الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
س (5) : إنَّ لَفْظَ الشَّهَادَةِ الْوَارِدَةِ فِي التَّعْرِيفِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ فَتَخْرُجُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ مِنْ التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ الْوَاقِعَ فِي الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ لَيْسَ عَنْ مُشَاهَدَةٍ؟ ج - إنَّ جَوَازَ الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ اسْتِحْسَانِيٌّ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (688 1) وَالتَّعْرِيفَاتُ الشَّرْعِيَّةُ تَكُونُ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ (الْبَحْرُ) .
س (6) : يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ هِيَ الْإِخْبَارُ الْوَارِدَةِ فِي التَّعْرِيفِ أَنَّ لَفْظَ " أَشْهَدُ " هِيَ بِمَعْنَى الْخَبَرِ وَلَيْسَ بِقَسَمٍ فَمَا دَامَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ خَبَرٌ فَيَجِبُ أَلَا يَكُونَ حُجَّةً مُلْزِمَةً؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ؟ ج - إنَّ الْقِيَاسَ هُوَ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ مُلْزِمَةٍ إلَّا أَنَّ الْقِيَاسَ الْمَذْكُورَ قَدْ تُرِكَ بِالنُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] وَالْإِجْمَاعِ فَرُجِّحَ جَانِبُ الصِّدْقِ فِي الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ لِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهِ فَأَصْبَحَ حُجَّةً (الدُّرَرُ وَالزَّيْلَعِيّ) .
[
(الْمَادَّةُ 1685) نِصَابُ الشَّهَادَةِ]
الْمَادَّةُ (1685) - (نِصَابُ الشَّهَادَةِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لَكِنْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ فِي حَقِّ الْمَالِ فَقَطْ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهَا) .
اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ فِي الشَّهَادَةِ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ وَقَدْ ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ رُجْحَانَ صِدْقِ قَوْلِ الشَّاهِدِ بِعَدَالَتِهِ وَلَيْسَ بِعَدَدِهِ حَتَّى أَنَّهُ لَا يُرَجَّحُ رَاوِي الْإِخْبَارِ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ مَا لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ التَّوَاتُرِ فَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ فِي الشَّهَادَةِ آيَةَ {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] وَأَمْثَالَهَا مِنْ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الزَّيْلَعِيّ.
إنَّ اعْتِبَارَ الْمَرْأَتَيْنِ بِمَقَامِ رَجُلٍ وَاحِدٍ هُوَ أَنَّ النِّسَاءَ بِسَبَبِ نِسْيَانِهِنَّ الزَّائِدَ يَنْقُصُهُنَّ الضَّبْطُ وَحِفْظُ الْوَقَائِعِ فَلِذَلِكَ ضُمَّتْ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ أُخْرَى لِإِكْمَالِ هَذَا النُّقْصَانِ. وَبِمَا أَنَّ الْعَقْلَ بِالْمَلَكَةِ أَوْ بِالْفِعْلِ نَاقِصٌ عِنْدَ النِّسَاءِ فَلَا يُنَصِّبْنَ وَالِيًا أَوْ أَمِيرًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَتْ النِّسَاءُ جُزْءًا فِي الشَّهَادَةِ فَيُسْتَشْهَدْنَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي مَعًا وَلَا يَجِبُ اسْتِشْهَادُهُنَّ مُتَفَرِّقَاتٍ أَيْ أَنْ لَا تُسْتَشْهَدَ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي حَالَةَ أَنَّ الْأُخْرَى خَارِجَةً عَنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي حَتَّى أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَامْرَأَةٌ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَأَمَرَ الْقَاضِي بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلْقَاضِي: لَا يَحِقُّ لَك ذَلِكَ وَتَلَتْ عَلَيْهِ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: 282] فَخَجِلَ الْقَاضِي وَمَعَ أَنَّهُ مِنْ الْمُسْتَحَبِّ لِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الشُّهُودِ إذَا اشْتَبَهَ فِيهِمْ إلَّا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ النِّسَاءَ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الشُّهُودِ. وَأَمَّا فِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ الْحِكَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَيْسَ صَرِيحًا فِي أَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَنَا عَدَمُ التَّفْرِيقِ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ إذَا ارْتَابَ الْقَاضِي (الْحَمَوِيُّ) .
وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ حُقُوقِ الْعِبَادِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّ الْحُقُوقَ الْمَذْكُورَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ
مَالًا، وَلَوْ أَنَّ الْمَالَ ضِمْنُ الْحَدِّ، أَوْ مِنْ تَوَابِعِهِ أَوْ لَمْ تَكُنْ مَالًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) .
