الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَّا أَنَّ اخْتِلَافَ الرَّعَوِيَّةِ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ فَلِذَلِكَ إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ عَلَى رَعَايَا الدَّوْلَةِ الْمَحَلِّيَّةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. كَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ عَلَى آخَرَ مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أُخْرَى.
أَمَّا إذَا كَانَ الِاثْنَانِ مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَى بَعْضِهِمَا (الْبَهْجَةُ وَالزَّيْلَعِيّ) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعْرُوفِ بِالْكَذِبِ وَبَيْنَ الْفُسَّاقِ الْآخَرِينَ هُوَ: أَنَّ الْمَعْرُوفَ بِالْكَذِبِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ حَتَّى وَلَوْ تَابَ عَنْ الْكَذِبِ. أَمَّا الْفُسَّاقُ الْآخَرُونَ إذَا تَابُوا مُدَّةً ظَهَرَ فِيهَا أَثَرُ التَّوْبَةِ ثُمَّ شَهِدُوا فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَهَذِهِ الْمُدَّةُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَعِنْدَ الْآخَرِينَ سَنَةٌ كَامِلَةٌ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) .
[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ مُوَافَقَةِ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى]
إنَّ مَسَائِلَ هَذَا الْفَصْلِ تَتَفَرَّعُ إلَى ثَلَاثَةِ أُصُولٍ وَضَوَابِطَ: الْأَصْلِ الْأَوَّلِ - يَكْفِي مُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى مَعْنًى. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الْمَادَّةُ (1706) .
الْأَصْلِ الثَّانِي - إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ وَاذَا كَانَتْ أَقَلَّ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الْمَادَّةُ (1707) .
الْأَصْلِ الثَّالِثِ - الْمِلْكُ الْمُطْلَقُ أَكْثَرُ مِنْ الْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ حَيْثُ إنَّ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ يَثْبُتُ مِنْ الْأَصْلِ أَمَّا الْمِلْكُ الْمُقَيَّدُ فَيَقْتَصِرُ عَلَى وَقْتِ السَّبَبِ. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ الْمَادَّتَانِ (1709 و 1710) .
الْمَادَّةُ (1706) - (تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى وَإِلَّا فَلَا وَلَكِنْ لَا اعْتِبَارَ لِلَّفْظِ وَتَكْفِي الْمُوَافَقَةُ مَعْنًى. مَثَلًا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ وَدِيعَةٌ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْإِيدَاعِ أَوْ كَانَ غَصْبًا وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ بِأَنَّهُ أَدَّى الدَّيْنَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى أَنَّ الدَّائِنَ أَبْرَأَ الْمَدِينَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ) .
يُشْتَرَطُ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ مُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى وَالْمُوَافَقَةُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ اتِّحَادِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ فِي عَشَرَةِ أَشْيَاءَ أَيْ نَوْعًا وَكَمًّا وَكَيْفًا وَمَكَانًا وَزَمَانًا وَفِعْلًا وَانْفِعَالًا وَوَصْفًا وَمِلْكًا وَنِسْبَةً.
فَعَلَيْهِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى بَعْدَ تَزْكِيَتِهَا سِرًّا وَعَلَنًا وَيُحْكَمُ بِمُوجَبِهَا، مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ تَكُونُ الشَّهَادَةُ مَقْبُولَةً لِمُوَافَقَتِهَا لِلدَّعْوَى (الشِّبْلِيُّ) .
سُؤَالٌ - إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ مُوَافِقَةً لِلدَّعْوَى فَيَكُونُ الْقَبُولُ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ فَإِذَا وُجِدَ شَرْطُ الْقَبُولِ فَلَا يَلْزَمُ قَبُولُ الشَّهَادَةِ إذْ إنَّ الْوُضُوءَ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُ بِوُجُودِ الْوُضُوءِ لَا تُوجَدُ الصَّلَاةُ فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ إذَا كَانَتْ مُوَافِقَةً لِلدَّعْوَى تَكُونُ صَحِيحَةً.
