الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُدَّعِي مِقْدَارًا مِنْ الْمَالِ الَّذِي لَهُ حَقُّ أَخْذِهِ يَحْتَمِلُ فِيهِ بِأَنَّهُ قَصَدَ اسْتِيفَاءَ بَعْضِ حَقِّهِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْبَعْضَ الْبَاقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ بِأَنَّهُ اكْتَفَى بِالْمِقْدَارِ الَّذِي أَخَذَهُ وَعَدَلَ عَنْ الْمُطَالَبَةِ بِالْبَاقِي إلَّا أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْحَقُّ بِالشَّكِّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 4) .
[
(الْمَادَّةُ 1532) تَعْرِيفُ الْمُصَالِحُ]
الْمَادَّةُ (1532)(الْمُصَالِحُ: هُوَ الَّذِي عَقَدَ الصُّلْحَ) وَيُقَالُ لِكُلٍّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُصَالِحًا سَوَاءٌ أَعَقَدَ الصُّلْحَ لِنَفْسِهِ أَمْ عَقَدَهُ لِغَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ.
[
(الْمَادَّةُ 1533) الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ]
الْمَادَّةُ (1533)(الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ: هُوَ بَدَلُ الصُّلْحِ) . سَوَاءٌ أَكَانَ مَالًا أَمْ لَمْ يَكُنْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1549) .
يَكُونُ بَدَلُ الصُّلْحِ بَعْضًا مَالًا وَبَعْضًا مَنْفَعَةً، فَكَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مَالًا يَكُونُ بَدَلُ الصُّلْحِ إمَّا مَالًا، وَإِمَّا مَنْفَعَةً، كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مَنْفَعَةً يَكُونُ بَدَلُ الصُّلْحِ أَيْضًا إمَّا مَالًا، وَإِمَّا مَنْفَعَةً مِنْ جِنْسٍ آخَرَ (التَّنْوِيرُ) .
[
(الْمَادَّةُ 1534) الْمُصَالَحُ عَنْهُ]
الْمَادَّةُ (1534) - (الْمُصَالَحُ عَنْهُ: هُوَ الشَّيْءُ الْمُدَّعَى بِهِ) وَيُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ شَرْطَانِ:
الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَقَّ الْمُصَالِحِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ يَكُونُ الصُّلْحُ صَحِيحًا، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الْحَقُّ مَعْلُومًا أَمْ مَجْهُولًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ عَيْنًا أَمْ دَيْنًا، أَوْ مَنْفَعَةً، أَوْ قِصَاصًا وَتَعْزِيرًا، وَالْقِصَاصُ سَوَاءٌ كَانَ بِالنَّفْسِ، أَوْ كَانَ بِمَا دُونَ النَّفْسِ (الدُّرَرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1505) .
أَمَّا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ أَيْ مِنْ الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ الَّتِي يَعُودُ نَفْعُهَا لِلْعُمُومِ فَالصُّلْحُ عَنْهَا بَاطِلٌ كَالزِّنَا وَهَدْمِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ لِلِانْهِدَامِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ بَعْدَ التَّقَدُّمِ؛ لِأَنَّ الْمُصَالِحَ بِصُلْحِهِ إمَّا أَنْ يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ حَقِّهِ، أَوْ أَنْ يَسْتَوْفِيَ بَعْضَهُ وَيُسْقِطَ بَعْضَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَسْتَعِيضَ عَنْهُ؛ وَبِمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لَهُ هَذَا التَّصَرُّفُ وَالْمَقْصَدُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي يَعُودُ نَفْعُهُ وَفَائِدَتُهُ إلَى عُمُومِ الْعَالَمِ بِصُورَةٍ وَلَمْ يَكُنْ مَخْصُوصًا بِشَخْصٍ كَحُرْمَةِ الزِّنَا حَيْثُ إنَّ حُرْمَتَهُ تَسْتَوْجِبُ سَلَامَةَ الْإِنْسَانِ وَصِيَانَةَ الْفِرَاشِ، وَتَمْنَعُ الْقِتَالَ بَيْنَ الْعَشَائِرِ بِسَبَبِ التَّنَازُعِ بَيْنَ الزُّنَاةِ فَهِيَ نَفْعٌ عَائِدٌ لِلْعَامَّةِ فَكَانَتْ حُرْمَةُ الزِّنَا مِنْ الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ الَّتِي لَا يُصْبِحُ الزِّنَا مُبَاحًا فِيهَا بِسَبَبِ إبَاحَةِ أَهْلِ الْمَرْأَةِ لَهُ، وَنِسْبَةُ هَذَا الْحَقِّ لِلَّهِ - تَعَالَى - هُوَ لِلتَّعْظِيمِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يَتَعَالَى عَنْ النَّفْعِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ حَقَّ اللَّهِ بِسَبَبِ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ طَرَفِ اللَّهِ. لِأَنَّ عُمُومَ الْمَوْجُودَاتِ هِيَ مَخْلُوقَةٌ لَهُ عز وجل وَمُتَسَاوِيَةٌ فِي الْخِلْقَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
مَثَلًا؛ إذَا تَقَدَّمَ أَحَدٌ لِصَاحِبِ الْمَائِلِ لِلِانْهِدَامِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ حَسَبَ الْأُصُولِ، ثُمَّ صَالَحَ مَعَ صَاحِبِ الْحَائِطِ فَلَا يَصِحُّ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (الـ 938) .
