الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ وُجُوهِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ] [
الْمَادَّةُ (1579) - كَمَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَعْلُومِ كَذَلِكَ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ]
ِ الْمَادَّةُ (1579) - (كَمَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَعْلُومِ كَذَلِكَ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ مَجْهُولِيَّةَ الْمُقَرِّ بِهِ فِي الْعُقُودِ الَّتِي لَا تَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ مَانِعَةٌ لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ فَلِذَلِكَ إذَا قَالَ أَحَدٌ: لِفُلَانٍ عِنْدِي أَمَانَةٌ، أَوْ غَصَبْت مَالَ فُلَانٍ، أَوْ سَرَقْته يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَيُجْبَرُ عَلَى بَيَانِ وَتَعْيِينِ الْأَمَانَةِ الْمَجْهُولَةِ أَوْ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ، أَوْ الْمَغْصُوبِ. أَمَّا لَوْ قَالَ: بِعْت لِفُلَانٍ شَيْئًا، أَوْ اسْتَأْجَرْت مِنْهُ شَيْئًا فَلَا يَصِحُّ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيَانِ مَا بَاعَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ) .
لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ مَعْلُومًا، أَوْ مُمْكِنًا تَسْلِيمُهُ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْدُومًا اُنْظُرْ فِقْرَةَ وَلَكِنْ إلَخْ الْوَارِدَةَ فِي الْمَادَّةِ (1591) فَلِذَلِكَ فَالْمُقِرُّ إمَّا أَنْ يُطْلِقَ الْمُقَرَّ بِهِ الْمَجْهُولَ أَيْ لَا يُبَيِّنُ سَبَبَهُ فَالْإِقْرَارُ الْمَجْهُولُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ صَحِيحٌ، وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى السَّبَبِ الَّذِي يَصِحُّ فِيهِ الْإِقْرَارُ مَعَ الْجَهَالَةِ كَالْغَصْبِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ) وَإِمَّا أَنْ يُبَيِّنَ السَّبَبَ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَتْ الْجَهَالَةُ مُضِرَّةً فِي السَّبَبِ الْمَذْكُورِ كَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ أَيْضًا.
فَعَلَيْهِ كَمَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَعْلُومِ كَذَلِكَ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ أَيْضًا فِي الْأُمُورِ الَّتِي تَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ كَالْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ وَالسَّرِقَةِ.
لِأَنَّهُ يَجِبُ الْحَقُّ بَعْضًا، وَهُوَ مَجْهُولٌ كَإِتْلَافِ شَخْصٍ مَالَ آخَرَ لَا يَعْرِفُ قِيمَتَهُ وَكَتَسْلِيمِ دَنَانِيرَ مَوْضُوعَةٍ فِي كِيسٍ مَجْهُولٍ مِقْدَارُهَا (تَكْمِلَةُ الْمُحْتَارِ) .
إلَّا أَنَّ الْإِقْرَارَاتِ الْآتِيَةَ لَيْسَتْ إقْرَارًا بِالْمَجْهُولِ.
1 -
الْإِقْرَارُ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ تَرْدِيدٌ بِالْمُقَرِّ بِهِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْمَجْهُولِ.
فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجِبُ أَقَلُّهُ.
مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِعَشَرَةٍ، أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَحَيْثُ يَكُونُ إقْرَارُهُ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ قَطْعِيًّا فَيَجِبُ أَدَاءُ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ الْأَكْثَرَ فَيَلْزَمُهُ الْإِثْبَاتُ.
2 -
إنَّ الْإِقْرَارَ الْوَارِدَ فِي مِثَالِ الْمَادَّةِ (1591) الْمُتَضَمِّنَ نَفْيَ الْمِلْكِ مَعَ الْإِقْرَارِ لَيْسَ إقْرَارًا بِالْمَجْهُولِ بَلْ هُوَ إقْرَارٌ بِالْعَامِّ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ.
3 -
لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ فَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ هَذَا إقْرَارًا بِالْمَجْهُولِ
بَلْ يُحْمَلُ عَلَى الِاشْتِرَاكِ.
