الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خِلَافِ الْمُتَوَاتِرِ.
؛ لِأَنَّ التَّوَاتُرَ يُفِيدُ عِلْمَ الْيَقِينِ فَالْبَيِّنَةُ الَّتِي تُقَامُ عَلَى خِلَافِهِ تَسْتَوْجِبُ رَدَّ الشَّيْءِ الثَّابِتِ بِالضَّرُورَةِ وَالْيَقِينِ وَبِمَا أَنَّ الضَّرُورِيَّاتِ الْيَقِينِيَّاتِ لَا تُرَدُّ وَلَا تَقْبَلُ الشَّكَّ فَتَكُونُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ كَذِبًا مَحْضًا كَالْبَيِّنَةِ الَّتِي تُقَامُ عَلَى خِلَافِ الْمَحْسُوسِ (الْفَيْضِيَّةُ) سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَنِدُ إلَى التَّوَاتُرِ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ كَانَ التَّوَاتُرُ مُثْبَتًا أَوْ مَنْفِيًّا وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْأَمْوَالِ أَوْ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ أَوْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا تُقَامُ عَلَى خِلَافِهِ بَيِّنَةٌ عَادِيَّةٌ أَوْ بَيِّنَةُ التَّوَاتُرِ؛ لِأَنَّ التَّوَاتُرَ حُجَّةٌ قَطْعِيَّةٌ وَكَمَا أَنَّهُ مِنْ الْمُمْتَنِعِ وُقُوعُ الْمُتَنَاقِضَيْنِ فِي الْخَارِجِ فَلَا يَقَعُ فِي الْحِجَجِ الْقَطْعِيَّةِ تَنَاقُضٌ فَلِذَلِكَ يَسْتَحِيلُ تَوَاتُرُ النَّقِيضَيْنِ. مَثَلًا؛ إذَا ثَبَتَ تَوَاتُرًا أَنَّ زَيْدًا كَانَ فِي أَوَّلِ أُسْبُوعٍ مِنْ عِيدِ الْأَضْحَى فِي دِمِشْقَ فَيَجْزِمُ الْعَقْلُ وَالْحُكْمُ بِأَنَّ زَيْدًا الْمَذْكُورَ كَانَ مَوْجُودًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ كَالْجَزْمِ فِيمَا لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ عَنْ مُشَاهَدَةٍ فَإِذَا أُقِيمَتْ بَيِّنَةُ التَّوَاتُرِ بِأَنَّ زَيْدًا كَانَ فِي بَغْدَادَ الْبَعِيدَةَ مُدَّةَ السَّفَرِ الْبَعِيدِ فَلَا تُعَدُّ بَيِّنَةُ تَوَاتُرٍ وَلَوْ كَانَ عَدَدُهَا أَزْيَدَ مِنْ عَدَدِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ إذَا جَزَمَ بِمُقْتَضَى التَّوَاتُرِ الْأَوَّلِ فَلَا يُفِيدُ الشَّيْءُ الَّذِي سُمِّيَ تَوَاتُرًا ثَانِيًا عِلْمًا قَطْعِيًّا بَلْ لَا يُفِيدُ الظَّنُّ.
مَثَلًا لَوْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ تَوَاتُرًا عَلَى حَرْقِ دَارٍ مُشَاهَدٍ وُجُودَهَا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ تَوَاتُرًا بَلْ يَكُونُ كَذِبًا مَحْضًا فَلِذَلِكَ لَا تُقَامُ بَيِّنَةُ التَّوَاتُرِ مَرَّةً أُخْرَى لَا مِنْ الْمُدَّعِي وَلَا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْإِزْمِيرِيُّ وَالْبَهْجَةُ فِي فَصْلٍ فِي الشُّهْرَةِ وَالتَّوَاتُرِ وَالْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ بِإِيضَاحٍ) .
فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا بَيَّنَ الطَّرَفَانِ بِأَنَّهُمَا سَيُثْبِتَانِ دَعْوَاهُمَا بِبَيِّنَةِ التَّوَاتُرِ فَلَا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا تَوْفِيقًا لِلْمَسَائِلِ الَّتِي تُرَجِّحُ فِيهَا الْبَيِّنَةُ الْعَادِيَّةُ بُطْلَانَ الْبَيِّنَةِ مِنْ الطَّرَفِ الرَّاجِحِ. فَلِذَلِكَ إذَا اسْتَنَدَ الطَّرَفَانِ عَلَى بَيِّنَةِ التَّوَاتُرِ وَأَحْضَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَمَاعَةً فَالْقَاضِي يُمْعِنُ النَّظَرَ فَيَقْبَلُ خَبَرَ جَمَاعَةِ الطَّرَفِ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ جَامِعٌ شُرُوطَ التَّوَاتُرِ وَمُوجِبٌ لِاطْمِئْنَانِهِ؛ لِأَنَّ التَّوَاتُرَ لَمَّا كَانَ خَبَرًا صِدْقًا وَيَحْصُلُ بِهِ عِلْمُ الْيَقِينِ فَتَكُونُ حُجَّةُ الطَّرَفِ الْآخَرِ كَذِبًا مَحْضًا وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ تَجْتَمِعَ شُرُوطُ التَّوَاتُرِ فِي الْبَيِّنَتَيْنِ وَأَنْ يَطْمَئِنَّ الْقَاضِي بِهِمَا وَإِذَا كَانَتْ الْجَمَاعَةُ الَّتِي أَحْضَرَهَا كِلَا الطَّرَفَيْنِ غَيْرَ جَامِعَةٍ شُرُوطَ التَّوَاتُرِ تَكُونُ فِي حُكْمِ الْبَيِّنَةِ الْعَادِيَّةِ وَالْقَاضِي يُزَكِّي شُهُودَ الطَّرَفِ الرَّاجِحِ تَوْفِيقًا لِمَسَائِلِ تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ وَيُحْكَمُ أَيْ يُجْرِي الْمُعَامَلَةَ حَسْبَ الْمَادَّةِ (1769) .
[
(الْمَادَّةُ 1699) إنَّمَا جُعِلَتْ الْبَيِّنَةُ مَشْرُوعَةً لِإِظْهَارِ الْحَقِّ]
الْمَادَّةُ (1699) - (إنَّمَا جُعِلَتْ الْبَيِّنَةُ مَشْرُوعَةً لِإِظْهَارِ الْحَقِّ فَعَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالنَّفْيِ الصِّرْفِ كَقَوْلِ الشَّاهِدِ: فُلَانٌ مَا فَعَلَ هَذَا الْأَمْرَ وَالشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ لَيْسَ لِفُلَانٍ وَفُلَانٌ لَيْسَ بِمَدِينٍ لِفُلَانٍ وَلَكِنَّ بَيِّنَةَ النَّفْيِ الْمُتَوَاتِرِ مَقْبُولَةٌ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنِّي أَقْرَضْت فُلَانًا فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ كَذَا مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بَلْ كَانَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ التَّوَاتُرِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي) .
إنَّمَا جُعِلَتْ الْبَيِّنَةُ مَشْرُوعَةً لِإِظْهَارِ الْحَقِّ وَإِثْبَاتِهِ وَلَمْ تُشْرَعْ لِنَفْيِ الْحَقِّ (الْفَيْضِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ
؛ لِأَنَّ وَضْعَ الشَّهَادَةِ هُوَ لِإِثْبَاتِ خِلَافِ الظَّاهِرِ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (77) .
فَلِذَلِكَ إذَا وُجِدَتْ بَيِّنَتَا إثْبَاتٍ وَكَانَتْ إحْدَاهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الْأُخْرَى فَتُقَدَّمُ الزَّائِدَةُ، وَالْحَالُ أَنَّ النَّفْيَ وَالْعَدَمَ لَمْ يَكُنْ خِلَافَ الظَّاهِرِ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ وَالْأَصْلُ كَمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ مُتَضَمِّنَةٌ الْمُشَاهَدَةَ، وَالْمُشَاهَدَةُ تَحْصُلُ بِالْعِلْمِ وَلَا مُحَصَّلَ بِالنَّفْيِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْحَمَوِيُّ بِزِيَادَةٍ) .
