الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ أَعْطَى الْقَاضِي غَلَّةَ الْوَقْفِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ لِفَقِيرٍ فَلَا يُعَدُّ هَذَا الْفِعْلُ حُكْمًا وَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ غَلَّةَ ذَلِكَ الْوَقْفِ الْأُخْرَى لِفَقِيرٍ آخَرَ الدُّرُّ الْمُخْتَارُ ". مُتَعَلِّقٌ بِحُقُوقِ النَّاسِ، أَمَّا فِي الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ اللَّهِ عز وجل فَلَا يُشْتَرَطُ سَبْقُ الدَّعْوَى فِيهَا كَالطَّلَاقِ حَتَّى لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ لَدَى الْقَاضِي أَنَّ فُلَانًا قَدْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَأَنَّهُ يُعَاشِرُهَا فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا
[
(الْمَادَّةُ 1830) يُشْتَرَطُ حُضُورُ الطَّرَفَيْنِ حِينَ الْحُكْمِ]
الْمَادَّةُ (1830) - (يُشْتَرَطُ حُضُورُ الطَّرَفَيْنِ حِينَ الْحُكْمِ يَعْنِي يَلْزَمُ عِنْدَ النُّطْقِ بِالْحُكْمِ بَعْدَ إجْرَاءِ مُحَاكَمَةِ الطَّرَفَيْنِ مُوَاجَهَةَ حُضُورِهِمَا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَلَكِنْ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ خُصُوصًا وَأَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ غَابَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ فِي غِيَابِهِ بِنَاءً عَلَى إقْرَارِهِ، كَذَلِكَ لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فِي مُوَاجَهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ غَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَوْ تُوُفِّيَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَالْحُكْمِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُزَكِّيَ الْبَيِّنَةَ وَيَحْكُمَ بِهَا) كَمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ حَسَبِ الْمَادَّةِ " 1618 " حُضُورُ الطَّرَفَيْنِ حِينَ الْمُحَاكَمَةِ فَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ حُضُورُهُمَا فِي مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ حِينَ الْحُكْمِ أَوْ حُضُورِ نَائِبِهِمَا يَعْنِي يَلْزَمُ حُضُورُهُمَا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ حِينَ النُّطْقِ بِالْحُكْمِ بَعْدَ إجْرَاءِ الْمُحَاكَمَةِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ مُوَاجَهَةً لِأَنَّهُ لَا يَحْكُمُ لِلْغَائِبِ فِي غِيَابِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ فِي غِيَابِهِ سَوَاءٌ كَانَ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَوْ كَانَ. غَائِبًا عَنْ الْبَلْدَةِ (الْجَوْهَرَةُ) إلَّا أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِينَ الْحُكْمِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ خُصُوصًا وَأَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ غَابَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ فِي غِيَابِهِ بِنَاءً عَلَى إقْرَارِهِ أَيْ يَلْزَمُ الْغَائِبُ الْمُقِرُّ بِإِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي لَا يَكُونُ الْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ قَضَاءً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَلْ يَكُونُ فِي الْحَقِيقَةِ إعَانَةً لِلْمَقْضِيِّ لَهُ الشِّبْلِيُّ. حَيْثُ إنَّ حُجِّيَّةَ الْإِقْرَارِ غَيْرُ مُتَوَقِّفَةٍ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا أَوْ إبْرَاءً، فَعَلَى ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ بِهِ عَيْنًا وَأَقَرَّ الشَّخْصُ الْآخَرُ الْوَاضِعُ الْيَدَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ بِأَنَّهُ مِلْكُ الْمُدَّعِي فَيَأْمُرُ الْقَاضِي الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ لِلْمُدَّعِي، وَإِذَا كَانَ الْمُقِرُّ بِهِ دَيْنًا فَالْمَحْكُومُ لَهُ يَأْخُذُ ذَلِكَ حِينَمَا يَظْفَرُ بِمَالٍ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ مَطْلُوبِهِ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْفَتْحُ ".