كَذَلِكَ إذَا تَصَالَحَ أَحَدٌ مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى أَنْ لَا يَشْهَدَ عَلَيْهِ كَانَ الصُّلْحُ الْمَعْقُودُ بَيْنَهُمَا بَاطِلًا وَلَهُ اسْتِرْدَادُ بَدَلِ الصُّلْحِ مِنْ الشَّاهِدِ. وَكَذَلِكَ إذَا أَلْقَى الْقَبْضَ عَلَى سَارِقٍ وَتَصَالَحَ مَعَ السَّارِقِ عَلَى أَنْ لَا يَرْفَعَ أَمْرَهُ إلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ كَانَ الصُّلْحُ غَيْرَ صَحِيحٍ (الدُّرَرُ وَمِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) .
وَكَذَلِكَ إذَا قَذَفَ أَحَدٌ فِي حَقِّ أَحَدٍ وَأَبْرَأَ الْمَقْذُوفُ الْقَاذِفَ مِنْ قَذْفِهِ فَلَا يَصِحُّ هَذَا الْإِبْرَاءُ وَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَطْلُبَ وَيَدَّعِيَ مُوجَبَ الْقَذْفِ. لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْعَفْوِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ مُوجَبِ قَذْفِهِ إيَّاهُ، وَمُوجَبُ الْقَذْفِ لَا يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ - تَعَالَى - (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي الْإِبْرَاءِ وَالْإِقْرَارِ) .
أَمَّا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ لَيْسَ بِحَقٍّ لِلْمُصَالِحِ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ الْمُطَلَّقَةُ عَلَى زَوْجِهَا بِأَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ هُوَ وَلَدُ الزَّوْجِ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ دَعْوَاهَا وَصَالَحَ الْمُدَّعِيَةَ عَنْ دَعْوَى النَّسَبِ عَلَى مَالٍ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ النَّسَبَ حَقُّ الصَّبِيِّ، وَلَيْسَ حَقَّ الْمُدَّعِيَةِ حَتَّى يَحِقَّ لَهَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ (الدُّرَرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ شَيْئًا مُضِرًّا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَادَّعَى آخَرُ عَلَيْهِ بِطَلَبِ رَفْعِهِ حَسَبَ صَلَاحِيَّتِهِ فِي الْمَادَّةِ (الـ 1314) ثُمَّ تَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَقَّ هُوَ حَقٌّ لِلْعَامَّةِ وَلَيْسَ حَقَّ الْمَصَالِحِ حَصْرًا. فَلِذَلِكَ لِلْمُصَالِحِ، أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ حَقُّ طَلَبِ رَفْعِ ذَلِكَ الضَّرَرِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَدِيمًا (الْخَانِيَّةُ) .
أَمَّا إذَا كَانَ فِي الصُّلْحِ عَنْ تِلْكَ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ مَنْفَعَةٌ عَامَّةٌ فَلِإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ بِحَسَبِ وِلَايَتِهِ الْعَامَّةِ حَقُّ الصُّلْحِ وَأَنْ يَضَعَ بَدَلَ الصُّلْحِ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ إنَّ لَهُ الْحَقَّ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْأُمُورِ الْعَامَّةِ (أَبُو السُّعُودِ وَالدُّرَرُ الْمُنْتَقَى وَالزَّيْلَعِيّ) .
أَمَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْمُحْدَثَاتُ وَاقِعَةً عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ وَحَصَلَ الصُّلْحُ مَعَ أَهْلِ تِلْكَ الطَّرِيقِ كَانَ الصُّلْحُ جَائِزًا؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْخَاصَّ هُوَ مِلْكٌ لِأَهْلِهِ (الْكِفَايَةُ) كَذَلِكَ إذَا تَصَالَحَ الْمُسْتَوْدِعُ مَعَ السَّارِقِ الَّذِي سَرَقَ مِنْهُ الْوَدِيعَةَ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْمَالُ الْمَسْرُوقُ مَوْجُودًا فِي يَدِ السَّارِقِ عَيْنًا فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 96) مَا لَمْ يُجِزْ الْمُودِعُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1453) .
أَمَّا إذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمَسْرُوقُ يُنْظَرُ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الصُّلْحِ غَبْنٌ فَاحِشٌ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا، وَلَا يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُودِعِ. لِأَنَّ لِلْمُودِعِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (الـ 1677) أَنْ يُخَاصِمَ الْغَاصِبَ وَأَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ بَدَلَ الضَّمَانِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي الصُّلْحِ غَبْنٌ فَاحِشٌ فَلَا يَنْفُذُ هَذَا الصُّلْحُ فِي حَقِّ الْمُودِعِ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَقًّا ثَابِتًا فِي مَحَلٍّ. فَلِذَلِكَ إذَا تَصَالَحَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مَعَ الْمَكْفُولِ لَهُ عَلَى أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ عَلَى مَالٍ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا. لِأَنَّ حَقَّ الْمَكْفُولِ لَهُ عِنْدَ الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ هُوَ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ بِتَسْلِيمِ نَفْسِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَإِنَّ وِلَايَةَ الْمُطَالَبَةِ هِيَ صِفَةُ الْوَالِي فَالصُّلْحُ عَنْهَا غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا أَنَّ الْكَفَالَةَ الْمَذْكُورَةَ بَاطِلَةٌ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ. لِأَنَّ السُّقُوطَ فِي ذَلِكَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِوَضِ، وَإِذَا سَقَطَ لَا يَعُودُ (الْكِفَايَةُ) .
أَمَّا الصُّلْحُ عَنْ الْقِصَاصِ فَهُوَ صَحِيحٌ؛