الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَلْزَمُنِي الْيَمِينُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ فَادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شِرَاءً وَأَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ عَلَى الْبَتَاتِ وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ وَلَمْ تُوجَدْ بَيِّنَةٌ مَعَ أَحَدِهِمَا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُدَّعِي عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِدُخُولِ الْمَالِ إرْثًا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْبَتَاتِ، وَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ. الدُّرَرُ فِي الدَّعْوَى وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - لَوْ سَلَّمَ أَحَدٌ آخَرَ فَرَسًا بِطَرِيقِ الْوَدِيعَةِ فَاسْتَعْمَلَ الْمُسْتَوْدَعُ الْفَرَسَ بِلَا إذْنٍ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ وَادَّعَى الْمُودَعُ بِأَنَّ الْفَرَسَ تَلِفَتْ فِي حَالٍ الِاسْتِعْمَالِ وَطَلَبَ تَضْمِينَهَا فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْفَرَسَ تَلِفَتْ بَعْدَ تَرْكِ الِاسْتِعْمَالِ وَالتَّعَدِّي وَعَوْدَتِهِ إلَى الْوِفَاقِ فَالْقَوْلُ لِلْمُودِعِ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْهَلَاكِ بَعْدَ تَرْكِ الِاسْتِعْمَالِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَوْ أَمَرَ إنْسَانٌ آخَرَ قَائِلًا: أَنْفِقْ عَلَى أَهْلِي وَأَوْلَادِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَا أُؤَدِّيهَا لَك ثُمَّ ادَّعَى الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ قَائِلًا: قَدْ أَنْفَقْت الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ فَأَدِّ لِي الْأَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنْكَرَ الْآمِرُ الْإِنْفَاقَ فَعِنْدَ لُزُومِ تَحْلِيفِ الْيَمِينِ يَحْلِفُ الْآخَرُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمَأْمُورَ أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا (الْبَزَّازِيَّةُ قُبَيْلَ آدَابِ الْقَاضِي) .
مَسْأَلَةٌ - إذَا حَلَفَ الْيَمِينَ عَلَى الْبَتَاتِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا التَّحْلِيفُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ تَكُونُ الْيَمِينُ مُعْتَبَرَةً، وَتَسْقُطُ الْيَمِينُ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَمَّا إذَا حَلَفَ الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا التَّحْلِيفُ عَلَى الْبَتَاتِ فَلَا تَكُونُ الْيَمِينُ مُعْتَبَرَةً حَتَّى أَنَّهُ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ، وَلَا تَسْقُطُ الْيَمِينُ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَتَاتَ أَقْوَى، وَالْيَمِينَ عَلَيْهِ آكَدُ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَمَّا الْعَكْسُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ (الدُّرَرُ وَالْوَاقِعَاتُ) .
[
(الْمَادَّةُ 1749) يَكُونُ الْيَمِينُ إمَّا عَلَى السَّبَبِ أَوْ عَلَى الْحَاصِلِ]
الْمَادَّةُ (1749) - (يَكُونُ الْيَمِينُ إمَّا عَلَى السَّبَبِ أَوْ عَلَى الْحَاصِلِ، وَهُوَ أَنَّ الْيَمِينَ بِوُقُوعِ خُصُوصٍ أَوْ عَدَمِ وُقُوعِهِ يَمِينٌ عَلَى السَّبَبِ أَمَّا الْيَمِينُ عَلَى بَقَاءِ خُصُوصٍ إلَى الْآنَ أَوْ عَدَمِ بَقَائِهِ فَيَمِينٌ عَلَى الْحَاصِلِ. مَثَلًا الْيَمِينُ، فِي دَعْوَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِعَدَمِ وُقُوعِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَصْلًا هِيَ يَمِينٌ عَلَى السَّبَبِ أَمَّا الْيَمِينُ بِبَقَاءِ الْعَقْدِ إلَى الْآنَ أَوْ بِعَدَمِ بَقَائِهِ فَهِيَ يَمِينٌ عَلَى الْحَاصِلِ) .
يَكُونُ الْيَمِينُ إمَّا عَلَى السَّبَبِ أَوْ عَلَى الْحَاصِلِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ عَلَى النَّفْيِ أَبَدًا، وَهُوَ أَنَّ الْيَمِينَ بِوُقُوعِ خُصُوصٍ أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ عَلَى السَّبَبِ، وَالْيَمِينُ عَلَى بَقَاءِ خُصُوصٍ إلَى الْآنَ أَوْ عَدَمِ بَقَائِهِ يَمِينٌ عَلَى الْحَاصِلِ. مَثَلًا الْيَمِينُ فِي دَعْوَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِعَدَمِ وُقُوعِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَصْلًا هِيَ يَمِينٌ عَلَى السَّبَبِ أَمَّا الْيَمِينُ بِبَقَاءِ عَقْدِ الْبَيْعِ إلَى الْآنَ أَوْ بِعَدَمِ بَقَائِهِ فَهِيَ يَمِينٌ عَلَى الْحَاصِلِ.
فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ فِي حَقِّ تَوْجِيهِ الْيَمِينِ عَلَى السَّبَبِ أَوْ عَلَى الْحَاصِلِ فَعَلَى قَوْلٍ يَجِبُ تَحْلِيفُ الْيَمِينِ عَلَى الْحَاصِلِ، وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ يَجِبُ تَحْلِيفُ الْيَمِينِ عَلَى السَّبَبِ وَعَلَى قَوْلٍ ثَالِثٍ أَنَّهُ مُفَوَّضٌ لِرَأْيِ الْقَاضِي أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الرَّابِعِ فَيَنْظُرُ الْقَاضِي إلَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ مُنْكِرًا الْحَاصِلَ فَيُحَلِّفُهُ عَلَى الْحَاصِلِ، وَإِذَا كَانَ مُنْكِرًا السَّبَبَ فَيُحَلِّفُهُ عَلَى السَّبَبِ وَقَدْ رَجَّحَ هَذَا الرَّأْيَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ كَقَاضِي خَانْ وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كُلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَلِفِ الْيَمِينِ خِلَافًا لِإِنْكَارِهِ يَتَضَرَّرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذْ إنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقْرَضْتُك كَذَا دِرْهَمًا فَأَدِّ لِي ذَلِكَ بِبَيَانِهِ السَّبَبَ وَالْجِهَةَ، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاصِلَ بِقَوْلِهِ لَمْ أَكُنْ مَدِينًا لَك وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ إثْبَاتِ الْإِقْرَاضِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَدِينًا لَهُ بِكَذَا دِرْهَمًا أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِقْرَاضِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ اقْتَرَضَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ أَوْفَاهُ لِلْمُدَّعِي أَوْ أَبْرَأَهُ الْمُدَّعِي مِنْ الدَّيْنِ، وَلَمْ يَبْقَ مَدِينًا لَهُ.
فَإِذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّنِي اقْتَرَضْت ثُمَّ أَوْفَيْت فَلَا يَسْتَطِيعُ الْإِثْبَاتَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ شُهُودٌ وَأَسْبَابُ ثُبُوتٍ ثُمَّ إنَّ خَصْمَهُ يَحْلِفُ الْيَمِينَ فَيُحْكَمُ بِالدَّيْنِ كَمَا أَنَّهُ إذَا حَلَفَ الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ الِاقْتِرَاضِ يَكُونُ حَانِثًا فِي يَمِينِهِ فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى آخَرَ قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْمَالَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاصِلَ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لَيْسَ لَك فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الْحَاصِلِ، وَلَا يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ أَيْ عَلَى عَدَمِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى السَّبَبِ يُصِيبُهُ ضَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَاعَ ثُمَّ أُقِيلَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا.
فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى عَدَمِ الْبَيْعِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْت ثُمَّ أَقَلْنَا الْبَيْعَ يَكُونُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ الْإِقَالَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ إثْبَاتٌ وَحَلَفَ خَصْمُهُ الْيَمِينَ يَضِيعُ حَقُّهُ حَتَّى أَنَّهُ لِلْخَصْمِ فِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا كَلَّفَهُ الْقَاضِي حَلَفَ الْيَمِينَ عَلَى السَّبَبِ أَنْ يَعْرِضَ لِلْقَاضِي قَائِلًا لَهُ: تُحَمِّلُنِي حَلِفَ الْيَمِينِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إنَّ الرَّجُلَ يَبِيعُ مَالًا ثُمَّ يَقْبَلُ الْبَيْعَ فِيهِ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ طَرِيقًا مِنْ عَرْصَةِ آخَرَ مُبَيِّنًا طُولَهَا وَعَرْضَهَا وَمَوْضِعَهَا فَإِذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي (وَاَللَّهِ إنَّ هَذَا الْحَقَّ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْمُدَّعِي غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْعَرْصَةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِي) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ لَهُ حَقَّ مَسِيلٍ فِي عَرْصَةِ آخَرَ أَوْ حَقَّ مُرُورِ مَاءِ الْأَمْطَارِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ (وَاَللَّهِ الْعَظِيمِ إنَّ الْحَقَّ الَّذِي يَدَّعِيهِ هَذَا الْمُدَّعِي غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْعَرْصَةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِي) . وَفِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ كَانَ الِادِّعَاءُ بِالْحَاصِلِ كَمَا أَنَّ الْإِنْكَارَ وَاقِعٌ عَلَى الْحَاصِلِ فَيَحْلِفُ الْيَمِينَ عَلَى الْحَاصِلِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّك كَفِيلٌ عَلَى الْمَبْلَغِ الْمَطْلُوبِ لِي مِنْ ذِمَّةِ فُلَانٍ فَأَدِّ لِي ذَلِكَ الْمَبْلَغَ حَسَبَ الْكَفَالَةِ فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّنِي لَمْ أَكُنْ مَدِينًا لَهُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْحَاصِلِ أَيْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَدِينًا لِلْمُدَّعِي بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ مِنْ الْجِهَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ وَلَا يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ الْكَفَالَةِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا كُلِّفَ بِحَلِفِ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الْكَفَالَةِ فَلَهُ الْحَقُّ بِالتَّعْرِيضِ لِلْقَاضِي بِأَنْ يَقُولَ: إنَّ الرَّجُلَ يَكُونُ كَفِيلًا عَلَى مَالٍ ثُمَّ يُؤَدِّي الْمَكْفُولَ بِهِ أَوْ إنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ يُبْرِئُ الْكَفِيلَ. (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الدَّعْوَى) .
كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ غَصَبَ مَالِي الَّذِي قِيمَتُهٌ كَذَا دِرْهَمًا فَأَطْلُبُ تَسْلِيمَهُ عَيْنًا فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ مُنْكِرًا الْحَاصِلَ قَائِلًا: لَا يَلْزَمُنِي رَدٌّ أَوْ ضَمَانُ ذَلِكَ الْمَالِ فَيُحَلِّفُهُ الْيَمِينَ عَلَى الْحَاصِلِ، وَلَا يُحَلِّفُهُ عَلَى عَدَمِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ بَعْدَ أَنْ غَصَبَ الْمَالَ أَنْ يَكُونَ رَدَّهُ عَيْنًا أَوْ ضَمِنَهُ.
كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْآخَرِ قَائِلًا: قَدْ مَزَّقْت ثِيَابِي هَذِهِ فَاضْمَنْهَا، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاصِلَ قَائِلًا: إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ تِلْكَ الثِّيَابِ فَيُحَلِّفُهُ الْيَمِينَ عَلَى الْحَاصِلِ وَلَا يُحَلِّفُهُ عَلَى عَدَمِ تَمْزِيقِ ثِيَابِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَزَّقَ الثِّيَابَ وَضَمِنَ بَدَلَهَا لِلْمُدَّعِي أَوْ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي قَدْ أَبْرَأَهُ مِنْ ذَلِكَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّابِقَةِ أَنَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقَّيْنِ إنْ شَاءَ أَنْكَرَ حَاصِلَ الدَّعْوَى، وَإِنْ شَاءَ أَنْكَرَ سَبَبَهَا وَجِهَتَهَا، وَإِنَّ أَيَّ أَمْرٍ يُنْكِرُهُ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِيهِ. وَفِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَلْزَمُ الْيَمِينُ فِيهَا عَلَى الْحَاصِلِ إذَا حَلَفَ فِيهَا عَلَى السَّبَبِ يَتَضَرَّرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. أَمَّا الْمَوَاضِعُ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا الْيَمِينُ عَلَى السَّبَبِ إذَا جَرَى التَّحْلِيفُ فِيهَا عَلَى الْحَاصِلِ لَا يَكُونُ هُنَاكَ ضَرَرٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى السَّبَبِ آكَدُ مِنْ الْيَمِينِ عَلَى الْحَاصِلِ حَتَّى لَوْ ذَكَرَ فِي الدَّعْوَى السَّبَبَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاصِلَ تَلْزَمُ الْيَمِينُ عَلَى الْحَاصِلِ.
مُسْتَثْنًى: إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْحَاصِلِ تُؤَدِّي إلَى ضَرَرِ الْمُدَّعِي فَيَقْتَضِي تَحْلِيفَ الْيَمِينِ عَلَى السَّبَبِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي دَعْوَى الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الْجِوَارِ، وَفِي دَعْوَى النَّفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ.
إيضَاحُ الشُّفْعَةِ - لَا شُفْعَةَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِسَبَبِ الْجِوَارِ عَلَى آخَرَ شَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ فَإِذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاصِلَ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: لَيْسَ لِلْمُدَّعِي شُفْعَةٌ فِي هَذَا الْعَقَارِ وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْإِثْبَاتِ وَلَزِمَ تَحْلِيفُ الْيَمِينِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى السَّبَبِ (وَاَللَّهِ إنِّي لَمْ أَشْتَرِ هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي يَدَّعِي الْمُدَّعِي الشُّفْعَةَ فِيهَا) وَلَا يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ يَعْنِي بِقَوْلِهِ (وَاَللَّهِ لَيْسَ لِهَذَا الْمُدَّعِي شُفْعَةٌ فِي هَذِهِ الدَّارِ) أَوْ (وَاَللَّهِ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقَّ الشُّفْعَةِ فِيهَا) ؛ لِأَنَّهُ حَسَبَ الْمَذْكُورِ لَا شُفْعَةَ بِسَبَبِ الْجِوَارِ فَيَكُونُ الْحَالِفُ صَادِقًا فِي يَمِينِهِ فَيَتَضَرَّرُ الْمُدَّعِي.
إيضَاحُ النَّفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ: لَا يَلْزَمُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ بَائِنًا أَثْنَاءَ عِدَّتِهَا فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ طَلَّقَ أَحَدٌ مِنْ مُقَلِّدِي الْمَذْهَبِ الْمَذْكُورِ زَوْجَتَهُ بَائِنًا، وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ أَثْنَاءَ الْعِدَّةِ فِي حُضُورِ قَاضٍ حَنَفِيٍّ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاصِلَ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: لَا يَلْزَمُنِي نَفَقَةُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَعِنْدَ تَحْلِيفِهِ الْيَمِينَ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ هَكَذَا (وَاَللَّهِ إنَّ هَذِهِ الْمُدَّعِيَةَ لَيْسَتْ مُعْتَدَّةً مِنِّي) وَلَا يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِقَوْلِهِ (وَاَللَّهِ لَا يَلْزَمُنِي نَفَقَةُ هَذِهِ الْمُدَّعِيَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ يَكُونُ صَادِقًا فِي يَمِينِهِ حَسَبَ اعْتِقَادِهِ فَتَتَضَرَّرُ الْمُدَّعِيَةُ)(الدُّرَرُ فِي الدَّعْوَى وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاصِلَ الدَّعْوَى وَكَانَ السَّبَبُ ثَابِتًا بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ كَأَنْ يَدَّعِيَ مَثَلًا الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ بِعْت مَالِي الْفُلَانِيَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَسَلَّمْته إيَّاهُ فَأَطْلُبُ الثَّمَنَ مِنْهُ وَأَنْكَرَ