الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَجْهُولَ الْحَالِ وَيَكُونُ الْمُزَكِّي مَجْهُولًا مِثْلَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُزَكِّيَ الْمَجْهُولُ الْمَجْهُولَ وَقَدْ أَفْتَى عَلِيٌّ أَفَنْدِي الجطارجي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ هَذِهِ الصُّورَةَ (فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
[
(الْمَادَّةُ 1737) إذَا أَلَحَّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَلَى الْقَاضِي بِتَحْلِيفِ الشُّهُودِ]
الْمَادَّةُ (1737) - (إذَا أَلَحَّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَلَى الْقَاضِي بِتَحْلِيفِ الشُّهُودِ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا كَاذِبِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ وَكَانَ هُنَاكَ لُزُومٌ لِتَقْوِيَةِ الشَّهَادَةِ بِالْيَمِينِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ أُولَئِكَ الشُّهُودَ وَلَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: إنْ حَلَفْتُمْ قَبِلْتُ شَهَادَتَكُمْ وَإِلَّا فَلَا) .
إذَا أَلَحَّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَلَى الْقَاضِي بِتَحْلِيفِ الشُّهُودِ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا كَاذِبِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ وَقَدْ رَأَى الْقَاضِي أَنَّ هُنَاكَ لُزُومًا لِتَقْوِيَةِ الشَّهَادَةِ بِالْيَمِينِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ الشُّهُودَ الْيَمِينَ بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا كَاذِبِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَذَّرٌ تَزْكِيَةُ الشُّهُودِ بِسَبَبِ زِيَادَةِ الْفِسْقِ حَيْثُ تَكُونُ عَدَالَةُ الشَّاهِدِ مَجْهُولَةً كَمَا أَنَّ عَدَالَةَ الْمُزَكِّي قَدْ تَكُونُ مَجْهُولَةً أَيْضًا، فَلَا تَظْهَرُ عَدَالَةُ الشَّاهِدِ بِتَزْكِيَةِ الْمَجْهُولِ الْمَجْهُولَ، وَاخْتِيرَ تَحْلِيفُ الشُّهُودِ لِحُصُولِ غَلَبَةِ الظَّنِّ وَلِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لِلشُّهُودِ: إنْ حَلَفْتُمْ قَبِلْتُ شَهَادَتَكُمْ وَإِلَّا فَلَا وَقَدْ وَرَدَ فِي الْبَهْجَةِ وَفِي فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ وَالنَّتِيجَةِ بِأَنَّ الشُّهُودَ إذَا لَمْ يَحْلِفُوا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ، إلَّا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَنَّ الشُّهُودَ إذَا لَمْ يَحْلِفُوا يَرُدُّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ قَبْلَ الْحُكْمِ، أَمَّا إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ وَجَرَى تَعْدِيلُهُمْ وَتَزْكِيَتُهُمْ وَحُكِمَ بِمُوجَبِ شَهَادَتِهِمْ فَلَا يَحْلِفُ الشُّهُودُ بَعْدَ ذَلِكَ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَحْلِيفَ الشُّهُودِ لَا يُغْنِي عَنْ التَّزْكِيَةِ السِّرِّيَّةِ وَالْعَلَنِيَّةِ فَإِذَا طُلِبَ تَحْلِيفُ الشُّهُودِ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ جَازَ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ تَحْلِيفُ الشُّهُودِ بَدَلًا لِلتَّزْكِيَةِ.
[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي حَقِّ رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ]
ْ إنَّ الشَّهَادَةَ بِالزُّورِ مُحَرَّمَةٌ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ حَتَّى أَنَّهَا مُعَادِلَةٌ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ - لِلْإِشْرَاكِ بِهِ عز وجل (أَبُو السُّعُودِ) .
وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الْإِشْرَاكَ بِاَللَّهِ تَعَالَى» وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30](الْخَيْرِيَّةُ) .
وَقَدْ وَرَدَ أَيْضًا فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ قَالَ الرَّاوِي فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ»
وَقَدْ وَرَدَ أَيْضًا - أَنَّ «الشَّاهِدَ بِالزُّورِ لَا يَرْفَعُ قَدَمَيْهِ مِنْ مَكَانِهِمَا حَتَّى تَلْعَنَهُ مَلَائِكَةُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ» ، الزَّيْلَعِيّ.