كَذَلِكَ إذْ أَبْرَأَ الْمُدَّعِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ دَعْوَاهُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي ثُمَّ تَغَيَّبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلِلْقَاضِي إعْطَاءُ الْإِعْلَامِ بِالْإِبْرَاءِ، وَالْحُكْمُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ حُكْمًا وَجَاهِيًّا فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ وَلَا يُقَامُ دَفْعُ ضِدِّهِ. لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ طَرِيقٌ شَرْعِيٌّ لِرَفْعِ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءِ مَا لَمْ يَدَّعِ بِأَنَّهُ ادَّعَى الْمَبْلَغَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، وَقَدْ بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ " 1817 " بِأَنَّهُ لَا يُسْمَعُ ادِّعَاءُ الْكَذِبِ فِي الْإِقْرَارِ
بَعْدَ صُدُورِ الْحُكْمِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ الِاعْتِرَاضُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْحُكْمِ بِادِّعَاءِ الْكَذِبِ فِي الْإِقْرَارِ، وَلَكِنْ هَلْ يَجُوزُ لَهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْحُكْمِ بِدَعْوَى أَنَّ الْإِقْرَارَ أَوْ الْإِبْرَاءَ كَانَ مُوَاضَعَةً بَيْنَهُمَا؟ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - كَذَلِكَ لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فِي مُوَاجَهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ تَغَيَّبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَوْ تُوُفِّيَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَالْحُكْمِ فَلِلْقَاضِي عَلَى رِوَايَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ، الْحُكْمُ فِي غِيَابِهِ بَعْدَ تَزْكِيَةِ الْبَيِّنَةِ سِرًّا وَعَلَنًا وَتَحَقَّقَ أَنَّ الشُّهُودَ عُدُولٌ مَقْبُولُو الشَّهَادَةِ.
وَيُعَدُّ الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا حُكْمًا عَلَى الْحَاضِرِ. وَالْحُكْمُ غِيَابِيًّا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مَرْوِيَّةً عَنْ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَقَدْ اخْتَارَتْهَا الْمَجَلَّةُ لِأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ أَرْفَقُ بِالنَّاسِ وَقَدْ رُجِّحَتْ مِنْ طَرَفِ الْخَصَّافِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 1801 " وَشَرْحَهَا (الْخَانِيَّةُ والولوالجية) . وَيَلْزَمُ تَبْلِيغُ الْحُكْمِ الَّذِي يَصْدُرُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْحُكْمِ بِأَنْ يَطْعَنَ فِي الشُّهُودِ أَيْ أَنْ يَدْفَعَ الدَّعْوَى.
وَيَكْفِي حُضُورُ نَائِبِ الطَّرَفَيْنِ حِينَ الْحُكْمِ. وَالنُّوَّابُ تِسْعَةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: وَكِيلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ وَكِيلًا لِلْخُصُومَةِ وَالدَّعْوَى كَأَنْ يُوَكِّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكِيلًا لِيُجِيبَ عَلَى الدَّعْوَى الْمُقَامَةِ عَلَيْهِ مِنْ الْمُدَّعِي وَأَنْ يَتَرَافَعَ مَعَهُ وَأَنْ يَتَرَافَعَ فِي مُوَاجَهَةِ هَذَا الْوَكِيلِ وَأَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي فِي الْقَضِيَّةِ أَوْ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا لِأَجْلِ الْقَضَاءِ وَذَلِكَ هُوَ الْوَكِيلُ الَّذِي يُعِينُ لِلْحُكْمِ عَلَيْهِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَى الْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ فَإِذَا غَابَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ تَعْيِينِ وَكِيلٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيُعْطَى الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ فِي مُوَاجَهَةِ هَذَا الْوَكِيلِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: وَصِيُّ الْمَيِّتِ سَوَاءٌ أَكَانَ وَصِيًّا مُخْتَارًا أَوْ وَصِيًّا مَنْصُوبًا لِأَنَّ الْمَيِّتَ غَائِبٌ وَوَصِيُّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ حَقِيقَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَوَلِيُّ الصَّغِيرِ وَوَصِيُّ الْوَصِيِّ هُمَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. فَتَرَى الدَّعْوَى فِي مُوَاجَهَةِ هَؤُلَاءِ فَإِذَا لَزِمَ الْحُكْمُ عَلَيْهِمْ فَيُحْكَمُ عَلَى الْمُوَكِّلِ الْغَائِبِ أَوْ الْمَيِّتِ وَالصَّغِيرِ وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ كَانَ فِي مُوَاجَهَةِ وَكِيلِهِ وَعَلَى الْمَيِّتِ أَوْ الصَّغِيرِ فِي مُوَاجَهَةِ وَصِيِّهِ أَوْ وَلِيِّهِ وَلَا يَصْدُرُ الْحُكْمُ عَلَى الْوَكِيلِ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ الْوَلِيِّ بِالذَّاتِ. النَّوْعُ الثَّالِثُ: مُتَوَلِّي الْوَقْفِ، فَيَحْكُمُ الْقَاضِي فِي الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْوَقْفِ عَلَى الْوَاقِفِ وَقَدْ بَيَّنْت صُورَةَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 928 " وَيَحْكُمُ فِي الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْوَقْفِ عَلَى الْوَقْفِ رَدُّ الْمُحْتَارِ " النَّوْعُ الرَّابِعُ: أَنْ يَنُوبَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ عَنْ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 1648 ". النَّوْعُ الْخَامِسُ: يَكُونُ أَحَدُ شَرِيكَيْ الدَّيْنِ حَتَّى فِي غَيْرِ الْإِرْثِ خَصْمًا عَنْ الْآخَرِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَنَائِبًا وَقَوْلُ الْإِمَامَيْنِ هَذَا هُوَ اسْتِحْسَانِي (الْخَانِيَّةُ) . مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي وَلِفُلَانٍ الْغَائِبِ بِالِاشْتِرَاكِ فِي ذِمَّةِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَالْقَاضِي يَحْكُمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ إلَّا أَنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُ عِنْدَ إجْرَاءِ الْحُكْمِ حِصَّتَهُ الْخَمْسَةَ دَنَانِيرَ فَقَطْ وَأَمَّا الْخَمْسَةُ الْأُخْرَى فَيَأْخُذُهَا الْغَائِبُ عِنْدَ قُدُومِهِ فَإِذَا جَاءَ الْغَائِبُ وَصَدَقَ الْمُدَّعِي الْحَاضِرُ يُجْرِي حُكْمَ مَادَّتَيْ " 1101 و 1105 "(جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .
وَصُورَةُ الدَّيْنِ الْمُبَيَّنَةِ فِي هَذَا النَّوْعِ الْخَامِسِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِلْمُدَّعِي وَلِشَرِيكِهِ الْغَائِبِ. أَمَّا الصُّورَةُ الْأُخْرَى فَتَبَيَّنَ فِي النَّوْعِ السَّادِسِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَلَا يَكُونُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ خَصْمًا عَنْ الْآخَرِ فِي غَيْرِ الْإِرْثِ. وَقَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ قِيَاسِيٌّ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ " 1643 ". وَلِذَلِكَ فَإِذَا ادَّعَى أَحَدٌ الِاسْتِحْقَاقَ فِي عَقَارٍ يَتَصَرَّفُ بِهِ أَرْبَعَةُ أَشْخَاصٍ فِي مُوَاجَهَةِ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُثْبِتَ دَعْوَاهُ أَيْضًا فِي مُوَاجَهَةِ الِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ. إذَا لَمْ يَكُنْ الِاشْتِرَاكُ غَيْرَ حَاصِلٍ مِنْ الْإِرْثِ وَلَمْ يَكُنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمَا الِاثْنَانِ هُمَا الْوَاضِعِي الْيَدَ فَقَطْ (فَتَاوَى ابْنِ السُّعُودِ فِي الشَّهَادَةِ) . وَيَحْكُمُ الْقَاضِي فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ آنِفًا بِالْخَمْسَةِ دَنَانِيرَ حِصَّةَ الْمُدَّعِي فَقَطْ وَلَا يَحْكُمُ بِمَجْمُوعِ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَعِنْدَ قُدُومِ الْغَائِبِ يَكُونُ مُخَيَّرًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1101 و 1105) .
