الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْإِقْرَارِ] [
(الْمَادَّةُ 1572) الْإِقْرَارُ هُوَ إخْبَارُ الْإِنْسَانِ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ لِآخَرَ]
الْمَادَّةُ (1572) - (الْإِقْرَارُ هُوَ إخْبَارُ الْإِنْسَانِ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ لِآخَرَ، وَيُقَالُ لِذَلِكَ مُقِرٌّ وَلِهَذَا مُقَرٌّ لَهُ وَلِلْحَقِّ مُقَرٌّ بِهِ) .
الْإِقْرَارُ لُغَةً. إثْبَاتُ الشَّيْءِ الْمُتَزَلْزِلِ الْغَيْرِ الْمُسْتَقِرِّ. وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ مَوْجُودٌ أَيْضًا فِي الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ لِلْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْإِقْرَارُ الشَّرْعِيُّ يَكُونُ قَدْ أُثْبِتَ الْحَقُّ الَّذِي كَانَ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ بَيْنَ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ. وَمَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ. هُوَ إخْبَارُ الْإِنْسَانِ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ لِآخَرَ وَاجِبِ التَّسْلِيمِ لِلْمُقَرِّ لَهُ.
وَبِتَعْبِيرِ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ لِآخَرَ يَخْرُجُ عَنْ الْإِقْرَارِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ وَالتَّعْلِيقُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى عِبَارَةٌ عَنْ إخْبَارِ أَحَدٍ عَنْ حَقِّهِ مِنْ آخَرَ، كَمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ هِيَ إخْبَارُ شَخْصٍ عَنْ حَقِّ شَخْصٍ عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ.
وَيُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ (وَاجِبِ التَّسْلِيمِ) أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي يَجِبُ تَسْلِيمُهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّهُ غَصَبَ مِنْ آخَرَ قَبْضَةَ تُرَابٍ وَحَبَّةَ حِنْطَةٍ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُ ذَلِكَ الْمُقَرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
إلَّا أَنَّهُ إذَا قُيِّدَ التَّعْرِيفُ بِهَذَا الْقَيْدِ فَلَا يَشْمَلُ الْإِقْرَارُ الْحَقَّ الْمُقَرَّ بِهِ الَّذِي هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ، وَلَا يَكُونُ جَامِعًا لِأَفْرَادِهِ.
وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ عِبَارَةِ حَقِّهِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: (1) يَشْمَلُ الْحَقَّ الْمُقَرَّ بِهِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ، وَالْحَقَّ الْمُقَرَّ بِهِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.
إنَّ التَّصَرُّفَاتِ، كَمَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ أُصُولِ الْفِقْهِ، إمَّا أَنْ تَكُونَ إثْبَاتًا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ.
وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ إسْقَاطًا كَالطَّلَاقِ وَالْعَفْوِ وَالْقِصَاصِ.
فَهَذَا التَّعْرِيفُ يَشْمَلُ الْإِقْرَارَ بِالتَّصَرُّفَاتِ الَّتِي هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْإِثْبَاتَاتِ.
مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ، وَقَالَ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَكُونُ قَدْ أَخْبَرَ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ حَقٌّ لِذَلِكَ الشَّخْصِ.
كَذَلِكَ لَوْ قَالَ، قَدْ أَخَذْتُ مَطْلُوبِي الْأَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ قَالَ قَدْ أَبْرَأْتُهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ لَكَ بِعَدَمِ وُجُوبِ مُطَالَبَتِهِ بِحَقِّهِ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
يَشْمَلُ ذَلِكَ الْحَقُّ الدَّيْنَ وَالْعَيْنَ كَالْمَغْصُوبِ، وَأَلْفَاظُ عَلَيَّ وَلَهُ قِبَلِي مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ فِي الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ مَا لَمْ يُفَسِّرْ الْمُقِرُّ، مُتَّصِلًا بِالْإِقْرَارِ، ذَلِكَ بِالْأَمَانَةِ.
وَأَلْفَاظُ عِنْدِي وَمَعِي، وَفِي بَيْتِي، وَفِي كِيسِي مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ فِي الْإِبْرَاءِ مِنْ الْأَمَانَةِ حَمْلًا بِالْعُرْفِ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ إقْرَارٌ بِكَوْنِ الشَّيْءِ فِي يَدِهِ.