سُؤَالٌ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُ بِقَوْلِهِ: قَدْ أَبْرَأْتَنِي مِنْ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ. وَشَهَادَةُ الشُّهُودِ الَّذِينَ يُقِيمُهُمْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلشَّهَادَةِ (بِأَنَّ هَذَا الدَّائِنَ أَبْرَأَ هَذَا الْمَدِينَ مِنْ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ) لَيْسَتْ شَهَادَةً لِإِظْهَارِ وَإِثْبَاتِ الْحَقِّ بَلْ هِيَ لِإِظْهَارِ عَدَمِ الْحَقِّ فَكَانَ يَجِبُ عَدَمُ قَبُولِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ. وَجَوَابُهُ قَدْ مَرَّ ذِكْرُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1684) .
2 -
سُؤَالٌ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا: قَدْ أَوْفَيْتُك ذَلِكَ الْمَبْلَغَ. وَشَهَادَةُ الشُّهُودِ الَّذِينَ يُقِيمُهُمْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِإِثْبَاتِ هَذَا الدَّفْعِ لَا يَثْبُتُ بِهَا وُجُودُ الْحَقِّ بَلْ يَثْبُتُ بِهَا بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُدَّعِي حَقٌّ عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ مُدَّعِيًا بِحَقٍّ مِنْ الْمُدَّعِي حَتَّى يُمْكِنَ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يَظْهَرُ ذَلِكَ الْحَقُّ وَجَوَابُ ذَلِكَ يُعْلَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (158) .
فَلِذَلِكَ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى أَحَدٍ عَلَى قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَقَعَ فِي مَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ عَلَى قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْقَتْلِ وَالْقِصَاصِ فَإِذَا أَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ الزَّمَانِ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ.
كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِقَوْلِهِمْ: فُلَانٌ مَا فَعَلَ هَذَا الْأَمْرَ، وَهُوَ مِثَالٌ عَلَى الْأَفْعَالِ وَالشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ لَيْسَ لِفُلَانٍ وَهُوَ مِثَالٌ عَلَى الْأَعْيَانِ، وَفُلَانٌ لَيْسَ بِمَدِينٍ لِفُلَانٍ وَهُوَ مِثَالٌ عَلَى الدُّيُونِ وَفُلَانٌ لَمْ يُقِرَّ بِالشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ وَهُوَ مِثَالٌ عَلَى الْأَفْعَالِ مِنْ الْأَقْوَالِ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ الصِّرْفِ سَوَاءٌ أَكَانَ النَّفْيُ لَفْظًا وَمَعْنًى أَوْ كَانَ مَعْنًى، فَعَلَيْهِ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُ أَنَّ الشَّاهِدَ شَاهِدُ زُورٍ وَأَنَّهُ شَهِدَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ هِيَ شَهَادَةُ نَفْيٍ كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ بَاعَنِي فِي سَنَةِ كَذَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي دِمَشْقَ فَرَسَهُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ فَأَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً يُثْبِتُ بِهَا بِأَنَّهُ فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بَلْ كَانَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ بَعِيدٍ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَمْ أَكُنْ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ هُوَ نَفْيُ صُورَةٍ وَمَعْنًى كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: كُنْت مَوْجُودًا فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ، نَفْيُ مَعْنًى (الْفَيْضِيَّةُ) .
كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِي حَتَّى أَنَّك قَدْ أَقْرَرْت فِي دِمَشْقَ فِي الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ بِأَنَّهُ مِلْكِي وَأَثْبَتَ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي الزبداني فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَفْيًا لَفْظًا إلَّا أَنَّهَا نَفْيُ مَعْنًى (الْهِنْدِيَّةُ) .
كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدِعُ قَائِلًا: إنَّنِي رَدَدْت لَك الْوَدِيعَةَ وَأَعَدْتهَا إلَيْك فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ فِي دِمَشْقَ، وَادَّعَى الْمُودِعُ قَائِلًا: قَدْ كُنْت فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي حَلَبَ وَأَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا نَفْيُ