفَالَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ فَقَطْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَطْ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْهِنْدِيَّةُ) .
5 -
إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِحَقِّ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ هُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَلْفٍ وَتَفَرَّدَ أَحَدُهُمَا بِالزِّيَادَةِ وَكُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ يَثْبُتُ فِيهِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ دُونَ مَا تَفَرَّدَ بِهِ أَحَدُهُمَا (أَبُو السُّعُودِ) وَلِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْ أَحَدَ شَاهِدَيْهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) .
أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ مَطْلُوبِي أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَطْ وَلَيْسَ بِأَزْيَدَ وَشَهِدَ أَحَدُ الشُّهُودِ بِأَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُمْ (أَبُو السُّعُودِ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَسَكَتَ عَنْ الزِّيَادَةِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِالزِّيَادَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَا لَمْ يُوَفِّقْ الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ حَقِّي عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ زِيَادَةٌ عَنْ الْمُدَّعَى بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّاهِدُ إلَّا أَنَّنِي قَدْ أَخَذْت الزِّيَادَةَ أَوْ أَنَّنِي أَبَرَأْته مِنْ تِلْكَ الزِّيَادَةِ وَالشَّاهِدُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِي الْأَقَلِّ (الْهِنْدِيَّةُ وَأَبُو السُّعُودِ) .
6 -
لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَاتَيْنِ الْفَرَسَيْنِ مِلْكِي وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ تَيْنِكَ الْفَرَسَيْنِ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِأَنَّ إحْدَاهُمَا مِلْكُ الْمُدَّعِي فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِي حَقِّ تِلْكَ الْفَرَسِ بِالِاتِّفَاقِ (الدُّرَرُ وَأَبُو السُّعُودِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
7 -
إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِائَةَ جُنَيْهٍ إنْكِلِيزِيٍّ ذَهَبًا وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِمِائَةِ جُنَيْهٍ إنْكِلِيزِيٍّ ذَهَبًا وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِمِائَةِ جُنَيْهٍ إفْرِنْسِيٍّ ذَهَبًا فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيُحْكَمُ بِالْأَقَلِّ، أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِمِائَةِ جُنَيْهٍ إفْرِنْسِيٍّ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِمِائَةِ جُنَيْهٍ إنْجِلِيزِيٍّ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1708)" الْأَنْقِرْوِيُّ ".
8 -
إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ دِينَارًا ذَهَبًا وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيُحْكَمُ بِالْعِشْرِينِ دِينَارًا (صُرَّةُ الْفَتَاوَى وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْفَيْضِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) .
أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَيُوجَدُ تَفْصِيلٌ فِي مَسْأَلَةِ اخْتِلَافِ الشُّهُودِ وَهُوَ: إذَا كَانَ اخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي عَدَدٍ وَكَانَ ذَلِكَ الْعَدَدُ مَا يُعْطَفُ عَلَى غَيْرِهِ بِأَدَاةِ الْعَطْفِ يُنْظَرُ: فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْأَكْثَرَ فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ مَقْبُولَةً بِالْأَقَلِّ، مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ مَطْلُوبِي خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَشَهِدَ الْآخَرُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِي حَقِّ الْعِشْرِينَ دِرْهَمًا (الْفَيْضِيَّةُ) أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي ادَّعَى الْأَقَلَّ فَلَا تُقْبَلُ وَإِذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي عَدَدٍ لَا يُمْكِنُ عَطْفُهُ عَلَى عَدَدٍ آخَرَ بِحَرْفِ الْعَطْفِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَشَهِدَ أَحَدُ
الشَّاهِدَيْنِ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَشَهِدَ الْآخَرُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْعِشْرِينَ لَا تُعْطَفُ عَلَى الْعِشْرِينَ فَلَا يُقَالُ عِشْرُونَ وَعِشْرُونَ بَلْ يُقَالُ أَرْبَعُونَ (الْفَيْضِيَّةُ وَالْخَانِيَّةُ) .