وَذَا يَكُونُ أَمَانَةً لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَضْمُونًا، وَقَدْ يَكُونُ أَمَانَةً وَهَذِهِ أَقَلُّهُمَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَالْبَحْرُ وَالزَّيْلَعِيّ) .
إخْبَارٌ - قَدْ حَصَلَ خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي هَلْ أَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ، أَوْ إنْشَاءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ إخْبَارٌ، وَقَالَ الْآخَرُونَ: إنَّهُ تَمْلِيكٌ فِي الْحَالِ أَيْ إنْشَاءٌ، وَقَدْ جَمَعَ الدِّمِرْدَاشُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ، وَقَالَ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ هُوَ مِنْ وَجْهٍ إخْبَارٌ وَمِنْ وَجْهٍ إنْشَاءٌ وَفَرَّعَ عَنْ الْجِهَتَيْنِ بَعْضَ الْمَسَائِلِ.
يُوَضَّحُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: كَوْنُ الْإِقْرَارِ هُوَ مِنْ وَجْهٍ إخْبَارٌ.
مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِفُلَانٍ، فَمَعْنَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِلْكَ ذَلِكَ الشَّخْصِ هُوَ ثَابِتٌ فِي ذَلِكَ الْمَالِ أَيْ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مِلْكُ ذَلِكَ الشَّخْصِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ كَانَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ فَجُعِلَ بِسَبَبِ الْإِقْرَارِ الْوَاقِعِ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ مِلْكِي هَذَا هُوَ لِفُلَانٍ فَيَكُونُ الْمُنْشِئُ بِهَذَا الْقَوْلِ قَدْ أَثْبَتَ الْمِلْكِيَّةَ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَوَهَبَهُ إيَّاهُ.
وَلَكِنْ لَوْ قَالَ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ فَالْمُظْهَرُ هُوَ أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ قَدْ أَظْهَرَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ فِي الْأَصْلِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ الصُّلْحِ) .
الْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَلَى كَوْنِ الْإِقْرَارِ إخْبَارًا هِيَ:
1 -
لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَلِذَلِكَ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ إذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ لَوْ كَانَ مِلْكًا لِغَيْرِهِ.
فَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي هُوَ مِلْكٌ لِشَخْصٍ هُوَ مِلْكٌ لِشَخْصٍ آخَرَ كَانَ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا.
فَإِذَا مَلَكَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُقَرَّ بِهِ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ، أَوْ الْإِرْثِ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الشَّيْءَ مِنْهُ حَتَّى إنَّ الْمُقِرَّ إذَا مَلَكَ ذَلِكَ الْمَالَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَلَا تَصِحُّ تَصَرُّفَاتُهُ فِيهِ، وَتُنْقَضُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
فَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ إنْشَاءً لَكَانَتْ الْهِبَةُ الْوَارِدَةُ فِي الْمَادَّةِ (857) غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَيُسْتَغْنَى عَنْ الْبَيَانِ بِأَنَّ إقْرَارَ الْمُقِرِّ لَا تَأْثِيرَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (78) .
كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بِمَالِ وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى دَعْوَاهُ وَبَعْدَ رَدِّ شَهَادَتِهِ مَلَكَ ذَلِكَ الْمَالَ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ، أَوْ الْإِرْثِ يُؤْمَرُ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِتَسْلِيمِ ذَلِكَ الْمَالِ لِلْمُقَرِّ لَهُ (أَبُو السُّعُودِ) لِأَنَّ الشَّهَادَةَ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1684) فِي إخْبَارٍ.
2 -
إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِجَمِيعِ أَمْوَالِهِ لِأَجْنَبِيٍّ فَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ
، وَلَا يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ تَمْلِيكًا لَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَصِحَّ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ فِي ثُلُثِهِ فَقَطْ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (394 وَ 879) .
3 -
لَا يَصِحُّ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْإِقْرَارِ.