الْجَوَابُ - إنَّ سَبَبَ قَبُولِ الشَّهَادَةِ هُوَ الْتِزَامُ الْقَاضِي اسْتِمَاعَهَا فِي حَالَةِ صِحَّتِهَا، وَشَرْطُهَا تَقَدُّمُ الدَّعْوَى، وَبِمَا أَنَّهُ إذَا وُجِدَ تَقَدُّمُ الدَّعْوَى الَّذِي هُوَ الْعِلَّةُ وَالسَّبَبُ وَانْتَفَى الْمَانِعُ وَجَبَ الْقَبُولُ وَلَيْسَ وُجُودُ الشَّرْطِ هُوَ الَّذِي يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْمَشْرُوطِ (الْعِنَايَةُ) وَإِلَّا فَلَا وَيُطْلَبُ شُهُودٌ أُخَرُ، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ شُهُودٌ آخَرِينَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ تَكُونُ الشَّهَادَةُ مُكَذِّبَةً لِلدَّعْوَى وَالدَّعْوَى الْكَاذِبَةُ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ سَبْقُ الدَّعْوَى فِي الشَّهَادَةِ فِي حُقُوقِ النَّاسِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1696) .
سُؤَالٌ - إذَا لَمْ تُوَافِقْ الشَّهَادَةُ الدَّعْوَى يَكُونُ حَصَلَ تَعَارُضٌ بَيْنَ كَلَامِ الْمُدَّعِي وَالشُّهُودِ. وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا صَادِقًا وَالْآخَرُ كَاذِبًا فَمَا الْمُرَجِّحُ بِأَنْ يُعْتَبَرَ كَلَامُ الشَّاهِدِ صَادِقًا، وَيُعْتَبَرَ كَلَامُ الْمُدَّعِي كَاذِبًا فَلَا يُعْتَبَرُ. وَقَدْ عُدَّ كَلَامُ الشَّاهِدِ صَادِقًا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ دَعْوَى حَتَّى تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ؟
الْجَوَابُ - لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى عَدَالَةُ الْمُدَّعِي، أَمَّا الشُّهُودُ فَالْأَصْلُ فِيهِمْ الْعَدَالَةُ وَلَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فَلِذَلِكَ يُرَجَّحُ جَانِبُ الشُّهُودِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ (الْعِنَايَةُ) . فَلِذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ مُخَالَفَةٌ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ ثُمَّ أُعِيدَتْ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ وَحَصَلَ التَّوَافُقُ بَيْنَهُمَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الْخَيْرِيَّةُ) . وَتُقْبَلُ مَا دَامَ فِي الْمَحَلِّ وَلَمْ يَبْرَحْ عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (التَّكْمِلَةُ) .
الْمُخَالَفَةُ نَوْعًا - كَمَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِعَشَرَةِ رِيَالَاتٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1712) .
الْمُخَالَفَةُ كَمًّا - كَمَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَشَرَةَ رِيَالَاتٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِثَلَاثِينَ رِيَالًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1708) .
الْمُخَالَفَةُ كَيْفًا - كَمَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي شِرَاءَ ثِيَابٍ حَمْرَاءَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِشِرَاءِ ثِيَابٍ بَيْضَاءَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1714) .
الْمُخَالَفَةُ مَكَانًا وَزَمَانًا - كَمَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَتَلَ أَبَاهُ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى فِي دِمَشْقَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَتَلَ أَبَا الْمُدَّعِي فِي عِيدِ رَمَضَانَ فِي مَدِينَةِ الْقَاهِرَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1713) .
الْمُخَالَفَةُ فِعْلًا وَانْفِعَالًا - كَمَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَقَّ الرَّاوِيَةَ وَأَتْلَفَ زَيْتَهُ
وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الرَّاوِيَةَ قَدْ انْشَقَّتْ وَهِيَ عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالشَّقُّ فِعْلٌ وَالِانْشِقَاقُ انْفِعَالٌ.
الْمُخَالَفَةُ وَصْفًا كَمَا إذْ ادَّعَى الْمُدَّعِي الْعَقَارَ الْوَاقِعَ فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مِنْ مِلْكِ فُلَانٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ مِلْكَ الْمُدَّعِي هُوَ فِي الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ الْمِلْكِ الْمَذْكُورِ.