إنَّ الزَّيْلَعِيّ قَدْ عَدَّ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هُوَ الرَّاجِحَ وَقَدْ أَفْتَى مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ إلَّا أَنَّ صَدْرَ الشَّرِيعَةِ قَالَ: إنَّ قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ أَظْهَرُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) لَا يُوجَدُ فِي الْمَجَلَّةِ صَرَاحَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ إذْ إنَّ حُكْمَ الْمَادَّةِ (1707) هِيَ بِالِاتِّفَاقِ وَلَمْ تَكُنْ مَبْنِيَّةً عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ شَرْطِ التَّوَافُقِ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى وَبَيْنَ شَرْطِ التَّطَابُقِ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ، أَلَا يُرَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا ادَّعَى الْغَصْبَ أَوْ الْقَتْلَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ أَوْ الْقَتْلِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، أَمَّا إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشُّهُودِ عَلَى الْغَصْبِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ فَلَا تُقْبَلُ كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ قَرِيبًا، وَيُتَحَرَّى التَّطَابُقُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَلَيْسَ فِي لَفْظِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ وَالْمَقْصُودَ هُوَ الْمَشْهُودُ بِهِ وَلَيْسَ لَفْظُ الشَّهَادَةِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى وَالزَّيْلَعِيّ) .
فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَفْظُ شَهَادَةِ أَحَدِ الشُّهُودِ عَيْنَ لَفْظِ شَهَادَةِ الْآخَرِ بَلْ كَانَ مُرَادِفًا لَهُ فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا أَنَّ اخْتِلَافَ الشُّهُودِ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا يَلْزَمُ ذِكْرُهَا وَبَيَانُهَا غَيْرُ مُضِرٍّ (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) .
بَعْضُ مَسَائِلَ مُتَفَرِّعَةٍ عَلَى ذَلِكَ:
1 -
لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ وَهَبَ وَسَلَّمَ هَذَا الْمَالَ لِهَذَا الشَّخْصِ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِأَنَّهُ أَعْطَاهُ لَهُ عَطِيَّةً وَسَلَّمَهُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ وَالْعَطِيَّةَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُتَرَادِفَةِ (أَبُو السُّعُودِ) .
2 -
إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ الْإِبْرَاءَ مِنْ دَيْنِهِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْإِبْرَاءِ مِنْ الدَّيْنِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْهِبَةِ وَالتَّصَدُّقِ بِهِ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ أَوْ لِلتَّصَدُّقِ بِهِ أَوْ تَمْلِيكِهِ هُوَ إبْرَاءٌ لِلْمَدِينِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (847) فَتَكُونُ أَلْفَاظُ الشَّهَادَتَيْنِ مُتَرَادِفَةً (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى وَالطَّحْطَاوِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ إيفَاءَ الدَّيْنِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِ الدَّائِنِ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِالدَّيْنِ أَوْ حَلَّلَهُ لِلْمَدِينِ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَانِ لَفْظًا وَمَعْنًى إلَّا إذَا قَالَ شَاهِدُ الْبَرَاءَةِ: إنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ بَرِيءَ إلَيْهِ بِالْإِيفَاءِ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) .
3 -
لَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ وَهَبَهُ هَذَا الْمَالَ وَقَالَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهَذَا الْمَالِ فَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّنِي لَمْ أَهَبْ كَمَا إنَّنِي لَمْ أَتَصَدَّقْ بِذَلِكَ الْمَالِ فَيُحْكَمُ بِالْمَالِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ فَثَبَتَ الِاتِّفَاقُ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى) .
إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ وَهُوَ لَابِسٌ ثِيَابًا بَيْضَاءَ وَرَاكِبٌ فَرَسًا أَوْ أَثْنَاءَ مَا كَانَ فُلَانٌ حَاضِرًا أَنَّهُ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَهُوَ لَابِسٌ ثِيَابًا سَوْدَاءَ وَرَاكِبٌ بَغْلَةً أَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّخْصُ حَاضِرًا حِينَ إقْرَارِهِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ " الْهِنْدِيَّةُ ".
5 -
إذَا أَنْكَرَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ إذْنَهُ الصَّغِيرَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ أَذِنَهُ بِبَيْعِ وَشِرَاءِ الْحِنْطَةِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ أَذِنَهُ بِبَيْعِ وَشِرَاءِ الشَّعِيرِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (970) ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْوَصِيِّ أَذِنْت بِالتِّجَارَةِ كَافٍ وَلَا يَلْزَمُ فِي الْإِذْنِ ذِكْرُ الْإِذْنِ بِبَيْعِ الْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ وَيَثْبُتُ الْإِذْنُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ " الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ ".
أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ يَكُونُ عَلَى سَبْعَةِ أَنْوَاعٍ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: يَكُونُ الِاخْتِلَافُ فِي جِنْسِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ذَهَبًا وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِضَّةً لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِمِائَةِ كَيْلَةٍ شَعِيرًا وَالْآخَرُ بِمِائَةِ كَيْلَةٍ حِنْطَةً لَا تُقْبَلُ سَوَاءٌ ادَّعَى الْمُدَّعِي ذَهَبًا أَوْ ادَّعَى فِضَّةً؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَحَدَهُمَا فَيَكُونُ قَدْ كَذَّبَ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ الَّذِي شَهِدَ بِغَيْرِ ذَلِكَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
كَمَا أَنَّ الِاخْتِلَافَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ لَا يُقْبَلُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1706)" عَلِيٌّ أَفَنْدِي ".
كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْحَوَالَةِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّ زَيْدًا قَدْ حَوَّلَ الْمُدَّعِيَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ذَهَبًا وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ حَوَّلَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِضَّةً لَا تُقْبَلُ (الْهِنْدِيَّةُ) .
وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي الْمَكْفُولِ بِهِ مَثَلًا كَأَنْ يَشْهَدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ كَفَلَ عَلَى مِائَةِ رِيَالٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ كَفَلَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ سَوَاءٌ ادَّعَى الْمُدَّعِي الْكَفَالَةَ بِمِائَةِ رِيَالٍ أَوْ ادَّعَى الْكَفَالَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ.
النَّوْعُ الثَّانِي: يَكُونُ الِاخْتِلَافُ فِي سَبَبِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَهَذَا غَيْرُ مَقْبُولٍ أَيْضًا كَمَا أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ يُوجِبُ رَدَّ الدَّعْوَى إذَا وَقَعَ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1711) وَهَذَا عَلَى صِنْفَيْنِ:
الصِّنْفُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ فِي الْعَيْنِ مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهَا مِلْكِي وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الدَّارَ مِلْكُ الْمُدَّعِي شِرَاءً وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهَا مِلْكُهُ هِبَةً فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا صَدَّقَ أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ يَكُونُ قَدْ كَذَّبَ الشَّاهِدَ الْآخَرَ. كَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْمِلْكِ هِبَةً وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْمِلْكِ صَدَقَةً أَوْ إرْثًا أَوْ وَصِيَّةً فَلَا تُقْبَلُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) .
وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِلْمُدَّعِي قَدْ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِلْمُدَّعِي مَوْرُوثٌ لَهُ عَنْ أَبِيهِ فَلَا تُقْبَلُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .
الصِّنْفُ الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ فِي الدَّيْنِ مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّ لِلْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّ لِلْمُدَّعِي عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً لَا تُقْبَلُ، أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ بِدُونِ بَيَانِ السَّبَبِ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً وَاخْتَلَفَا فِي الْجِهَةِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1581)" الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ ".
كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ قَرْضًا فَلَا تُقْبَلُ إذْ لَا يُمْكِنُ تَصْدِيقُ الشَّاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَدَّقَ أَحَدَهُمَا فَقَدْ كَذَّبَ الْآخَرَ.
أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةٍ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ لَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُطْلَقًا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
كَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْإِبْرَاءِ مِنْهُ فَلَا تُقْبَلُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ إيفَاءَهُ الدَّيْنَ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَقَرَّ بِاسْتِيفَائِهِ الدَّيْنَ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ هُمَا اخْتَلَفَا مَعْنًى لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ بِالْإِبْرَاءِ تُخَالِفُ الْبَرَاءَةَ بِالْإِيفَاءِ إذْ الْبَرَاءَةُ بِالْإِيفَاءِ بَيْعٌ بِتَمْلِيكِ مَا فِي ذِمَّتِهِ بِعِوَضٍ وَالْبَرَاءَةُ بِالْإِبْرَاءِ تَبَرُّعٌ بِتَمْلِيكِ مَا فِي ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَالْبَيْعُ يُخَالِفُ التَّبَرُّعَ لَفْظًا وَمَعْنًى (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى) .
