الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْحُكْمِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ] [
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْحُكْمِ] [
(الْمَادَّةُ 1829) يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمِ سَبْقُ الدَّعْوَى]
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْحُكْمِ
يُذْكَرُ فِي هَذَا الْفَصْلِ شَرْطَانِ، أَوَّلُهُمَا سَبْقُ الدَّعْوَى، الثَّانِي، حُضُورُ الطَّرَفَيْنِ حِينَ الْحُكْمِ.
الْمَادَّةُ (1829) - (يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمِ سَبْقُ الدَّعْوَى، وَهُوَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي حُكْمِ الْقَاضِي فِي خُصُوصٍ مُتَعَلِّقٍ بِحُقُوقِ النَّاسِ ادِّعَاءَ أَحَدٍ عَلَى الْآخَرِ فِي ذَلِكَ الْخُصُوصِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ الْوَاقِعُ مِنْ دُونِ سَبْقِ دَعْوَى) يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمِ الصَّرِيحِ الْقَوْلِ سَبْقُ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ أَيْ يَلْزَمُ فِي الْحُكْمِ وُجُودُ الْخُصُومَةِ الشَّرْعِيَّةِ. لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْلَمُ حُقُوقَ النَّاسِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُجْبِرُ النَّاسَ عَلَى اسْتِيفَاءِ حُقُوقِهِمْ (الزَّيْلَعِيّ فِي بَابِ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ) وَلِلنَّاسِ أَنْ يُطَالِبُوا بِحُقُوقِهِمْ أَوْ أَنْ يَتْرُكُوهَا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي حَقُّ التَّدَاخُلِ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْخُصُومَةُ الشَّرْعِيَّةُ مَوْجُودَةً فِي الظَّاهِرِ وَفِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَيْضًا فَالدَّعْوَى وَالْحُكْمُ صَحِيحَانِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْخُصُومَةُ مَوْجُودَةً فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ وَغَيْرَ مَوْجُودَةٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الْحُكْمِ الْمَبْنِيِّ عَلَى ذَلِكَ. فَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَا يَجُوزُ هَذَا الْحُكْمُ وَعَلَيْهِ لَوْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا تُوجَدُ خُصُومَةٌ حَقِيقِيَّةٌ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ وَأَنَّ الدَّعْوَى الَّتِي أَقَامَاهَا بَعْضُهُمَا عَلَى الْبَعْضِ ظَاهِرًا هِيَ وَسِيلَةٌ لِلِاسْتِحْصَالِ عَلَى حُكْمٍ بِطَرِيقِ الِاحْتِيَالِ فَلَا يَسْتَمِعُ الدَّعْوَى فَإِذَا اسْتَمَعَهَا الْقَاضِي مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ فَلَا يُعْتَبَرُ الْحُكْمُ الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَى تِلْكَ الدَّعْوَى، أَمَّا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِدُونِ عِلْمٍ بِذَلِكَ فَهُوَ مَعْذُورٌ وَيَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَهَذَا الْحُكْمُ جَائِزٌ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرُ بِطَلَبِ جَمِيعِ حُقُوقِهِ الَّتِي فِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَالِادِّعَاءِ بِهَا وَكَانَ مُوَكَّلُهُ غَائِبًا وَأَرَادَ إثْبَاتَ وَكَالَتِهِ فَادَّعَى الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَنَّ لِمُوَكِّلِهِ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا (حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ إثْبَاتُ وَكَالَتِهِ رَأْسًا مَا لَمْ يَدَّعِ بِمِثْلِ هَذِهِ الدَّعْوَى) وَادَّعَى فِي دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ صَاحِبِ الْحَقِّ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِصَاحِبِ الْحَقِّ إلَّا أَنَّهُ أَنْكَرَ وَكَالَةَ الْوَكِيلِ فَلِلْوَكِيلِ إثْبَاتُ وَكَالَتِهِ وَيَحْكُمُ بِمُوجِبِهَا الْحَمَوِيُّ. كَمَا أَنَّهُ يَحْصُلُ إثْبَاتُ هِلَالِ رَمَضَانَ وَالْعِيدَيْنِ فِي زَمَانِنَا هَذَا ضِمْنَ دَعْوَى كَهَذِهِ.
وَيُشْتَرَطُ فِي حُكْمِ الْقَاضِي بِخُصُوصِ مُتَعَلِّقٍ بِحُقُوقِ النَّاسِ ادِّعَاءُ أَحَدٍ عَلَى الْآخَرِ فِي ذَلِكَ الْخُصُوصِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ مِنْ دُونِ سَبْقِ دَعْوَى. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ فِي الْخُصُوصِ الْفُلَانِيِّ وَأَرَادَ إثْبَاتَ أَمْرٍ بِدُونِ وُجُودِ خَصْمٍ يَدَّعِي ذَلِكَ الْحَقَّ فَلَا يُقْبَلُ الْحَمَوِيُّ.