الْمَالُ. الْوَصِيَّةُ وَاسْتِهْلَالُ الصَّبِيِّ لِلْإِرْثِ، وَالْقَتْلُ الْخَطَأُ، وَالْقَتْلُ الَّذِي لَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ بَلْ يَسْتَلْزِمُ الدِّيَةَ، وَقَطْعُ الْعُضْوِ، وَتَعْطِيلُ الْعُضْوِ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَكِتَابُ الْقَاضِي، وَالْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْهِبَةُ وَمَا مَاثَلَ ذَلِكَ.
مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي دَيْنًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ أَنَّهُ كَانَ لِلْمُدَّعِي فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ إلَّا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَدَّى تِلْكَ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ أَوْ أَنَّهُ أَدَّى أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ مِنْهَا فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيُحْكَمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ عَلَى الْأَدَاءِ إلَّا شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَلَمْ يَحْصُلْ نِصَابُ الشَّهَادَةِ وَأَنَّهُ يَحْكُمُ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ فِي حَالَةِ قَوْلِ الْمَشْهُودِ لَهُ: إنَّ الشَّاهِدَ مُتَوَهِّمٌ فِي شَهَادَتِهِ عَلَى الْأَدَاءِ، أَمَّا إذَا قَالَ: إنَّ شَهَادَتَهُ عَلَى الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ حَقٌّ وَشَهَادَتَهُ عَلَى الْأَدَاءِ بَاطِلَةٌ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ نَسَبَ الْفِسْقَ إلَى شَاهِدِهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالزَّيْلَعِيّ) .
كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الْوَكَالَةَ عَنْ غَائِبٍ وَشَهِدَ الشَّاهِدَانِ عَلَى وُقُوعِ التَّوْكِيلِ لَهُ إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ فِي شَهَادَتِهِ: إنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ عَزَلَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَيُحْكَمُ بِمُوجَبِهَا وَلَا يَثْبُتُ الْعَزْلُ بِشَهَادَةِ الْفَرْدِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
تَوَابِعُ الْمَالِ. كَالْأَجَلِ وَشَرْطُ الْأَجَلِ وَمَا مَاثَلَهُ (مُنْلَا مِسْكِينٍ) .
مِثَالٌ لِلْمَالِ ضِمْنَ الْحُدُودِ، لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ سَرَقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا دِرْهَمًا الْبَالِغَ نِصَابِ السَّرِقَةِ مِنْ مَكَانٍ مُحْرَزٍ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَهِدَ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَيُحْكَمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِضَمَانِ الْمَسْرُوقِ وَلَا يَجْرِي بِحَقِّهِ حَدُّ السَّرِقَةِ حَيْثُ إنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ عَلَى الْحُدُودِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
مِثَالٌ لِلْوَصِيَّةِ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ فُلَانًا الْمُتَوَفَّى قَدْ أَوْصَى لِي بِثُلُثِ مَالِهِ وَأَقَامَ شُهُودًا رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ كَانَ صَحِيحًا.
مِثَالٌ لِاسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ لِلْإِرْثِ: إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي مَاتَ وَلَدُهَا أَثْنَاءَ الْوَضْعِ أَنَّ وَلَدَهَا وُضِعَ حَيًّا حَتَّى أَنَّهُ بَكَى فَأَطْلُبُ إعْطَائِي حِصَّةً مِنْ حِصَّتِهِ الْمَوْرُوثَةِ عَنْ أَبِيهِ الْمُتَوَفَّى وَأَقَامَتْ شُهُودًا رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ كَانَ صَحِيحًا.
مِثَالٌ لِتَعْطِيلِ الْعُضْوِ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَوْقَعَنِي عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ يُعَارِكُنِي فَكَسَرَ يَدِي وَقَدْ تَعَطَّلَتْ يَدِي عَنْ الْعَمَلِ بَعْدَ الْبُرْءِ وَأَقَامَ شُهُودًا رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ الْإِثْبَاتُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
مِثَالٌ لِمَا لَيْسَ بِمَالٍ. النِّكَاحُ، فَسْخُ النِّكَاحِ، الطَّلَاقُ، الرَّضَاعُ؛ الْوَكَالَةُ، الْإِيصَاءُ، الْأُصْبُعُ الزَّائِدُ وَعُيُوبُ النِّسَاءِ الْمُمْكِنُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْجَوْهَرَةُ وَأَبُو السُّعُودِ) .
الْحُكْمُ الثَّانِي: عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُنَّ رَجُلٌ وَلَوْ كُنَّ أَرْبَعًا أَوْ أَزْيَدَ؛ كَيْ لَا يَكْثُرَ خُرُوجُهُنَّ (الْبَحْرُ وَالنَّتِيجَةُ) .
الْحُكْمُ الثَّالِثُ: عَدَمُ ثُبُوتِ شَيْءٍ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ فَلِذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ وَيَحْلِفُ الْيَمِينَ مَعًا، (الْخَيْرِيَّةُ وَالنَّتِيجَةُ) ، أَمَّا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ فَقَدْ اجْتَهَدَ فِي جَوَازِ الْحُكْمِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ مَعَ الْيَمِينِ. وَقَدْ حَكَمَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ قَبْلًا مُعَاوِيَةُ وَلَمْ يَحْكُمْ أَحَدٌ قَبْلَ مُعَاوِيَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِعَدَمِ مِسَاسِ الْحَاجَةِ. مَثَلًا إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَاحِدًا وَعَجَزَ عَنْ إقَامَةِ شَاهِدٍ آخَرَ يُوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِذَا حَلَفَ يُحْكَمُ لَهُ وَإِذَا نَكَلَ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
الْحُكْمُ الرَّابِعُ: وَيُحْتَرَزُ بِتَعْبِيرِ حُقُوقِ الْعِبَادِ مِنْ الْحُدُودِ وَالْقَوَدِ؛ لِأَنَّ نِصَابَ الشَّهَادَةِ فِي حَدِّ الزِّنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيهَا كَمَا أَنَّ نِصَابَ الشَّهَادَةِ فِي بَعْضِ الْحُدُودِ الْأُخْرَى كَالسَّرِقَةِ وَالْقَذْفِ وَاللِّعَانِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ رَجُلَانِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيهَا.
مُسْتَثْنًى: يُقْبَلُ فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ الذِّكْرُ الشَّهَادَةُ الْوَاحِدَةُ وَالْإِخْبَارُ الْفَرْدُ وَهِيَ:
1 -
تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُعَلِّمِ وَالْأُسْتَاذِ الْوَاحِدِ فِي الْوَقَائِعِ الَّتِي تَحْصُلُ بَيْنَ الصِّبْيَانِ فِي الْمَدْرَسَةِ أَوْ مَحَلِّ الْحِرْفَةِ (الْقُهُسْتَانِيُّ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَأَبِي السُّعُودِ) .
2 -
فِي تَرْجَمَةِ كَلَامِ الشَّاهِدِ وَالْخَصْمِ.
3 -
فِي التَّزْكِيَةِ السَّرِيَّةِ.
4 -
فِي الرِّسَالَةِ مِنْ الْقَاضِي إلَى الْمُزَكِّي وَمِنْ الْمُزَكِّي إلَى الْقَاضِي.
5 -
فِي تَقْوِيمِ الْمُتْلَفِ.
6 -
فِي إخْبَارِ إفْلَاسِ الْمُفْلِسِ بَعْدَ حَبْسِهِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي مُدَّةً.
7 -
يُقْبَلُ إخْبَارُ الْوَاحِدِ فِي ادِّعَاءِ حَمْلِ زَوْجَةِ الْمُتَوَفَّى (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّكْمِلَةُ) وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا ادَّعَتْ زَوْجَةُ الْمُتَوَفَّى أَنَّهَا حَامِلٌ فَتَجْرِي مُعَايَنَتُهَا مِنْ طَرَفِ امْرَأَةٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ ثِقَاتٍ فَإِذَا شُوهِدَ عَلَامَاتُ الْحَمْلِ فِيهَا يُوقَفُ مِنْ الْمِيرَاثِ حِصَّةُ الْحَمْلِ.
لَكِنْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ أَيْ بِدُونِ شَهَادَةِ رَجُلٍ فِي حَقِّ الْمَالِ فَقَطْ فِي الْمَحَالِّ الَّتِي لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ جَائِزَةٌ فِيمَا لَا يَسْتَطِيعُ الرِّجَالُ النَّظَرَ إلَيْهِ» .
مَرَاتِبُ الشَّهَادَةِ. لِلشَّهَادَةِ أَرْبَعُ مَرَاتِبَ:
1 -
الشَّهَادَةُ فِي حَدِّ الزِّنَا. وَالنِّصَابُ فِيهَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيهَا مُطْلَقًا لَا قِسْمًا وَلَا كُلًّا.