بِالنِّصْفِ إلَّا أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا قَالَ مُتَّصِلًا بِإِقْرَارِهِ: إنَّ الثُّلُثَيْنِ لَهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَوْ قَالَ: إنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ، وَثُلُثَاهَا لِي فَيُصَدَّقُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ) لَكِنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ وَتَحَقُّقِهِ بَيَانُ وَإِعْلَامُ الشَّيْءِ الَّذِي يُصَادِفُ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ الْإِقْرَارُ مَعَ الْجَهَالَةِ (الدُّرَرُ) فَعَلَيْهِ إذَا بَيَّنَ الْمُقِرُّ سَبَبَ الْمُقَرِّ بِهِ، وَكَانَتْ الْجَهَالَةُ مُضِرَّةً فِي السَّبَبِ الْمَذْكُورِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ الَّتِي لَا تَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ، فَجَهَالَةُ الْمُقَرِّ بِهِ فِي ذَلِكَ مَانِعَةٌ لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ بِقَوْلِهِ مَثَلًا: قَدْ اشْتَرَيْتُ مِنْ فُلَانٍ مَالًا، أَوْ اسْتَأْجَرْتُ مِنْهُ مَالًا، أَوْ أَجَرْتُهُ مَالًا فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ (الزَّيْلَعِيّ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
أَمَّا إذَا قَالَ أَحَدٌ: إنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ حَقًّا، أَوْ إنَّ لَهُ أَمَانَةً عِنْدِي، أَوْ قَالَ إنَّنِي غَصَبْتُ مَالَ فُلَانٍ، أَوْ سَرَقْتُهُ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَعِنْدَ ادِّعَاءِ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الْمُقِرِّ يُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى بَيَانِ وَتَعْيِينِ الْحَقِّ الْمَجْهُولِ أَوْ الْأَمَانَةِ الْمَجْهُولَةِ أَوْ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ، أَوْ الْمَسْرُوقِ بِشَيْءٍ ذِي قِيمَةٍ كَالْفَلْسِ وَالْجَوْزَةِ، وَيُحْبَسُ لِحِينِ أَنْ يُبَيِّنَ وَيُعَيِّنَ ذَلِكَ (الزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ) .
فَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا بَيَّنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ ذَلِكَ الْحَقَّ بِشَيْءٍ لَا قِيمَةَ لَهُ قَائِلًا: إنَّ الْحَقَّ الَّذِي أَقْرَرْتُ بِهِ هُوَ حَقُّ الْإِنْسَانِيَّةِ، أَوْ حَقُّ الْجِوَارِ، أَوْ أَنَّ تِلْكَ الْأَمَانَةَ الْمَجْهُولَةَ، أَوْ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ هِيَ حَبَّةُ حِنْطَةٍ أَوْ فُلَانٌ الصَّبِيُّ الْحُرُّ أَوْ قَطْرَةُ مَاءٍ لَا يُقْبَلُ سَوَاءٌ قَالَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَيَانَ هُوَ خِلَافُ الْعُرْفِ بَلْ يَجِبُ بَيَانُ الْمَجْهُولِ وَتَعْيِينُهُ بِشَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ قَلِيلَةٌ أَوْ كَثِيرَةٌ؛ لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ قَدْ أَخْبَرَ بِشَيْءٍ وَاجِبٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي لَا قِيمَةَ لَهُ لَا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ، فَبَيَانُهُ بِشَيْءٍ لَا قِيمَةَ لَهُ يَكُونُ رُجُوعًا مِنْهُ عَنْ الْإِقْرَارِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1588) وَلَكِنْ فِي تَكْمِلَةِ (قَاضِي زَادَهْ) أَنَّهُ إذَا وَصَلَهُ صُدِّقَ، وَإِنْ فَصَلَهُ لَا وَعَلَيْهِ مَشَى فِي (التَّتَارْخَانِيَّة) .
أَمَّا لَوْ بَيَّنَ الْمُقِرُّ تِلْكَ الْأَمَانَةَ الْمَجْهُولَةَ بِشَيْءٍ ذِي قِيمَةٍ بِقَوْلِهِ: إنَّهُ فَرَسٌ أَوْ بَيْضَةٌ، أَوْ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ فَيَكُونُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِيضَاحَ هُوَ بَيَانٌ مُقَرَّرٌ بِأَصْلِ الْكَلَامِ.
