الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوَّلًا - قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1795) بِأَنَّهُ يَقْتَضِي إثْبَاتَ حُكْمِ الْقَاضِي لَدَى الْإِيجَابِ فَلِذَلِكَ يَقْتَضِي حُضُورَ أَشْخَاصٍ أَثْنَاءَ الْمُحَاكَمَةِ لِيَكُونَ شُهُودٌ مِنْهُمْ عِنْدَ اللُّزُومِ. ثَانِيًا - قَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنَّ وُجُودَ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ مُنْفَرِدًا مُوجِبٌ لِلتُّهْمَةِ. وَلَكِنْ لَا يُفْشِي الْوَجْهَ الَّذِي سَيَحْكُمُ بِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ إذَا تَمَّتْ الْمُحَاكَمَةُ وَوُجِدَ سَبَبُ وَشُرُوطُ الْحُكْمِ فَالْقَاضِي مَجْبُورٌ بِإِصْدَارِ الْحُكْمِ فَوْرًا حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1828) أَمَّا إذَا لَمْ يُكْمِلْ الْقَاضِي الْمُحَاكَمَةَ فَيَكُونُ الشَّكْلُ الَّذِي يَخْتِمُ بِهِ الْمُحَاكَمَةَ غَيْرَ مَعْلُومٍ كَمَا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْحَقَّ فِي جَانِبِ أَيٍّ مِنْهُمَا فَإِفْشَاءُ الْقَاضِي الْحُكْمَ قَبْلَ إتْمَامِ الْمُحَاكَمَةِ هُوَ تُهْمَةٌ فِي حَقِّ الْقَاضِي.
وَمَعَ أَنَّ الْمُحَاكَمَةَ تُجْرَى عَلَنًا إلَّا أَنَّ الْمُشَاوَرَةَ وَالْمُذَاكَرَةَ فِي الْقَضِيَّةِ تُجْرَى خِفْيَةً فَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى الَّتِي تَجْرِي فِيهَا الْمُحَاكَمَةُ مُحْتَاجَةً لِلْمُشَاوَرَةِ وَيَحْتَاجُ الْقَاضِي إلَى أَنْ يَتَذَاكَرَ فِيهَا مَعَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَيُذَاكِرُهُمْ خِفْيَةً وَلَا يُذَاكِرُهُمْ عَلَنًا لِأَنَّ الْمُذَاكَرَةَ الْعَلَنِيَّةَ تُزِيلُ مَهَابَةَ الْمَجْلِسِ وَتُوجِبُ اتِّهَامَ النَّاسِ الْقَاضِيَ بِالْجَهْلِ وَتَجْرِي الْمُذَاكَرَةُ فِي ذَلِكَ إمَّا فِي غُرْفَةٍ أُخْرَى أَوْ بِإِخْرَاجِ النَّاسِ مِنْ غُرْفَةِ الْمُحَاكَمَةِ.
[
(الْمَادَّةُ 1816) إذَا أَتَى الطَّرَفَانِ إلَى حُضُورِ الْقَاضِي لِأَجْلِ الْمُحَاكَمَةِ]
الْمَادَّةُ (1816) - (إذَا أَتَى الطَّرَفَانِ إلَى حُضُورِ الْقَاضِي لِأَجْلِ الْمُحَاكَمَةِ، يُكَلَّفُ الْمُدَّعِي أَوَّلًا بِتَقْرِيرِ دَعْوَاهُ وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَاهُ قَدْ ضُبِطَتْ تَحْرِيرًا قَبْلَ الْحُضُورِ تُقْرَأُ فَيُصَدَّقُ مَضْمُونُهَا مِنْ الْمُدَّعِي. ثَانِيًا يَسْتَجْوِبُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ أَنْ يَسْأَلَهُ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي عَلَيْك بِهَذَا الْوَجْهِ فَمَاذَا تَقُولُ) . إذَا أَتَى الطَّرَفَانِ إلَى حُضُورِ الْقَاضِي لِأَجْلِ الْمُحَاكَمَةِ يَسْأَلُهُمَا الْقَاضِي بِقَوْلِهِ أَيُّكُمَا الْمُدَّعِي 0 عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، فَيُكَلِّفُ الْمُدَّعِي أَوَّلًا بِتَقْرِيرِ دَعْوَاهُ تَوْفِيقًا لِلْأُصُولِ الْمُبَيَّنَةِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَيُحَرِّرُهُ عَلَى الْوَرَقِ (الْخَانِيَّةُ) . إذَا دَخَلَ الطَّرَفَانِ لِلْمُحَاكَمَةِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُمَا طَرْحُ التَّحِيَّةِ عَلَيْهِ فَإِذَا حَيَّيَاهُ فَلَا يَلْزَمُ الْقَاضِي رَدُّ التَّحِيَّةِ عَلَيْهِمَا وَمَعَ ذَلِكَ إذَا أَرَادَ الْقَاضِي رَدَّ السَّلَامِ يُقَابِلُ قَوْلَهُمَا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِقَوْلِهِ: وَعَلَيْكُمْ وَيَكْتَفِي بِذَلِكَ أَمَّا الشُّهُودُ فَلَهُمْ أَنْ يُحَيُّوا الْقَاضِيَ وَأَنْ يَرُدَّ الْقَاضِي تَحِيَّتَهُمْ (الْخَانِيَّةُ) . وَالْمُدَّعِي إمَّا أَنْ يَحْضُرَ إلَى الْمَحْكَمَةِ بِالذَّاتِ وَيُقِيمَ دَعْوَاهُ؛ وَإِمَّا أَنْ يُحْضِرَ أَحَدًا فَيُوَكِّلَهُ وَيُسَجِّلَ وَكَالَتَهُ؛ وَإِمَّا أَنْ يَحْضُرَ الْوَكِيلُ حَامِلًا حُجَّةَ تَوْكِيلٍ صَادِرَةً مِنْ الْقَاضِي وَمُصَدَّقَةً مِنْ دَائِرَةِ الْفَتْوَى وَيَدَّعِيَ بِالْوَكَالَةِ. أَمَّا إذَا أَحْضَرَ أَحَدٌ لِلْمَحْكَمَةِ آخَرَ وَادَّعَى قَائِلًا: إنَّ هَذَا وَكِيلٌ عَنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَإِنَّ لِي فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ كَذَا دِرْهَمًا وَأَقَرَّ الْمَذْكُورُ بِالْوَكَالَةِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْمُدَّعِي بَعْدَ هَذَا الْإِقْرَارِ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَيُثْبِتَ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْغَائِبِ فِي مُوَاجِهَةِ هَذَا الْوَكِيلِ فَلَا تُقْبَلُ " الْخَانِيَّةُ بِزِيَادَةٍ ".
وَيَلْزَمُ الْمُدَّعِي حَسَبَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَنْ يُقَرِّرَ دَعْوَاهُ وَأَنْ يُوَضِّحَهَا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَاوِنَ الْمُدَّعِي فِي تَصْحِيحِ دَعْوَاهُ كَمَا أَنَّهُ إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى الْمُحَاسَبَةَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ بَيَانِ الْمُدَّعَى بِهِ وَإِظْهَارِهِ وَامْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يُجْبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُحَاسَبَةِ لِأَنَّ مُعَاوَنَةَ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي فِي تَصْحِيحِ دَعْوَاهُ فِيهِ تُهْمَةٌ لِلْقَاضِي وَانْكِسَارٍ لِقَلْبِ الطَّرَفِ الْآخَرِ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَمَرَ الْقَاضِي أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمَ الْمُدَّعِيَ - الَّذِي لَا يَعْلَمُ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةَ - الْخُصُومَةَ وَعَلَّمَهُ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَنْصُوبٌ لِلنَّظَرِ فِي أُمُورِ الْعِبَادِ وَالنَّظَرُ فِي هَذَا الْأَمْرِ هُوَ إحْيَاءٌ لِلْحُقُوقِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الَّذِي عَلِمَ الْمُدَّعِي الْخُصُومَةَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ " وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ ".
كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُعِينَ الشُّهُودَ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ الطَّرَفَانِ فِي أَدَاءِ شَهَادَتِهِمْ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إعَانَةً لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَيُوهِمُ مَيْلَ الْقَاضِي لِأَحَدِهِمَا فَيُوجِبُ كَسْرَ قَلْبِ الْخَصْمِ الْآخَرِ إلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يَسْتَحْسِنُ إعَانَةُ الشُّهُودِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ وَقَدْ مَرَّتْ تَفْصِيلَاتُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 1689 ".