2 -
الشَّهَادَةُ عَلَى بَقِيَّةِ الْحُدُودِ كَالْقِصَاصِ. وَنِصَابُ الشَّهَادَةِ فِيهِ رَجُلَانِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ.
3 -
الشَّهَادَةُ عَلَى سَائِرِ الْحُقُوقِ، وَنِصَابُ الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ.
4 -
الشَّهَادَةُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهَا فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ.
إيضَاحُ الْقُيُودِ: فِي حَقِّ الْمَالِ، وَتَعْبِيرُ " فِي حَقِّ الْمَالِ " وَإِنْ يَكُنْ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْقِصَاصِ وَالْقَوَدِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْآتِيَةِ إذْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِدُونِ رَجُلٍ فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ:
1 -
اسْتِهْلَالُ الصَّبِيِّ لِلصَّلَاةِ.
2 -
الْبَكَارَةُ.
3 -
عُيُوبُ النِّسَاءِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهَا.
4 -
الْوِلَادَةُ.
5 -
الْإِرْثُ.
6 -
فِي دِيَةِ الْقَتْلِ الْوَاقِعِ فِي الْحَمَّامِ.
وَيُذْكَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي:
1 -
اسْتِهْلَالُ الصَّبِيِّ لِلصَّلَاةِ: وَالِاسْتِهْلَالُ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُعْلَمُ بِهِ حَيَاةُ الْوَلَدِ كَصَوْتِ الصَّبِيِّ وَحَرَكَتِهِ وَأَمْثَالِهِمَا (شَرْحُ الْمَجْمَعِ وَالْبَزَّازِيَّةُ فِي 3 مِنْ الشَّهَادَةِ) .
فَعَلَيْهِ إذَا شَهِدَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ الْوَلَدَ وُلِدَ حَيًّا وَأَنَّهُ اسْتَهَلَّ ثُمَّ مَاتَ فَيُجَهَّزُ ذَلِكَ الْوَلَدُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ.
2 -
الْبَكَارَةُ: إذَا شَهِدَ النِّسَاءُ عَلَى بَكَارَةِ عَرُوسٍ فَبَعْدَ مَا يُؤَجَّلُ زَوْجُهَا الْعِنِّينُ سَنَةً وَاحِدَةً فَإِذَا وُجِدَتْ بِكْرًا بَعْدَ ذَلِكَ يُفَرِّقُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا (الْبَحْرُ) .
3 -
عُيُوبُ النِّسَاءِ: إنَّ الْقَرْنَ وَالرَّتْقَ وَالْحَبَلَ هِيَ مِنْ عُيُوبِ النِّسَاءِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهَا (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) فَلِذَلِكَ إذَا شَهِدَ النِّسَاءُ عَلَى أَنَّ الْجَارِيَةَ الَّتِي اُشْتُرِيَتْ عَلَى كَوْنِهَا بِكْرًا هِيَ ثَيِّبٌ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ فَإِذَا نَكَلَ تُرَدُّ إلَيْهِ (الْبَحْرُ) .
4 -
الْوِلَادَةُ: إذَا شَهِدَتْ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ عَادِلَةٌ عَلَى وِلَادَةِ الزَّوْجَةِ لِوَلَدٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهَا وَتَثْبُتُ الْوِلَادَةُ حَتَّى أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ نَفَى الْوَلَدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَجِبُ اللِّعَانُ لِتَمَامِ النَّفْيِ (الْقُهُسْتَانِيُّ فِي النَّسَبِ) .
فَلِذَلِكَ لَوْ أَشَارَتْ الزَّوْجَةُ إلَى وَلَدٍ وَقَالَتْ لِزَوْجِهَا: إنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْك وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ وِلَادَةَ الزَّوْجَةِ لِذَلِكَ الْوَلَدِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ الْمُجَرَّدُ بَلْ يَجِبُ شَهَادَةُ قَابِلَةٍ وَشَهَادَةُ قَابِلَتَيْنِ أَحْوَطُ. فَإِذَا شَهِدَتْ الْقَابِلَةُ عَلَى وِلَادَةِ الزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ الزَّوْجِ مَا لَمْ يُجْرَ اللِّعَانُ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي النَّسَبِ بِزِيَادَةٍ) فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي جَمِيعِهَا الشَّهَادَةُ (الْجَوْهَرَةُ) .