وَيَصِحُّ بَيَانُ التَّقْرِيرِ سَوَاءٌ وَرَدَ مَوْصُولًا أَمْ مَفْصُولًا.
أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ بِشَيْءٍ أَزْيَدَ مِمَّا عَيَّنَهُ الْمُقِرُّ كَادِّعَائِهِ بِفَرَسَيْنِ أَوْ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِذَا أَثْبَتَ ذَلِكَ فَبِهَا، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُقِرِّ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ زِيَادَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (76 وَ 8)(الزَّيْلَعِيّ وَالْكِفَايَةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
كَمَا أَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْحَقَّ هُوَ ذَلِكَ الْعَقَارُ الْمَغْصُوبُ، أَوْ خَمْرُ الْمُسْلِمِ فَهُوَ صَحِيحٌ.
وَإِنْ يَكُنْ لَا يَجْرِي اصْطِلَاحُ كَلِمَةِ الْغَصْبِ فِي الْعَقَارِ، وَفِي الْخَمْرِ حَيْثُ إنَّهُ تُتْرَكُ الْحَقِيقَةُ بَعْضًا بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ.
مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ هُوَ الْعَقَارُ الَّذِي فِي يَدِ فُلَانٍ فَيَكُونُ بَيَانُهُ صَحِيحًا وَبِقَوْلِهِ هَذَا، لَا يُؤْخَذُ الْعَقَارُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يُقِرُّ بِغَصْبِ الْعَقَارِ، وَالْعَقَارُ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا بِالْغَصْبِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْكِفَايَةِ) .
كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: عِنْدِي لِفُلَانٍ حَقٌّ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ وَيُجْبَرُ عَلَى بَيَانِ ذَلِكَ الْحَقِّ بِشَيْءٍ ذِي قِيمَةٍ
فَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ كَمَا بُيِّنَ سَالِفًا: إنَّنِي قَصَدْتُ مِنْ ذَلِكَ الْحَقِّ حَقَّ الْإِسْلَامِ فَلَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعُرْفِ أَيْ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ هَذَا الْمَعْنَى عُرْفًا مِنْ لَفْظِ (كَلِمَةِ الْحَقِّ) فَلِذَلِكَ يَكُونُ هَذَا الْبَيَانُ رُجُوعًا عَنْ الْإِقْرَارِ.
إلَّا أَنَّهُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إذَا حَصَلَ الْبَيَانُ مَوْصُولًا كَقَوْلِهِ: إنَّ عِنْدِي لِفُلَانٍ حَقًّا هُوَ حَقُّ الْإِسْلَامِ فَيَكُونُ صَحِيحًا أَمَّا إذَا وَقَعَ مَفْصُولًا فَلَا يَكُونُ بَيَانُهُ صَحِيحًا، وَيَجْرِي عَلَى بَيَانِ الْمُقَرِّ بِهِ.
وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الْآخَرِينَ أَنَّ هَذَا الْبَيَانَ غَيْرُ صَحِيحٍ سَوَاءٌ وَقَعَ مَفْصُولًا، أَوْ مَوْصُولًا وَيُعَدُّ رُجُوعًا عَنْ الْإِقْرَارِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْكِفَايَةُ وَابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَالْبَحْرُ وَالزَّيْلَعِيّ) .
لَكِنْ إذَا بَيَّنَ الْحَقَّ الْمَجْهُولَ بِشَيْءٍ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ، أَوْ حَقِّ الْمُرُورِ فَاللَّائِقُ أَنْ يُصَدَّقَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَتْ زَوْجَةُ الْمُتَوَفَّى كَذَا دِرْهَمًا مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى فَقَالَ الْوَرَثَةُ: إنَّ مُورَثَنَا مَدِينٌ لِلْمُدَّعِيَةِ مِنْ جِهَةِ صَدَاقِهَا إلَّا أَنَّنَا لَا نَعْلَمُ مِقْدَارَهُ فَيَكُونُ هَذَا الْإِقْرَارُ صَحِيحًا، وَيُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَى بَيَانِ مِقْدَارِهِ.
كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي بَلْدَةٍ يُتَدَاوَلُ فِيهَا دَنَانِيرُ مُتَنَوِّعَةٌ بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِكَذَا دِينَارًا فَيُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى بَيَانِ الدِّينَارِ الْمَدِينِ بِهِ.
أَمَّا فِي الْبَيْعِ فَيُصْرَفُ إلَى الدِّينَارِ الْأَكْثَرِ رَوَاجًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (240)(ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) .
وَلَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ أَنَّ الْبَيْعَ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ يَفْسُدُ فَلِلتَّصْحِيحِ يَنْصَرِفُ إلَى الْأَرْوَجِ، وَالْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ يَصِحُّ.
وَفَاةُ الْمُقِرِّ قَبْلَ الْبَيَانِ.
يُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى الْبَيَانِ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا إلَّا أَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الْمُقِرُّ قَبْلَ الْبَيَانِ يُرْجَعُ إلَى وَرَثَتِهِ، فَإِذَا فَسَّرَ وَبَيَّنَ الْوَرَثَةُ الْحَقَّ الْمُقَرَّ بِهِ، وَقَبِلَ الْمُقَرُّ لَهُ ذَلِكَ يُحْكَمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.
أَمَّا إذَا قَالَ الْوَرَثَةُ: إنَّنَا نَجْهَلُ الْمُقَرَّ بِهِ الْمَجْهُولَ، فَمَاذَا يَجِبُ عَمَلُهُ؟ وَبِمَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ بِأَنَّ الْوَرَثَةَ يَجْهَلُونَ الْمُقَرَّ بِهِ فَخَبَرُهُمْ عَلَى الْبَيَانِ يُؤَدِّي إلَى إجْبَارِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِعِلَاوَةٍ) .
لَا يَكُونُ بَيَانُ الْمَجْهُولِ بَعْضًا أَقَلَّ مِنْ الْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ - إنَّ الْإِقْرَارَ الَّذِي يَحْصُلُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ بِبَعْضِ الْأَلْفَاظِ لَا تَصْدُقُ عَلَى مَا دُونَ مِقْدَارِهَا الْمُعَيَّنِ - مَثَلًا لَوْ قَالَ لَهُ؛ عَلَى مَالٍ فَلَا يَصْدُقُ بِأَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ مِنْ فِضَّةٍ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَى مَالٍ عَظِيمٍ، فَلَا يَصْدُقُ بِأَقَلَّ مِنْ نِصَابِ الزَّكَاةِ فِي حَالَةِ بَيَانِهِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.
وَأَمَّا إذَا بَيَّنَهُ مِنْ الْجِمَالِ فَلَا يَصْدُقُ بِأَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ جَمَلًا، وَإِذَا بَيَّنَهُ بِغَيْرِ مَالِ الزَّكَاةِ فَلَا يَصْدُقُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ نِصَابِ الزَّكَاةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِقْرَارَاتِ الْمَجْهُولَةَ الَّتِي تَقَعُ بِمِثْلِ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ الْعَرَبِيَّةِ تُفَسَّرُ بِصُورَةٍ مُخْتَلِفَةِ الْمِقْدَارِ حَسَبَ مَدْلُولِ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي ابْتَعْت مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا أَوْ بِعْته سَهْمًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرَ مَعْلُومِ الْمِقْدَارِ أَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت دَارَ فُلَانٍ بِشَيْءٍ، أَوْ اسْتَأْجَرْتُهَا أَوْ أَجَرْتُ فُلَانًا شَيْئًا أَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ شَيْئًا فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِكَوْنِ تِلْكَ الْعُقُودِ لَا تَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ، وَلَا يُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى تَسْلِيمِ شَيْءٍ مَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) فَلِذَلِكَ لَا يُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى بَيَانِ مَا بَاعَهُ، أَوْ بَيَانِ بَدَلِ الدَّارِ الَّتِي اشْتَرَاهَا، أَوْ بَدَلِ إيجَارِهَا، أَوْ عَلَى بَيَانِ الشَّيْءِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