إيضَاحَاتٌ: الْحُكْمُ الصَّرِيحُ، أَمَّا فِي الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ الضِّمْنِيِّ فَلَا يُشْتَرَطُ سَبْقُ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ وَذَلِكَ: أَوَّلًا: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْخَصْمِ الْغَائِبِ فِي حَقٍّ وَذَكَرُوا اسْمَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَاسْمَ أَبِيهِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ الْحَقِّ فَيَكُونُ قَدْ حَكَمَ ضِمْنًا بِالنَّسَبِ مَعَ أَنَّهُ لَا تُوجَدُ دَعْوَى بِالنَّسَبِ اُنْظُرْ مَادَّةَ (54) الْحَمَوِيُّ ثَانِيًا: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ فُلَانَةَ زَوْجَةُ فُلَانٍ قَدْ وَكَّلَتْ زَوْجَهَا فِي الْأَمْرِ الْفُلَانِيِّ فِي الدَّعْوَى الْمُقَامَةِ عَلَى الْخَصْمِ الْمُنْكِرِ وَحَكَمَ بِالتَّوْكِيلِ فَيَكُونُ قَدْ حَكَمَ ضِمْنًا بِالزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا. ثَالِثًا: لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي الْخُصُومَةِ عَنْهُ فِي الدَّعْوَى الْمُتَكَوِّنَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْوَكَالَةُ الْمَذْكُورَةُ مُعَلَّقَةً عَلَى دُخُولِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَادَّعَى الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ لِمُوَكِّلِهِ حَقًّا بِنَاءً عَلَى الْوَكَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوَكَالَةِ إلَّا أَنَّهُ أَنْكَرَ دُخُولَ رَمَضَانَ فَأَقَامَ الْوَكِيلُ شُهُودًا عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ فَيَثْبُتُ هِلَالُ رَمَضَانَ ضِمْنَ ثُبُوتِ الْوَكَالَةِ الْحَمَوِيُّ. رَابِعًا: إذَا قَامَ أَحَدٌ دَعْوَى عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّك قَدْ كَفَلْت الدَّيْنَ الَّذِي يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ بِأَمْرِهِ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْكَفَالَةِ بِالْأَمْرِ إلَّا أَنَّهُ أَنْكَرَ الدَّيْنَ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي الدَّيْنَ وَحَكَمَ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَكُونُ هَذَا الْحُكْمُ حُكْمًا عَلَى الْكَفِيلِ قَصْدًا وَعَلَى الْأَصِيلِ الْغَائِبِ ضِمْنًا حَالَ كَوْنِهِ لَمْ تَسْبِقْ دَعْوَى عَلَى الْأَصِيلِ الْغَائِبِ وَقَدْ بِأَمْرِهِ الْوَارِدِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ وَلَكِنْ لَهُ تَأْثِيرٌ وَدَخَلَ فِي رُجُوعِ الْكَفِيلِ عَلَى الْأَصِيلِ الْحَمَوِيُّ الْحُكْمُ الْقَوْلِيُّ، أَمَّا الْحُكْمُ الْفِعْلِيُّ فَلَا يَحْتَاجُ لِلدَّعْوَى وَذَلِكَ إذَا كَانَ فِعْلُ الْقَاضِي مَحَلَّ الْحُكْمِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ سَبْقُ الدَّعْوَى. مَثَلًا لَوْ زَوَّجَ الْقَاضِي الصَّغِيرَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ وَلِيٌّ أَوْ بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ أَوْ قَسَمَ عَقَارَهُ أَوْ اشْتَرَى مَالًا لِلْيَتِيمِ فَهُوَ حُكْمٌ فِعْلِيٌّ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ الْفِعْلِيَّةِ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةُ حَتَّى لَوْ عَرَضَ الْأَمْرُ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَرَى عَدَمَ صَلَاحِيَّةِ الْقَاضِي لِتَزْوِيجِ الصَّغِيرِ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الْقَاضِي أَنْ يَنْقُضَ حُكْمَ الْقَاضِي بِتَزْوِيجِ الصَّغِيرِ كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 1838 "(رَدُّ الْمُحْتَارِ) مُسْتَثْنًى - إنَّ فِعْلَ الْقَاضِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ لَيْسَ بِحُكْمٍ.
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا أَذِنَ وَلِيُّ الصَّغِيرَةِ الْقَاضِيَ بِتَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ فَزَوَّجَهَا الْقَاضِي فَلَا يَكُونُ فِعْلُ الْقَاضِي حُكْمًا بَلْ يَكُونُ وَكَالَةً عَنْ الْوَلِيِّ.