كَذَلِكَ إذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ نَقَلَ عَلَى مِائَةِ رِيَالٍ إلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الْمِائَةِ رِيَالٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا إنَّهَا قَرْضٌ وَقَالَ الْآخَرُ بِأَنَّهَا ثَمَنُ مَبِيعٍ فَإِذَا كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي الْمِائَةَ رِيَالٍ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ أَيْ كَفَالَةَ مِائَةِ رِيَالٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ أَوْ مِائَةَ رِيَالٍ مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَلَا تُقْبَلُ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي مِائَةَ رِيَالٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَمِائَةَ رِيَالٍ أُخْرَى مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَيُحْكَمُ بِمِائَةِ رِيَالٍ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: يَكُونُ الْمَشْهُودُ بِهِ مِلْكًا أَوْ إقْرَارًا وَهَذَا أَيْضًا لَا يُقْبَلُ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْمِلْكِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ فَلَا تُقْبَلُ، يَعْنِي لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِلْمُدَّعِي وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ لِلْمُدَّعِي فَلَا يُقْبَلُ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) .
أَمَّا الْأَرْبَعُ شَهَادَاتٍ الْآتِيَةُ فَتُقْبَلُ:
أَوَّلًا - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّ لِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ
أَوْدَعَهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَتُقْبَلُ؛ لِأَنَّ هُمَا أَجْمَعَا عَلَى إقْرَارِهِ وَأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ مِنْ قِبَلِ الْمُدَّعِي وَقَدْ جَحَدَ الْوَدِيعَةَ فَكَانَ ضَامِنًا (الْخَانِيَّةُ) .
ثَانِيًا - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى ذِي الْيَدِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ مَالِي وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ ذَا الْيَدِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَوْدَعَهُ ذَلِكَ الْمَالَ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ ذَا الْيَدِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ غَصَبَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْمُدَّعِي وَقَالَ الْمُدَّعِي بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِمَا قَالَهُ الشَّاهِدَانِ إلَّا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ غَصَبَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنِّي فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَيُعَدُّ ذُو الْيَدِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبِ ذَلِكَ الْمَالِ مِنْ الْمُدَّعِي حَتَّى لَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ (الْخَانِيَّةُ) .
ثَالِثًا - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّنِي أَطْلُبُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي أَقْرَضَهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَاضِ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ اسْتَقْرَضَ وَقَبَضَ مِنْ الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
رَابِعًا - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ تُقْبَلُ (الْخَانِيَّةُ) .
النَّوْعُ الرَّابِعُ: يَكُونُ الْمَشْهُودُ بِهِ مُخْتَلِفًا بِكَوْنِهِ بَتَاتًا أَوْ إقْرَارًا وَهَذَا لَا يُقْبَلُ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ قِيمَةَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ أَقَرَّ أَنَّ قِيمَتَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا شَهِدَ عَلَى الْبَتَاتِ وَالْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) .
كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ اشْتَرَى هَذَا الْمَالَ وَهُوَ مَعِيبٌ بِكَذَا عَيْبًا وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ حِينَمَا كَانَ فِيهِ ذَلِكَ الْعَيْبُ (وَالْقَصْدُ بِذَلِكَ إثْبَاتُ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ فِي دَعْوَى الْمُشْتَرِي بِرَدِّ الْعَيْبِ) فَلَا تُقْبَلُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .
النَّوْعُ الْخَامِسُ: يُخْتَلَفُ فِي كَوْنِ الْمَشْهُودِ بِهِ فِعْلًا أَوْ قَوْلًا وَعَلَيْهِ فَلَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِلْمُدَّعِي قَدْ غَصَبَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْ الْمُدَّعِي فَلَا تُقْبَلُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) ؛ لِأَنَّ هُمَا شَهِدَا بِأَمْرَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ (الْبَهْجَةُ) .
كَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ وَلِيَّ الصَّغِيرِ قَدْ أَذِنَ الصَّغِيرَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ وَلِيَّ الصَّغِيرِ قَدْ رَأَى الصَّغِيرَ وَهُوَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ إحْدَى الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى قَوْلٍ وَالْأُخْرَى عَلَى فِعْلٍ وَهُوَ السُّكُوتُ مَعَ الرُّؤْيَا، وَالْفِعْلُ وَالْقَوْلُ مُخْتَلِفَانِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .
وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقْرَضَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِالِاسْتِقْرَاضِ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ فِعْلٌ وَالْإِقْرَاضُ بِالِاسْتِقْرَاضِ قَوْلٌ. أَمَّا إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ لِلْمُدَّعِي فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا دِرْهَمًا وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ الثَّانِيَةَ وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةً عَلَى الْقَوْلِ إلَّا أَنَّ الشَّهَادَةَ الْأُولَى لَمْ تَكُنْ عَلَى الْفِعْلِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) .