فَلِذَلِكَ إذَا تَحَقَّقَ أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا زُورًا وَلَمْ يَدَّعِ الشُّهُودُ السَّهْوَ وَالْخَطَأَ فَيُجَازَى الشُّهُودُ بِالتَّعْزِيرِ وَالتَّشْهِيرِ إزَالَةً لِلْفَسَادِ وَتَتَحَقَّقُ شَهَادَةُ الزُّورِ (أَوَّلًا) بِإِقْرَارِ الشَّاهِدِ حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ (ثَانِيًا) بِإِقْرَارِهِ حُكْمًا كَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى مَوْتِ أَحَدٍ فَتَظْهَرُ حَيَاتُهُ وَكَشَهَادَتِهِمْ عَلَى قَطْعِ شَجَرَةٍ وَرُؤْيَةِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ مَوْجُودَةً الْقُهُسْتَانِيُّ (ثَالِثًا) بِأَنْ يُثْبِتَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّ الشُّهُودَ قَدْ أَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ شَهِدُوا زُورًا.
صُورَةُ التَّشْهِيرِ: إذَا كَانَ الشَّاهِدُ مِنْ الَّذِينَ يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي السُّوقِ فَفِي وَقْتِ زِيَادَةِ ازْدِحَامِ السُّوقِ يُرْفَقُ الشَّاهِدُ بِمُنَادٍ يُنَادِي عَلَيْهِ إنَّنَا قَدْ وَجَدْنَا هَذَا الشَّاهِدَ شَاهِدَ زُورٍ فَاتَّقُوا شَرَّهُ وَأَوْصُوا النَّاسَ بِأَنْ يَتَّقُوا شَرَّهُ، وَإِذَا كَانَ لَيْسَ مِنْ أَرْبَابِ السُّوقِ فَيُرْسَلُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إلَى مَحَلَّتِهِ أَوْ قَوْمِهِ فِي وَقْتِ اجْتِمَاعِهِمْ وَيُنَادِي عَلَيْهِ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ (مُنْلَا مِسْكِينٍ وَالزَّيْلَعِيّ) .
إنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ تَتَحَقَّقُ عَلَى الْأَوْجُهِ الْمَارِّ ذِكْرُهَا، أَمَّا إذَا أَرَادَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الشُّهُودَ شُهُودُ زُورٍ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ طَرِيقٌ لَأَنْ يُعْلَمَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، إذْ أَنَّهُ إذَا أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا بِغَيْرِ حَقٍّ فَتَكُونُ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةً عَلَى النَّفْيِ فَلَا تُقْبَلُ (الشِّبْلِيُّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1724)(رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
فَلِذَلِكَ إذَا رُدَّتْ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ لِتُهْمَةٍ أَوْ لِمُخَالَفَةِ شَهَادَتِهِ لِلدَّعْوَى أَوْ لِلتَّبَايُنِ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ فَلَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الشَّاهِدُ التَّعْزِيرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَنْ الْكَاذِبُ هَلْ الْمَشْهُودُ لَهُ أَوْ الشَّاهِدُ؟ (الزَّيْلَعِيّ) .
كَذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلدَّابَّةِ الَّتِي مَلَكَهَا أَحَدٌ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ وَأَقَامَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَضَبَطَ الْمُسْتَحِقُّ الدَّابَّةَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَأَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ وَدَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَلَا يُعَزَّرُ الْمُدَّعِي وَلَا الشُّهُودُ (الْخَيْرِيَّةُ) .
وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ شَاهِدِ الزُّورِ فِي الْحَادِثَاتِ الْأُخْرَى أَيْضًا مَا لَمْ تَظْهَرْ تَوْبَتُهُ، يَعْنِي إذَا ظَهَرَ أَنَّ شَاهِدَ الزُّورِ كَانَ عَدْلًا وَقْتَ الشَّهَادَةِ وَأَنَّهُ شَهِدَ زُورًا فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى: 25] (الْحَمَوِيُّ والولوالجية فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) .
لِلرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ رُكْنٌ وَشَرْطٌ وَحُكْمٌ وَمَحَاسِنُ:
الرُّكْنُ: قَوْلُ الشَّاهِدِ رَجَعْتُ عَنْ شَهَادَتِي أَوْ شَهِدْتُ زُورًا أَوْ كُنْتُ كَاذِبًا فِي شَهَادَتِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَقْوَالِ، وَلَا يُعَدُّ إنْكَارُ الشَّاهِدِ لِشَهَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: إنَّنَا لَمْ نَشْهَدْ هَكَذَا رُجُوعًا عَنْ الشَّهَادَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الشَّرْطُ: أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1731) .