الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَكِنْ إذَا كَانَ تَعْجِيلَ دَعْوَى وَرَدَتْ مُؤَخَّرًا - مِنْ إيجَابِ الْحَالِ
وَالْمَصْلَحَةِ
كَأَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا غَرِيبَ الدِّيَارِ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَشْرُوعَةِ فَيُقَدَّمُ رُؤْيَتُهَا عَلَى غَيْرِهَا مِنْ الدَّعَاوَى. وَيُعَدُّ غَرِيبًا مَنْ كَانَ بَعِيدًا عَنْ أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ أَيْ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ بَعْدَ الْمُرَافَعَةِ أَنْ يَذْهَبَ وَيَنَامَ عِنْدَ أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ.
[
(الْمَادَّةُ 1811) يَجُوزُ اسْتِفْتَاءُ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ]
الْمَادَّةُ (1811) - (يَجُوزُ اسْتِفْتَاءُ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ) . فَلِذَلِكَ إذَا اشْتَبَهَ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةٍ وَلَمْ يَفْهَمْهَا يَسْتَشِيرُ عُلَمَاءَ بَلْدَتِهِ شِفَاهًا أَوْ يَسْتَشِيرُ لَدَى الْإِيجَابِ عُلَمَاءَ بَلْدَةٍ أُخْرَى مُكَاتَبَةً فَإِذَا وَافَقَ رَأْيُ هَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءِ رَأْيَ الْقَاضِي فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِمُوجَبِ ذَلِكَ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي أَيُّ رَأْيٍ وَعِلْمٍ فِي الْمَسْأَلَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ بِقَوْلِ وَفَتْوَى أُولَئِكَ الْعُلَمَاءِ وَإِذَا اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءُ فَيَعْمَلُ الْقَاضِي بِقَوْلِ الْأَفْقَهِ وَالْأَكْثَرِ دِيَانَةً.
وَالْمُفْتِي عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمُجْتَهِدِ وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا فَلَيْسَ بِمُفْتٍ فَذَلِكَ إذَا سُئِلَ وَاسْتُفْتِيَ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَنْ مَسْأَلَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَكَانَ غَيْرَ مُجْتَهِدٍ فَيَجِبُ عَلَى ذَلِكَ الْمُفْتِي أَنْ يُجِيبَ عَلَى الْفَتْوَى بِطَرِيقِ النَّقْلِ مِنْ الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُتَدَاوَلَةِ وَالْمَنْسُوبَةِ إلَى الْمُجْتَهِدِينَ فَلِذَلِكَ فَالْمَفَاتِي الْمُعَيَّنُونَ رَسْمِيًّا مِنْ طَرَفِ الْحُكُومَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ قَدْ اتَّخَذُوا أُصُولًا حِينَ تَحْرِيرِهِمْ الْفَتْوَى أَنْ يُحَرِّرُوا فِي طَرَفِ الْفَتْوَى مَأْخَذَهَا وَالْكِتَابَ الْمَنْقُولَةَ عَنْهُ تِلْكَ الْمَسْأَلَةُ الشَّرْعِيَّةُ نَحْوَ كُتُبِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهَا مِنْ التَّآلِيفِ الْمَشْهُورَةِ لِلْمُجْتَهِدِينَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ عَنْهُمْ أَوْ الْمَشْهُورِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) أَوْصَافُ الْمُفْتِي: أَوَّلًا: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُفْتِي صَالِحًا وَحَسَبَ الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ لَا يُعْمَلُ بِفَتْوَى الْمُفْتِي الْفَاسِقِ وَلَا تَجُوزُ فَتْوَاهُ لِأَنَّ الْفَتْوَى مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَقَوْلُ الْفَاسِقِ فِي الدِّينِ غَيْرُ مَقْبُولٍ حَيْثُ قَدْ ظَهَرَتْ خِيَانَةُ الْفَاسِقِ لِلدِّينِ (الْفَتْحُ) وَإِنَّ عِنَايَةَ الْبَارِي عز وجل فِي تَحْقِيقِ الْوَاقِعَاتِ الشَّرْعِيَّةِ تَحْصُلُ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ تَعَالَى وَبِالتَّمَسُّكِ بِحَبْلِ التَّقْوَى وَقَدْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْكَرِيمِ {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282] إنَّ مَنْ يَعْتَمِدُ عَلَى رَأْيِ مَنْ اتَّخَذَ الْمَعَاصِيَ دَيْدَنًا لَهُ فِي إخْرَاجِ دَقَائِقِ كُنُوزِ الْفِقْهِ يَكُونُ قَدْ اعْتَمَدَ عَلَى مَنْ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ إذْ أَنَّ مَنْ لَا يَسْتَنِيرُ بِنُورِ اللَّهِ لَا نُورَ لَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ثَانِيًا: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُفْتِي مُتَيَقِّظًا وَوَاقِفًا وَعَالِمًا بِحِيَلِ وَدَسَائِسِ النَّاسِ، وَالْأَحْسَنُ لِلْمُفْتِي أَنْ يَجْمَعَ الْمُسْتَفْتِيَ مَعَ خَصْمِهِ وَبَعْدَ الْبَحْثِ مَعَهُمَا يُعْطِي الْفَتْوَى لِمَنْ يَظْهَرُ الْحَقُّ فِي جَانِبِهِ وَأَنْ يَقُولَ فِي فَتْوَاهُ: إذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ كَذَا فَالْحَقُّ لَك وَإِذَا كَانَتْ كَذَا فَالْحَقُّ لِلْخَصْمِ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ يَخْتَارُ الْمُسْتَفْتِي الصُّورَةَ النَّافِعَةَ لَهُ وَلَا يَعْجِزُ عَنْ إثْبَاتِهَا بِالزُّورِ. ثَالِثًا: يَجِبُ عَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ وُكَلَاءِ الدَّعَاوَى الْمُعَانِدِينَ لِلْحَقِّ لِأَنَّهُ لَا يُرْضِي هَؤُلَاءِ إلَّا ثَبَاتُ دَعْوَى مُوَكِّلِيهِمْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَلَهُمْ مَهَارَةٌ فِي الْحِيَلِ وَالتَّزْوِيرِ وَقَلْبِ الْكَلَامِ وَتَصْوِيرِ الْبَاطِلِ فِي صُورَةِ الْحَقِّ فَإِذَا اسْتَحْصَلَ عَلَى فَتْوَى يَصِلُ إلَى غَرَضِهِ الْفَاسِدِ بِالتَّغَلُّبِ عَلَى خَصْمِهِ قَهْرًا وَعَلَيْهِ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُفْتِي إعَانَةُ ذَلِكَ عَلَى الضَّلَالِ فَلِذَلِكَ قِيلَ إنَّ مَنْ يَجْهَلُ أَهْلَ زَمَانِهِ فَهُوَ جَاهِلٌ فَأَحَدُ هَؤُلَاءِ
الْوُكَلَاءِ يَسْأَلُ الْمُفْتِي عَنْ أَمْرٍ شَرْعِيٍّ إلَّا أَنَّ الْمُفْتِيَ الْمُتَيَقِّظَ يَفْهَمُ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ أَنَّ قَصْدَهُ مِنْ ذَلِكَ الْوُصُولُ إلَى غَرَضِهِ الْفَاسِدِ كَمَا شَاهَدْنَا كَثِيرًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَفْلَةَ الْمُفْتِي يَحْصُلُ مِنْهَا ضَرَرٌ عَظِيمٌ فِي هَذَا الزَّمَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَائِل الْقَضَاءِ) .