5 -
الْإِرْثُ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْإِرْثِ أَيْ فِي الْمَالِ عَلَى اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَقَدْ جَاءَ فِي الْبَهْجَةِ أَنَّهُ قَدْ أُفْتِيَ مِنْ مَشَايِخِ الْمُسْلِمِينَ بِعَدَمِ جَوَازِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ عَلَى اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ فِي حَقِّ الْإِرْثِ إلَّا أَنَّ ابْنَ كَمَالٍ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ هُوَ الْأَرْجَحُ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَوْتَهُ يَقَعُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَعِنْدَهَا لَا تَحْضُرُ الرِّجَالُ فَكَانَ كَشَهَادَتِهِنَّ عَلَى نَفْسِ الْوِلَادَةِ (الشِّبْلِيُّ) .
6 -
إذَا شَهِدَتْ النِّسَاءُ عَلَى الْقَتْلِ الَّذِي وَقَعَ فِي حَمَّامِ النِّسَاءِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ فِي حَقِّ الدِّيَةِ حَتَّى لَا يَذْهَبَ دَمُ الْإِنْسَانِ هَدَرًا وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى الْقِصَاصِ (الْحَمَوِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .
مَثَلًا، لَوْ شَهِدَتْ النِّسَاءُ فَقَطْ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ قَدْ قَتَلَتْ فُلَانَةَ فِي الْحَمَّامِ عَمْدًا بِآلَةٍ جَارِحَةٍ فَيُحْكَمُ عَلَى الْقَاتِلَةِ بِالدِّيَةِ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِالْقِصَاصِ.
النِّسَاءُ. قَدْ ذُكِرَتْ النِّسَاءُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَكُنَّ اثْنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ فِي شَهَادَتِهِنَّ مَعْنَى الْإِلْزَامِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ فِيهَا إلَى النِّصَابِ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الذُّكُورَةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الشَّهَادَاتِ هُوَ لِأَجْلِ تَخْفِيفِ النَّظَرِ بِسَبَبِ نَظَرِ الْجِنْسِ أَخَفُّ وَلِهَذَا السَّبَبِ وَالْعِلَّةِ قَدْ سَقَطَ الْعَدَدُ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ قَدْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ عَدَدُهُنَّ أَرْبَعًا (الْبَحْرُ) .
أَمَّا السُّؤَالُ الَّذِي يَرِدُ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ قَدْ وَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَأَنَّهُ يَجِبُ لِذَلِكَ أَلَّا تُقْبَلَ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فَهُوَ غَيْرُ وَارِدٍ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ الَّذِي فِيهِ أَدَاةُ التَّعْرِيفِ يُقْصَدُ فِيهِ الْجِنْسُ وَلِذَلِكَ فَيَتَنَاوَلُ الْأَقَلَّ وَهُوَ الْوَاحِدُ (الْبَحْرُ) .
شَهَادَةُ الرِّجَالِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ لَهُمْ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا. إذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَلَى خُصُوصٍ كَالْوِلَادَةِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَقَدْ بَيَّنَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَجِبُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يُبَيِّنَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ قَدْ رَأَى الْوِلَادَةَ تَصَادُفًا وَمِنْ غَيْرِ قَصْدٍ أَمَّا إذَا بَيَّنَ الشَّاهِدُ بِأَنَّهُ نَظَرَهَا تَعَمُّدًا فَحَيْثُ إنَّهُ يَكُونُ قَدْ نَظَرَ إلَى شَيْءٍ مُحَرَّمٍ وَمَمْنُوعٍ فَيَكُونُ فَاسِقًا وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ وَلَوْ ذَكَرَ بِأَنَّهُ نَظَرَ ذَلِكَ تَعَمُّدًا مَا دَامَ الشَّاهِدُ عَادِلًا؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ ضَرُورَةٌ لِلنَّظَرِ لِإِحْيَاءِ الْحُقُوقِ، وَقَدْ أَفْتَى فِي كِتَابِ الْفَتْوَى الْمُسَمَّى بِالنَّتِيجَةِ بِهَذَا الْقَوْلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالشِّبْلِيُّ) .
شَهَادَةُ النِّسَاءِ. قَدْ اُخْتُلِفَ فِي شَرْطِ لُزُومِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ فَعِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِيهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ هِيَ إخْبَارٌ أَيْ مِنْ قَبِيلِ الْمَادَّةِ (1689) أَمَّا سَائِرُ الْفُقَهَاءِ فَقَدْ بَيَّنُوا أَنَّ قَبُولَ الشَّهَادَةِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ يَلْزَمُ فِيهَا سَائِرُ شَرَائِطِ الشَّهَادَةِ كَالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