الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطَّرَفَيْنِ بَيِّنَةَ تَوَاتُرٍ فَيُوَفَّقُ عَلَى الْأُصُولِ الْمُبَيَّنَةِ فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَةِ الْعَادِيَّةِ الْوَارِدَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الرَّابِعِ.
مَثَلًا إذَا ادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ أَنَّ الْأَرَاضِيَ الْوَاقِعَةَ فِي مَحَلٍّ هِيَ مِنْ أَرَاضِي الْوَقْفِ، وَادَّعَى صَاحِبُ الْأَرْضِ أَنَّهَا مِنْ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ وَأَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى مُدَّعَاهُ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْجِهَةِ تَكُونُ الشُّهْرَةُ الشَّائِعَةُ فِي جَانِبِهَا، ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ تُوجَدُ شُهْرَةٌ شَائِعَةٌ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْأَرَاضِيَ أَرَاضِي وَقْفٍ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُتَوَلِّي، وَبِالْعَكْسِ إذَا كَانَتْ الشُّهْرَةُ الشَّائِعَةُ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْأَرَاضِيَ أَرَاضٍ أَمِيرِيَّةٌ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْأَرْضِ، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ شُهْرَةٌ شَائِعَةٌ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى تِلْكَ الْأَرَاضِي هُوَ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْأَرْضِ، وَإِذَا كَانَ وَضْعُ الْيَدِ فِي طَرَفِ بَيْتِ الْمَالِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُتَوَلِّي الْخَارِجِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1757) .
سُؤَالٌ - إنَّ التَّوَاتُرَ يَحْصُلُ بِالْآحَادِ فَيُحْتَمَلُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآحَادِ الْكَذِبُ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ خَبَرُهُمْ مُفِيدًا عِلْمَ الْيَقِينِ؛ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ هُوَ نَفْسُ الْآحَادِ وَجَوَازُ كَذِبِ الْآحَادِ يُوجِبُ جَوَازَ كَذِبِ الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّ خَبَرَ كُلِّ وَاحِدٍ مُحْتَمَلُ الْكَذِبِ وَبِضَمِّ الْمُحْتَمَلِ إلَى الْمُحْتَمَلِ يَزْدَادُ الِاحْتِمَالُ؟
الْجَوَابُ - إنَّ حُكْمَ الْمَجْمُوعِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْآحَادِ، إذْ يَحْصُلُ مِنْ الْجَمْعِ أَمْرٌ لَا يَحْصُلُ مِنْ الْوَاحِدِ كَالْجُنُودِ إذْ أَنَّ فِرْقَةً عَسْكَرِيَّةً تَسْتَطِيعُ افْتِتَاحَ مَدِينَةٍ، أَمَّا أُولَئِكَ الْجُنُودُ فَإِذَا كَانُوا اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَلَا يَسْتَطِيعُونَ فَتْحَهَا كَمَا أَنَّ عَشَرَةً مِنْ الْعُمَّالِ يَسْتَطِيعُونَ حَمْلَ حُمُولَةٍ وَزْنُهَا مِائَةُ أُقَّةٍ، أَمَّا اثْنَانِ مِنْهُمْ أَوْ أَرْبَعَةٌ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ حَمْلَ ذَلِكَ، وَمَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ سَحْبُ السَّفِينَةِ بِحِبَالٍ فَلَا يُمْكِنُ سَحْبُ أَصْغَرِ زَوْرَقٍ بِالْخِيطَانِ الَّتِي تَتَشَكَّلُ مِنْهَا الْحِبَالُ (شَرْحُ الْمَنَارِ وَالتَّلْوِيحُ بِزِيَادَةٍ) .
[
(الْمَادَّةُ 1734) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي التَّوَاتُرِ كَذَلِكَ لَا تُتَحَرَّى الْعَدَالَةُ]
الْمَادَّةُ (1734) - (كَمَا لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي التَّوَاتُرِ كَذَلِكَ لَا تُتَحَرَّى الْعَدَالَةُ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا حَاجَةَ إلَى تَزْكِيَةِ الْمُخْبِرِينَ) .
فَلِذَلِكَ إذَا طَعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْمُخْبِرِينَ بِالْفِسْقِ وَعَدَمِ الْعَدَالَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ طَعْنُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْبِرُونَ مُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرَ مُسْلِمِينَ حَتَّى لَوْ أَنَّ جَمْعًا غَيْرَ مَحْصُورٍ مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أَخْبَرُوا عَنْ وَفَاةِ مَلِيكِهِمْ فَيَحْصُلُ لَنَا عِلْمُ يَقِينٍ بِذَلِكَ (التَّلْوِيحُ) سَوَاءٌ أَكَانَ أُولَئِكَ الْمُخْبِرُونَ عُدُولًا أَمْ فُسَّاقًا. إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُونَ عُدُولًا فَيَحْصُلُ عِلْمُ الْيَقِينِ بِعَدَدٍ قَلِيلٍ مِنْهُمْ أَمَّا إذَا كَانُوا فُسَّاقًا فَيَجِبُ عَدَدٌ كَثِيرٌ لِحُصُولِ الْعِلْمِ (كَشْفُ الْأَسْرَارِ) .