النَّوْعُ السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْمَدِينِينَ نَائِبًا عَنْ الْمَدِينِ الْآخَرِ تُجَاهَ الدَّائِنِ؛ مَثَلًا لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَدَعَا عَمْرٌو إلَى الْمُحَاكَمَةِ فِي غِيَابِ زَيْدٍ وَأَثْبَتَ الدَّائِنُ أَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الِاثْنَيْنِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَيَحْكُمُ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو بِأَدَاءِ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ عَلَى رِوَايَةٍ مِنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَقَدْ قَالَ بِهَا الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ أَيْضًا: إنَّهُ يَحْكُمُ بِحِصَّةِ عَمْرٍو فَقَطْ وَلَا يَسْرِي الْحُكْمُ عَلَى زَيْدٍ الْغَائِبِ. النَّوْعُ السَّابِعُ: الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي فِي يَدِهِ مَالُ الْمَيِّتِ عَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، مَثَلًا لَوْ وَهَبَ الْمَيِّتُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ جَمِيعِ مَالِهِ لِشَخْصٍ وَسَلَّمَهُ لَهُ أَوْ أَوْصَى بِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَدَعْوَى الدَّيْنِ عَلَى الْمُتَوَفَّى تُسْمَعُ مُوَاجَهَةَ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْأَجْنَبِيِّ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ الْمُوصَى لَهُ وَبِذَلِكَ يَكُونُ الْأَجْنَبِيُّ نَائِبًا عَنْ الْمُتَوَفَّى وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ خَصْمًا فِي تِلْكَ الدَّعْوَى وَالْقَاضِي يُعَيِّنُ خَصْمًا أَيْ وَصِيًّا عَنْ الْمَيِّتِ وَيَسْتَمِعُ بَيِّنَةَ مُدَّعِي الدَّيْنِ. النَّوْعُ الثَّامِنُ: يَكُونُ بَعْضُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ خَصْمًا عَنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ إذَا كَانَ الْوَقْفُ ثَابِتًا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا وَأُرِيدَ إثْبَاتُ الْوَقْفِيَّةِ فَلَا يَكُونُ خَصْمًا رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ ".
مَثَلًا إذَا كَانَ وَقْفٌ مَوْقُوفًا عَلَى أَخَوَيْنِ فَتُوُفِّيَ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمَا فَبَقِيَ الْوَقْفُ تَحْتَ يَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْحَيِّ مَعَ أَوْلَادِ الْمُتَوَفَّى فَأَقَامَ الْأَخُ الْحَيُّ عَلَى أَحَدِ أَوْلَادِ أَخِيهِ الْمُتَوَفَّى بِأَنَّ الْوَقْفَ مَشْرُوطٌ لِلْأَوْلَادِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَتُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ وَلَوْ كَانَ بَاقِي أَوْلَادِ الْأَخِ غَائِبِينَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْوَاحِدُ يُعَدُّ خَصْمًا عَنْ الْآخَرِينَ وَنَائِبًا عَنْهُمْ. النَّوْعُ التَّاسِعُ: النَّائِبُ حُكْمًا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمُدَّعِي بِهِ عَلَى الْغَائِبِ سَبَبًا فِي كُلِّ
الْأَحْوَالِ لِلشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْحَاضِرِ وَقَوْلُ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ هُوَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الَّذِي يَكُونُ سَبَبًا فِي حَالٍ وَغَيْرَ سَبَبٍ فِي حَالٍ آخَرَ كَمَا سَيُبَيَّنُ قَرِيبًا وَكَذَلِكَ قَدْ اُحْتُرِزَ بِقَوْلِ (سَبَبٍ) مِنْ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا كَمَا سَيُوَضِّحُ ذَلِكَ قَرِيبًا. مِثْلَ أَنَّهُ قَدْ اُحْتُرِزَ فِي هَذَا النَّوْعِ التَّاسِعِ (مِنْ الَّذِي يَكُونُ سَبَبًا فِي حَالٍ وَغَيْرِ سَبَبٍ فِي حَالٍ آخَرَ) لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُقْبَلُ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ فَقَطْ وَلَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ؛ مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى امْرَأَةٍ قَائِلًا: (إنَّ زَوْجَك فُلَانًا قَدْ وَكَّلَنِي بِالذَّهَابِ بِك إلَيْهِ وَسَأَذْهَبُ بِك وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ وَأَثْبَتَتْ مُدَّعَاهَا) فَتُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ الْحَاضِرِ لِقِصَرِ يَدِهِ عَنْ الزَّوْجَةِ وَلَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ وَلَا يَثْبُتُ الطَّلَاقُ بِذَلِكَ. كَذَلِكَ إذَا كَانَ سَبَبًا لِلْبَقَاءِ وَقْتَ الدَّعْوَى فَقَطْ فَلَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا. مَثَلًا؛ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَهُ بَيْعًا فَاسِدًا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى الْمُشْتَرِي بِطَلَبِ فَسْخِ الْبَيْعِ بِنَاءً عَلَى فَسَادِهِ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ بَاعَ الْمَبِيعَ إلَى فُلَانٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْبَائِعِ حَقُّ فَسْخِ الْبَيْعِ حَسَبَ الْمَادَّةِ " 372 " فَلَا يُقْبَلُ ادِّعَاءُ الْمُشْتَرِي هَذَا فِي دَفْعِ دَعْوَى الْبَائِعِ الْحَاضِرِ الْمُحَاكَمَةَ فِي طَلَبِ فَسْخِ الْبَيْعِ كَمَا أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ شِرَاءِ الْغَائِبِ لِأَنَّ نَفْسَ الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا لِبُطْلَانِ حَقِّ الْفَسْخِ إذْ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ قَدْ أُقِيلَ الْبَيْعُ بَعْدَ الْبَيْعِ لِلْغَائِبِ حَتَّى أَنَّ الشُّهُودَ لَوْ شَهِدُوا عَلَى بَقَاءِ الْبَيْعِ لِحِينِ الدَّعْوَى فَلَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ مَادَامَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَصْمًا لِإِثْبَاتِ نَفْسِ الْبَيْعِ فَلَا يَكُونُ خَصْمًا لِإِثْبَاتِ بَقَائِهِ لِأَنَّ الْبَقَاءَ تَابِعٌ لِلِابْتِدَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
قَدْ ذَكَرَ عِنْدَ إيضَاحِ الْفَرْعِ التَّاسِعِ أَنَّهُ احْتَرَزَ بِقَيْدِ سَبَبٍ مِنْ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّيْءُ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ شَرْطًا لِلشَّيْءِ الَّذِي ادَّعَاهُ عَلَى الْحَاضِرِ فَيُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَ الْغَائِبُ يَتَضَرَّرُ بِالشَّرْطِ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي لَا عَلَى الْحَاضِرِ وَلَا عَلَى الْغَائِبِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى زَوْجِهَا قَائِلَةً: قَدْ عَلَّقْت طَلَاقِي عَلَى تَطْلِيقِ فُلَانٍ الْغَائِبِ لِزَوْجَتِهِ وَأَرَادَتْ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى تَطْلِيقِ الْغَائِبِ لِزَوْجَتِهِ فَلَا تُقْبَلُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَتَضَرَّرْ الْغَائِبُ بِالشَّرْطِ فَيُقْبَلُ مَثَلًا لَوْ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى زَوْجِهَا قَائِلَةً: قَدْ عَلَّقْت
طَلَاقِي عَلَى دُخُولِ فُلَانٍ الْغَائِبِ فِي بَيْتِهِ وَقَدْ دَخَلَ الْغَائِبُ الْمَذْكُورُ فِي بَيْتِهِ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتُقْبَلُ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ قَالَ فِي الشَّرْطِ أَيْضًا تُقْبَلُ مُطْلَقًا كَمَا فِي النَّسَبِ مِنْهُمْ عَلِيُّ الْبَزْدَوِيُّ لِأَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي كَمَا تَتَوَقَّفُ عَلَى السَّبَبِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الشَّرْطِ أَيْضًا الزَّيْلَعِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ ".