الْمُخَالَفَةُ مِلْكًا كَمَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ فُلَانًا هُوَ عَبْدِي الْمُتَوَلَّدُ مِنْ جَارَتِي فُلَانَةَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّهُ مُتَوَلَّدٌ مِنْ جَارِيَةٍ أُخْرَى (الْعِنَايَةُ وَالتَّكْمِلَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَكِنْ لَا اعْتِبَارَ لِلَّفْظِ وَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُوَافَقَةُ فِي اللَّفْظِ وَتَكْفِي الْمُوَافَقَةُ مَعْنًى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الثَّالِثَةَ وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يُتَصَوَّرُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ.
الْحَالُ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ مُوَافِقَةً الدَّعْوَى لَفْظًا وَمَعْنًى وَعَلَيْهِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ الْمَادَّةُ (1707) الْحَالُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ غَيْرَ مُوَافِقَةٍ لِلدَّعْوَى لَفْظًا إلَّا أَنَّهَا مُوَافَقَةٌ مَعْنًى وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا: مَثَلًا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ وَدِيعَةً وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: لِي عِنْدَك كَذَا وَدِيعَةً، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي شُهُودًا شَهِدَتْ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْإِيدَاعِ أَيْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَوْدَعَهُ الْمَالَ بِهِ أَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ غَصْبًا أَيْ مَالًا مَغْصُوبًا بِأَنْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ غَصَبْت مِنِّي كَذَا مَالًا فَسَلِّمْنِي إيَّاهُ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ أَيْ بِغَصْبِهِ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ الْمُدَّعِي أَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَارِيَّةً وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْعَارِيَّةِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْحَمَوِيُّ وَالنَّتِيجَةُ) .
ثَانِيًا: كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ بِأَنَّهُ أَدَّى الدَّيْنَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى أَنَّ الدَّائِنَ أَبْرَأَ الْمَدِينَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ حَيْثُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْإِبْرَاءَ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ الشُّهُودُ هُوَ إبْرَاءُ اسْتِيفَاءٍ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي مَعْنًى.
ثَالِثًا: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ مَدِينٌ لِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِكَفَالَتِهِ لِفُلَانٍ الْمَدِينِ لِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْهُ شَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى فِي ذِمَّتِهِ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَبْلَغُ مِنْ جِهَةِ كَفَالَتِهِ لِشَخْصٍ آخَرَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْحَمَوِيُّ) رَابِعًا: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي شِرَاءَ الْمِلْكِ مِنْ شَخْصٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْأَشْبَاهُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1668) .
خَامِسًا: إذَا ادَّعَى الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِ بِسَبَبٍ وَقَالَ الْمُدَّعِي: إنَّنِي أَدَّعِي الْمِلْكَ بِذَلِكَ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1709) .
سَادِسًا: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِينَ الْإِبْرَاءَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الصُّلْحِ عَلَى مَالٍ فَإِذَا كَانَ الصُّلْحُ
وَاقِعًا عَلَى بَعْضِ جِنْسِ الْحَقِّ فَتُقْبَلُ حَيْثُ يَكُونُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إبْرَاءٌ عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ.
سَابِعًا: إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ بِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأهُ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ أَحَلَّهُ مِنْهُ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَقَرَّ بِاسْتِيفَائِهِ الدَّيْنَ يُسْأَلُ الْمَدِينُ: هَلْ إنَّ الدَّائِنَ أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ أَمْ إبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ؟ فَإِذَا قَالَ بِأَنَّهُ أَبْرَأهُ إبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ تُقْبَلُ تِلْكَ الشَّهَادَةُ إذْ يَكُونُ قَدْ وَفَّقَ الْمُخَالَفَةَ الْوَاقِعَةَ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ، أَمَّا إذَا قَالَ بِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ أَوْ سَكَتَ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الْهِنْدِيَّةُ) .
ثَامِنًا: إذَا ادَّعَى الدَّائِنُ دَيْنَهُ فَدَفَعَ الْمَدِينُ الدَّعْوَى بِادِّعَاءِ الْأَدَاءِ فَشَهِدَتْ الشُّهُودُ الَّذِينَ جَاءُوا لِلشَّهَادَةِ عَلَى الدَّفْعِ أَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ مِنْ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، حَيْثُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْإِبْرَاءُ الْوَاقِعُ إبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ (الْبَهْجَةُ) .