رَابِعًا: يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُفْتِي أَصَمَّ فَإِذَا كَانَ مَنْصُوبًا مِنْ قِبَلِ الْحُكُومَةِ لِلْإِفْتَاءِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ صَحِيحَ السَّمْعِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِكُلِّ سَائِلٍ أَنْ يُحَرِّرَ سُؤَالَهُ عَلَى وَرَقَةٍ وَأَنْ يُقَدِّمَهَا لِلْمُفْتِي كَمَا أَنَّهُ يَحْضُرُ الطَّرَفَانِ الْمُتَخَاصِمَانِ فِي حُضُورِ الْمُفْتِي وَيَصْدُرُ كَلَامٌ مِنْ أَحَدِهِمَا يُؤَيِّدُ إبْطَالَهُ فَإِذَا كَانَ لَا يَسْمَعُ ذَلِكَ فَيُؤَدِّي فَتْوَاهُ عَلَى الْكَلَامِ الَّذِي سَمِعَهُ فَيَضِيعُ حَقُّ خَصْمِهِ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُفْتِي غَيْرَ مَنْصُوبٍ لِلْفَتْوَى فَلَا ضَرُورَةَ لَأَنْ يَكُونَ صَحِيحَ السَّمْعِ لِأَنَّ فَتْوَاهُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ بَيَانِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَتَكْفِي فِي ذَلِكَ الْإِشَارَةُ فَقَطْ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا كُتِبَ لَهُ وَأَجَابَ عَنْهُ جَازَ الْعَمَلُ بِفَتْوَاهُ. وَمَسْأَلَةُ وُجُوبِ إفْتَاءِ الْمُفْتِي بِأَيِّ قَوْلٍ مِنْ الْأَقْوَالِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ قَدْ وَضَحَتْ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1801) فَلْيُرْجَعْ إلَيْهَا. وَفِي زَمَانِنَا يُوجَدُ فِي دَارِ الْخِلَافَةِ الْعَلِيَّةِ: دَائِرَةٌ لِلْفُتْيَا وَهِيَ مُنْقَسِمَةٌ إلَى دَائِرَتَيْنِ فَإِحْدَاهُمَا غُرْفَةُ الْفَتْوَى وَيَرْأَسُهَا الْمُوَظَّفُ الْمُسَمَّى بِرَئِيسِ الْمُسْوَدِّينَ وَأُخْرَاهُمَا تُسَمَّى غُرْفَةُ الْإِعْلَامَاتِ وَيَرْأَسُهَا مُمَيِّزُ الْإِعْلَامَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَفِي هَاتَيْنِ الْغُرْفَتَيْنِ يَشْتَغِلُ عَدَدٌ مِنْ الذَّوَاتِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ أَصْحَابِ الْيَدِ الطُّولَى فِي الْعُلُومِ الْآلِيَةِ وَالْعَالِيَةِ وَأَكْثَرُهُمْ مِنْ الْمُدَرِّسِينَ لِلْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَجَمِيعُ هَؤُلَاءِ هُمْ تَحْتَ نِظَارَةِ وَإِدَارَةِ الذَّاتِ الْمُسَمَّاةِ بِأَمِينِ الْفَتْوَى. وَيُعْتَنَى فِي الْأَكْثَرِ فِي انْتِخَابِ هَذَا الْحَبْرِ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا فَوْقَ الْعَادَةِ وَفَقِيهًا وَمُتَوَرِّعًا وَفَاضِلًا. وَلَمْ تُشَكَّلْ دَارٌ لِلْفَتْوَى كَهَذِهِ لِلْإِفْتَاءِ قَبْلَ ظُهُورِ الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ فَالشَّرَفُ الْعَظِيمُ بِتَأْسِيسِ هَذِهِ الدَّارِ يَعُودُ إلَى هَذِهِ الدَّوْلَةِ وَقَدْ كَانَ قَبْلَ تَأْسِيسِ دَارِ الْفَتْوَى أَنْ يَسْتَفْتِيَ الْمُسْتَفْتُونَ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَيَعْمَلُوا بِالْفَتَاوِي الَّتِي يَسْتَحْصِلُونَ عَلَيْهَا وَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي يُسْتَفْتَى فِيهَا مِنْ دَارِ الْفَتْوَى يُجَابُ عَلَيْهَا إمَّا شِفَاهًا أَوْ تَحْرِيرًا، وَالْجَوَابُ التَّحْرِيرِيُّ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ، تُعْطَى الْفَتْوَى عَلَى ظَهْرِ وَرَقَةِ السُّؤَالِ عَلَى طَرِيقِ الشَّرْحِ.
وَهَذَا الشَّرْحُ بِخَتْمٍ مُمَيِّزِ الْإِعْلَامَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي هِيَ أَحَدُ شُعَبِ دَارِ الْفَتْوَى التَّابِعَةُ لَهَا. الْقِسْمُ الثَّانِي؛ تُعْطَى صُرَّةُ فَتْوَى شَرِيفَةٍ وَتَحْتَوِي عَلَى تَوْقِيعِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَيُطْلَقُ عَلَيْهَا فَتْوَى. وَالِاسْتِفْتَاءَات الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ مَحَاكِمِ الْآسِتَانَة الشَّرْعِيَّةِ وَمُلْحَقَاتِهَا تَحْصُلُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي وَهُوَ