أَمَّا فِي مَوْضِعِ التُّهْمَةِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي إعَانَةُ الشُّهُودِ مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَلْفٍ وَخَمْسمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مُوجِبٌ لِرَدِّ الشَّهَادَةِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ " 1708 " فَإِذَا لَقَّنَ الْقَاضِي الشُّهُودَ قَائِلًا: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ خَمْسمِائَةِ دِرْهَمٍ فَفَهِمَ الشُّهُودُ مَغْزَاهُ وَشَهِدُوا بِأَنَّ الْمُدَّعِي أَبْرَأَهُ مِنْ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَبَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالًّا فَلَا يَجُوزُ هَذَا التَّلْقِينُ وَالتَّوْفِيقُ " الشِّبْلِيُّ " وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَاهُ قَدْ ضُبِطَتْ تَحْرِيرًا قَبْلَ الْحُضُورِ تَقْرَأُ فَيُصَدَّقُ مَضْمُونُهَا مِنْ الْمُدَّعِي وَمِنْ الْأُصُولِ وَضْعُ إمْضَاءٍ أَوْ خَتْمِ الْمُدَّعِي عَلَى مَحْضَرِ الدَّعْوَى لِلتَّصْدِيقِ وَإِذَا أَكْمَلَ الْمُدَّعِي بَعْضَ النُّقْصَانِ الْوَارِدِ فِي ضَبْطِ دَعْوَاهُ فَيَجِبُ إضَافَةُ ذَلِكَ إلَى الضَّبْطِ ثُمَّ يَنْظُرُ الْقَاضِي بَعْدَ ذَلِكَ فِي دَعْوَى الْمُدَّعِي وَفِي ذَلِكَ احْتِمَالَاتٌ ثَلَاثَةٌ:
الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَاسِدَةً وَغَيْرَ قَابِلَةٍ لِلتَّصْحِيحِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُحْتَاجُ لِأَخْذِ جَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الدَّعْوَى لِأَنَّ سَبَبَ الْجَوَابِ مَفْقُودٌ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَقُولُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي إنَّ دَعْوَاك فَاسِدَةٌ فَلَا تُسْمَعُ وَيُخْرِجُهُ مِنْ الْمَجْلِسِ.
مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ سَلَّمْت هَذَا الرَّجُلَ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَدِيعَةً وَقَدْ تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَاطْلُبْ الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِالْبَدَلِ. فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى غَيْرُ صَحِيحَةٍ حَسَبَ الْمَادَّةِ (777) كَمَا أَنَّهَا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّصْحِيحِ فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِجْوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَرُدُّ الْقَاضِي دَعْوَى الْمُدَّعِي. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ وَهَبَنِي كَذَا مَالًا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْنِي إيَّاهُ فَأَطْلُبْ إجْبَارَهُ عَلَى التَّسْلِيمِ. فَبِمَا أَنَّ دَعْوَاهُ هَذِهِ حَسَبَ حُكْمِ (الْمَادَّةِ 837) غَيْرُ صَحِيحَةٍ كَمَا أَنَّهَا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّصْحِيحِ فَيَرُدُّ الْقَاضِي الدَّعْوَى بِدُونِ اسْتِجْوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَعَارَ مَالَهُ إلَى فُلَانٍ وَبِمَا أَنَّنِي قَرِيبٌ لَهُ فَلْيُعِرْنِي إيَّاهُ. فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى حَسَبَ الْمَادَّةِ (1630) فَاسِدَةٌ وَغَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّصْحِيحِ فَيَرُدُّهَا الْقَاضِي بِدُونِ اسْتِجْوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ دَعْوَى الْمُدَّعِي مُوَافَقَةً لِلْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَصَحِيحَةً وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَسْتَجْوِبُ الْقَاضِي ثَانِيًا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ أَنْ يَسْأَلَهُ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْمُدَّعِي يَدَّعِي عَلَيْك بِهَذَا الْوَجْهِ فَمَا تَقُولُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَيْسَ لِلْقَاضِي سُؤَالُ الْمُدَّعِي عَنْ أَسْبَابِ ثُبُوتِ دَعْوَاهُ قَبْلَ اسْتِجْوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي يَكُونُ الْإِقْرَارُ سَبَبًا لِلْحُكْمِ وَإِذَا أَنْكَرَ تَكُونُ الشَّهَادَةُ سَبَبًا لِلْحُكْمِ وَيُوجَدُ فَرْقٌ فِي الْحُكْمِ بِهَذَيْنِ السَّبَبَيْنِ (الدُّرَرُ) الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ دَعْوَى الْمُدَّعِي غَيْرَ صَحِيحَةٍ يَعْنِي فَاسِدَةً إلَّا أَنَّهَا قَابِلَةً لِلتَّصْحِيحِ كَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مَجْهُولًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَقُولُ الْقَاضِي: صَحِّحْ دَعْوَاك. إذَنْ يَسْتَجْوِبُ الْقَاضِي فِي هَذِهِ الْحَالِ ثَانِيًا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يُصَحِّحَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ أَوَّلًا وَلَا يَسْتَجْوِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ تَصْحِيحِ الْمُدَّعِي لَدَعْوَاهُ لِأَنَّ الْمُدَّعِي لَا يَسْتَحِقُّ جَوَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ تَصْحِيحِ الدَّعْوَى (الزَّيْلَعِيّ) .
مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ أَقْرَضْت هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِضْعَةَ دَنَانِيرَ لَا أَعْرِفُ مِقْدَارَهَا فَلْيُؤَدِّهَا لِي فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1719) غَيْرُ صَحِيحَةٍ إلَّا أَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلتَّصْحِيحِ فَيَقُولُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي: (كَمْ دِينَارًا أَقْرَضْت ثُمَّ عِدَّ وَبَيِّنِ ذَلِكَ وَصَحِّحْ دَعْوَاك) صُورَةُ ضَبْطِ الدَّعْوَى: يَضْبِطُ وَيُحَرِّرُ الْقَاضِي أَوْ يَسْتَكْتِبُ كَاتِبَهُ خُلَاصَةَ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَإِفَادَتَهُ وَإِجَابَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِصُورَةٍ لَا تُغَيِّرُ مَاهِيَّةَ إفَادَتِهِمَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ خُلَاصَةَ تُغَيِّرُ أَوْ تُحَرِّفُ إفَادَاتِ الطَّرَفَيْنِ بِصُورَةٍ تُغَيِّرُ الْأَحْكَامَ لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْحَالِ إذَا بُدِّلَتْ أَقْوَالُ الطَّرَفَيْنِ فِي خُصُوصِ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ وَالْمُدَافَعَةِ وَأُفْرِغَتْ بِشَكْلٍ آخَرَ تَتَبَدَّلُ النَّتَائِجُ وَالْأَحْكَامُ وَيَنْتِجُ عَنْ ذَلِكَ ضَرَرُ الطَّرَفَيْنِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُودِعُ عَلَى الْمُسْتَوْدِعِ قَائِلًا: (قَدْ أَوْدَعْتُك كَذَا وَدِيعَةً فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَسَلَّمْتهَا لَك فَأَطْلُبُ مِنْك أَنْ تُعِيدَهَا لِي) فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا دَعْوَاهُ قَائِلًا: إنَّك لَمْ تُودِعْنِي أَيَّ شَيْءٍ مُطْلَقًا فَإِذَا حَرَّرَ هَذَا الْإِنْكَارَ بِالضَّبْطِ بِأَنَّ الْمُسْتَوْدِعَ قَدْ أَنْكَرَ الْوَدِيعَةَ يَكُونُ ذَلِكَ بَاعِثًا لِضَرَرِ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي الْإِيدَاعَ وَالتَّسْلِيمَ بَعْدَ إنْكَارِ الْمُسْتَوْدِعِ الْوَدِيعَةَ بِقَوْلِهِ لَمْ تُسَلِّمْنِي شَيْئًا مُطْلَقًا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ الْمُسْتَوْدِعُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يُضْبَطْ إنْكَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذِكْرِ اللَّفْظِ الَّذِي قَالَ وَاكْتَفَى بِأَنْ حَرَّرَ فِي الضَّبْطِ بِأَنَّ الْمُسْتَوْدِعَ قَدْ أَنْكَرَ الْوَدِيعَةَ وَنُسِيَتْ صُورَةُ إنْكَارِهِ فَلِلْمُسْتَوْدِعِ أَنْ يُثْبِتَ الرَّدَّ إذْ أَنَّ إثْبَاتَ الرَّدِّ مَقْبُولٌ حَسَبَ مَحْضَرِ الدَّعْوَى وَيَنْتُجُ عَنْ ذَلِكَ ضَرَرُ الْمُودِعِ.