تَاسِعًا: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْهِبَةَ وَالتَّسْلِيمَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالتَّسْلِيمِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الْأَشْبَاهُ) .
عَاشِرًا: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّنِي تَزَوَّجْت هَذِهِ الْمَرْأَةَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ هِيَ مَنْكُوحَةُ هَذَا الْمُدَّعِي تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الْأَشْبَاهُ) وَلُزُومُ مُوَافَقَةِ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى ومَشْرُوطِيَّتِهَا مُقَيَّدَةٌ بِقَيْدَيْنِ: الْقَيْدُ الْأَوَّلُ - أَنَّ لُزُومَ هَذِهِ الْمُوَافَقَةِ مُنْحَصِرٌ فِي الْمَحَلَّاتِ اللَّازِمَةِ وَعَلَيْهِ فَالْمُخَالَفَةُ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ اللَّذَانِ لَا يَلْزَمُ ذِكْرُهُمَا عِنْدَ الشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى أَوْ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ (الْقَاعِدِيَّةُ فِي الشَّهَادَةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1713) .
فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّعِي زَمَانَ أَوْ مَكَانَ الْإِقْرَارِ وَذَكَرَتْ الشُّهُودُ ذَلِكَ أَوْ ذَكَرَ أَحَدُ الشُّهُودِ ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْآخَرُ أَوْ بِالْعَكْسِ قَدْ ذَكَرَ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ زَمَانَ أَوْ مَكَانَ الْإِقْرَارِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِدُونِ ذِكْرِ ذَلِكَ.
وَحَتَّى إذَا سُئِلَ الشُّهُودُ عَنْ زَمَانِ أَوْ مَكَانِ الْإِقْرَارِ وَأَفَادُوا بِعَدَمِ عِلْمِهِمْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ.
كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ وَهُوَ رَاكِبٌ فَرَسًا وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ وَهُوَ مَاشٍ أَوْ رَاكِبٌ حِمَارًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ.
كَذَلِكَ إذَا سُئِلَ الشُّهُودُ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْبَيْعِ عَنْ زَمَانِ أَوْ مَكَانِ الْبَيْعِ وَأَجَابُوا بِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى شَهَادَتِهِمْ (النَّتِيجَةُ) .
كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ أَوْدَعْتُك فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَفِي وَقْتِ كَذَا كَذَا مِقْدَارًا مِنْ الدَّنَانِيرِ وَسَلَّمْتهَا لَك وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْإِيدَاعِ وَالتَّسْلِيمِ وَلَمْ يَعْلَمُوا زَمَانَ أَوْ مَكَانَ الْإِيدَاعِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ أَقْرَضْت فُلَانًا كَذَا
دِرْهَمًا فِي دَارِي الْفُلَانِيَّةِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّهُ أَقْرَضَهُ الدَّرَاهِمَ الْمَذْكُورَةَ فِي السُّوقِ الْفُلَانِيِّ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَلِكَ لَوْ ذَكَرَتْ الشُّهُودُ أَوْصَافَ الْمَغْصُوبِ بِقَوْلِهِمْ مَثَلًا: إنَّ أُذُنَ الدَّابَّةِ الْمَغْصُوبَةِ مَشْقُوقَةٌ ثُمَّ أُحْضِرَ الْحَيَوَانُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ فَظَهَرَ أَنَّ أُذُنَهُ غَيْرُ مَشْقُوقَةٍ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ قَدْ ذَكَرُوا شَيْئًا غَيْرَ مُحْتَاجٍ لَهُ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ فَالْخِلَافُ فِي مِثْلِهِ لَا يُوجِبُ خَلَلَ الشَّهَادَةِ (الْخَانِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَشْيَاءُ لَا يُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهَا فَذِكْرُهَا وَالسُّكُوتُ عَنْهَا سَوَاءٌ (الْقَاعِدِيَّةُ) .