وَهَذَا النَّوْعُ التَّاسِعُ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْمُدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ شَيْئًا وَاحِدًا وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّهَا مِلْكِي وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْخَارِجُ الَّذِي يَدَّعِي مِلْكِيَّةَ الدَّارَ بَيِّنَةً تُثْبِتُ أَنَّهُ اشْتَرَى الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ مَالِكِهَا فُلَانٍ الْغَائِبِ فَيَحْكُمُ بِمُوجِبِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْغَائِبُ مَعًا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ الْبَيْعَ فَلَا يُعْتَبَرُ لِأَنَّ الِاشْتِرَاءَ مِنْ الْمَالِكِ " وَهُوَ الْأَمْرُ الْمُدَّعَى بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ " هُوَ سَبَبٌ لِلْمِلْكِيَّةِ بِلَا شَكٍّ وَقَدْ اُدُّعِيَتْ الْمِلْكِيَّةُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَاضِرِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ وَالْعِنَايَةُ.) قَدْ ذَكَرَ فِي تَصْوِيرِ الدَّعْوَى عِبَارَةَ، مِنْ مَالِكِهَا، لِأَنَّ مُجَرَّدَ الشِّرَاءِ لَا يُثْبِتُ الْمِلْكِيَّةَ لِلْمُشْتَرِي إذْ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ بَائِعُ الْمَبِيعِ غَيْرَ مَالِكٍ بِأَنْ يَكُونَ فُضُولِيًّا فِي بَيْعِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَتْ مِلْكًا لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَقَدْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَإِنَّنِي شَفِيعٌ بِهَا وَأَطْلُبُهَا بِالشُّفْعَةِ وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّ تِلْكَ الدَّارَ مِلْكُهُ أَصْلًا وَإِنَّهُ لَمْ يَشْتَرِهَا مِنْ أَحَدٍ فَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً تُثْبِتُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ اشْتَرَى الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ الْغَائِبِ الْمَذْكُورِ فَيَحْكُمُ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْغَائِبُ مَعًا لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى وَهُوَ الدَّارُ كَمَا أَنَّ الشِّرَاءَ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْغَائِبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ سَبَبٌ لِثُبُوتِ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْحَاضِرِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ الْمَالِكِ هُوَ سَبَبٌ لَا مَحَالَةَ لِمِلْكِيَّةِ الْمُشْتَرِي الزَّيْلَعِيّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ الْغَائِبِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ وَأَنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ كَفِيلٌ عَلَى ذَلِكَ بِأَمْرِهِ وَأَثْبَتَ الدَّيْنَ وَالْكَفَالَةَ فَيَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ مَعًا لِأَنَّهَا كَالْمُعَاوَضَةِ لَوْ لَمْ يَقُلْ بِأَمْرِهِ لَا يَقْضِ عَلَى الْغَائِبِ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ فُلَانٍ الْغَائِبِ قَدْ كَفَلَا الدَّيْنَ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الْمَطْلُوبَةَ لِي مِنْ ذِمَّةِ فُلَانٍ كَمَا أَنَّهُمَا قَدْ كَفَلَا بَعْضَهُمَا بِالْمَالِ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ وَحَكَمَ الْقَاضِي فَيَكُونُ هَذَا الْحُكْمُ حُكْمًا عَلَى الْكَفِيلِ الْغَائِبِ وَعَلَى الْمَدِينِ الْغَائِبِ أَيْضًا الْخَانِيَّةُ ". الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ فِي مُوَاجَهَةِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ كَفَلَ جَمِيعَ الدَّيْنِ الَّذِي يَثْبُتُ لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ وَأَنَّ فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ الْمَكْفُولِ الْمَذْكُورِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ قَبْلَ الْكَفَالَةِ وَهِيَ
فِي ذِمَّتِهِ لِلْآنِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَيَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى الْكَفِيلِ الْحَاضِرِ وَعَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ الْغَائِبِ وَلَا يَلْزَمُ تَجْدِيدُ الدَّعْوَى وَإِثْبَاتُهَا ثَانِيَةً عِنْدَ حُضُورِ الْغَائِبِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى أَنْ يَذْكُرَ أَنَّ هَذَا الْكَفِيلَ قَدْ كَفَلَ بِأَمْرِ الْغَائِبِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى دَعْوَى الْكَفَالَةِ بِأَمْرِهِ بِخِلَافِ الْأُولَى لِأَنَّ الْكَفَالَةَ الْمُطْلَقَةَ لَا تُوجِبُ الْمَالَ عَلَى الْكَفِيلِ مَا لَمْ تُوجِبْهُ عَلَى الْأَصِيلِ فَصَارَ كَأَنَّهُ عَلَّقَ الْكَفَالَةَ بِوُجُوبِ الْمَالِ عَلَى الْأَصِيلِ فَانْتَصَبَ عَنْ الْغَائِبِ خَصْمًا رَدُّ الْمُحْتَارِ ".
وَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ بَاعَ مِنْ رَجُلَيْنِ مَتَاعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهُ عَلَى الْحَاضِرِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَأْخُذَهُ إلَّا بِخَمْسِمِائَةِ وَهِيَ الْأَصْلِيَّةُ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْكَفِيلِ بِأَلْفٍ قَضَاءً عَلَى الْأَصِيلِ أَمَّا الْقَضَاءُ عَلَى الْأَصِيلِ لَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْكَفِيلِ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا الْقَضَاءُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي النِّصْفِ الَّذِي كَانَ كَفِيلًا كَانَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ أَمَّا الْقَضَاءُ عَلَيْهِ فِيمَا كَانَ أَصِيلًا لَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: مَهْمَا بِعْت لِفُلَانٍ فَهُوَ عَلَيَّ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ قَائِلًا: قَدْ بِعْت الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ فَرَسِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَدِّهَا لِي حَسَبَ كَفَالَتِك وَأَثْبَتَ الْبَيْعَ فَيَحْكُمُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ وَيَحْكُمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ رَدُّ الْمُحْتَارِ ". الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَكْفِلْنِي عَلَى الْمَبْلَغِ الَّذِي سَيُقْرِضُنِي إيَّاهُ هَذَا الرَّجُلُ فَكَفَلَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ ادَّعَى الْكَفِيلُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ قَائِلًا: إنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ قَدْ أَقْرَضَك عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَسَلَّمَهَا لَك وَقَدْ أَدَّيْتهَا لِلدَّائِنِ بِكَفَالَتِي عَنْك فَأَدِّهَا لِي وَأَثْبِتْ الْإِقْرَاضَ وَالْإِيفَاءَ فَيَحْكُمُ بِالْإِقْرَاضِ وَتَأْدِيَةِ الْكَفِيلِ وَيَأْخُذُ الْكَفِيلُ مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ رَدُّ الْمُحْتَارِ ".
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - إذَا أَثْبَتَ الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ أَيْضًا الدَّيْنَ فِي مُوَاجَهَةِ الْأَصِيلِ فَيَحْكُمُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِأَدَاءِ الْمَكْفُولِ بِهِ لِلْمُدَّعِي كَمَا أَنَّهُ يَكُونُ قَدْ حَكَمَ عَلَى الدَّائِنِ الْغَائِبِ بِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَطْلُوبَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُحَالُ لَهُ أَنَّ لَهُ دَيْنًا عِنْدَ فُلَانٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَنَّهُ أَحَالَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَأَنَّ ثَلَاثَتَهُمْ قَدْ قَبِلُوا الْحَوَالَةَ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَتَثْبُتُ مَشْغُولِيَّةُ ذِمَّةِ الْغَائِبِ بِالدَّيْنِ كَمَا أَنَّهُ يَحْكُمُ عَلَى الْمَذْكُورِ بِإِيفَاءِ الْمُحَالِ بِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: كَانَ لِفُلَانٍ فِي ذِمَّتِك عَشْرَةُ دَنَانِيرَ وَقَدْ حَوَّلْت ذَلِكَ الرَّجُلَ عَلَيَّ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَبَعْدَ أَنْ قَبِلْت الْحَوَالَةَ بِأَمْرِك قَدْ أَوْفَيْت الْمُحَالَ بِهِ لَهُ وَإِنَّنِي أَرْجِعُ عَلَيْك وَأُثْبِتُ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ فَكَمَا أَنَّهُ يُثْبِتُ قَبْضَ الْغَائِبِ يَلْزَمُ أَيْضًا الْحُكْمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَدَاءِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ.
وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ قَبِلْت الْبَيِّنَةَ عَلَى الْغَائِبِ وَثَبَتَ الْحَقُّ عَلَى الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ مَعًا وَيَجِبُ عَلَى الْغَائِبِ عِنْدَ قُدُومِهِ أَنْ يُؤَدِّيَ الْحَقَّ الثَّابِتَ عَلَيْهِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْمُدَّعِي مُلْزَمًا لِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