[
(الْمَادَّةُ 1735) لَيْسَ فِي التَّوَاتُرِ عَدَدٌ مُعَيَّنٌ لِلْمُخْبِرِينَ وَلَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونُوا جَمًّا غَفِيرًا]
الْمَادَّةُ (1735) - (لَيْسَ فِي التَّوَاتُرِ عَدَدٌ مُعَيَّنٌ لِلْمُخْبِرِينَ وَلَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونُوا جَمًّا غَفِيرًا لَا يُجَوِّزُ الْعَقْلُ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ) .
لَيْسَ فِي التَّوَاتُرِ عَدَدٌ مُعَيَّنٌ لِلْمُخْبِرِينَ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ - يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ وَلَمْ يُحَدِّدْ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَدَدُ الْمُخْبِرِينَ كَذَا أَوْ أَزْيَدَ مِنْ كَذَا تَكُونُ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ تَوَاتُرٍ وَإِذَا كَانَتْ أَنْقَصَ مِنْ ذَلِكَ كَانَتْ بَيِّنَةً عَادِيَةً؛ لِأَنَّهُ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُونَ ثِقَات وَعُدُولًا يَحْصُلُ عِلْمُ الْيَقِينِ بِإِخْبَارِ عَشَرَةِ رِجَالٍ (شَرْحُ الْمَنَارِ) .
أَمَّا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُونَ غَيْرَ عُدُولٍ فَيَجِبُ عَدَدٌ كَثِيرٌ لِحُصُولِ الْعِلْمِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ لِلْمُخْبِرِينَ هُوَ أَرْبَعَةٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ سَبْعُونَ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ هِيَ بِلَا دَلِيلٍ فَلِذَلِكَ لَمْ تَلْتَفِتْ إلَيْهَا الْمَجَلَّةُ (التَّلْوِيحُ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي وَرَمَضَان أَفَنْدِي فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ) وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا قَالَ الْقَاضِي حِينَ اسْتِمَاعِ عَشَرَةِ شُهُودٍ فِي مَقَامِ التَّوَاتُرِ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ عِلْمُ الْيَقِينِ يَصِحُّ حُكْمُهُ إلَّا أَنَّ دَائِرَةَ الْفَتْوَى لِلْمَشْيَخَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ قَدْ اتَّخَذَتْ قَرَارًا أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إخْبَارُ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ رَجُلًا تَوَاتُرًا نَظَرًا لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَكَوْنِ قَوْلِ كُلِّ قَاضٍ لَا يُقْبَلُ.
إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي التَّوَاتُرِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ.
الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ جَمًّا غَفِيرًا لَا يُجَوِّزُ عَقْلُ الْقَاضِي اتِّفَاقَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ سَهْوًا أَوْ خَطَأً أَوْ عَمْدًا (شَرْحُ الْمَنَارِ) .
وَيَلْزَمُ دَوَامُ الْكَثْرَةِ فِي الشُّهُودِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ آخِرُهُ كَأَوَّلِهِ وَأَوَّلُهُ كَآخِرِهِ وَأَوْسَطُهُ كَطَرَفَيْهِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ جَمٌّ غَفِيرٌ غَيْرُ مَحْصُورٍ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يَتَّفِقَ لِغَرَضٍ مِنْ الْأَغْرَاضِ عَلَى الْكَذِبِ فَلَا يَكُونُ إخْبَارُهُمْ تَوَاتُرًا (التَّلْوِيحُ) .
وَيُدْعَى إخْبَارُ الْجَمِّ الْغَفِيرِ أَحْيَانًا إخْبَارَ الْكُلِّ وَإِخْبَارَ الْعَامَّةِ وَإِخْبَارَ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ وَعَالِمٍ وَجَاهِلٍ وَأَحْيَانَا الْخَبَرَ الْمُسْتَفِيضَ وَالْأَمْرَ الْمَشْهُورَ وَالْأَمْرَ الْمَكْشُوفَ وَعَلَى ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُونَ جَمًّا غَفِيرًا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَلْدَةُ الْمُخْبِرِينَ مُخْتَلِفَةً وَمَحَلَّاتُهُمْ مُخْتَلِفَةً وَبُيُوتُهُمْ بَعِيدَةً عَنْ بَعْضِهِمْ الْبَعْضُ فَلِذَلِكَ يَجُوزُ تَوَاتُرُ أَهَالِي مَدِينَةٍ أَوْ أَهَالِي قَرْيَةٍ (الْبَهْجَةُ) .
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُخْبَرُ بِهِ مَبْنِيًّا عَلَى الْحِسِّ سَوَاءٌ حِسُّ السَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ (كَشْفُ الْأَسْرَارِ) .
فَلِذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ جَمٌّ غَفِيرٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ عَقْلِيَّةٍ كَمَسْأَلَةِ حُدُوثِ الْعَالَمِ فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ الْعِلْمَ إذْ أَنَّ حُصُولَ الْعِلْمِ فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ إنَّمَا يَكُونُ بِالِاسْتِدْلَالِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1698) .
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمُخْبَرُ بِهِ مُمْكِنًا فَلِذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ الْمُخْبِرُونَ بِأَمْرٍ مُسْتَحِيلٍ عَقْلًا فَلَا يَحْصُلُ عِلْمُ الْيَقِينِ مُطْلَقًا (التَّلْوِيحُ) .