الْقَيْدُ الثَّانِي - شَرْطُ الْمُوَافَقَةِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ. أَمَّا الشَّهَادَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِحُقُوقِ اللَّهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ فِي الْحُقُوقِ الْمَذْكُورَةِ سَبْقُ الدَّعْوَى، وَأَصْبَحَ وُجُودُ الدَّعْوَى وَعَدَمُهَا مُتَسَاوِيًا فَلَا يَكُونُ عَدَمُ الْمُوَافَقَةِ مُوجِبًا لِرَدِّ الشَّهَادَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) مَثَلًا لَوْ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ قَائِلَةً: إنَّ زَوْجِي قَدْ وَكَّلَ فُلَانًا بِطَلَاقِي وَقَدْ طَلَّقَنِي الْوَكِيلُ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ طَلَّقَهَا بِالذَّاتِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
الْحَالُ الثَّالِثُ - أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ غَيْرَ مُوَافِقَةٍ لِلدَّعْوَى لَفْظًا وَمَعْنًى وَفِي هَذِهِ الْحَالِ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ، فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ بِأَنَّهُ أَوْفَى دَيْنَهُ مُقَسَّطًا لِلدَّائِنِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْإِيفَاءِ الْمُطْلَقِ بِقَوْلِهِمْ: بِأَنَّ الْمَدِينَ أَوْفَى الدَّيْنَ لِلدَّائِنِ أَوْ عَلَى إيفَاءِ الْكُلِّ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الطَّحْطَاوِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ) .
كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ مِنْ مَالِكِهَا هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ اشْتَرَى تِلْكَ الدَّارَ مِنْ زَيْدٍ وَكِيلِ هَذَا الْمَالِكِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَنَّ زَيْدًا قَدْ بَاعَ تِلْكَ الدَّارَ فُضُولًا لِلْمُدَّعِي وَقَدْ أَجَازَ هَذَا الْبَيْعَ مَالِكُ تِلْكَ الدَّارِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْهِنْدِيَّةُ) .
تَتِمَّةٌ فِي حَقِّ تَصْحِيحِ الشَّاهِدِ شَهَادَتَهُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ بِقَوْلِهِ قَدْ أَخْطَأْت فِي بَعْضِ شَهَادَتِي: إذَا قَالَ الشَّاهِدُ بَعْدَ شَهَادَتِهِ فِي دَعْوَى قَبْل خُرُوجِهِ مِنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي: إنَّنِي أَخْطَأْت فِي بَعْضِ شَهَادَتِي يَعْنِي بِقَوْلِهِ قَدْ زِدْت بَاطِلًا خَطَأً أَوْ نَسِيت شَيْئًا يَجِبُ أَنْ أَقُولَهُ، فَإِذَا كَانَ عَادِلًا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يُبْتَلَى بِالْغَلَطِ لِمَهَابَةِ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَلِذَا فَعُذْرُهُ ظَاهِرٌ، فَإِذَا تَدَارَكَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي نُقْصَانَهُ وَصَحَّحَ شَهَادَتَهُ الْأُولَى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَيُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِ الثَّانِيَةِ حَسَبَ قَوْلِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ.
مَثَلًا إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَالَ بَعْدَ شَهَادَتِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي إنَّنِي غَلِطْت فِي خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ يُحْكَمُ بِالْخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ الْبَاقِيَةِ؛ لِأَنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ كَحُدُوثِهِ عِنْدَ الشَّهَادَةِ. وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا هِيَ حَقٌّ لِلْمُدَّعِي وَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِهَا وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمُدَّعِي بِرُجُوعِ الشَّاهِدِ عَنْ شَهَادَتِهِ، أَمَّا إذَا جَاءَ الشَّاهِدُ بَعْدَ مَجْلِسِ الشَّهَادَةِ وَقَالَ ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ هَذَا فِي مَوْضِعِ التُّهْمَةِ إذْ مِنْ الْجَائِزِ أَنَّ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ قَدْ رَشَاهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعَ تُهْمَةٍ فَلَا بَأْسَ فِي إعَادَةِ الْكَلَامِ، فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَذْكُرْ الشَّاهِدُ لَفْظَ الشَّهَادَةِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ تَرَكَ الْإِشَارَةَ إلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقِيَامِ مِنْ الْمَجْلِسِ وَأَعَادَهُ فَإِذَا كَانَ شَاهِدَ عَدْلٍ وَمَأْمُونًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الزَّيْلَعِيّ) .