يَعْنِي لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِشَيْءٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا كَذَا يَوْمًا بِأَنْ قَالَ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ أَكُونَ مُخَيَّرًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَيَكُونُ إقْرَارُهُ صَحِيحًا وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَلَوْ صَدَّقَ عَلَيْهِ الْمُقَرُّ لَهُ، وَيَلْزَمُ الْمَالُ الْمُقَرُّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لِلْفَسْخِ أَمَّا الْإِقْرَارُ فَهُوَ إخْبَارٌ فَإِذَا كَانَ الْخَبَرُ صَادِقًا فَيَكُونُ وَاجِبَ الْعَمَلِ بِهِ سَوَاءٌ اخْتَارَ الْمُخَيَّرُ، أَوْ لَمْ يَخْتَرْ، وَإِذَا كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ وَاجِبُ الرَّدِّ فَلِذَلِكَ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُ الْإِقْرَارِ بِالِاخْتِيَارِ، أَوْ عَدَمِهِ فَعَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ الْخِيَارُ بِالْإِقْرَارِ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالْبَيْعِ بِالْخِيَارِ فَالْخِيَارُ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ الْعَقْدِ فَإِذَا صَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْخِيَارَ، أَوْ أَثْبَتَهُ الْمُقِرُّ لَزِمَ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ مِنْ الْعَوَارِضِ فَيَجِبُ التَّصْدِيقُ، أَوْ الْبَيَانُ فِيهِ.
فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِدَيْنٍ لَزِمَهُ بِسَبَبِ كَفَالَةٍ كَانَ مُخَيَّرًا فِيهَا لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ (وَلَوْ كَانَتْ مَدِيدَةً) كَانَ صَحِيحًا إذَا صَدَّقَ الدَّائِنُ الْخِيَارَ، أَوْ أَثْبَتَ الْمُقِرُّ الْخِيَارَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَتَكْمِلَةُ الْفَتْحِ فِي الْإِقْرَارِ) .
4 -
يَصِحُّ إقْرَارُ الْحِصَّةِ الْمُشَاعَةِ فِي الْمَالِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ (1585) فَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ إنْشَاءً وَهِبَةً لَمَا جَازَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (55) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ (858)(تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
5 -
لَا يَتَوَقَّفُ الْإِقْرَارُ عَلَى قَبُولِ الْمُقَرِّ لَهُ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (1580) فَلَوْ كَانَ إنْشَاءً وَهِبَةً لَلَزِمَ الْقَبُولُ وَالْقَبْضُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (857)(تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
6 -
إقْرَارُ الْخَمْرِ لِلْمُسْلِمِ صَحِيحٌ حَتَّى إنَّهُ يُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى تَسْلِيمِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ فَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ إنْشَاءً وَتَمْلِيكًا ابْتِدَاءً لَمَا صَحَّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
7 -
لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالطَّلَاقِ بِالْإِكْرَاهِ حَالَةَ كَوْنِهِ يَصِحُّ إنْشَاءُ الطَّلَاقِ مَعَ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ الْإِنْشَاءِ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهُ.
أَمَّا الْإِخْبَارُ فَحَيْثُ إنَّهُ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ فَمِنْ الْجَائِزِ تَخَلُّفُ مَدْلُولِهِ عَنْهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِنَّ وُقُوعَ الْإِكْرَاهِ دَالٌ عَلَى تَرْجِيحِ طَرَفِ الْكَذِبِ.
8 -
إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ كَاذِبًا بِمَالِ لِلْغَيْرِ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ دِيَانَةً أَخْذُ ذَلِكَ الْمَالِ جَبْرًا.
أَمَّا إذَا سَلَّمَ الْمُقِرُّ الْمُقَرَّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِطِيبِ نَفْسِهِ يَكُونُ فِي تِلْكَ الْحَالِ هِبَةً ابْتِدَاءً (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
مَثَلًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنَّنِي مَدِينٌ لَك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَكَانَ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يُوجَدُ أَيُّ مُعَامَلَةٍ بَيْنَ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَبَيْنَ الْآخَرِ، وَغَيْرَ مَعْلُومٍ ثُبُوتُ حَقٍّ مَعْلُومٍ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ مِنْ غَيْرِ رِضَاءِ الْمُقِرِّ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) فَلَوْ كَانَ إنْشَاءً وَهِبَةً لَأَصْبَحَ حَلَالًا لِلْمُقَرِّ لَهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ.
لِأَنَّ الْهِبَةَ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1248) .
9 -
لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ مِلْكَ الْغَيْرِ الْمَعْلُومَ وَقْفٌ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ فَيُؤَاخِذُ الْمُقِرُّ بِزَعْمِهِ وَيَلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ.
أَمَّا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ عَقَارَ الْآخَرِ، وَوَقَفَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ السَّابِقُ.
وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ فِعْلَ الْغَاصِبِ كَانَ إنْشَاءً فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَوَقْفُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْوَقْفِ مَشْرُوطَةٌ بِمِلْكِيَّةِ
الْوَاقِفِ لِلْمَوْقُوفِ حِينَ الْوَقْفِ وَإِقْرَارُ الْوَقْفِ هُوَ إخْبَارٌ وَلَيْسَ إنْشَاءً (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
10 -
لَوْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِالزَّوْجِيَّةِ مِنْ غَيْرِ شُهُودٍ كَانَ صَحِيحًا فَلَوْ كَانَ إنْشَاءً لَمَا صَحَّ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي إنْشَاءِ عَقْدِ النِّكَاحِ وُجُودُ شَاهِدَيْنِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
11 -
لَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى الْمُقِرِّ بِالْمُقَرِّ بِهِ بِسَبَبِ أَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ بِهِ وَبِدُونِ أَنْ يَقُولَ فِي دَعْوَاهُ: إنَّ الْمَالَ مَالُهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (1628) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لِلُزُومِ الْمُقَرِّ بِهِ عَلَى الْمُقِرِّ وَحَيْثُ إنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يُعَلِّلُ فِي دَعْوَاهُ بِلُزُومِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْمُقِرِّ بِإِقْرَارِهِ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ يُطَالِبُ الْمُقِرَّ لِلْمُقَرِّ بِهِ اسْتِنَادًا عَلَى سَبَبٍ لَا يُلْزَمُ بِهِ الْمُقِرُّ، وَهَذَا بَاطِلٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
12 -
إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ: هَذَا الْمَالُ لِي حَتَّى إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مِلْكِي، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقْرَارَهُ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى كَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ لَيْسَ مِلْكًا لِلْمُدَّعِي، وَلَا يَحْلِفُ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يُقِرَّ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
13 -
لَوْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ بِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ هُوَ لِلْغَيْرِ كَانَ صَحِيحًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1573) فَلَوْ كَانَ إنْشَاءً وَهِبَةً لَمَا صَحَّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (958)(الْبَحْرُ) .
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى كَوْنِ الْإِقْرَارِ إنْشَاءً الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ.
1 -
إنَّ حُكْمَ الْإِقْرَارِ لَا يَظْهَرُ بِالزَّوَائِدِ الثَّابِتَةِ بِالْإِقْرَارِ.
مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ الْفَرَسَ الَّتِي فِي يَدِهِ مِلْكٌ لِآخَرَ فَتُعْطَى الْفَرَسُ وَحْدَهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُ فِلْوِهَا فَلَوْ كَانَ هَذَا الْإِقْرَارُ إخْبَارًا لَلَزِمَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُقَرُّ لَهُ الْفِلْوَ مَعَ الْفَرَسِ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَتْ الْفَرَسُ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ فَزَوَائِدُهَا إنَّمَا هِيَ حَاصِلَةٌ مِنْ تِلْكَ الْفَرَسِ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ.
إلَّا أَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْفَرَسَ مِلْكُهُ فَيَسْتَحِقُّ فِلْوَهَا الَّذِي تَوَلَّدَ أَثْنَاءَ وُجُودِ الْفَرَسِ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1074) وَلِذَا قُلْنَا: إنَّ الْبَاعَةَ يَتَرَاجَعُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ حَيْثُ لَا يَتَرَاجَعُونَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) .
2 -
يُرَدُّ الْإِقْرَارُ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا يَصِحُّ الْقَبُولُ بَعْدَ الرَّدِّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1580) فَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ إخْبَارًا كَالْهِبَةِ لَكَانَ الْقَبُولُ صَحِيحًا مُؤَخَّرًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
وَيُقَالُ لِذَلِكَ مُقِرٌّ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ، وَلِهَذَا مُقَرٌّ لَهُ بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ وَلِلْحَقِّ مُقَرٌّ بِهِ كَذَلِكَ بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ.
سُؤَالٌ - قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1517) بِأَنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُقِرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ؛ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ هُوَ مِنْ أَفْرَادِ الْمُعَرَّفِ إلَّا أَنَّهُ بِتَعْبِيرِ إخْبَارِ الْإِنْسَانِ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ يَخْرُجُ مِنْ التَّعْرِيفِ إقْرَارُ الْوَكِيلِ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيُنْتَقَضُ التَّعْرِيفُ؟ الْجَوَابُ أَنَّ الْوَكِيلَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ وَكَأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ صَادِرٌ مِنْ الْمُوَكِّلِ فَيَدْخُلُ فِي التَّعْرِيفِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .